أيّ سـلـف؟ وأيّة خـلافـة؟
الأربعاء 26 حزيران (يونيو) 2013
بقلم:
مصطفى القلعي شارك هذه الصفحة:
"وما أوجدت الحكومة إلاّ لخدمة الفضوليّين الدّخلاء على الحياة".
زرادشت
للسلفيّ الآن في تونس وجهان؛ سلفيّ مجاهد1 وسلفيّ خلافيّ2 بعد أن خفت صوت وجهها الثالث الروابطيّ3 الذي يبدو أنّه أدّى ما عليه ونما ليتحوّل إلى الوجه المجاهد الجديد. والوجهان يتناوبان في الحضور على المشهد. ويتبادلان الأدوار في انسجام لا يخفى على المتابع.
والوجهان يركبان موجة التكفير نفسها. ويستعملان أسلوب العنف نفسه. ويرفعان الرّايات السّوداء نفسها. ولا يعترفان بالدّولة ولا بقوانينها ولا بمؤسّساتها. ويحرصان على الانغراس في مسألة الهويّة الانغراسَ نفسه. ويريان فيها الوجه الهوويّ الانتقائيّ نفسه. ويرفضان الفنّ والحريّات والفكر النقديّ الرّفضَ نفسه. ويعدّان النّموذجين الأفغانيّ والصوماليّ الأمثل والأسعد على وجه البسيطة. ويريان أسامة بن لادن الملهم والشّعار.
ويعتبران الحنبليّين الدمشقيّين أحمد تقيّ الدّين بن تيميّة صاحب نظريّة التجسيم وكتاب الفتاوى (661هـ - 728هـ/ 1263م - 1328)، وتلميذه ابن قيّم الجوزيّة (691 هـ- 751 ه / 1292م - 1349م) صاحب »مراحل السّائرين بين منازل إيّاك نعبد وإيّاك نستعين« و»حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح«، والسّعوديّ محمد بن عبد الوهّاب (1703 - 1791) والهنديّ أبا علي المودودي (1903- 1979) وبدرجة أقلّ المصريّيْن حسن البنّا (1906 - 1949) وسيّد قطب (1906 - 1966) والتونسيّ راشد الغنوشي (1941 - ..... .. ) مراجعهم الفقهيّة الأصوليّة. ولا مرجع لهم من بين الصحابة وعلماء الحديث والسّيرة وعلماء القرآن والبلاغة وعلماء المعتزلة وأهل الكلام والرّأي وأهل الفلسفة وأهل الأدب.
• ابن تيميّة وقتال المغول:
ولسائل السّلفيّين أن يسألهم عن ابن تيميّة الذي يعدّونه مرشدهم ومفتيهم فيما ترتئي لنفسك؛ هل يعلمون أنّ ابن تيميّة الذي ولد في حرّان، التركيّة اليوم، كان قد عاش وتلقّى العلم في دمشق وعلّم النّاس فيها، وكان له فيها تلاميذ ومريدون كابن القيّم؟ وهل يعلمون أنّه كان من أكبر المحرّضين على قتال المغول؟ هل يعلمون أنّه كان ذا فضل كبير في انتصار المسلمين في معركة شقحب في2 رمضان سنة 702هـ / 20 أفريل 1303م، والتي استمرّت ثلاثة أيام بسهل شقحب بالقرب من دمشق في سوريّة، والتي دارت بين المماليك بقيادة النّاصر محمد قلاوون سلطان مصر والشّام وبين المغول؟
هل يعلمون أنّه كان يحرّض النّاس على قتال المغول ويجمع الأموال من التجّار لذلك؟
هل يعلمون أنّه كان مندوب أهل دمشق للسفر إلى القاهرة لملاقاة السّلطان النّاصر قلاوون لحثّه على قتال الغزاة المغول؟
هل يعلمون أنّه أثناء معركة شقحب كان قد أفتى بالإفطار عن صوم رمضان وأنّه كان يتجوّل بين الجنود الصّائمين يأكل من زادهم لدفعهم إلى الإفطار وقطع صيامهم ليكون أداؤهم في قتال المغول أفضل؟
هل يعلمون أنّه كان على رأس الجيش الذي طارد فلول المغول الهاربين شرقا حتى نهر الفرات؟ هل يعلمون أنّه لم يدع إلى الجهاد ضدّ قومه وأهله رغم محنة السّجن التي امتحن بها أكثر من مرّة في دمشق والقاهرة؟
هل يعلمون أنّه لم يؤذ دمشق ولا القاهرة رغم أنّه تأذّى فيهما؟
هل يعلمون أنّه لم يكفّر خصومه من المالكيّة والحنفيّة والشّافعيّة؟
هل يعلمون أنّه هزّته حميّة الوطن فانخرط في قتال أعدائه الغزاة فقط ولم يقاتل أهله وعشيرته أبدا؟
فماذا يفعل السّلفيّون الجهاديّون في جبل الشّعانبي وسط غرب تونس؟ وماذا يفعلون في سوريا الجريحة؟
• زمن النبوّة:
إنّ ما يجمع التونسيّين اليوم في تونس هو الثورة. والنقد والتقييم يجب أن يدور حول أهدافها. شعبنا طالب بالحريّة وبالشّغل وبالكرامة وبالديمقراطيّة. لكنّ الإسلاميّين جميعهم يمارسون الدّمغجة منهجا. ويطلبون التصديق الأعمى. ويحاولون الالتفاف على هذه الأهداف. ولكن مع ذلك، لا أحد يمكن أن يؤكّد ما يزعمونه من وجود زمن إسلاميّ نقيّ من الدّنس وخلو من الأذى والمآسي.
والسّبب بسيط يتمثّل في تداخل الدينيّ بالسّياسيّ. فهم يريدون استعادة ما يعتقدون أنّه زمن السّلف الصّالح دون أن يحدّدوه التّحديد الدّقيق. فأيّ سلف يريدون استعادته؛ زمن النبوّة أم زمن الرّاشدين أم غيرهما؟
بل إنّ هذين الزمنين كانا من أشدّ الأزمان أذى وإيلاما وإفكا.
يمكن أن نستدلّ، هنا، بحكايّة حادثة الإفك التي تداولها النّاس زمن النبوّة والتي فيها إساءة إلى عرض النبيّ وزوجه السّيّدة عائشة في غزوة بني المصطلق. وهي دليل على أنّ أخلاق المسلمين لم تكن فضائل كلّها حتى في زمن النبوّة.
فإلى جانب الرواة الأربعة الكبار، ورد خبر حادثة الإفك في صحيحي البخاري ومسلم. ويروى أنّ عبد الله بن أبي بن سلول الذي يوصف بالمنافق هو من تولّى الإفك بعرض السّيّدة عائشة. ثمّ لهج النّاس بإفكه حتى أتت السّيّدة عائشة بيت أبويها وفارقت النبيّ شهرا كاملا. فلم تمنع هيبة النبيّ ومنزلته المسلمين من إتيان عرضه بسوء وهو بينهم إلى أن تبيّن من عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد براءة السّيّدة عائشة، قبل أن يبرّئها الوحي.4 وكادت تحصل الفتنة ويقتتل الأنصار من الأوس والخزرج بسبب إفك عبد الله بن أبي بن سلول والنبيّ على المنبر يخطب فيهم.
فلقد تأذّى النبيّ وزوجه وآل بيته أيّما إيذاء وهو بين قومه المسلمين. وقال يخطب فيهم: "يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟ فوالله، ما علمت على أهلي إلاّ خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلاّ خيرا، وما كان دخل على أهلي إلاّ معي".5
إذا كان هذا ما حدث للنبيّ نفسه بين قومه فما بالك بالحياة الاجتماعيّة بين النّاس داخل المدينة حينها؟ صحيح أنّ النبيّ ذو كرم وفضائل، ولكنّ من كانوا معه من غير الصّحابة ليسوا كذلك أغلبهم. وهذا ما لا يجعل زمنهم كما يعتقد السّلفيّون. وإذا كان زمنهم كما رأينا فكيف كان سيكون لو لم يكن النبيّ بينهم؟ فزمن السّلف ليس أفضل من زماننا ولا أصلح. واستعادة هذا الزّمن، لو سلّمنا بأطروحة السّلفيّة، فإنّها لن تحقّق أهداف الثورة. بل ما أبعدها عنها!
• زمن الخلافة الرّاشدة:
إنّ ثلاثة من بين أربعة من الخلفاء الرّاشدين ماتوا مقتولين غيلة وغدرا في أشهر حرم وفي أماكن حرم وفي مناسبات حرم! فلم تشفع لهم أنسابهم ولا صحبتهم النبيّ ولا فضائلهم ولا خدمتهم الإسلام والمسلمين.
ففي 26 من ذي الحجّة اغتال المجوسيّ أبو لؤلؤة فيروز الفارسي الفاروق عمر بن الخطّاب وهو من هو. إنّه من خاض معارك القادسيّة والبويب والجسر وجلولاء. إنّه من فتح المدائن والعراق وفارس. إنّه من فتح دمشق وبيت المقدس ومصر وليبيا والنوبة وأزال سيطرة الروم تمامًا من تلك البقاع والوهاد. لقد طعن عمر وهو يصلّي الفجر بالناس بخنجر له نصلين ستّ طعنات! يعني قتل في المسجد الحرام وهو ساجد!
وكان حظّ عثمان بن عفّان الخليفة الرّاشد الثّالث أسوأ من سلفه الفاروق. فلقد حوصر في بيته أيّاما بلياليها ولا من مغيث ولا من مجير وكأنّه ليس خليفة المسلمين ولا سيّد أمرهم! ومُنع عنه مع آل بيته الماء والطعام في رمضان وهو صائم. وقطعت أطراف أنامل زوجته وهي تتصدّى بيدها للسّيف الغادر يهوي عليه. وقتل إبنان من أبنائه وهما يثأران لمن قتل أباهما. وقطعت يد الخليفة وهو يتّقي بها ضربة سيف الخارجيّ. وقتل عثمان وهو يقرأ القرآن والمصحف بين يديه حتى تقاطر دمه ليغمره يوم الخميس السّابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 35 ه. فهل بعد هذا الإيذاء إيذاء؟ وهل بعد هذا الإجرام إجرام؟ وهل بعد هذا الظلم ظلم؟ وهل هذا زمن صالح تريد دفعنا إليه أو جلبه إلينا، عبثا طبعا؟6
كان مآل عليّ بن أبي طالب الخليفة الرّاشد الثالث أشبه بمآل سلفيه. "وذلك على يد المجرم الخارجي الضال، أشقى الناس، عبد الرحمن بن ملجم المرادي، أثناء خروج أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لصلاة الفجر بمسجد الكوفة في يوم الجمعة 17 رمضان سنة 40هـ". والخارجيّ القاتل كان يعرف أنّ عليّ هو ابن عمّ النبيّ وصهره وأبو الحسن والحسين. وكان يعرف أنّه في صفّين خيّر حقن دماء المسلمين رغم يقينه بالخديعة.
ومع ذلك، قتل غيلة وغدرا يوم الجمعة وأثناء الصلاة وفي المسجد؟ فهل هذا السّلف صالح للاقتداء؟
هذه الحقائق التي أتاها السّلف الذي يراه السّلفيّون نبراسا يريدون أن يجبرونا على تقديسه والاقتداء به، وهو ليس كذلك! لأنّهم يتعاملون مع التّاريخ انتقائيّا فيرون ما يريدون وإن لم يوجد، ولا يرون ما لا يريدون وإن وجد. فإسلام النبيّ وصحابته ليس إسلام العامّة حتى من المهاجرين والأنصار وقد كانوا جميعا معا.
فلا وجود لزمن إسلاميّ طاهر نقيّ. وإنّما كلّما اقترب الدّين من السّياسة سُلّت خناجر الغدر وسالت الدّماء غزيرة. ولم يقع اغتيال الخلفاء الثلاثة إلاّ لأسباب سياسيّة متّصلة بخلاف في تقييم حكمهم والطّمع فيما بين أيديهم من سلطة ورياسة. ولمّا لم تكن هناك آليّة للتداول على الحكم وعلى إزاحة الحاكم الذي يفشل حكمه تسحب السّيوف وتطير رقاب وتهدر أعمار. ويكون قانون العنف والقتل هو الفيصل. فإن كان السّلفيّون يريدون استعادة زمن هؤلاء الأسلاف فلعلّهم لا يخطئون في التيقّن من أنّه ليس أفضل من واقعنا لاسيما مع وجود الدّولة ومؤسّساتها وقوانينها وآليّات التداول السّلمي على السّلطة فيها. ولهم أن يستنتجوا أنّ الخلفاء المغدورين غيلة ثلاثتهم كانوا يبحثون عن الدّولة ويجتهدون في تركيز أنظمتها ومؤسّساتها، الدّولة التي يرفضها السّلفيّون ولا يعترفون بها. فهل يعني ذلك أنّهم يعنون بالسّلف الصّالح غيرهم بل قتلتهم الذين أرادوا قطع جهودهم التأسيسيّة؟
حزب التحرير يريد استعادة زمن الخلافة الذي يراه سعيدا دون أن يحدّده. بل يعزم على تنظيم مؤتمر الخلافة يوم 22 جوان/ يونيو 2013 بتونس، كما صرّح ناطقه الرّسمي رضا بلحاج. فأيّة خلافة يريد رضا بلحاج وحزبه إحياءها؛ الخلافة الأمويّة أم العباسيّة أم العثمانيّة؟ سأقصر نقاشي في الجانب السّياسي للخلافة لأنّه الجانب الذي يريد رضا بلحاج استرداده متوهّما أنّ فيه خلاصه وخلاصنا.
• الخلافة الأمويّة:
نبدأ بالخلافة الأمويّة؛ ما حدّثنا به التاريخ الإسلاميّ الرسميّ وأدبيّاته أنّ الأمويّين افتتحوا خلافتهم بالاحتيال والخديعة والاتّجار بالدّين مبكّرا للحصول على السّلطة. وما نعلمه أنّ الأمويّين رفعوا السّيوف في وجه إخوانهم المسلمين في صفّين. وما نعلمه أنّ الأمويّين هم أوّل من قضى على الشّورى وحوّلوا الخلافة إلى حكم عائليّ متوارث. ما هو ثابت أنّهم ذبحوا الحسين بن علي بن أبي طالب ومن معه من آل البيت من نساء وأطفال في كربلاء في 61هـ بسبب رفض الحسين مبايعة يزيد بن أبيه بولايّة العهد ثمّ بالخلافة لأنّه كان يرفض توريثها. لقد كان الحسين أكثر حداثة من طالبي الخلافة اليوم! وقد كان الحسين قد قاتل مع أبيه الخليفة علي بن أبي طالب في موقعتي الجمل وصفّين زمن الأمويّين. لقد تولّى أحد أتباع عليّ القدامى الخارجيّ شمر بن ذي الجوشن قتل الحسين بن عليّ رغم أنّه كان قد شارك معه في معركة صفّين. ولا ننس أنّ راشد الغنوشي اعتبر أنصار الشّريعة خوارج العصر! ما نعلمه أيضا أنّ الأمويّين رموا الكعبة بالمنجنيق.
• الخلافة العبّاسيّة:
ما حدّثنا به التاريخ عن الخلافة العبّاسيّة أنّها شرّدت الأمويّين تشريدا ولاحقتهم في الأمصار. ولم تنقذهم من هربهم إلاّ الأندلس. ما نعلمه أنّهم اغتالوا أبا مسلم الخراساني القائد العسكري الشّاب النّابغة الذي مكّنهم من بلوغ مرادهم في الخلافة؟ ما نعلمه أنّهم أخذوا الخلافة من الأمويّين ولكنّهم لم يخلّصوها من سمة التوريث الأمويّة التي قتل بسببها الحسين بن عليّ. ما هو ثابت أنّ العبّاسيّين قطّعوا أوصال ابن المقفّع ودفنوه حيّا لمّا تيقّظ وعيه السّياسي فحرّك قلمه. ما أخبرنا به التاريخ أنّهم كرّسوا العبوديّة واستحلال حرمة النساء الجواري والرّجال الغلمان فامتلأت قصورهم بهم يستلذّون بهم. ما هو ثابت أنّهم فتحوا أبواب خلافتهم للفرس السّاسانيّين ثمّ للرّوم ثمّ للسلاجقة الأتراك الذين انتهوا بافتكاك الخلافة منهم. أمّا الخلافة العثمانيّة فهي استعمار.
فأيّ خير في الخلافة يراه حزب التحرير ورضا بلحاج؟ لماذا يلوي عبثا عنق الزمان؟ كيف يسمح لنفسه بأن ينتقي من التّاريخ ما يريد ويترك ما لا يناسب هواه وإيديولوجيّته؟ إلى ماذا يحنّ؛ إلى عصر الجواري والغلمان وإيديولوجيا "أسلم تسلم"؟ كيف يسمح لنفسه بالانتكاس عن منجزات الفكر السّياسي الحديث وعمّا أنتجه من نظريّات في أنظمة الحكم الديمقراطيّ التي تتيح التداول السّلمي على السّلطة وتضمن نوم السّيوف في أغمادها وحفظ دماء الإخوة والأهل والمواطنين؟ فلينتظر رضا بلحاج الخلافة لعلّها تأتيه مجرّرة أذيالها. أمّا شعب تونس الثّائر فإنّه لن يسمح لأحد بأن يخرجه من التّاريخ باستيهاماته وخبطه. إنّ استيهامات رضا بلحاج الاستخلافيّة لن تحقّق للشعب التونسيّ الحريّة والديمقراطيّة ومجتمع المعرفة ودولة القانون والمؤسّسات والعدالة الاجتماعيّة التي يهفو إليها.
إنّ الإسلام ليس أزمنة ماضيّة يمكن أن تستعاد. والفضائل ليست نائمة في حضن الزمن الماضي تنتظر من يوقظها. وإذا أراد السّلفيّون الإسلام وفضائله فإنّهما هنا والآن وفي كلّ عصر وزمان. أليس الإسلام دينا صالحا لكلّ العصور!؟ فلماذا يقصرون خيره وفضله وجوهره على الماضي البعيد الذي يتوهّمون أنّه عصره بامتياز ثمّ يعملون على جرّنا إليه أو جرّه إلينا في عبث لا يفيد. "جوهر الدّين ليس معرفة وليس فعلا، بل هو شعور متفرّد بدون تحديد"،7 فلماذا يجرّه السّلفيّون والإسلاميّون عموما للسياسة التي هي معرفة وفعل جرّا رغم تاريخ أجدادنا الدمويّ الذي يحذّرنا من استعادة تجاربهم؟ إنّ الإسلام ليس ما يرونه ويريدونه، بل هو ما نحن عليه.
الهوامش:
1- أنا أحرص على وصفك بالمجاهد لا بالجهاديّ عن وعي وقصد. فصفة "الجهاديّ" إذا سلّمت بها فقد سلّمت بأنّك دخلت إلى حيث لن تعود إلينا أبدا. وهذا يمنعني من محاورتك حينها. أمّا صفة "المجاهد" فتضفي شرعيّة على ما أفعل، إذ أنّها تعني أنّك في خانة المستعاد.
2- نسبة إلى دولة الخلافة، ولا أقول استخلافيّ.
3- نسبة إلى رابطات "حمايّة الثورة" الذراع المليشيويّ الأوّل للإسلام السّياسيّ في تونس الذي تلاه ظهور السّلفيّة بكلّ وجوهها.
4- ﴿إنّ الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه﴾، النّور، 11.
5- موقع المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة التّابع لوزارة الأوقاف المصريّة:
http://www. bayanelislam. net/Suspicion. aspx?id=03-02-0048&value=&type=
6-"صلّى عثمان رضي الله عنه صلاة نافلةٍ ختم فيها سورة طه، ثم جلس بعد ذلك يقرأ في المصحف، في هذا الوقت كان أهل الفتنة يفكرون بشكل حاسم، وسريع في قتل عثمان رضي الله عنه، خاصة مع علمهم باقتراب الجيوش الإسلاميّة المناصرة للخليفة رضي الله عنه من المدينة المنورة. فدخل رجل يُسمى كنانة بن بشر التجيبي، وكان من رؤوس الفتنة بشعلة من نار، وحرق بابَ بيتِ عثمان رضي الله عنه، ودخل ومعه بعض رجال الفتنة، ثم دخل رجل آخر يسمّونه الموت الأسود، قيل إنّه عبد الله بن سبأ وقيل غيره، فخنق عثمان بن عفّان رضي الله عنه خنقًا شديدًا حتى ظنّ أنّه مات، فتركه، وانصرف، ودخل بعد ذلك محمد بن أبي بكر الصدّيق، وكما ذكرنا أنه كان الوحيد من الصحابة الذي شارك في هذه الفتنة في هذا الوقت، فدخل عليه، وكان يظنّه قد مات، فوجده حيًّا (. . . ) ثم دخل على عثمان رضي الله عنه كنانة بن بشر الملعون، وحمل السّيف، وضربه به، فاتّقاه عثمان رضي الله عنه بيده فقطع يده (. . . ) بعد ذلك حمل عليه كنانة بن بشر وضربه بعمود على رأسه، فخرّ رضي الله عنه على جنبه، وهمّ كنانة الملعون بالسّيف ليضربه في صدره، فانطلقت السّيدة نائلة بنت الفرافصة تدافع عن زوجها، ووضعت يدها لتحمي زوجها من السّيف فقُطعت بعض أصابعها بجزء من كفّها، ووقعت السّيدة نائلة رضي الله عنها. وطعن كنانةُ عثمانَ رضي الله عنه في صدره، ثم قام سودان بن حمران بحمل السّيف، وطعن عثمان رضي الله عنه في بطنه فمال رضي الله عنه إلى الأرض فقفز على بطنه، واتّكأ على السّيف بجسده ليتأكّد من اختراق السّيف لجسد عثمان رضي الله عنه، ومات رضي الله عنه وأرضاه بعد هذه الضربة.
ثم قفز عليه عمرو بن الحمق، وطعنه في صدره تسع طعنات، وقال: هذه الثلاثة الأولى لله، وهذه السّتّ لشيء في نفسي. استشهد ذو النورين عثمان رضي الله عنه وأرضاه زوج ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم، والمبشَّر بالجنّة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أكثر من موضع، وثالث الخلفاء الراشدين.
بعد أن قتل هؤلاء الخوارج المجرمون عثمان رضي الله عنه أخذوا ينهبون ما في بيته ويقولون: إذا كان قد أُحلّ لنا دمه أفلا يحلّ لنا ماله؟ وأخذوا كلّ شيء حتى الأكواب، ولم يتركوا شيئًا، ثم همّوا بعد ذلك أن يقطعوا رأس عثمان رضي الله عنه، فصرخت السّيّدة نائلة، والسّيّدة أمّ البنين زوجتاه، وصرخت بناتُه، فقال عبد الرحمن بن عديس، وهو أحد رؤوس الفتنة: اتركوه، فتركوه، وبينما هم خارجون، قفز غلامٌ لعثمان رضي الله عنه على سودان بن حمران أحد قتلة عثمان رضي الله عنه، فقتله، فقام رجل من أهل الفتنة يُسمّى قترة، فقتل الغلام، فقام غلامٌ آخر، وقتل قترة، فقام القوم، وقتلوا الغلام الثاني. ففي هذا الحدث قُتل عثمان رضي الله عنه، واثنين من غلمانه، وقُتل أيضًا بعض الصحابة، وبعض أبنائهم، وجُرح عبد الله بن الزبير، كما جُرح الحسن والحسين رضي الله عنهم جميعًا.
ثم توجّه هؤلاء الفجرة الخوارج إلى بيت مال المسلمين، وحاولوا أن يأخذوا المال، وهذا يؤكّد لنا أنّه ما أخرجهم إلاّ حبّ الدنيا، فصرخ حرّاس بيت المال: النجا النجا. ولكن غلبهم أهل الفتنة، واستطاعوا الاستيلاء على أموال كثيرة من بيت المال، وصاح حفظة بيت المال: والله إنّهم قوم يريدون الدنيا، وما أرادوا الإصلاح كما قالوا. " موقع قصّة الإسلام:
http://islamstory. com
7- د. سابينا أكوافيفا ود. إنزو باتشي: علم الاجتماع الديني: الإشكالات والسّياقات، ترجمة: د. عزالدين عناية، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)، الإمارات العربيّة المتّحدة، ط1، 2013، ص 9.
التعليق على هذا المقال تعليقات حول الموضوع
-
1. [b class="comment-titre"]أيّ سـلـف؟ وأيّة خـلافـة؟ , [/b]26 حزيران (يونيو), 16:31, بقلم mohammad hezam
مقال جميل.ملاحظة حول العبارة التالية وماذا يفعلون( السلفيون) في سورية الجريحة? وكل جرائم النظام لا تزعجك يا سيد? ألا تعلم أن شكل الكفاح يحدده المعتدي وليس المعتدى عليه. لا افهم لماذا نقبل ارهاب الحكومات ونرفض الارهاب المضاد للأفراد أو المنظمات? وبعد ذلك نضعهم في نفس السلة.
-
2. [b class="comment-titre"]أيّ سـلـف؟ وأيّة خـلافـة؟ , [/b]27 حزيران (يونيو), 13:00, بقلم طارق زينة
إن تسييس الدين و امتطائه إلى سدة الحكم و السلطة هو أكبر كارثة عانت و تعاني منها الإنسانية، سواء كان الدين سماويا، أو عقائديا شموليا، و الأمثلة على ذلك كثيرة، حتى في التاريخ الحديث، منها:
1. إسرائيل التي تقوم على العقيدة التوراتية بأن ا ليهود شعب الله المختار، إنها الدولة الوحيدة في العالم التي ليس لها دستور لأن دستورها هو التوراة-كلام الرب- الذي لا يعلو فوقه كلام بشر ... و التوراة كما يعلم الجميع تجعل اليهود يستعمرون الأرض و يغتصبون نساءها و أرزاقها و جميع ممتلكاتها بأمر (الرب)
2. النازية التي تقوم على نزعة عرقية في تفضيل العرق الآري على بقية البشر، يلخص عقيدتها النشيد الوطني لألمانيا في الحقبة النازية : (ألمانيا فوق الجميع)، لقد دفعت النازية العالم إلى حرب كونية طاحنة التهمت ملايين البشر.
3. الماركسية اللينينية التي نصبت نفسها نصيرا للعمال و الفلاحين، فكان هؤلاء أول من اكتوى بنارها في عهد ستالين على الأخص، إذ يُعتقد أنه قضى على ملايين العمال و الفلاحين و حتى على رفاقه في السلطة في سجونه و معتقلاته لأنهم تجرؤوا على مناوءته.
4. الفاشية التي لا تختلف كثيرا في نزعتها العنصرية عن النازية حليفها الأقرب، و محاولتها في عهد موسوليني اجتياح العالم و استعادة أمجاد روما، فسحقت ملايين البشر قبل أن تسحق
5. الأنظمة الديكتاتوريةالشمولية التي سادت الأمة العربية من المحيط إلى الخليج بعد استقلالها في العصر الحديث، و انتجت التفرد بالسلطة و الفساد و خييبات الأمل الوطنية و القومية المتكررة،ففتحت بذلك الباب على مصراعيه لظهور الحركات السلفية و الأصولية التي بدأت بطهو أمجاد الماضي على رماد الموتى من الأجداد، فأصبحنا كالمستجير من الرمضاء بالنار.
5. إن تجييش و تسييس الإسلام لن يكون استثناء، بدأت المصيبة ب(غزوة نيويورك) التي جيشت العالم على الإسلام و المسلمين و اساءت إليه عقائديا أكثر مما أفادته و أعطت أميركا الذريعة المثلى لغزو العراق و وضع يدها على منابع النفط فيه و في الخليج العربي، و انشاء القواعد العسكرية على تخوم العدو التقليدي: الشرق ممثلا بروسيا الاتحادية هذه المرة و من ثم اعداد ربيع الفوضى العربية على نار هادئة لزعزعة استقرار المنطقة و الحفاظ على أمن الربيبة اسرائيل.
إذا كانت الصومال و افغانستان تمثلان الحلم الاسلاموي، فكاسك ياوطن، لكنها تجربة لابد منها ليذهب الزبد جفاء و ليبقى ما ينفع الناس في الأرض.
-
3. [b class="comment-titre"]أيّ سـلـف؟ وأيّة خـلافـة؟ , [/b]27 حزيران (يونيو), 16:47, بقلم أبو الخطاب أيمن السفاقسي
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد ،،
فحتى توضع النقاط على الحروف كتبت هذه الكلمات في عجالة ولي بإذن الله وقفة أخرى مع الكاتب ولكن بعد حين :
أقول:أن كلامك في طليعته وعنوانه يخاطب أناساً تكفريون يدَّعون أنهم من أتباع السلف الصالح والدعوى إن لم يقم عليها أصحابها بينات فأبنائها أدعياء فليس من منهج السلف تكفير المسلمين بالكبائر بل أمرمهم إلى الله عز وجل .
الثانية أنَّكَ تخلط كثيراً في كلامك فتدخل التكفريين في السلفيين وذلك ربما لأنهم يسمون نفسهم (السلفية الجهادية)فأقرأ وثقف نفسك جيداً لكي تستطيع التمييز بينهما وليس لدى الوقت الآن لعدَّ الفوارق بينهما سوى أجمالاً وهو أن السلفيين الذين يفهمون الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح بعكس الجهاديين التكفريين الذين يفهمون الايات والاحاديث بعقولهم القاصرة بدون الرجوع لتفاسير السلف كابن عباس وابن مسعود وغيرهم.
الثالثة: تحاول وتجهد نفسك في تقرير عدم الانتساب للسلف وأنه لا ينبغي وذلك لأنهم أتهموا عرض نبينا صلى الله عليه وسلم وقتلوا الخلفاء الراشدين وووو فأقول نحن نقول أننا أتباع السلف الصالح وليس الطالح الذين خالفوا هدى النبي صلى الله عليه وسلم ثمهؤلاء الذين قتلوا الخلفاء الراشدين ما بين مجوسي وخارجي وناصبي ومنافق فكيف تدَّعي أننا نريد الناس أن ينتسبوا لهؤلاء هذه مغالطة عقيمة ويتيمة جداً حيث أنك بها تصيح على نفسك بقصور الفهم والتحامل الواضح على السلفيين وأني أذكرك بقول الله تعالى ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيدفأعدُدْ للسؤال جواباً قبل أن لا ينفع الندم.
والحاصل أن كلامك ملئ بالمغالطات ولي معك وقفات ليست بالبعيدة بإذن الله تعالى .
وأريد أن أختم تعليقي بتعليق على تعليق طارق السابق وهو أيضاً يريد أن يُفهم الناس أن تحكيم شريعة الله التي جاءت في الكتاب والسنة ستؤدي لما أدت أليه أثار وأفعال اليهود والماركسيين والفاشيين حينما تحاكموا لعقائدهم ووالله ما رأيت أمكر أو أجهل منك منذ زمن فهل تساوي توراة اليهود المحرفة وأفكار البشر بكتاب رب البشر المحفوظ من لدن حكيم خبير أتريد أبعاد الناس عن تحكيم شريعة الله في الأرض لأن النصارى الكاثولكيين أمتحنوا وعذبوا الناس لأنهم خالفوهم في أرائهم فجاء بعدهم أجيال ينادون بفصل الدين على الدولة لأفعال النصارى المقيتة المبنية على تحريفاتهم وقوانينهم الأرضية ثم تساويها بالقوانين السماوية المحفوظة، الله يقول مخاطباً لنا أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله عجباً لك ؟ أرضيت بتحكيم الله تعالى في عباداتك ولم ترضه في دنياك الدنية أفٍ لك ولكل من هو على شاكلتك! كيف تلقفتم أفكار النصارى المستوردة ورضيتم بها وعدلتم بكتاب ربكم وسنة نبيكم إلى وسوسات النصارى المخذولين واليهود الغاصبين المعتدين.
أنني في عجالة ولنا أن تيسر وقفات وإن لم يتيسر فعند الله الملتقى
-
4. [b class="comment-titre"]أيّ سـلـف؟ وأيّة خـلافـة؟ , [/b]28 حزيران (يونيو), 10:45, بقلم طارق زينة
أبا الخطاب السفاقسي:
إذا كنت في عجلة من أمرك، فلم تقفز إلى موضوع هام مثل هذا؟ الواقع أنك لم تضع نقطة على حرف، ولم تستوعب الموضوع أصلا: أنت تعتبر نفسك من السلف الصالح و غيرك من السلف الطالح، فما أدراك أنهم لا يعتبرونك طالحا و يعتبرون أنفسهم صالحين، و من الذي سيحكم بينك و بينهم؟؟ ثم في تعليقك على تعليقي، أين وجدتني أتطرق لأحكام شريعة الإسلام؟ أنا أتحدث عن الطالحين جميعا الذين جروا الويلات و الكوارث على الإنسانية و أرجو أن لا تكون منهم.