الذرة قبل الشعب في ايران
صحف عبرية
2012-10-10
ان
قدرة الجماهير المنتفضة على تنحية النظم القمعية بالربيع العربي فاجأت
الجميع. ان الاسلام الذي يخشى الفوضى شغل نفسه منذ زمن غير بعيد بتعريف
الحاكم الظالم وشرعية عزله. ان هذا التراث يجعل الحاكم 'ظل الله على الارض'
ولهذا 'تُفضَل ستون سنة حكم ظالم على ليلة واحدة بلا سلطة'. ان آيات الله،
في حال ايران، يلقون ظلا عريضا على بلدهم ويهددون العالم كله بظل ذري.
ان
العقوبات التي يستعملها الغرب على ايران باعتبارها بديلا عن قصف مواقعها
الذرية، تفعل فعلها والجمهور غاضب. فالعملة الايرانية تتهاوى والتجارة
والحياة المصرفية الايرانية تتحطمان ولا توجد أدوية. ويثير الاحتجاج الذي
عاد في المدة الاخيرة الى شوارع ايران سؤال هل تتفجر من جديد 'ثورة مضادة'
لسلطة آيات الله. فشلت محاولات سابقة لابعاد 'رُسل الله وفقهائه' ولم يساعد
الغرب الثوار في أزمتهم.
ان التوتر القائم بين قيادة آيات الله والشعب
الايراني يُذكرنا بالخليفة الأموي معاوية الذي شبه علاقته بشعبه بـ 'شعرة
ممدودة': 'اذا شدوها أرخيتها واذا أرخوها شددتها'. ويبدو ان 'الشعرة'
الايرانية توشك ان تنقطع. ويواجه آيات الله معضلة: هل يستمرون في تطوير
القنبلة الذرية أم يستجيبون لازمة شعبهم. وقد استقر رأي آيات الله الذين
يبدون سمينين شبعانين على أن إتمام القنبلة الذرية أهم من قطعة اللحم
والبيضة. وبرغم الخطر على النظام فانهم يستمرون في تطوير السلاح الذري
وتحطم الدراجات النارية للباسيج (بأسلوب الشبيحة السوريين) كل مظهر من
مظاهر الغليان.
يبدو أنه بحسب حسابات النظام، فان استكمال القنبلة
الذرية أصبح أقرب مما كان قط. ولهذا من المجدي التعرض للخطر من اجل وعد
بنماء لم يسبق له مثيل سيتمتع به الايرانيون في المستقبل. ان التحول
الاستراتيجي الذري الايراني سيُبطل قوة الغرب العسكرية ويضر بالتحالف
الامريكي ويجعل آيات الله وكلاء النفط في الخليج وزعرانه. آنذاك سيجبي آيات
الله رسوم حماية من كل ناقلة نفط حتى ذاك الذي يخصص لامداد المروحية
الرئاسية بالنفط. وسيتم الحفاظ على امكانية القضاء على اسرائيل للبرهان على
الجدية مع 'اصدقاء امريكا السابقين'.
في اثناء ذلك ينشيء آيات الله
تسويفا يرمي الى المس بقوة العقوبات واتصالها وتأثيرها الذي يزداد وبوحدة
الصف في الغرب ويقترحون 'تسويات' رفضوها أمس فقط. وهم يرون أنه اذا وقف عجل
الغرب الضخم الساحق فسيصعب تحريكه ثانية، ولادخال عصا في العجل وجعله
مشلول، اقترح وزير الخارجية الايراني صالحي شروط 'مصالحة' متملصة توافق
ايران بحسبها على تخصيب اليورانيوم في دولة ثالثة اذا تم الاعتراف بحقها في
تخصيبه بدرجة محدودة 'في الداخل'.
لن يكون الايرانيون هم الذين ستطرف
أجفانهم أولا. ما تزال آلات الطرد المركزي تعمل والساعتان الاسرائيلية
والامريكية لا تهمان ايران. فآيات الله ينظرون الآن الى منحنى الأداء وطول
النفس الايراني المتوقع، ويشتمل هذا المنحنى البياني على أمد العقوبات
وقوتها، التي توشك ان تتعدى في القريب جدا موعد استكمال القنبلة. ويشهد
التصميم الايراني على أن هذا اللقاء قريب جدا، وعلى أنهم سيستمرون في
شأنهم. ان الذي يعتمد على ثورة لعزل آيات الله أو على ضغط داخلي لوقف
القنبلة الذرية يوهم نفسه، ولهذا ينبغي تشديد العقوبات وطلب وقف للمشروع لا
استثناء فيه والاستمرار في التخطيط لقصف الأهداف الذرية.
اليكم 'شيئا
قليلا من النفاق': ان قافلة بحرية جديدة تخرج في هذه الايام الى غزة
'المحاصرة'. ولا توجد قافلة بحرية الى سوريا النازفة أو الى ايران المجوعة
برغم ان العقوبات عليها هي 'عقوبة جماعية'.
ان أبطال القافلة البحرية يخشون الابحار الى هناك. وهذا الامر 'آمِن' عندنا و'ما يجوز للمستبد لا يجوز للخاضعين'.