صِرتُ أسْبِقُ الضَّوءَ إلى تِلكَ الحِكاية
واثق غازي
في أغلبِ صالاتِ السينما ، كان قِماشُ العَرضِ مَخيط في مكانٍ ما ،
كنتُ : أتَخيلُ عندما يَحجبُ ذلكَ العَطبُ عينيّ المُمَثلَ ، ماذا يحدثُ ...؟
هُوَ الشَّجُ المَاثِلُ على طولِ الشّاشَةِ
أَيّاميَّ تَتَحَرَكُ نَحوهُ
أَتَقَصى صُفوفَ العُزلَةِ ، وأَنتَحي ، قَاماتٍ يَلُفُها بَهاءُ الزّرقَةِ
أَلوذُ كَما ألوذُ مِن بَردٍ في (صَريفتَنا)* أعلى ( الكَرمة )*
دَخَلَ:
سَارِقٌ يَلتَحفُ عَباءةَ جَارَتَنا ، وأقصى( الخُصّ)* أَعَدَ آخرٌ مَكمَنهُ ..
لِئَلاّ يَعلوَ تَشبَثَها سَدّدَ عَصاهُ ،
لَزِجاً وفيه عِطرُها ، وذلكَ الدِفءُ ، وتِلكَ النَّظَرةُ :
سَقَطَ شَيءٌ مَا ..
***
تَجَمْهرَ النّاسُ ، مُتعَبينَ رَثّتْ ثِيابَهُم في المَسيرِ ..
أكفَؤا النّارَ وجاءوا ، خَلَفوا العُقبانَ في أحِبَتهُم وجاءوا ،
حتى إنّهم أدمَنوا الصَمتَ
فَأستَغرَبهم مَن يَمُلكُ فَانوساً تِلكَ الأيّام ،
افْتَرشوا رَطْبَ الأرضِ وكانوا دُعَاةَ صَبر .
***
المُمَثّلُ في رأسِّ (البِيّشةِ ) *
يُولِمُ البَحرَ رِفاقَهُ ..
المُمَثّلُ يَصْعُبُ فَهمَهُ.
جِراءُها في لَحظَةِ الخَوفِ إضمامَةُ طينٍ تُرِكتْ في الشّمسِ ، انَفَرَطَتْ .
المُمَثّلُ قُبيلَ الشِّجِ هَمَّ بالقولِ ،
هل قالَ ؟
ماذا قالَ ؟
المُمَثِّلونَ يَصمَتونَ عَن مَوتِ أشباهِهم !
***
مَقَصُ المُشَغّلِ يُبَدّد التِباسَ المَواقفِ ،
يَمنَحُني تِلكَ النَّشوَةَ لَحَظاتٍ :
في مُنتَصفِ العُرّيّ المَمّنوحِ يَنغَرِسونَ مِن حَولِيَّ
في صَدّيدِ المَقاعِدِ
سَحابَةٌ مِن عَرقِ ألعَاناتِ ورَديء التَبغِ
توجِعُهم تِلكَ المَشاهِدَ وتُلهيهُمُ عَنّي
على حَبلٍ مِن ضَوءِ الكُوّةِ صَنَعتُ دَواليبَ وعَصاً ورُحتُ
أتَأرجَحُ
( شاب دغل حوله وألتف صيف وخريف )*
في جِيوبيّ تَكَدّسَت اختِصاراتٌ شَتّى
مَفاتيحَ ، عُرىً ، وخَامِلُ النَّهدِ لَمْ يُثَر ، عَلقَ مئزَرَهُ على جَفنّي ونَامَ .
صِرتُ أسْبِقُ الضَّوءَ إلى تِلكَ الحِكاية
كُلَما رَفَّتِ الشَّمسُ بَينَ كَفيَّ تَذَكّرتُ :
ذَلِكَ الدَّفقُ نَافِراً عَن كوَّةٍ في جِدَار
سَديمُ الّلهِ كانَ .
حَولَهُ تَحَلّقَ أشباهيَّ: يَأمَلونَ لَو مَلأوا بَطنَ الشَّجِ أو نَالَ مِنهُمُ
ذَلِكَ البَحرُ إلى تِلكَ الحِكاية .
عُدّتُ مِن حَبْليَّ وقَد أَضَعتُ دَواليبيَّ والعَصا
تَدفَعُني في لُجّةِ الرِّواقِ أهواءُ المَشاهِد ،
عُدّتُ أرتَدي أسمالَ المُمَثّلِ ، نَياشينَهُ ، غَدرَهُ ، بَراءة عَينيهِ
تَتلَمَسانِ خَلفَ الشَّجِ طَريقاً
يَعبُرني عَبرَ الكُوّةِ
صَوبَ الضّوءِ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
*الصريفة ، كوخ من القصب
*الكَرمة ، منطقة إلتقاء النهرين في البصرة
*الخص ، سياج من القصب
*رأس البيشة ، نهاية ملحية قبالة البحر غرب الفاو
*البيت للشاعر : حسب الشيخ جعفر