منتخب «كشَهْر طويلٍ من العِشق» (2001)
I
مُفَلَّجات النُّهود، رَخِيَّات الأرداف، فائحاتُ السيقانِ طويلاً تحت بَلَهِ الأصلاب، وَقَرعِ النحاس البليل.
II
الشاحذاتُ أبدانهن، حَييّاتٌ خلفَ النوافذ، مُسَهِّداتُ أسرةٍ ولا عبقَ،
منطوياتٌ على نخيل فائتٍ، كسيراتُ ما يفوحُ على جُلُودِهِنَّ وأسرارِهن.
III
بين ليالٍ من شَتِيْتِ ما انقضى، ووردٍ مَلُولٍ، يَشهقنَ، مومساتُ
الأمس، وكثيراً ما يَسْتَرْسِلْنَ في نشيجٍ صعبٍ خلف أسمال أجسادِهن، وخلف
نوافذَ أسِيفةِ الصبحِ، رَخيةِ بين جفافِ الجلد وصفاء المرآة.
IV
وما عندي ما يَشْفِيهنَّ، السائلات، على أسرّة منبوشةٍ، وما عندي ما
يرويهنَّ، المُتَغَضِّنات الأبدانِ، المتهالكات على جلودهن، ولا ما يمسح
وُجُوهَهُنَّ، ونهودَهنَّ، رميماً، ورضاباً، وأيديَ ملساء من مُكُوثِهِنَّ.
V
المُحفِّراتُ الأسرّة من بُروكهِنَّ الطويل، هباءٌ حولهنّ، ولا أحوال.
المُحَفِّراتُ الأسرّة من تقلُّبِ أبدانِهن، يتعرينَ طويلاً، مراراتِ
أنفاسٍ، بين الخزائنِ والمرايا، وبطيئاً عليهن وبطيئاً عليهن، الأرائكُ،
وبطيئاً عليهن لُعابُهنَّ، المحفراتُ الأسرّة من بُروكهنَّ الطويل.
VI
يَزْفرنَ عليكَ عطورَهُنَّ، آه! من شَميم أوراكٍ، وباقاتٍ كاسدة، ومِنْ
قُبَلٍ شفافَةِ تذكُّرٍ، ومن أصفر تبغ على أطراف أصابعهِنَّ، ومن أسفٍ
وعصارةِ دمعٍ وشهقٍ ثقيلٍ فوقَ مساحيقِهِنَّ.
VII
المُعطَّرات، الغانيات، إليكَ بالنغمِ القديم، من الوَلَهِ، وما يُبكيكَ
بين أذرُعِهِنَّ، أَنَّاتٍ وشجىً، وما يَرَنُّ عليك من حُطام كؤوس، ومِنْ
قهقهاتٍ مُرّةٍ على أسرّة باردةٍ باردة من عزلاتهن.
VIII
المُقْبلاتُ لِماماً، ولا بواقي عطرٍ يَسبقُهنَّ، المتشحات خلف سُجُفٍ
وأحمرَ شفاه، وكرنفالات فائتة، وقسماتٍ تَبُصُّ ثقيلةً، وتُوَلّي خلفَ جحود
الكواليس المشطورة في نداماتها.
IX
الباركاتُ شَهِيَّاتٍ على المفازة وبين ما يشعّ من الآلِ والماءِ ونثارِ
ظهيرةٍ تُصلي وتُفَلّع أبداناً يَقِظَةً وما يتمدد عليهن، الباركاتُ،
وهُنَّ في جُماعِهنَّ يفتحن حُفراً للسابلة، ويفترشنَ لهاثَ حلوقِهنَّ
اليابسة من جفاف ما يتمدد عليهن.
X
الشاحذات أبدانهن خلف البوّابات، وما لطُرّاقٍ أن يقفزوا، أو أن يرموا
من أمتعتهم أو من عطورهم في الهواء القاسي على جلود الشاحذات أبدانهن خلف
البوابات.
XI
مبتعداتك ليُهِلنَ خلف مواقيت ورمل ما يُخَضِّبُ في يديك شعوراً لهنّ،
ولُعاباً ثقيلاً، وما يُحرقهن ورقاً مهملاً وأنفاساً بلا مقابل.
XII
يَتَبَرَّجنَ وما لصباحات لهنَّ، وما لظهيرة، وطويلاً تهجرُ عليهن شمسٌ،
ويا حسرة على ما فَرَطْنَ، ويا حسرة على ما حفظن في الوجوه وفي الأكف وما
يستخفي منهن طويلاً، وما لمراياهن الرحمةُ وما لنوافذهن أن تُطل على حدائقَ
ونسيانات.
XIII
النَّدَم القديمُ هل تعرفه في نشيجِهن وقهقهاتِهنَّ وحمرةِ ما يسيل على
شفاههن، اللواتي، من بصيصٍ متباعدٍ، يُشقِّقنَ الخُدورَ، بلا رحمة، ويزفرنَ
ما يفتح النوافذَ لغلوائهنّ وفَحِيحِهِنَّ.
XIV
المُتَّعِظاتُ بالمُتَع وبالمباهج يؤجِّجنَ في أبدانِهِنَّ، الغارَ
والنخيلَ، وينصبنَ تحت فُروجِهِنَّ ما لا يستعذبنه من رعشاتهن وأوجاعهن.
XV
السائلات العبق القديم خلفَ الآذان والأقراط وما تبقّع في الجسم وفي
الندوب وعلى هبوب الستائر والخزائن. السائلات العبق القديم خلف الدمع وما
يَمضُ في برودة اللحظات الخبيئة وإطراق العيون ولمّ المتاع وترك الأبواب
مفتوحة وراءَهُنَّ.
XVI
رامياتٌ من وراءِ الدَّغلِ ما يقذف الديكةَ والحَمامَ إلى مياهِها
المرتعشة. رامياتٌ من وراء الدَّغل ما يوحش العتباتِ، ويوقف الأجسامَ
العاليةَ في قمة جذوعها.
XVII
اللاطمات الخدود وما لتَخميش أن يُدركَ هوى الأزواج والوردَ
والتَّعِلَّةَ، وما لمضاربَ لهُنَّ، وما لأرحامٍ تنتعش، وما لتلويح أنْ
يجتازَ إشارات وأوتاداً وأرصفة، ولهنَّ البروكُ وأمام الأبواب وتقريعُ ما
يحرك ظلالاً للفَوْتِ، ولأبواقٍ تسطع في نهايات وجنازات، وللوحدة
المُسَجَّاة، ولأصابع مذكورة ولوجوهٍ تحفر من مساءاتها ومن زعيق الديكة
حولها ومن عربات تجتازها، اللاطمات الخدود وما لأقدامهنّ خلاخيلُ ترِنّ في
مدارات للخوف وللعتبات.
XVIII
مومئاتٌ، ثَنيَ خُدور، لفحَ مناديل، وكيف تُنصَبُ بين الزُّروع
والقُمصان وحُمرةِ ما بين الأفخاذ، فِخاخٌ، وكيف تُمَوَّه، هزَّ ثمرٍ
وأنفاسٍ، الهاويةُ المفاجئةُ والظُّلمةُ المفتوحة.
XIX
مليئات النهود، رَيِّقاتُ الأردافِ والبطون، فائحاتُ السيقان والوَبَرِ
تحت بَلَهِ الأصلابِ، وَقَرعِ الألسنة، يشرطن الهواءَ بصراخٍ موصول.
XX
يَعبَبْنَ غياباً، مِنهنَّ، وما لأَردافِهنَّ هدوءٌ، وما لأُفولِهِنَّ بقية.
XXI
المتروك وراءَهن مشاجبُ وقبعاتٌ وأعقابُ سجائر وسُعالٌ وَعَنينٌ وما يَسّاقطُ من النوافذِ عليهن بلا شفقة.
XXII
عَصِيَّاتُ الرَّغبةِ والقبولِ يَسْتَلْقينَ في حُجُراتِهِن، تَقْطَعُهُنَّ، بلا سؤال، لحظاتٌ سابقةٌ من عُشْبِهِنَّ الجاحد.
XXIII
زُوّارُهُنَّ، الليلَ، يَنْفَضُّون عنهن، مُنَكَّسِين، وَهُنَّ في مطارِحهنّ، يَعْضُضْنَ، منفرجاتٍ، الأصابعَ والوسادات.
XXIV
المُعْشِباتُ على طُلُولِهِنَّ، الذَّارفاتُ من فَوْتِ الصَّبابةِ،
يهتززنَ أكداسَ يَباسٍ، مُسْتَثِيراتِ ما يذكّرُهُنَّ، خببَ هواءٍ خشخشةَ
خطىً، تُوَلِّي، نهبَ مدامِعِهِنَّ وَحَسَراتِهِنَّ.
XXV
مأسوفٌ عليهن، طويلاً، الآفلات بلا رنينٍ، نَدَّاباتُ صَباحاتِهِنَّ، مفجوعاتُ فواتِهِنَّ، خلفَ الستائر والمقاصير.
XXVI
لذاذاتهن عليك طوالَ قبائلَ وعباءاتٍ، وما يشِمُ الأصواتَ والأنّاتِ
وتعذيبَ الأفخاذِ ولهاثَ الموغلاتِ فيك استمراءَ الطري والعاثرِ والخائف
والفريسة المستسلمة لطبائعها السافرة. لذاذاتهن عليك إلى ما يَشرِق بغير
الماء في حلوقك اليابسة وما يَغُصُّ بغير اللعاب الغزير من أنوفهن وجلودهن
وشفاههن الفاغرة.
XXVII
حَييّاتٌ، آه! حييات آه! ولِلْفَجرِ أنْ يسترسل، على جُلُودِهِنَّ، ومن
خجلٍ أن يَتَسَلَّلَ إلى مداسهن، ومن ثِقَلِ ما يُوريك، فيهن، تَتَمَهَّلُ،
ثم، وكعباءةٍ تتمدد عليهن، الحييات آه! الحييات في احمرار تسهيدهن الطويل.
XXVIII
المُسرفات خلفَ الجدران في الوشم وتَلَمُّس اللّعاب، وما لجلودِهن طيوبٌ
ورحمة، وما لفروجهن أنْ بللٌ، أو لزوجة، وما لمساءاتهن أسبابٌ، المُسرفاتُ
خلفَ الجدران، في التبرج، ولا فرائسَ، أمسِ، ولا ما يواريهن أحضانَهن
وأسرّتهن.
XXIX
وتختارهن لتوسِّعَ في الحسرة وفي ما يبتليك بلا أسبابٍ، ولكي تُبتَدرَ
بخسارةٍ وفَوْتٍ، ويا حسرةً، وأنْ تختارَهن ولا حولَ ولا صبابة ولا ما تعثر
عليه، رنينَ كلامٍ، شبيهَ نَفَسٍ، أو صريف ندامة.
XXX
الجالساتُ بلا تثاؤب وصريفهنّ فسيح، ينفُضْنَ سجائرهن، جفافَ سكون،
وينقرنَ بأصابعَ معروقة، طرفَ الطاولات الفارغة أمامهنّ. المولّيات بلا
عزاء خلف أسرارهن وما تستبقيه أيديهن على المشاجب وفوق العتبات.