الكرخ فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 964
الموقع : الكرخ تاريخ التسجيل : 16/06/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4
| | الدين والسياسة والقداسة | |
ليست هناك حاجة بالطبع للتدليل على أننا لا نتقن أى من مجالات الفلسفة: التفكير بلا حدود فى كل شئ، الحكمة، الفضيلة…وبالتالى فنحن لا نعرف كيف نحيا! السؤال عن غياب الفلسفة إذا هو سؤال عن غياب الشكل الأمثل للحياة. إيلاف سألت بعض أساتذة الفلسفة المصريين حول هذا، كيف نفسر ذلك الاختفاء، والمجتمع المصرى بشكل خاص والعربى بشكل عام فى حاجة إلى طرح مئات الأسئلة؟ والملاحظ فى الإجابات التى تلقيناها أن أصحابها لم يفصلوا بين الحالة المصرية والعربية، فحالة أيهما فى الأغلب تعنى الآخر.يقول د.صلاح قنصوة: المصريين يقولون عن الفلسفة"فلحسة" ورأيى أنه مصطلح صحيح فهو يعنى الإلحاح فى السؤال، الفلسفة إلحاح فى السؤال وإصرار عليه وليس الاستقرار على إجابة. إذا لم نكن نملك القدرة على السؤال بما يعنى رفض المسلمات والإجابات الجاهزة فبدون هذا لا توجد فلسفة. والعالم الشرقى أو العربى أو الاسلامى وكلها مسميات لكيان واحد اعتاد وألف من فترة طويلة ومنذ نشأ الإجابات الجاهزة فكان من الصعب عليه أن يوجه سؤالا ويلح فى طلب الإجابة عليه. الفلسفة الإسلامية لم تطرح أسئلة جديدة بل أفادت من الإجابات اليونانية، يمكننا تسمية ما حدث" أسلمة الفلسفة"…أخذنا الأسئلة وإجاباتها ووظفناها لخدمة القضايا التى نواجهها، وهذا نحن شطار فيه، فى الركون إلى الدعة والسكون والاستسلام وإيثار العافية. السبب الرئيسى فى هذا يعود فى ظنى إلى أن السياسة عندنا فى الإسلام اصطبغت بالقداسة، بدأ ذلك من عهد أبو بكر، هو الذى شق طريق الخلط بين الدين والسياسة بمعنى أنه ربط ممارسته للسياسة بنصوص الدين، فمثلا عندما منع فاطمة من ميراثها لأسباب معروفة قال" الأنبياء لا يورثون" وهذا خلط لأننا هنا نتحدث عن مواطن مسلم وهو لم يتعامل معها على هذا الأساس. كذلك سنجد أنه دخل حروب الردة لأنهم رفضوا منحه الزكاة، هو هنا حول الزكاة من فريضة دينية إلى ضريبة خاصة بالدولة وسمح لنفسه فى سبيل هذا أن يريق دماء لا حصر لها، رغم أن الإسلام نهى عن الاقتتال بين المسلمين. هذا خطأ بالغ. كانت نتيجة هذا وما تلاه من ممارسات أن المناخ السياسى السائد منع التفكير فكل ما له علاقة بالفكر اصطبغ بالقداسة، وشئ خطير جدا أن يتحول الكاتب الذى يمتهن الفكر إلى مبرر لما يحدث فوقتها لن تكون هناك فلسفة صادقة، الفلسفة دائما فى حاجة إلى نوع من العراك الفكرى، هى سوق لكل المنتجات لا يوجد فيها ما هو محرم، وهذا لا يعنى الخروج على الدين أو ما يسمونه بالثوابت. نحن لم نأت بجديد فى الفلسفة، لدينا منشئين لا مبدعين، وأقصى ما بلغوه هو الارتباط بالفكر الناجح فى الغرب، ومحاولة ترويجه وتطبيقه على مشكلات صغيرة، لم يشق أحدا طريقا جديدا، أو يقيم مذهبا مختلفا، أنا لا اصطنع ما يسمى بالغرب والشرق، إنما الفلسفة ببساطة فى حاجة لكثير من الجدل والنقاش لكى تنضج والمناخ السائد قائم على سقف منخفض، لا يمكن ممارسة الفلسفة فى ظل مناخ كهذا. | |
|