من يقف وراء حركة "تمرد" المغربية التي تريد إسقاط بنكيران؟
هسبريس - إسماعيل عزام
الثلاثاء 09 يوليوز 2013 - 12:55
الصورة من إحدى تظاهرات حركة 20 فبراير بالرباط
تمردت فئات واسعة من الشعب المصري على الرئيس المعزول محمد مرسي، واستنجدت بالقوات المسلحة، فتم عزل أول رئيس مصري لما بعد الثورة، ليظهر أن سيناريو "الثورة الجديدة" كما يسميه البعض، لن يبق حبيس أرض الكنانة، بل قد يمتد لدول أخرى، ومنها المغرب الذي سبق له وأن عرف نسخته من الحراك الاجتماعي والسياسي، وهي النسخة التي سُميت بـ20 فبراير، وأتت مباشرة بعد نجاح الثورة التونسية، غير أن نسخة هذه الأيام، تحمل نفس الاسم الذي ظهر في مصر بدون اختلافات كبيرة، إنها حركة تمرد المغربية.
حركة الاحتجاج الجديدة التي تم الإعلان عنها كسابقاتها انطلاقا من الفضاء الافتراضي، قد لا تحتمل الكثير من القيل والقال، بالنظر إلى أفول حركة ال20 من فبراير، وفشل حركة –ربما أنها لم تكن موجودة أصلا- اسمها 13 يناير بعدما راهنت على إسقاط النظام، إلا أن كل احتجاج مهما ظهر في البداية ضعيفا ومشتتا، قد يلتئم شمله في النهاية، إن وجد التربة الخصبة للحياة، وإن أقنع الفاعلين السياسيين المعارضين.
غير أن حركة تمرد المغربية دخلت منذ بدايتها في تحد واضح المعالم، وهي أنها اختارت الحياة بنسختين متعارضتين: نسخة تريد تنزيل مضامين دستور 2011، ونسخة أخرى تجعل من الملكية البرلمانية هدفا لها، إلا أن النسختين، تلتقيان في هدف واضح، وهو إمهال بنكيران بعض الوقت من اجل إصلاح ما يمكن إصلاحه، وإلا فسيخرجان إلى الشارع، والاعتصام به حتى تحقيق المطالب، رغم أن النسخة الثانية من تمرد المتعلقة بالملكية البرلمانية، لا ترى عن إسقاط حكومة بنكيران محيدا.
تمرد الدستورية..الشباب الملكي وشباب 9 مارس..
حسب مصادر خاصة بهسبريس، فهذه النسخة التي قالت إن مهلة بنكيران تبدأ من السابع من يوليوز حتى السابع من غشت، أغلب أعضائها، على قلتهم، كانوا من بين المناهضين لحركة 20 فبراير، بل إنهم كانوا ضد التظاهر لحظات الربيع الديمقراطي، غير أن عجز حكومة بنكيران عن حل مشاكل المغاربة، جعلهم يفكرون بالخروج للتظاهر، وهو ما يدل عليه بيانهم الذي عمّموه على مجموعة من وسائل الإعلام.
المتمردون الدستوريون، يطالبون أولا بالتنزيل الكامل لدستور 2011، وبذلك، فهم يضعون مسافة بينهم وبين حركة 20 فبراير التي نادت بمقاطعة الدستور ذاته، ثانيا بحل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي 'الوهمي' وتشكيل مجلس جديد، فرغم أن هذا المجلس، تم إنشاءه من طرف الملك محمد السادس بعد احتجاجات 20 فبراير، إلا أن هؤلاء المتمردون، يرون أن أعضاءه ن يتحملون المسؤولية عن فشله وليس الملك الذي أعطى انطلاقته فقط.
استمرارا منهم في الحث على تطبيق مضامين الدستور، دعوا كذلك إلى حل مجلس المستشارين الذين قالوا إنه ينافي الدستور، كما طالبوا بمنظومة صحية متكاملة، اعتماد سكن اجتماعي لائق، توفير مناصب شغل لمعطلي محضر 20 يوليوز، وتوحيد التعليم الخاص والعمومي، وكل هذا بعيدا عن ما أسموه بالأحزاب السياسية المنخورة والهرمة.
ورغم محاولة هسبريس الاتصال بأصحاب هذا النداء، إلا أنهم رفضوا الحديث بأوجه مكشوفة، مبررين ذلك بالخوف من الاعتقال وبعدم الرغبة في الظهور منذ البداية.
النسخة الثانية..إسقاط بنكيران والتغيير نحو الملكية البرلمانية..
إن كانت 'تمرد الدستورية' قد اختارت الثامن من غشت كيوم للتظاهر إن لم يحقق بنكيران مطالبها، فإن النسخة الثانية، المُطالِبة بالملكية البرلمانية، جعلت من يوم 17 غشت مناسبة لإسقاط حكومة بنكيران وليس إعطاءه فرصة للإصلاح، فحسب البلاغ الذي توصلت هسبريس به، والذي وصف الحكومة الحالية بالعاجزة وبغير القادرة على تلبية رهانات الشعب المغربي ، فقد أشار صراحة إلى التقاءه مع مطالب 20 فبراير، لا من خلال إشارته إلى أن الشعب المغربي عبّر عن مطالبه في سياق ظهورها، أو من خلال دعوته، أي البيان، إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في المغرب، وعلى رأسهم، معتقلي 20 فبراير.
البيان ذاته، والذي أكد أن "تمرد "المغربية ستقيم مؤتمرا صحفيا يوم 15 يوليوز الجاري لتوضيح مواقفها بشكل علني بعيدا عن أي لبس، ذَكر أن الحركة مستقلة وتطالب بملكية برلمانية وبمجتمع عادل تسوده الديمقراطية ويطمح لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لكافة الشعب المغربي، مبرزا أن الحركة، تحرص على الوحدة الترابية للوطن، وتحث القوى الديمقراطية بدولة الجزائر على اعتبار نزاع الصحراء مغربيا خالصا، ويجب أن يحل داخل أسوار الوطن وبالتعاون مع باقي دول الجوار لبناء الاتحاد المغاربي.
محمد علال الفجري، وجه من شباب 20 فبراير، عُرف في وقت سابق، باقتحامه البرلمان المغربي في إحدى مظاهرات الحركة، كان قد نشر فيديو يتحدث فيه عن مطالب تمرد المغربية، يقول فيه إن إلغاء الدستور الحالي يبقى أمرا حتميا، وإن المغاربة يحتاجون لدستور آخر ديمقراطي يكون فيه الشعب مصدر السلط، إضافة لضرورة حل البرلمان وإجراء انتخابات سابقة، مشددا على أن 'تمرد من أجل تصحيح المسار' كما أسماها–وهو الاسم الذي لم نجده في البلاغ الذي توصلنا به- تُعتبر استكمالا لحركة 20 فبراير.
الفجري أكد في تصريح لهسبريس، أن التفكير في تمرد المغربية بدأ بشكل جماعي منذ تأسيس نظيرتها المصرية، وأن مطالبها تتجاوز بنكيران إلى الماسكين بزمام الحكم، كما قال إنها ضد تحريف معركة المغاربة ووضع أشخاص كشباط ولشكر في مواجهة فارغة مع الإسلامي المخزني، لأن هؤلاء جميعا يريدون اقتسام الكعكة السياسية فيما بينهم على حد تعبيره، نافيا كل التهم التي تقول إنه يحب الظهور، بعدما كان هو من أعلن في أحد الفيديوهات عن حركة 13 يناير التي لم تتظاهر أبدا.
إنْ ذَكر الفجري أن شباط، بنكيران، ولشكر، لا يريدون خيرا لهذا البلد، فإبراهيم الصافي، من الشبيبة الاتحادية، وبالتحديد من تيار إدريس لشكر، وأحد الذين أعلنوا عن أنفسهم كناشط داخل تمرد المغربية، قال في حديث له مع هسبريس، إنه لا مفر من إسقاط حكومة يترأسها حزب 'إسلاموي' بالنظر إلى عدم قدرتها على الدفع بالإصلاحات التي دشنها المغرب، مؤكدا أن هذه الحركة الجديدة لن تستنسخ التجربة المصرية، نظرا للاختلافات والمفارقات الجوهرية في طبيعة النظامين السياسي في كل من مصر والمغرب، "فسقف حركة تمرد المغرب المرتكز على الواقعية السياسية يختلف عن مطالب حركة تمرد المصرية التي طالبت بإسقاط رأس النظام" يضيف الصافي.
هل توجد مكونات أخرى داخل هذه النسخة؟
داخل اللجنة الإعلامية لهذه النسخة التي تبتغي الملكية البرلمانية، يوجد منتسب آخر للشبيبة الاتحادية، وواحد من تنسيقية المعطلين، ثم ثالث من المنظمة الديمقراطية للشغل، إلا أن الحزب الاشتراكي الموحد بعيد عن هذه الحركة كما أخبرنا مصدر مقرب من داخله، وأن شبيبة الحزب، ورغم وجودها داخل حركة 20 فبراير، لم تبلور أي موقف بالمشاركة في تمرد المغربية، ربما بسبب خلافها مع الشبيبة الاتحادية التي انسحب الكثير من أعضائها من الحراك العشريني بعد الدستور والانتخابات، وهو يتعلق تقريبا بشبيبة النهج الديمقراطي الغائبة عن المتمردين.
مصدر لهسبريس من داخل جماعة العدل والإحسان، أكد على أنه لم يقع أي تداول داخلي بخصوص المشاركة في هذه الحركة، وبأن الجماعة إلى حد الساعة لم تلتق لترى إمكانية المشاركة في مثل هذه الاحتجاجات، وأنها تلقت الخبر كسائر المواطنين دون أن تكون لها يد فيه، متحدثا، أي ذات المصدر، أن أي احتجاج ضد المخزن وليس الحكومة الحالية قد يعزز من فرص الجماعة للمشاركة فيه، بينما احتجاج ضد بنكيران وفقط قد لا يثيرها لأنها مقتنعة بعدم وجود صلاحيات حقيقية لهذه الحكومة.
بالنظر إلى تداعيات الأزمة المصرية التي عرفت الكثير من القتلى، وبالعودة إلى ما وقع لحركة 13 يناير، ثم تأكيدات الكثير من ناشطي 20 فبراير بأن اللحظة المناسبة لبعث الاحتجاج لم تحن بعد، إضافة إلى عدم وضوح هذه الحركة المتمردة وغياب التجانس بين مكونيها، بَين من يرى في تنزيل مضامين الدستور هدفا له، ومن يريد إسقاط المشروع الإسلامي المغربي، يظهر أن حركة تمرد المغربية، قد تعيش أزمة وهي لم تبدأ بعد، وأن الشارع المغربي قد يخلف وعده مع الاحتجاج، اللهم إذا كان انسحاب حزب الاستقلال، شرارة تمرد قد تدفع المغرب، سواء أكان شعبا أم شارعا أم دولة أم تماسيحاً، إلى إسقاط بنكيران !