إديث سيتويل: شاعرة الطلبة
إديث سيتويل، شاعرة طليعية وعبقرية من عباقرة الأدب الإنكليزي، لا يمكن قط نسيانها، وهي حتى اليوم، تجمع حول لوحتها، في القاعة الوطنية للوحات، مجموعة من المعجبين بها.
ويعتبر ريتشارد غرين، آخر كاتب تناول سيرتها، وهو بعكس الآخرين، لا يهتم كثيراً بمظهرها، الذي يتناوله الآخرين باهتمام: أنف طويل، ملابسها الغريبة، وحاجبان مرتفعان. فهو يركّز اهتمامه على قصائدها، كونها شاعرة القرن العشرين. وقد يعيب بعض النقاد، كونها تميزت بطموح شديد،
ولكنها قالت ذات يوم لستيفن سبندر عام 1996، وهي في قمة نجاحها،"كان عليّ تعلّم كل شيء، وأن الاعتدال هو موت للشاعرة، ولذلك قررت أن لا أكون جبانة، وملابسها والمجوهرات والقبعات الكبيرة الحجم والأقراط المتدلية، كانت تمنحها مظهراً غير اعتيادي، وغدت مع الأيام جزءاً منها، ومن أسلوبها الحديث في كتابة الشعر.
وكانت سيتويل، طفلة مهملة، حسب المقاييس الحديثة في معاملة الأطفال، وتعرضت لمعاملة قاسية من قبل والديها المنفصلين عن بعضهما (السير جورج واللدي إدا)، وفي عام 1915، عندما كانت إديث في العشرين من عمرها، حوكمت والدتها بتهمة الاحتيال وسجنت فترة قصيرة من الوقت. وكانت ابنتهما شيئاً غامضاً بالنسبة إليهما، أو ربما صدمة، بسبب أنفها الطويل والأعوج. وقد بدأت قسوتهما تجاهها، في قرارها في عدم إكمال تعليمها (إذ إن الجامعة في رأي والدتها، تعمل على إسترجال الفتيات) وانتهت بقرارهما بإصلاح أنفسها بمشبك معدني، وهو ما دعته إديث بـ(الباستيل الخاص بي). وفي المرحلة التالية، عندما بلغت سن الشباب، مُنعت من الظهور في الحفلات العامة، وبقيت في البيت مع مربيتها المتقدمة في السن، وفي الوقت الذي كان فيه والدها يتمتع ببذج ومباهج أفضل المنازل في يوركشاير أو ايطاليا، كانت ابنته تسكن في غرف وضيعة في أقذر مناطق لندن أو باريس. ولا عجب أن سيتويل كانت علاقتها أوثق مع شقيقها ساجيرفيل واوسبرت.
وإن الحياة الأدبية لاديث سيتويل بدأت في عام 1912، عندما كانت في الـ25 من عمرها. وقد تسلل الشعر إلى حياتها ليحل مكان الموسيقى، كما في تلك المرحلة، كانت قد تعرفت على عدد من أبرز الأسماء الأدبية : سيكيرت والتون، ييتس، إليون وفيرجينيا وولف، عبر حضورها الصالونات الأدبية التي تُعقد في أمسيات السبت عادة، وقد وطدّت سيتويل نفسها عدوة للقديم (خاصة شعراء العصر الجورجي) وقائدة للجديد، وقد أكد ذلك الانطباع كتابها "الواجهة"- 1923 . وسرعان ما بدأ أندادها يتساقطون أمامها. وعلى الرغم من ذلك، كان لها أعداؤها، ومن بينهم: ق . ر. ليفيز ونويل كوارد الذي اعتبر شعرها غامضاً خالياً من المعاني. ومع ذلك فإن ييتس خصص لها 18 صفحة في مؤلفاته،" كتاب أوكسفورد للشعر الحديث"، وعندما طبعت مجموعتها الشعرية عام 1957، قال الناقد سيريل كونال، أن عملها سيتفوق في المستقبل على أعمال إليوت وأودن.
لقد توفيت إديث سيتويل عام 1964، معتلّة الذاكرة بسبب إدمانها الكحول. وكما يقول المؤلف غرين، مصابة بجنون العظمة والشك، فقد تجاهل عدد من النقاد بسبب انتمائها إلى الطبقة العليا من المجتمع، وأيضاً بسبب كونها امرأة، وخاصة بعد بروز جيل جديد من الشعراء في انكلترا ومنهم فيليب لاركن وكينفسلي اميز.
ومع ذلك كانت سيتويل بالنسبة لجمهور كبير من القراء، شاعرة تمتلك شفافية إليوت مع افتقادها وضوحه وقوته.
وتبقى إديث سيتويل شاعرة مهمة، طليعية ورائدة للحداثة، وفي كتابه قدم غرين، وللكرة الأولى، مجموعة من الرسائل التي تبادلتها مع الرسام بافل تشيليجو، والتي كانت تربطها به علاقة حب بريئة.
وكتاب "غرين"، ينقصه الاهتمام بشرح مكانة الشاعرة ودورها الكبير في الشعر الحديث.
إبتسام عبد الله - عن/ الغارديان