** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 اخلاق العبيد وبناء دكتاتوريات الارباب....... بقلم: وليد عبدالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

اخلاق العبيد وبناء دكتاتوريات الارباب....... بقلم: وليد عبدالله Empty
10102012
مُساهمةاخلاق العبيد وبناء دكتاتوريات الارباب....... بقلم: وليد عبدالله


اخلاق العبيد وبناء دكتاتوريات الارباب....... بقلم: وليد عبدالله















اخلاق العبيد وبناء دكتاتوريات الأرباب
المجتمع العراقي المعاصر نموذجًا
الجزء الأول

‪1تمهيد لنزاع قاس
أصحبت مراجعة المفاهيم والأفكار والحقائق الدينية ضرورة اجتماعية، وحاجة
إنسانية وعقلية. وموضوع العبودية، بكل أنواعها، وعلاقتها مع بناء أخلاق
الإنسانية، من المواضيع الحساسة كونها تشكل التمثل السلوكي والظهوري للدين
بشكل خاص، وتأثيره المباشر على المجتمع بشكل عام. ويشتد ظهور هذه الأفكار
والحقائق الدينية في فترات مختلفة، وتفعل فعلها في مجتمعات لها خصوصيات
تواصلية تتوافق نوعًا ما معها، أو أنها روضت عليها عبر تاريخ طويل من
الإيمان بها. والموضوع الذي نطرحه هو حول العبودية والأخلاق والقيم، كون
هذه المفاهيم تشترك، كعناصر سلوكية ونفسية، في بناء الذات الإنسانية، وهي
ليست حقائق قائمة خارج الوجود الإنساني، أو مفاهيم تشكل منظومة خارجة عن
الذات الإنسانية عبر التاريخ كباقي الحقائق الأرضية التي استقلت بذاتها
كمنظومات لها قوتها الخاصة واستراتيجياتها المعرفية (كسلطة الدين، وسلطة
التاريخ، والقوانين، والأحكام السماوية والأرضية في الماضي، وأنظمة
التقنيات، وعلوم الاتصال الحديث، والمؤسسات المدنية، والعلوم الحديثة في
الحاضر). كل هذه الأشكال من الحضور الديني والمعرفي والأيديولوجي والعلمي
أصبحت خارج الوجود الإنساني وتتحكم في الكثير من مفاصل الحياة. لكن الحقائق
الأخلاقية والفضائل الإنسانية بقيت متلازمة في ظهورها وفعالية تطورها مع
مسمى الإنسان كقيمة وجودية وشكلاً أرضيًا ومعنىً حضوريًا للوجود. تقام
الأخلاق كمنظومة معرفية وسلوكية لجوهر الوجود الإنساني، وتتأثر باتجاهات
الحياة سواءً كانت دينية أو أيديولوجية أو فلسفية أو معرفية، وكل ذلك يتسرب
إلى الأخلاق ويؤثر فيها.
ما زال ظهور الإنسان الأرضي في بلاد الشرق الأوسط والبلاد الإسلامية تحت
رعاية تراث ديني وأسطوري يمتلك سلطة قيومية سارية في الحياة، بل إن
الكائنات الحية في بلاد الشرق مُصنفة دينيًا وليست بالضرورة متدينة بل هي
مبنية على هواجس إيمانية شكلية، وبنية عقلية عائمة على كنوز من الخيال
الملازم لكل ما هو وهمي ويمتلك فعالية الحضور والتشكل وفق طبيعة الارتباط
بسلسلة منظومات تاريخية ودينية واجتماعية. هذا الشكل المعلن لظهور الإنسان
الشرقي والعربي هو كونه بنك استثماري لكل التاريخ الربوبي التسلطي بكل ما
يحمل من قدرات الاستعباد الذاتي والاستلاب الوجودي لقيمته الإنسانية التي
هي جوهر وجوده وعلامة مميزة يدافع عنها بكل ما لديه من أدوات الجهل
والمعرفة. إن أهم هذه العلامات الفارقة والمميزة لحضور الإنسان الشرقي،
ظاهريًا وباطنيًا، هي علامة العبودية كمنظومة معرفية تنجب أبناء يحملون
جينات تاريخية لأرباب متسلطين وخالدين إلى الأبد، ويشكلون امتدادًا قائمًا
لوجودنا الصحراوي العميق والقديم جدًا والحديث بامتياز. ومن خلال انتمائنا
نحن، كعرب، إلى الدين الإسلامي الذي بنى مجدًا وحضارة عظيمة على هذه
الصحراء القاحلة، وكوّن مجدًا كبيرًا، نرى بوضوح، لو كاشفنا أنفسنا، أننا
ما زلنا نسكن نفس بيوت العبودية القديمة، سواء كانت سماوية أو أرضية، والتي
أصبحت جزءًا من الذات والوجود والسلوك العربي والإسلامي. ومن خلال هذه
العبودية بدأنا نشيد حضارة انتماءنا لمفاهيم السماء، والابتعاد عن المضامين
الأولى لرحلة الانبياء، ربما! فتأثير العبودية، بكل أنواعها، على ذواتنا
ووجودنا ومجتمعاتنا جعلنا متأخرين في كل شي، ساهين عن البحث عن وسائل عقلية
وواقعية وسلوكية نتخلص من خلالها من كل أشكال الاستعباد الذي مورس في
حقنا، ابتداء من السماء حتى الأرض؛ هذا الاستعباد الذي جعل فرص التقدم
والتطور والتخلص من الوهم الساكن في ذاكرتنا أمرًا صعبًا، بل حتى يبدو
مستحيلاً، لأنه أصبح يمثل هويتنا على الأرض.
ليس بإمكاننا، في بحثنا المختصر هذا، التخلص من تاريخ الوهم الساكن في
ذواتنا، بل سنحاول تجديد وفتح مجال تساؤلي روحي وكوني وآفاق حرة لمعرفة
إنسانية واقعية لأنماط المجتمع الديني بشكل خاص والثقافي والفكري بشكل عام.
ولا نقصد من خلال كتابة البحث تحت عنوان أخلاق العبيد وبناء دكتاتورية
الأرباب أيّة إثارة شخصية واستفزازية لأيٍّ كيان. كما أننا نسعى إلى عدم
الانحياز الذي لا يخلو من التصادم والمكاشفة، رغم ميلنا الوراثي والتاريخي
إلى الدين، إذ أننا داخل المدار الديني ونعيش نفس الإشكاليات، ولا يمكن
تبرئة أنفسنا من قوة التأثير الحسي والانفعالي، والاستلاب الذاتي، لما
تحمله ذاكرتنا من أنماط استعبادية وسلطوية جماعية وفردانية تكونت وتأثرت في
أشكال عقائدية، وأيديولوجية دينية، واستفراغ روحي لأشكال من الرقابة
الدينية التي تدعو إلى إذلال الإنسان وتحقيره.
قد تطرح هكذا أسلوبية تصادمية بعض المباحث غير المقيدة بنظام معرفي أو
علمي إلا أنها تتسم بالتكاشف الروحي والقوة الحرة للذات الفكرية، منطلقة
بلاشك من قسوة التسلط التاريخي والواقعي والاستلاب الفكري الذي مورس على
عقولنا زمنًا طويلاً. وتبقى وجهات نظرنا في فهم العلاقة بين دكتاتورية
الأرباب المترسخة في ذاكرتنا الجمعية، وحضور أخلاق العبودية في سلوكنا
الحياتي، هي محاولة لسرد آثارهما المدمرة وتفكيك سلطتهما من جهة الدين ومن
جهة الأخلاق، وتهذيب تديننا، وفتح آفاق روحية خالصة تنظم علاقتنا بالسماء
من جهة، وتعكس روح القيم الإنسانية المدنية من جهة أخرى. ونتمنى أن نشارك،
معرفيًا على الأقل، في دفن الاستعباد الديني لظهورنا الأرضي الذي لم يحضر
بعد لأن الحضور ليس ظهورًا استهلاكيًا فقط، كما حالنا اليوم، بل اثبات وجود
ومشاركة في الإبداع الإنساني على الأرض. وإن تحقق مشاركة الجميع في محاولة
نقد الجذور ومراجعة التاريخ المقدس هو من القوة والفعالية بحيث يعمل على
اختصار زمن التخلف والتمذهب الروحي بالوهم، والتخلص من تراكم توحش التاريخ
والقدر، وتخمة مفهوم هوية الأمة الواحدة، ورقابة السلطة الطاغية، وسيادة
دكتاتورية الأرباب على الإنسان المسلم والعربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص.
وكما هو واضح، من خلال تاريخ الفرد العراقي، أن هذا الفرد قد جُنّد كيانه
المادي والمعنوي، على أرض خصبة، للبلاءات الربانية، وشُطرت ذاته في عوالم
أوهام رجال الدين وقداسة الخيال التسافلي للمنقذ الأبدي، ودكتاتورية السلطة
الاستلابية للأنظمة والحكام، هذه الدكتاتورية التي تم تعميمها ابتداء من
السماء حتى أعماق الأرض. وقد تحول الإنسان العراقي، بتوالٍ وتعاقب
تدميريين، إلى كائن يسلتذ بممارسة الاندكاك الذاتي تحت أي سلطة شر، لأن
الذات العراقية تعودت على ممارسة الهزيمة التاريخية تحت وطأة أية قوة للشر
والظلم، وخاصة إذا كانت ماركة مسجلة باسم الدين والقومية والقبيلة. أما من
جهة الحياة العامة فما زلت عوالم الأسطورة الاستلابية غير المنتجة تمارس
فعاليتها في إدراة شؤون الحياة الإنسانية عند العرب والمسلمين بشكل عام،
والعراقيين بشكل خاص.
2
سؤال حول أخلاق العبيد
تكونت الأخلاق الإنسانية مع بداية الظهور البشري على الأرض. ويمكن اعتبار
كل الحركات الكشفية الأولى حول الكيان الإنساني، أو باقي الكيانات
والطبيعة، وكل الإشارات والعلامات الدالة على سلوك، مهما كان نوعه، إحدى
البدايات للتكون الإخلاقي للإنسان. وقد تم تصنيف أي سلوك أو تصرف أو سنّ
قانون أو أيّة عملية تنظيمية تسمى وفق المنطق المتفق عليه على أنه يمثل
(الخير) خيرًا، وفي الجانب الآخر كل الحروب والدمار والسلوكيات المتوحشة
التي تكونت عبر التاريخ البشري، وتطورت تحت مسمى (الشر)؛ وضمن هذه الثنائية
"الخير-الشر"، ومهما توسعت وتقلصت وتمايزت وفق انتمائها لأيديولوجية معينة
تحت عنوان الدين أو السلطة أو أي قوة أخرى، واستثمرت حيازة الخير لنفسها،
وقذفت الشر على الآخر في لعبة أبدية مكررة يقربّن فيها الإنسان من أجل
الحفاظ على هذه السيادات العليا في التواصل والديمومة؛ تبقى القيم
الإنسانية والمكونات الأخلاقية والفضائل ضمن المدار السلوكي للقيم الوجودية
للإنسان، وهي علامة فطرية ضمن غريزة البقاء والتواصل الإنساني رغم
استهلاكها واستثمارها من قبل السيادات العليا. ويمثل هذا الاستثمار في
كيانات تاريخية مثل المؤسسة الدينية والأيديولوجيات الشمولية والتكتلات
القبلية أو العشائرية التي أضفت على منظوماتها الجوهر الأخلاقي الذي منحّها
بدوره قوة الظهور والتمثل الوجودي والديمومة على الأرض. فمن خلال القيم
الإنسانية والفضائل الأخلاقية ظهرت السيادات العليا على أنها تمثل الحضور
الإنساني، واستفادت من المدار الأخلاقي في تعميق الجانب المعنوي والإنساني
لديها. لهذا تشكلت قديمًا تحت ما يسمى الأخلاق الدينية والأخلاق القبلية
والأيديولوجية. وهي تتنبى الجانب الشمولي في الحياة. وكذلك تكونت سياقات
أخلاقية أخرى حديثًا تمثل الشكل المهني والنظام الاجتماعي مثل أخلاق السوق،
وأخلاق المهنة، وأخلاق الدولة، وأخلاق الشارع، وأخلاق التجارة، وأخلاق
البيت، وصولاً إلى الأخلاق الفردية والذاتية والتي هي عبارة عن حصلية شخصية
فردانية ينتقيها الفرد كلٌّ وفق خصوصياته وثقافته وتربيته وعمق ما يحمل من
قيم معنوية ومادية اكتسبها بشكل مقصود أو تسربت إليه تحت ظروف معينة. لهذا
نحن لا نتحدث في هذا البحث عن الأخلاق الفردية والشخصية التي تكونت بشكل
ذاتي بل نريد أن نوضح التأثيرات العامة على المجتمع والأفراد من خلال
التكوينات الشمولية الاستلابية والتسلطية، والهيمنة على الوجود القيمي
والأخلاقي، وتسيير المجتمع وفق إملاءات استفراغية للذات والوجود، على سبيل
المثال الدين التاريخي، وسنّ قوانين هيكلة ثنائية العبودية كبنية أسياسية
لقوة الفرد، والتسلط الربوبي المتمثل في دكتاتوريات المؤسسات الفقهية
والكيانات التحزبية والعسكرية الدينية والتشكيلات المتدينة والمتوحشة، وما
مدى تأثيرها على الشكل الحضاري للمجتمع وعمق تفكيره وإنتاج إبداعه وقوته
الإنسانية.
3
ثنائية الرب والعبد وتبعات المعنى
ثنائية الرب والعبد ثنائية دينية ظهرت بشكل رسمي في اليهودية، وتجسدت
بوضوح في الإسلام، وانعكست عبر الممارسة والطقس والتدين والإيمان على الفرد
والمجتمع والتاريخ. وهذه الفكرة الجوهرية في الدين أصبحت تمثل الأساس
الاعتقادي لأيّ تدين مقصود، كون المؤمن عبد للرب يمارس كل طقوس العبودية
وفعالية الظهور الأمّثل للعبد أمام سيده.
أما تأثير العبودية على غير المتدين فهو لا يقل خطورة، كونه نظام متوارث
لأشكال الحياة الأكثر حضورًا واحترامًا لغياب الذات وموت الإنسان. فالرب،
الذي يقابله العبد، لابد أن يكون ربًا متسيدًا بشكل مطلق، أو ما يطلق عليه
وفق التسمية المعاصرة (رب دكتاتوري)، ولابد من إلحاق العبد به كجزء من نظام
التحكم وتأكيد قوة سيادته المطلقة أمام عبودية مسحوقة لا تشترك معه إلا
بتسمية (الإطلاق). والرب، السيد المطلق الموجود في التدين، هو رب تاريخي
ظهر مع تأريخ النص المقدس بشكل إلزامي، وتطور حتى اكتملت حقيقة سيادته
المطلقة تاريخيًا على المعتنقين بعد أن مر بعدة مراحل تكاملية. وليس لدينا
غير شرعية النص المقدس الذي استحوذ على مفهوم دكتاتورية الأرباب، وصنف
المخلوقات تحت عنوان العبيد، ومنح ذاته السيادة المطلقة للأبد. وأصبح هذا
الظهور المطلق واضحًا وجوهريًا في الدين، ووجوب الاعتقاد والإيمان به جزء
من مصداقية ظهورنا على الأرض، وفق هذه المعادلة: (الرب السيد المطلق +
العبد المستخدم المطلق = الدين). وأمام هذا الوضوح والتصريح الديني في
النصوص المقدسة، والتي فسرت على أنها عبودية مطلقة بالإجمال والتفصيل
والتكوين والتشريع، أصبح على العبيد الذين توارثوا الإقرار (بالربوبية
المطلقة والسيادة التامة) أن تكون ولادتهم ومماتهم وكل أعمالهم الحياتية
على أساس نظام (العبودية المطلقة) وتحت (ربوبية مطلقة)‪[2]‬. وهذه
الإجرائية الإلزامية تترتب عليها ممارسات كثيرة تفاعلت عبر الزمن وتشابكت
معانيها حتى أصبحت بديهية ذاتية لكل المتدينين وباقي المجتمع في ممارستهم
الحياتية، والتي انعكست في تصرفاتهم اليومية وشكلت بنية أساسية لتفكيرهم
وطموحاتهم العقلية واستهلاك وإنتاج الأفكار والسلوك على كل المستويات،
والتباهي والاعتراف والتصديق بخصوصية العبودية للرب بشكل مباشر، كما هو
الإقرار اليومي عند المتدينين أو بشكل غير مباشر على الآخرين من خلال تسرب
هذا المعنى في ثنايا تربيتنا العائلية والمدرسية وتركيبة مجتمعاتنا العربية
والإسلامية.
4
مساواة الناس في العبودية
ذكر في ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، أن العبودية هي نوع من الأشغال الشاقة
القسرية طوال الحياة للعبيد حيث يعملون بالسخرة القهرية في الأعمال الشاقة
والحروب. وكانت ملكيتهم تعود للأشخاص الذين يستعبدونهم. وكانوا يباعون في
أسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم، أو يهدي
بهم مالكوهم. وممارسة العبودية ترجع إلى أزمان ما قبل التاريخ عندما تطورت
الزراعة بشكل متنامٍ، وأصحبت الحاجة ماسة للأيدي العاملة، فلجأت المجتمعات
البدائية إلى العبيد لتأدية أعمال تخصصية بها.
كان العبيد يؤسرون من خلال الإغارات على مواطنهم أو تسديدًا لدين. وكانت
العبودية متفشية في الحضارات القديمة لدواعٍ اقتصادية واجتماعية. لهذا كانت
حضارات الصين وبلاد الرافدين والهند تستعمل العبيد في الخدمة المنزلية
والعسكرية والإنشائية والبنائية الشاقة. وكان قدماء المصريين يستغلون
العبيد في تشييد القصور الملكية والصروح الكبرى. وكانت حضارات المايا
والإنكا والأزتك تستخدم العبيد على نطاق واسع في الأعمال الشاقة والحروب.
وفي بلاد الإغريق كان الرق ممارسًا على نطاق واسع لدرجة أن معظم سكان مدينة
أثينا، رغم ديموقراطيتها، كانوا من العبيد، وهذا يتضح من كتابات هوميروس
للإلياذة والأوديسا. أما في بلاد العرب والعصر الجاهلي فكان الشكل الأول
للعبودية لا يختلف عن غيره في البلاد المجاورة، وهي عملية معروفة ومشخّصة
تتعلق في فئة من الناس المستعبدين لظروف طبقية أو عنصرية أو حربية. وكان
العبيد من كل أصناف البشر الذين شاءت الأقدار، وفق خصوصيات موضوعية، أن
يصبحوا عبيدًا. وأكثر العبيد كانوا من أصحاب البشرة السوداء يباعون ويشترون
وتسلب منهم كل خصوصية، ويسحقون كوجود وذات وحضور في الحياة، فلا عمل لديهم
سوى خدمة السيد وتحقيق كل طلباته بدون أي تردد، ولا يحق للعبد أن يسائل
سيده عن أي فعل صادر عنه، ولا يمكن له التفكير في ايجاد أي مبرر لذلك. ولا
فرق بين العبد الرجل أو المرأة الأمة، بل إن المرأة كانت معرضة لاستغلال
وسحق وتدمير أكبر، فجسد الأمة مباح بشكل مطلق للسيد يبيعها ويشتريها ويسمح
لأي شخص أن يمارس معها ما يشاء. ولم يحدث أي تغير في النظرة الواقعية أو
السلوكية للعبودية مع الدين الإسلامي بل أصبحت ملامحها أكثر وضوحًا وأكثر
ثباتًا، ومنها:
- تعتبر العبودية، بكل أنواعها، استغلالاً كليًا ومطلقًا للوجود
والذات والكيان والزمن من قبل من يسمى (السيد) تمارس على من يسمى (العبد).
- كانت العبودية، وفق تطور الزمن والحياة، قابلة لأن تُحرَّم
ممارستها كما في زماننا المعاصر بحكم تطور الحياة والواقع والإنسان، ولكن
الإشكالية في بلادنا الإسلامية هي أن الدين شرع لقوانين العبودية وصادقت
عليها السماء.
- تأكيد مصادقة الدين والنصوص على أحكام العبيد، ومنحّها الشرعية
والظهور في تاريخ الإسلام كسلوك طبيعي وواقعي، وربما تظهر بأشكالها القديمة
في حال توفر الظروف الموضوعية لها بعد أن اختفت تمامًا من على وجه الأرض.
- لم يتدخل الدين في الحد من ممارسة العبودية واحتكار الإنسان
للإنسان وفق ظروف غير طبيعية، بل منحها الشرعية الكاملة، وصادق الرب عليها
في النصوص المقدسة، وتمثلت بشكل كبير في الفتوحات الإسلامية إذ أصبحت تجارة
العبيد أحد أهم أعمدة الاقتصاد الإسلامي وأهم أنواع متع الناس آنذاك على
الصعيد الخدماتي واللذاتي والتباهي بعدد العبيد والإماء.
- بالغ الخلفاء والحكام وأصحاب السلطة والجاه والمال والعامة من
المسلمين، في أزمان مختلفة، في شراء العبيد أو ممارسة العبودية مع الآخرين
وبأشكال مختلفة حسب الظروف، وبهوس كبير وراحة ضمير دينية. وليومنا هذا نرى
الهوس والمبالغة في التعامل مع العمال الأجانب والخدم في الدول الخليجية
وبشكل استعبادي مفزغ ليس محل ذكره الآن.
- لم نعد نشاهد في زمننا المعاصر العبودية بفضل تطور المجتمعات
وتحريم هذا الشكل الاستغلالي المريض، ولكن الإشكالية الكبرى هي أن الدين ما
زال يعترف بها على أنها سلوك اجتماعي طبيعي قَبِلَه الرب في زمن ما. ونرى
هذا متجليًا بشكل واضح في كتب الفقهاء، وهم ما زالوا يدرسون ويدرّسون في
كتبهم الشرعية فصول العبيد والإماء وأحكامهم وكل ما يتعلق بحياتهم رغم
اختفاء هذا الشكل من الحياة المعاصرة، وبكل أشكاله القديمة.
5
تحريم العبودية على الإنسان
أدخل الإسلام الأول بعض التعديلات على شكل العبودية القديم في تحفيز السيد
على منح الحرية للعبد مقابل أجر معنوي مؤجل في الآخرة على شكل عطايا ذاتية
أو اعفاء من عقوبات سماوية ما. ولكن الأساس التشريعي للعبودية الدينية بقي
قائمًا إلى يومنا هذا. ورغم ذوبان ملامح الاستعّباد الوحشي للإنسان بفضل
تقدم الإنسان والحياة تبقى الإشكالية الاستعبادية قائمة إلى أبد الدهر،
معتمدةً على الأساس الجوهري في بناء الشكل الديني والاتصالي مع السماء،
ورسم ملامح هذا الاتصال، وتشكيل قيمه الأولى، في علاقة استنبطت أصلاً من
الشكل العبودي الأول، وبكل ما تحمل من مظاهر وإشارات وعلامات حضورية يستدل
بها على شكل العبد أو انتماءه. فالعبودية الاجتماعية الأولى، بكل ما تحمل
من ملامح، قد تجلت على شكل العبودية الدينية وأصبحت العلاقة الاتصالية
تمثل: العبد + الرب = الدين، وهي علاقة جديدة إلا أنها تحمل كل استراتيجية
العبودية الجاهلية. وبما أن الاستعباد المباشر لم يعد مُمارسًا على الإنسان
المتدين، بل إن العبودية أصحبت تمثل جوهر ذاته وشكل حضوره في الحياة
والتاريخ، فقد تمركزت العبودية بشكل فعال في بناء الشخصية الدينية وفي
الحياة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

اخلاق العبيد وبناء دكتاتوريات الارباب....... بقلم: وليد عبدالله :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

اخلاق العبيد وبناء دكتاتوريات الارباب....... بقلم: وليد عبدالله

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: