هل يؤدي أرشيف {فاكنر}
إلى كشف ارتباطاته النازية؟
ترجمة- مي إسماعيل
كتب:جيفان فاسكار
من المتوقع ان يتم تسليم ارشيف عائلة احد احفاد المؤلف الموسيقي "ريتشارد فاكنر" قريبا الى الحكومة الالمانية، مما يفتح المجال للباحثين الذين طالما بحثوا عن امكانية تسليط الضوء على ارتباط تلك العائلة بالنظام النازي.
شبيبة هتلر وفيما حلّت الذكرى المئوية الثانية لولادة "فاكنر" مؤخرا فقد تعهدت حفيدة حفيده، "كاترينا فاكنر"، بالتسليم العاجل لرسائل العائلة. وكانت ولادته منتصف العام 1813. ورغم ان فحوى الرسائل ليس معروفاً، فان الكشف عنها يرفع من احتمالية الكشف عن مستوى اعجاب عائلة "فاكنر" وتواطئها مع النازية.
تعود الرسائل الى والد " كاترينا"، الراحل "وولفغانغ فاكنر"، وهو عضو سابق في منظمة ( شبيبة هتلر)، وكان يدير ويُنظّم مهرجان (بايرويت) المُكرّس للمؤلف الالماني المُبجّل، للسنوات من 1951 الى 2008. وقد توفي عام 2010.
وخلال الفترة النازية، كانت ادارة المهرجان تجري من قبل "وينفريد"؛ والدة "وولفغانغ"، وهي بريطانية المولد، وصديقة مُقرّبة لهتلر. وقد قُتِل العديد من الموسيقيين اليهود الذين عزفوا في المهرجان على يد النازية، ومن بينهم مغنية السوبرانو "هنرييت كوتليب"، التي ماتت في حي اليهود "لودز" في بولندا المحتلة عام 1942.
وفي مقابلة لجريدة (ديرتاكشبيغل) مع " كاترينا"، قالت انها نادرا ما تكلمت مع والدها عن الفترة النازية: "انا كنتُ اعرف فقط ان والدي لم يكن راضيا عن ارتباطات والدته. ولاحظتُ ان هذا الموضوع كان يُشكّل ثُقلا عاطفيا عليهِ، لذا لم أُلحِف في السؤال". وقالت ان رسائل والدها سوف تُسلّم الى ارشيف ولاية "بافاريا"، مما يتيح المجال للباحثين لدراستها.
وكانت " كاترينا" واختها غير الشقيقة، "ايفا فاغنر- باسكير" قد وعدتا سابقا بالمزيد من الشفافية، ولكنهما لم تتخذا خطوات فعلية تجاه توفير سبل دراسة الارشيف. وقبل اسابيع قليلة، اشتكى "هانس هير"؛ أحد المؤرخين الألمان البارزين للحقبة النازية، من منعه من دخول منزل عائلة "فاكنر". وقد اعترفت "كاترينا" بالأمر وعزتهُ الى عدم امكانية انجاز الترتيبات اللازمة في الموعد المحدد رغم الجهود المبذولة، "وهكذا لم يستطع "هير" الوصول للارشيف.
موسيقيون نازيون
ان تسليم الارشيف الى الحكومة من شأنه ان يضمن قيام باحثين مستقلين بتفحُّص الرسائل. وعندما فتحت فرقة فيينا السمفونية ارشيفها هذا العام، اتضح ان ادارة الاوركسترا استمرت بتقديم احتراماتها للنازيين حتى بعد انتهاء الحرب، وذلك بان قدمت تكريما خاصا لحاكم فيينا النازي السابق في اواخر عام 1960 بعد اطلاق سراحه من السجن. وكان احد اعضاء الفرقة (عازف ترمبيت) عضوا في الشرطة السرية المعروفة بإسم (أس أس) وكان يشي بزملائهِ من الموسيقيين للنازيين. وذكرت "كاترينا" في المقابلة انها وفي عام 2010 كانت قد طلبت من أحد المؤرخين وأحد الصحفيين أن يقوما بفحص ارشيف رسائل والدها لاسباب ذات صلة بالحقبة النازية، لكن نتائج هذا الفحص لم يتم نشرها علنياً ابداً.
ومع انتهاء ربيع هذا العام، كان هنالك تذكير جديد للجدلية التي يمكن لـ "فاكنر" ان يُثيرها عندما تم الغاء اوبرا ( تانهاوزر) من تأليفهِ بانتاجها الجديد الذي يتمحور حول فكرة النازية. وسيستمر التقديم في مدينة (دوسلدورف) مع حذف بعض الاشارات، والملابس ذات الطابع النازي، ومشهد الاعدام، الذي كان قد ترك بعض المشاهدين في حالة صدمة تتطلب اسعافا طبياً.
وهنا يمس ارث "فاكنر" سؤالا مركزيا حول ما اذا كانت الثقافة الالمانية المتطورة تضم في داخلها بذور انحدارها نحو البربرية في القرن العشرين. وفي اطروحة المؤلف (اليهودية في الموسيقى- 1850) دعا بصراحة الى "التدمير الذاتي لليهود".
ثغرات في سجل العائلة
لقد تم استخدام موسيقى "فاكنر" مراراً لمصاحبة لحظات حاسمة في الاعلام النازي؛ فتم استخدام "رحلة الفالكيري" ضمن النشرات الاخبارية لمصاحبة صور الغارات الجوية، فيما تم عزف اجزاء من "المغنون العظام" في فيلم "انتصار الارادة" لـ "ليني رايفنستول".
اما "وولفغانغ فاكنر"، فقد كان يُفضل فصولا مختزلة من اوبرا جدّه، مُزيلاً (بصورة فعالة) اية ارتباطات مع صناعة الاساطير الجرمانية، ومسلطاً الاهتمام على الموسيقى البحتة.
وقال المؤرخ "هير" في مقابلة مؤخرا لصحيفة (ديرسودكيرير) البافارية انه لا تزال هنالك "ثغرات كبيرة" في السجلات التاريخية لعائلة "فاكنر"؛ ويجب ان تُكشف الحقائق عن "الدور السلبي لفاكنر وورثته".
اما المراسلات ما بين هتلر و"وينفريد فاكنر" فيحتفظ بها فرد ينتمي الى فرع مختلف من عائلة "فاكنر" لا تنتمي اليه "كاترينا فاكنر"، ولم تتوصل العائلة حتى الان الى اتفاق حول اعلان تلك المراسلات.
عن صحيفة لوس انجلس تايمز