معارك غير مسبوقة في حلب بين مقاتلي المعارضة والجيش السوري
2012-09-28
اشتباكات بين الجيش الحر والقوات الحكومية في مدينة حلب
حلب-
(ا ف ب): تشهد مدينة حلب السورية صباح الجمعة معارك غير مسبوقة منذ اندلاع
الاحتجاجات في سوريا في اذار/ مارس 2011، غداة اعلان مقاتلي المعارضة
اطلاق هجوم "حاسم" في ثاني كبرى المدن السورية.
وفي الوقت عينه، بدأت
القوات النظامية هجوما على احياء يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في شمال
العاصمة دمشق، فدمرت منازل ونفذت سلسلة اعتقالات، وفق المرصد السوري لحقوق
الانسان وناشطين.
وكما في كل يوم جمعة، يسير معارضو نظام بشار الاسد تظاهرات في مختلف
المناطق السورية تحت عنوان "جمعة توحيد كتائب الجيش السوري الحر" في اشارة
الى الخلافات الداخلية التي تنخر المعارضة السورية وتنامي ظهور الفصائل
المستقلة المتشددة.
ومساء الخميس، اندلعت المعارك العنيفة في حلب التي لم تتأثر كثيرا بالازمة
السورية قبل 20 تموز/ يوليو الفائت، بعد اعلان احد قادة مقاتلي المعارضة
اطلاق هجوم "حاسم".
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان لوكالة فرانس برس
ان "المعارك على نطاق غير مسبوق ولم تتوقف منذ الخميس" مضيفا انه "في
السابق كانت المواجهات تجري في شارع او شارعين من قطاع معين، لكنها تدور
الان على عدة جبهات".
وأكد مصدر عسكري ان معارك عنيفة اندلعت فجرا في احياء العرقوب وميسلون
(شرق) على مدى ساعات عدة. واشار المصدر الى ان مقاتلي المعارضة حاولوا
"مرات عدة" مساء الخميس ومن جبهات عدة اقتحام ساحة سعد الله الجابري وسط
المدينة الا انهم لم ينجحوا في ذلك.
كما افاد سكان في احياء بوسط المدينة يسيطر عليها النظام وكانت حتى الان
بمنأى من اعمال العنف مثل السليمانية وسيد علي، عن اطلاق نار "غير مسبوق".
وقال زياد (30 عاما) المقيم في السليمانية متحدثا لوكالة فرانس برس ان
"المواجهات لم تتوقف، وكذلك اطلاق النار، الجميع كان مذعورا. لم يسبق ان
سمعت ما يشبه ذلك من قبل".
وقال المرصد والسكان ان هذه الاحياء تعرضت لقصف بقذائف الهاون بكثافة غير مسبوقة من قبل مقاتلي المعارضة.
وقال احد السكان طالبا عدم كشف اسمه "هذه اول مرة ارى ذلك في السيد علي.
عادة نسمع طلقتين او ثلاث، لكن الامر هذه الليلة كان غير مسبوق".
واشار إلى ان قذيفة هاون ادت الى مقتل "اربعة اشخاص من عائلة واحدة في سيد
علي: رجل في ال70 من العمر، زوجان وطفلهما". واشار إلى أن السكان حاولوا
نقلهم الى المستشفى لكنهم كانوا قد فارقوا الحياة.
وروى الشاهد "كان المشهد مروعا في الشارع. الناس كانوا يهرعون نحو الموقع
الذي تعرض للقصف وحاولوا مساعدة الجرحى. كان ثمة اطفال وعائلات".
كذلك اشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى ان قذائف قتلت الخميس خمسة اشخاص في هذا الحي بينهم اربعة اطفال.
وقتل مدني الجمعة في قصف طال حي المرجة (جنوب شرق) بحسب المرصد.
كما تتعرض الاحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة شرقا لقصف متواصل منذ
الخميس من قبل القوات النظامية، على ما افاد مراسل وكالة فرانس برس.
وقال المراسل ان عمليات القصف في هذه المناطق يليها اطلاق نار بالاسلحة الرشاشة بشكل شبه متواصل.
وشاهد مراسل فرانس برس دخانا ابيض ناتجا عن القصف والمعارك يغطي المدينة الواقعة في شمال سوريا.
وفي تسجيل مصور تم نشره عبر موقع يوتيوب الخميس من جانب "كتيبة التوحيد"،
وهي ابرز كتائب المعارضة في المدينة، قال رجل مدني مزود باجهزة لاسلكية
"اليوم، الهجوم على جيش الاسد بدأ على كل الجبهات (...) معركة حلب ستكون
حاسمة".
واشار المرصد السوري لحقوق الانسان مساء الخميس إلى أن "مئات المقاتلين" المعارضين يشاركون في الهجوم.
ومنذ التقدم الكبير الذي حققوه نهاية تموز/ يوليو بعيد اندلاع المعارك في
العاصمة الاقتصادية للبلاد، لم ينفذ مقاتلو المعارضة اي عملية واسعة النطاق
في حلب خصوصا بسبب نقص العتاد بمواجهة القوة النارية لقوات النظام.
وبموازاة ذلك، في العاصمة دمشق، "تقوم القوات النظامية باقتحام احياء برزة
وجوبر والقابون" مع "قطع للطرق المؤدية للحي وعمليات دهم وتكسير للمنازل
واعتقالات طالت عددا من المواطنين في حي برزة" وفق المرصد.
ومن جهتها، تحدثت "الهيئة العامة للثورة السورية" التي تضم مجموعة ناشطين
معارضين، عن حملة امنية وعسكرية واسعة النطاق في هذه الاحياء، مشيرة الى
تعرض عدد من المنازل والمحال التجارية الى التدمير والنهب.
وكرر النظام السوري في مناسبات عدة انه قام "بتطهير" دمشق من "الارهابيين"،
وهي التسمية التي يطلقها على مقاتلي المعارضة، الا ان المعارك بين الجنود
النظاميين والمقاتلين المعارضين لم تتوقف على رغم التقدم العسكري لقوات
النظام.
وعلى هامش الجمعية العامة للامم المتحدة، طلبت الولايات المتحدة الخميس من
مجلس الامن "المحاولة مجددا" للتوصل الى اتفاق لانهاء النزاع الذي ادى الى
سقوط اكثر من 30 الف قتيل خلال 18 شهرا بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
ووفق متحدث باسم الامم المتحدة، اعرب كل من الامين العام للامم المتحدة بان
كي مون والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي والمبعوث الدولي لسوريا
الاخضر الابراهيمي الخميس، عن خشيتهم من تحول سوريا الى "ساحة معركة
اقليمية".
واشار المتحدث مارتن نيسركي إلى ان بان والعربي والابراهيمي اشاروا الى
"فظاعة انتهاكات حقوق الانسان المرتكبة من الحكومة والمعارضة" في سوريا
وطلبوا ان يسهم المانحون بشكل اكبر في العمليات الانسانية في سوريا ولفائدة
اللاجئين في بلدان الجوار.
وتوقعت الامم المتحدة ان يبلغ عدد اللاجئين السوريين الى دول الجوار 700
الف لاجئ بحلول نهاية العام 2012، كما زادت القيمة المطلوبة لسد حاجات
هؤلاء الى 487,9 ملايين دولار.
ووفق المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، فإن اكثر من 500 الف سوري هربوا من البلاد، 75% منهم نساء واطفال.
واعطى مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان الجمعة الضوء الاخضر لتمديد مهمة محققيه في سوريا منددا ب"تزايد المجازر" في هذا البلد.
ووافق المجلس بغالبية 41 صوتا مقابل رفض ثلاث دول هي روسيا والصين وكوبا
وامتناع ثلاث اخرى عن التصويت هي الهند واوغندا والفيليبين، على قرار قدمته
المجموعة العربية بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، ينص على
تمديد "مهمة اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق" حول سوريا ويطلب من الامين
العام للامم المتحدة بان كي مون امداد اللجنة ب"موارد اضافية ولا سيما
بشرية".