** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد Empty
10102012
مُساهمةالإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد

الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد

الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد 5555555

إبراهيم فرغلي



من بين الادعاءات النقدية التي أتابعها بفضول،‮ ‬مبتئسا من محاولات
تمرير الأكاذيب النقدية التي تروَّج عادة في مناخ الانحطاط الثقافي
والفكري،‮ ‬الذي ننعم به منذ سنوات،‮ ‬مقولتان دعائيتان هما‮ "‬الانفجار
الروائي‮" ‬و"كتابة الجسد‮"‬،‮ ‬ولأن المقولة الأولي ليست موضوعا لما أهتم
به هنا فسوف انتقل مباشرة للأكذوبة الثانية‮. ‬كتابة الجسد‮ ‬واحدا من
المصطلحات التي شاعت مع الضجة الإعلامية التي صاحبت تناول أعمال بعض الكتاب
المصطلح علي تسميتهم بجيل التسعينات،‮ ‬والتي تم تناولها بالكثير من
الدعائية ودون قراءة نقدية حقيقية‮. ‬وبالرغم من أن مصطلح كهذا قد يوحي لمن
يقرأه أو يسمعه أنه بصدد ظاهرة من الكتابات المحتفية ببحث تأمل علاقة
الفرد المعاصر بجسده،‮ ‬ودلالات هذه العلاقة في علاقة الفرد بالسلطة مثلا،‮
‬أو بالتعبير عن ظاهرة كتابة إيروتيكية تمثل تيارا جديدا في الكتابة بكل
ما يحيل إليه ذلك من مضامين جمالية واجتماعية وأدبية،‮ ‬أو ربما بحث ثورة
كتابية تري في حرية الجسد او الثورة الجنسية ثورة موازية وتجد امتداداتها
في الكتابة‮. ‬ ‬

غير أنني‮ ‬لا أظن أن هناك تيارا أدبيا من هذا النوع،‮ ‬بطبيعة الحال،‮
‬في‮ ‬الأدب المصري‮ ‬كله،‮ ‬وأظن أن المحاولات المتعسفة التي‮ ‬حاولت
قراءة أغلب تجارب التسعينات انطلاقا من الربط المجاني‮ ‬بين تجارب الكتابة
التسعينية التي‮ ‬تعبر عن آفاق ذاتية وربط الذاتية بالجسد قد اطلق هذا
الكليشيه الوهمي‮. ‬بل وعلي العكس فإنني‮ ‬أعتقد أن كتابات جيل التسعينات
في‮ ‬غالبيتها العظمي هي‮ ‬كتابات بيوريتانية أخلاقية طهرانية،‮ ‬تنأي عن
الجسد وعن الإيروتيكي‮ ‬بامتياز،‮ ‬وباستثناء تجربة هناء عطية في‮
‬مجموعتيها القصصيتين‮ "‬شرفات قريبة‮"‬،‮ ‬و"هي‮ ‬وخادمتها‮" ‬التي‮
‬تناولت فيهما إحالات بالغة الحساسية حول الجسد الأنثوي‮ ‬تعبيرا عن
ذاتيته،‮ ‬وفي‮ ‬بعض قصص مي‮ ‬التلمساني‮ ‬خصوصا في‮ ‬مجموعتها‮ "‬خيانات
ذهنية‮"‬،‮ ‬وفي‮ ‬جمل والتفاتات متناثرة في‮ ‬نصوص نورا أمين،‮ ‬وربما
أعمال أخري لا تمثل تيارا او ظاهرة،‮ ‬فإنني‮ ‬لا أستطيع أن أتذكر نصا
مؤثرا‮ ‬يتناول الجسد بالشكل الذي‮ ‬يمكن الخروج منه بدلالات خاصة في‮
‬موضوع كتابة الجسد‮.‬
لست مهتما هنا علي أي‮ ‬حال برصد موضوع كتابة
الجسد نقديا،‮ ‬لكنني‮ ‬أود التأكيد فقط علي أن الجسد في‮ ‬مصر قد ظلم ظلما
بينا في‮ ‬المجتمع تماما كما في‮ ‬الكتابة،‮ ‬وأن الكتابة عن الجسد ربما
تحتاج إلي الكثير من الدرس والتأمل وهو ما اشعر به من خلال العديد من
التداعيات التي‮ ‬كانت ولا تزال تناوشني‮ ‬خلال مرحلة أوشكت فيها من
الانتهاء من مجموعة قصص إيروتيكية تحاول أن تحتفي‮ ‬بالجسد بوضعه في‮
‬اختبارات وجودية مختلفة‮. ‬
حين قفز الجندي‮ ‬الملتاث في‮ ‬الهواء
ليسقط بحذائه العسكري‮ ‬مرتطما بجسد الفتاة،‮ ‬مثني وثلاث ورباع،‮ ‬التي‮
‬نعرفها اليوم باسم‮ "‬ست الكل‮" ‬والتي‮ ‬عرت ذكورية المؤسسة العسكرية
والمجتمع المصري‮ ‬كله،‮ ‬ونعم‮ "‬كلّه‮" ‬مع سبق الإصرار،‮ ‬كاد قلبي‮
‬أن‮ ‬يتوقف من فرط العنف الذي‮ ‬كان الجندي‮ ‬الملتاث؛‮ ‬غِلّاً‮ ‬ومقتا
وعنفا،‮ ‬يوجهه للجسد الأنثوي‮ ‬المتكوم علي الأرض بلا حول أو قوة ليتلقي
طعنات الركلات المذعورة باستسلام‮. ‬
وسوف ستظل هذه اللقطة نموذجا للعار
الذي‮ ‬كلل مؤسسة السلطة العسكرية الحاكمة في‮ ‬مصر في‮ ‬المرحلة
الانتقالية خلال الثورة،‮ ‬وللأبد،‮ ‬لكنها ستكون في‮ ‬الوقت نفسه أيقونة
من أيقونات الحماس الآني‮ ‬والمستقبلي‮ ‬لاستعادة إنسانية هذا المجتمع
التي‮ ‬أهدرت بجهد منظم علي مدي عقود‮. ‬
هذه اللقطة تعبر،‮ ‬في‮ ‬الوقت
ذاته وبامتياز،‮ ‬عن مدي احتقار المجتمع المصري‮ ‬كله للجسد البشري،‮
‬وتتضافر مع مجموعة أخري من الصور التي‮ ‬لا تبدأ عند الجندي‮ ‬التافه
الذي‮ ‬تفاخر بالتبول علي المتظاهرين،‮ ‬ولا تنتهي‮ ‬عند ظواهر المخصيين
معنويا ممن تحرشوا بالمتظاهرات في‮ ‬اكثر من مرة خلال العديد من الاعتصامات
والتظاهرات‮ ‬،‮ ‬خصوصا تلك المعنية بالتعبير عن رفض النساء في‮ ‬مصر
لظاهرة التحرش الجنسي‮. ‬
في‮ ‬عام‮ ‬1919‮ ‬خرجت المصريات الثائرات مع
إخوانهم من الشباب والرجال مطالبات بعودة الزعيم المنفي‮ ‬سعد زغلول،‮
‬ممسكات بعلم مصر،‮ ‬وصارخات بشعارات الحرية والثورة ضد المستعمر،‮ ‬أغلبهن
ارتدين الزي‮ ‬التقليدي،‮ ‬الشائع آنذاك،‮ ‬ممثلا في‮ ‬العباءات
والبراقع،‮ ‬وكثيرات منهن كن سافرات خصوصا طالبات المدراس زهؤلاء الثائرات
واجهن بنادق العسكر ببسالة،‮ ‬ولم‮ ‬يخمد ذلك من حماسهن للثورة،‮ ‬بل تقدمن
في‮ ‬المواجهة وتعرضن للإصابات،‮ ‬واستشهدت منهن الكثيرات،‮ ‬لكننا لم
نسمع او نقرأ عن تحرش الثوار بهن من جهة،‮ ‬ولا تعرضهن للتحرش من قبل جنود
الاحتلال او سواهم‮. ‬
وفي‮ ‬عام‮ ‬2012،‮ ‬اي‮ ‬بعد ما‮ ‬يناهز القرن،‮
‬وبعد أن اصبحت أزياء الرجال والسيدات متماثلة‮ (‬البنطلون والقميص او
التي‮ ‬شيرت‮) ‬تعبيرا عن رفض المجتمع للتمييز بين الجنسين،‮ ‬تُفاجئنا
ظاهرة التحرش الجنسي‮ ‬الممنهج والمنظم من قبل البلطجية والمندسين تجاه
حرائر مصر وسيداتها،‮ ‬والذي‮ ‬يباركه فصيل من تيارات الإسلام السياسي‮
‬مثل الإخوان المسلمين وسواهم من خلال تساؤلهم عن اسباب نزول السيدات
للتظاهر بدلا من الإدانة‮ ‬غير المشروطة للتحرش بوصفه امتهان لبنات مصر
وسيداتها وامتهان لكرامة المصريين جميعا،‮ ‬تعبيرا عن المنهج الذكوري‮
‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يزال‮ ‬يحكم الذهنية السلطوية والشعبوية في‮ ‬مصر علي
السواء‮. ‬
في‮ ‬تأمل الصورتين‮ ‬يمكن أن نري كيف تحول المجتمع من مجتمع
متصالح مع ذاته،‮ ‬متقبل لوجود المرأة بين صفوف المواطنين،‮ ‬في‮ ‬ثورته
علي المستعمر،‮ ‬رغم أن نزول المرأة للشارع أصلا في‮ ‬ذلك الوقت،‮ ‬ولدي
العديد من الفئات‮ ‬يعد ضربا من الخيال،‮ ‬إلي مجتمع مريض باحتقار الذات،‮
‬يوجه احتقاره لذاته في‮ ‬انتهاك السيدات،‮ ‬وفي‮ ‬محاولة تحويل القهر
الواقع عليه إلي جسد المرأة،‮ ‬كأنه‮ ‬يحاول نقل القهر من مستواه الذي‮
‬يخص العنصر البشري‮ ‬بكل طوائفه إلي حلقة الجنس،‮ ‬بإسقاط ما‮ ‬يتعرض له
من انتهاك إلي الجسد الأنثوي‮. ‬
في‮ ‬مجموعته القصصية البديعة‮
"‬الموت‮ ‬يضحك‮" ‬يرسم المبدع محمد المخزنجي‮ ‬صورة إنسانية بالغة
الحساسية لتصوير هذا التناقض في‮ ‬كراهية الجسد في‮ ‬قصة‮ "‬أمام بوابات
القمح‮" ‬حين‮ ‬ينشغل الراوي‮ ‬وعدد من الفتيان بالفتاة‮ "‬زمزم‮" ‬التي‮
‬تسقي‮ ‬العمال،‮ ‬وتداعب خيال الفتيان بجمالها،‮ ‬وتشغلهم بكونها الفتاة
التي‮ ‬تقبل علي العمال العطشي ولا تلتفت إليهم فيقررون من فرط انشغالهم
بها وحسرتهم ويأسهم في‮ ‬الوقت نفسه من تمنعها عليهم ان‮ ‬يقتلوها،‮
‬وهكذا‮ ‬يتربصون بها وهم ممسكين بسكاكينهم ويتأهبون بعنف أجسادهم،‮
‬لكنهم‮ ‬يباغتون في‮ ‬ذروة انفعالهم الهمجي‮ ‬والعنيف عند أولي احتكاكاتهم
بالجسد الغض الفتي،‮ ‬بالتشوش وتباين مشاعرهم وانقلابها‮ ‬،‮ ‬بين لحظة
واخري،‮ ‬إلي حال من النشوة والهيام فترتخي‮ ‬قبضاتهم علي السكاكين،‮
‬وتتقلب ارواحهم من ذروة الكراهية إلي النقيض‮. ‬
وحين أتأمل هذا
التناقض من جهة،‮ ‬وطابع العدوانية الذي‮ ‬يمثل ظاهرة التحرش لا‮ ‬يمكنني‮
‬ان أري فيها سوي حلقة من حلقات العدوانية التي‮ ‬يوجهها الفرد لذاته،‮
‬عبر ترسيخ لثقافة احتقار الجسد،‮ ‬وكراهيته،‮ ‬كتعبير لاواعي‮ ‬عن احتقار
الذات‮. ‬
اذا استثنينا الجيل الجديد من الشباب والفتيات ممن‮ ‬يظهرون
لونا من ألوان الاهتمام بالجسد علي مستوي الحفاظ علي الرشاقة والرياضة،‮
‬والعناية بالزينة،‮ ‬وهم استثناء بين الثمانين مليونا،‮ ‬فإن الصورة
العامة للجسد المصري‮ ‬هي‮ ‬صورة لمجتمع‮ ‬يمتلك أجسادا مترهلة ممتلئة
بالشحوم وبالتثنيات والتغضنات التي‮ ‬تتسبب فيها عادات التغذية السيئة،‮
‬إما بسبب الفقر أو الجهل أو كلاهما معا‮. ‬
أجساد مرتخية،‮ ‬كأنها تعبر
عن حال من الاستسلام التام لمصيرها،‮ ‬وللسلطة التي‮ ‬تمارس عليها أبشع
ألوان القهر والتجويع والتغييب العقلي،‮ ‬ورفض كامل لأي‮ ‬محاولة لنقد
الذات،‮ ‬أو تأملها حتي في‮ ‬المرايا،‮ ‬وتماه مع الصورة العامة التي‮
‬يشكلها هذا الجسد المريض المبتلي بأمراض مزمنة عدة،‮ ‬من السكر وضغط الدم
إلي التهاب الكبد وامراض القلب‮. ‬
أجساد تعبر عن أزمة حقيقية لمجتمع‮
‬يتخلي عن أي‮ ‬مسؤلية تجاه جسده بوصفه وعاء الروح ومستودع النفس،‮ ‬ولا‮
‬يري نفسه في‮ ‬الصور التي‮ ‬تقدمها الشاشات لنجمات السينما ونجومها رموز
الرشاقة والعناية بالبدن،‮ ‬فمقابل أحمد السقا ومصطفي شعبان وأحمد عز،‮
‬مثلا،‮ ‬كنماذج لنجوم الرشاقة والصحة والأجساد المعتني بها،‮ ‬هناك أيضا
صلاح عبدالله وأحمد رزق مثلا،‮ ‬وهما نجمان لا شك أن الكثير من المصريين‮
‬يرون فيهما تجسيدا لهم علي المستوي الجسدي‮. ‬وبالتالي‮ ‬فلا‮ ‬يؤرقهم
كثيرا أن‮ ‬يروا صور النجوم المثاليين‮. ‬
ففي‮ ‬المظهر الرياضي‮
‬الرشيق للأنثي أو الرجل تأكيد علي ارداة الذات،‮ ‬وعلي الفعل،‮ ‬وعلي ضبط
الجسد،‮ ‬والسيطرة عليه،‮ ‬وبالتالي‮ ‬السيطرة علي الذات في‮ ‬مواجهتها
وفي‮ ‬مواجهة المجتمع والسلطة،‮ ‬بينما ما‮ ‬يميل إليه الفرد هو النقيض‮:
‬اللاإرادة،‮ ‬الاستسلام للقدر والمصير،‮ ‬شكلا ومضمونا‮. ‬
ومع انتشار
ظاهرة التحجب الشكلي‮ ‬التي‮ ‬لا ترتبط بأية مظاهر للتدين،‮ ‬يبدو أن
المجتمع المصري‮ ‬قرر أن‮ ‬يعبر عن كراهيته لجسده بطمس هذا الجسد وإخفاء
ملامحه وتشوهاته‮ ‬عبر الحجاب والنقاب والاسدال وسوي ذلك من مظاهر الحجب
الجسدي،‮ ‬وبهذا‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يمتنع نهائيا عن نقد ذاته أمام جسد مخفي‮
‬بلا وجود‮.‬
في‮ ‬الفترة التي‮ ‬سبقت سقوط مبارك حين كنا جميعا،‮ ‬من‮
‬يقف في‮ ‬الميدان وخارجه،‮ ‬ننتظر بفارغ‮ ‬الصبر لحظة السقوط التي‮ ‬كانت
رغم اليقين في‮ ‬اقترابها بعيدة ونائية،‮ ‬كتبت أنه‮ "‬كما تكونوا‮ ‬يولي
عليكم‮"‬،‮ ‬محاولا ان اطرق الرؤوس والعقول وأقول لا تسقطوا الخطايا كلها
علي الرجل الآثم وهو آثم فعلا،‮ ‬وتأملوا خطاياكم في‮ ‬الوقت نفسه،‮
‬وجاءني‮ ‬تعليق من صديقة ثورية شعبوية قدمت لي‮ ‬عبره نقدا‮ ‬يقول بأننا
لا‮ ‬يمكن أن نكون بهذه البشاعة‮.‬
هالتني‮ ‬الصورة التي‮ ‬تتخيلها أو
تتوهمها فتاة من فئة تعبر عن المعارضة وتمثل صوتا ثوريا بامتياز،‮ ‬إذ
تحاول أن ترسم لنفسها ولجموع الشعب المصري‮ ‬صورة مثالية مزيفة عن ذاتها
وعن هذا الشعب الذي‮ ‬يتجلي اليوم مدي التفاوتات الكبيرة في‮ ‬وعيه وإدراكه
وانتماءاته وفي‮ ‬سلبياته أيضا،‮ ‬وبينها حال المازوخية التي‮ ‬تقبل بعودة
رمز من رموز النظام المخلوع بدعوي رفضها للإسلاميين أو بدعوي الاستقرار
وما شابه‮. ‬بل وتتجلي سلبيات ثواره أنفسهم،‮ ‬بل ومثقفيه،‮ ‬في‮ ‬تشرذمهم
واختلافاتهم التي‮ ‬لا تنتهي،‮ ‬وتجعل من ائتلاف شباب الثورة فروعا‮ ‬يعبر
كل منها عن قرار فردي‮ ‬لا‮ ‬يلتزم به الآخرون‮!‬
هل نحن بهذه البشاعة؟
الحقيقة أننا لا نتأمل ذواتنا فعلا لكي‮ ‬نجيب علي السؤال،‮ ‬أو حتي لندرك
أننا حين نردد مثل هذه المقولة نتماهي مع خطاب السلطة الفاسدة الذي‮ ‬يردد
كلاشيهات عن الريادة وعن الإصلاح ليزيف‮ ‬لنفسه أوهامه التي‮ ‬يغذي‮ ‬بها
مبررات استمراره في‮ ‬التحكم في‮ ‬مقادير العباد،‮ ‬ويزيف لأتباعه صورا
ساذجة‮ ‬يحاول بها أن‮ ‬يخفي‮ ‬الصورة الحقيقية،‮ ‬حقيقة أنه قاد المجتمع
المصري‮ ‬بامتياز إلي هاوية الرجعية والتخلف‮. ‬
حين عرّت فتاة شابة نفسها ونشرت صورتها العارية علي مدونتها قامت قائمة الجميع،‮ ‬أدانت الفتاة وجردتها من قوائم
الحشمة
التي‮ ‬يدعي‮ ‬المجتمع المصري‮ ‬ملكيتها بامتياز،‮ ‬مستعميا نفسه عن
تناقضاته الفاحشة والفاجرة في‮ ‬كثير من الأحيان،‮ ‬كما نزعت اسمها من
قوائم التدين والأخلاق الرفيعة التي‮ ‬يزعم المجتمع امتلاكها ايضا
بامتياز‮. ‬ونزعوا اسمها من قوائم الثورة إذ ألقي بها الثوار خارج الميدان‮
! ‬بل حتي المثقفين أصابتهم صشدمة،‮ ‬ولم‮ ‬يعرفوا كيف‮ ‬يتعاملون مع
الموقف‮. ‬هل‮ ‬يضعون الفتاة في‮ ‬منطقة الإدانة،‮ ‬أم‮ ‬يضعون،‮ ‬هم
بأنفسهم،‮ ‬سقفا أوحدودا لحريتها،‮ ‬ليباغتوا بوجودهم في‮ ‬نفس الخندق
الذي‮ ‬يقف فيه من‮ ‬يضعون الحدود لنا كل‮ ‬يوم لكي‮ ‬نري أو لا نري أو
نقرأ أو لا نقرأ ما‮ ‬يتصورون انه الواجب والحق ونقيضه الحرام والضلال‮.‬
وهكذا‮
‬يدور المجتمع في‮ ‬دائرة مرضه المزمنة،‮ ‬البحث الدؤوب عن مكامن ضعف
الآخرين وسلبياتهم وانتقادها بعنف‮ ‬يلوذ به الفرد فرارا من انتقاده
لذاته،‮ ‬أو توهم المثالية فطالما‮ ‬يشير إلي سلبيات الآخرين فهو ضمنيا‮
‬يقول بأنه لا‮ ‬يمتلك مثل تلك السلبيات وانه‮ ‬ينتمي‮ ‬إلي فريق المتطهرين
وأهل الصواب‮. ‬
في‮ ‬مجتمع كهذا‮ ‬يكون من الطبيعي‮ ‬جدا خلو قاعات
الفنون ومتاحف الدولة من الفن العاري،‮ ‬كما‮ ‬يكون طبيعيا أن تكون المؤسسة
المسؤلة عن تخريج الفنانين الأكادميين تفتقد رسميا لمنهج رسم الموديل
العاري‮ ‬الذي‮ ‬يعد اساسا من اسس التدريب علي التشريح كجزء تقليدي‮ ‬في‮
‬كل مدارس ومناهج الفن التشكيلي‮ ‬في‮ ‬العالم‮. ‬كما‮ ‬يكون بديهيا أن‮
‬يتنصل حتي كبار الفنانين من أعمالهم العارية إن وجدت،‮ ‬كما فعل مثلا فنان
كبير بقامة الفنان الراحل بيكار،‮ ‬والذي‮ ‬اشتهر في‮ ‬مرحلة من حياته،‮
‬مثل أغلب فناني‮ ‬جيله بلوحات عارية،‮ ‬تنصل منها في‮ ‬حوار أجريته معه
بمناسبة تحقيق اجريته عن منع الموديل العاري‮ ‬في‮ ‬كلية الفنون قبل سنوات
من رحيله‮. ‬
وبالتالي‮ ‬أيضا ليست لدينا دراسات محترمة تتتبع جماليات
الجسد المصري‮ ‬والعربي‮ ‬إجمالا،‮ ‬وتتلمس طبيعة التغيرات التي‮ ‬طرأت علي
مقاييس ذلك الجسد جماليا وبحث طبيعة التحولات الاقتصادية والسياسية
والاجتماعية التي‮ ‬أثرت علي الفرد حتي‮ ‬يمر بهذه التحولات الجسدية‮. ‬
وحتي
حين أصدرت الشاعرة اللبنانية جمانة حداد مجلة‮ "‬جسد‮" ‬كأول مجلة من
نوعها تحتفي‮ ‬بالجسد وثقافته،‮ ‬لم تجد سوي الثقافة الغربية لتنتهل منها،‮
‬فبدت المجلة في‮ ‬أعدادها الأولي وكأنها تعبر عن جسد آخر،‮ ‬جسد متحرر‮
‬غير معوق بالممنوع والتابوهات ما جعل السؤال ملحا‮ :"‬أي‮ ‬جسد هذا الذي‮
‬تعبر عنه المجلة؟‮" ‬وأين هذا الجسد الحر الجميل المتعالي‮ ‬عن التابوهات
من الجسد المراق دمه،‮ ‬والمنكل به والمنتهك في‮ ‬اقسام الشرطة والسجون؟
والمذبوح‮ ‬غيلا وغدرا من أجهزة المخابرات والأمن السرية في‮ ‬ارجاء الوطن
العربي،‮ ‬والمقموع من الحركات التطهرية التي‮ ‬تمارس السلطة الدينية علي
البشر باسم الآلهة؟ وأين هذا الجسد المتنعم من أجساد منعتها انعدام الحقوق
الأساسية مثل توافر المياه والفقر من النظافة حتي ولن اقول من وسائل التزين
والتجميل؟‮ ‬
في‮ ‬النهاية جمانة تعبر عن جزء من ثقافة المجتمع
اللبناني،‮ ‬أما مصر التي‮ ‬اهتم برصد الظاهرة فيها هنا الآن وهنا فليس بها
حتي‮ "‬جسد‮" ‬ولا‮ ‬يحزنون‮.‬
علي تويتر تقول فتاة امريكية من بين
آلاف الحسابات التي‮ ‬أتابعها علي الشبكة الاجتماعية الشهيرة،‮ ‬أنها تمارس
الرياضة ليس من أجل الصحة،‮ ‬بل من أجل أن تشعر بأنها مثيرة حين تقف عارية
أمام المرايا‮. ‬الفتاة تقول ذلك وهي‮ ‬تمتلك حسابا باسمها الحقيقي،‮
‬وهذه الجملة علي بساطتها تتحمل بدلالات تشير إلي‮ ‬شفافية المجتمع الذي‮
‬تنتمي‮ ‬إليه،‮ ‬وعن قدرة هذا المجتمع ورغبته في‮ ‬تحمل مسؤلية الفرد فيه
تجاه نفسه اولا وإزاء مجتمعه أيضا،‮ ‬فما الداعي‮ ‬لاختيار القبح الجسدي‮
‬ودعمه باسم الدين والحشمة وتجاهله بالهروب من المرايا إلي عتمة الحجب
والستائر؟‮ ‬
في‮ ‬المقابل طبعا ليس من المتصور إمكانية أن نري نري فتاة
عربية تفعل ذلك إلا فيما ندر،‮ ‬وإن فعلت فباسم وشخصية وهميتين،‮ ‬وهنا
سوف تنتقل من مجرد مكاشفة الذات إلي نوع من الهيستريا في‮ ‬التعبير عن
الشهوات والتعبيرات الماجنة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكنها ربما حتي أن تتعرض للانتقاد،‮
‬طالما أنها تخفي‮ ‬هويتها،‮ ‬وإن فعلت فسوف‮ ‬يكون مصيرها مثل مصير علياء
المهدي‮ ‬في‮ ‬أفضل الأحوال‮. ‬
في‮ ‬مجتمع كهذا لا‮ ‬يبالي‮ ‬بالقبح بل
ويتستر عليه لن‮ ‬يكون من المفاجيء ان نري اعتياده علي القبح في‮ ‬كل
شيء،‮ ‬في‮ ‬الطرقات وفي‮ ‬الأبنية التي‮ ‬اسودت من فرط ما اغتبرت،‮ ‬وفي‮
‬الوجوه التي‮ ‬لا تقرب الماء إلا لماما،‮ ‬وفي‮ ‬أكوام الزبالة التي‮ ‬لا
تلفت انتباه أحد ولا تحرك ضميره،‮ ‬وكما أن الجسد وعاء الروح فإن الواقع
المادي‮ ‬القبيح الذي‮ ‬نعيش فيه هو وعاء أجسادنا ومسلكنا‮. ‬
إن
مجتمعا‮ ‬يفوح فيه القبح علي هذا النحو هو مجتمع‮ ‬غابت منه المرايا
بامتياز،‮ ‬بينما تكسر وتشرخ ما وجد منها عن عمد،‮ ‬ولا سبيل لإحياء جماله
إلا باستعادة كل فرد فيه لقدراته علي نقد ذاته،‮ ‬وتقبل جسده كإناء لروحه،‮
‬واستعادة الروح الفردية التي‮ ‬تري في‮ ‬جسدها جزءا من إرادتها الحرة،‮
‬وفي‮ ‬استعادة ثقافتنا لتراثها الخصب في‮ ‬رعاية الجسد والوعي‮ ‬بمركزيته
في‮ ‬مواجهة العالم وفهمه،‮ ‬هذا التراث الذي‮ ‬فصل كل جزء من أجزاء الجسد
في‮ ‬بيان جماليات جسد المرأة والرجل،‮ ‬وأخيرا وليس آخرا لا سبيل لإحياء
جمالالمجتمع وأفراده سوي في‮ ‬توازي‮ ‬ثورة فنية وأدبية،‮ ‬مع الثورة
الشعبية التي‮ ‬أعادت لنا الروح،‮ ‬لكي‮ ‬تعيد للجسد العربي‮ ‬مكانته التي‮
‬امتهنت لعقود‮. ‬
‮- ‬تقول فتاة أمريكية علي تويتر‮..‬امارس الرياضة ليس للحفاظ علي صحتي‮ ‬بل لكي‮ ‬ابدو مثيرة حين أقف عارية‮ ‬أمام المرآه‮.‬‮ ‬
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد :: تعاليق

avatar
رد: الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد
مُساهمة الجمعة أكتوبر 26, 2012 1:38 pm من طرف سوسية
.
 

الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الإيروتيكا في مجتمع‮ ‬يحتقر الجسد
» الجسد الحرام ثقافة الجسد بين الضرورة والكبت
» مجتمع مدني أم مجتمع بدوي ؟؟؟؟؟
» الإيروتيكا
» سوريالية الإيروتيكا

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: