نركيسوس،
النركيسية (النرجسية)
الأسطورة:
نركيسوس (باللفظ اليوناني) شخصية أسطورية،
لأنه ابن النهر كيفيسوس والحورية ليريوبي.
حيث يقال، وفق الرواية التي نقلها لنا أوفيديوس
في كتابه التحولات، أنه كان خارق الجمال،
وأنه رفض عرض الحورية إيخو ("صدى") التي
جفَّت من فرط عشقها له، حتى تحولت في النهاية
إلى صخرة ولم يبقَ منها إلا "صداها". أما
هو فقد غرق في الماء بينما كان يتأمل صورة
وجهه، فتحول إلى زهرة النرجس التي مازالت
تحمل اسمه إلى اليوم.
لوحة إيخو وناركيسوس
للرسام ج.و. ووترهاوس
التعريف
الفلسفي:
تُنسَب النركيسية (النرجسية) تعريفًا إلى
أسطورة نركيسوس (الذي يقال إنه افتتن بانعكاس
صورة وجهه على وجه الماء، فحاول الإمساك بها،
مما أدى إلى غرقه). والمقصود بها حب صورة الذات.
وهي مرحلة طبيعية حين يتعلق الأمر بالشبقية
الطفولية، حيث يعشق صاحب العلاقة جسمه هو. أما
بالنسبة للإنسان البالغ، فهي تُعتبَر في
منظور علم النفس نوعًا من النكوص.
من
منظور علم النفس:
هو تعبير أدْخَلَه في ميدان علم النفس المرضي هـ.
إيليس في العام 1898، وأعاد فرويد
استعماله في العام 1910. وهو يعبِّر عن حالة
يصير فيها الشخص، أو جسمه، موضع حب ذاته. في
البداية، تصوَّرها فرويد مرحلةً انتقالية
بين ما أسماه بالشهوانية الذاتية (حيث تكفي
المناطق المهيِّجة في الجسم لتلبية ما يسمَّى
بـالليبيدو
– وهي الطاقة الحيوية الشبقية بذاتها التي
تتمثل فيها غريزة الحياة –، لكن حيث لم يعِ
الطفلُ ذاتَه بعد) ومرحلة الليبيدو
المُشَخْصَن (أي الذي تتحول فيه هذه الطاقة
وتتوجَّه نحو شخصية خارجية). ما يعني،
بالتالي، أن أهمية مفهوم النرجسية إنما يرتبط
بتشكُّل الأنا،
أو لنقل، بالوعي الكلِّي الذي يشكِّله الجسم
ويتعلق بمختلف نبضاته الجنسية.
بعد
فرويد، استعان ج.
لاكان بأسطورة نركيسوس ليبيِّن أن تشكُّل
الأنا المُشَخْصَنَة إنما
يرتبط بـ"مرحلة المرآة"، وهي تلك اللحظة
التي يُغرَم فيها الطفل بصورة ذاته عن طريق
ملاءمتها مع صورة سواه. أما لاغاش
فقد اعتقد بأن تشكُّل الذات المثالية إنما
ينبع من تلك المرحلة النرجسية، لأن تلك
الصورة المجملة للذات إنما تنبع من تلك
الرغبة التي تجعل الفرد يسعى إلى استعادة ما
يتصوره بوصفه الاستقلال الذاتي النرجسي (وهي
حالة مشروحة بإسهاب في رواية الأحمر
والأسود لستاندال، حيث يحاول بطل القصة
جوليان سوريل أن يتماهى مع شخصية الإمبراطور
نابوليون الأول). أما بعد العام 1920، عندما وضع فرويد
نظريته المتعلقة بالأداة النفسانية، فأدخل
مفهوم الأنا المثالي، فإننا
نجده يميز بين نرجسيتين: النرجسية الأولية
والنرجسية الثانوية، حيث الأولى (أي النرجسية
الأولية) هي تلك الحال التي يوظِّف الطفلُ
فيها طاقتَه الليبيدية كلَّها على ذاته،
فيتماهى مع شهوانيته الذاتية. ويسعى الطفل في
هذه المرحلة إلى استعادة حالته الرحمية
الداخلية، وهي حالة الخضوع الكامل والمنقطع
تمامًا عن العالم الخارجي الذي يجد بديلاً له
في النوم. بينما الثانية (أي النرجسية
الثانوية) تعبِّر عن تلك الحالة الدينامية من الليبيدو
التي تعود إلى ذاته، بعد أن تكون قد أشبعت
حبَّها من الأشياء الخارجية.
لكن
بعض المحلِّلين النفسانيين الفرويديين
الجُدُد، كميلاني كلاين،
يرفضون هذا المفهوم الفرويدي المتعلق
بالنرجسية الأولية، لأنهم يعتقدون بأن
التوجُّه نحو الخارج إنما يحصل منذ اللحظات
الأولى التي تلي الولادة؛ ما يحوِّل النرجسية
كمفهوم إلى مجرد عودة الحب إلى التوجُّه نحو
الذات بعد أن كان متوجِّهًا نحو الآخر.