طارق الحميد
على الجميع أن لا يتوهم أي حلول دولية تجاه الملف السوري، سواء التدخل
العسكري من عدمه، أو زيادة المساعدات العسكرية للثوار، أو حتى التحرك
التركي العسكري، كما يجب أن لا ننتظر الكثير من اجتماع الجمعية العامة
للأمم المتحدة المنعقد الآن في نيويورك. علينا أن لا نتوهم أي شيء قبل
أربعين يوما من الآن!
لماذا؟ الإجابة بسيطة، فبعد أربعين يوما الانتخابات الرئاسية الأميركية،
وحينها سيعرف الجميع كيف ستكون البوصلة السياسية، سواء أعيد انتخاب الرئيس
الحالي باراك أوباما، أو كان الفائز القادم هو الجمهوري ميت رومني، وهو ما
سيترتب عليه الكثير. وبالطبع ليست القضية قضية هل سينجو الأسد حينها أم
لا، وإنما كيف سيكون التعامل معه، وبكافة الأصعدة، وخير من يعي هذا الأمر
هو طاغية دمشق، ولذا سمح بمؤتمر لمعارضة الداخل، وبات المتحدث باسم خارجية
الأسد يتحدث عن صعوبة الأوضاع، وأن الحوار هو الحل، ولنفس السبب نجد أن
وتيرة العنف، والكذب، من قبل النظام الأسدي قد زادت، فالأسد يسابق الوقت،
وتحديدا يسابق الأربعين يوما المتبقية على الانتخابات الأميركية.
هذا هو الواقع اليوم، ولن يغيره شيء إلا في حالة حدوث أمر ما على الأرض
من قبل الثوار السوريين يقلب المعادلة الحالية، أو أن يقوم نظام الأسد
بارتكاب عمل يهز المجتمع الدولي، الذي يبدو أنه لا يهتز أصلا أمام الجرائم
المرتكبة بحق السوريين وبشكل عجيب، أو أن الأمور ستتغير في حال طرأ جديد في
حالة الترقب، والتحفز، بين إسرائيل وإيران، عدا ذلك فإن أحدا غير مستعد،
أو قادر، على التحرك الآن حيال الملف السوري، والدليل أنه رغم كل المحاولات
الفرنسية لحلحلة الأوضاع، دبلوماسيا، وعسكريا، فإن المقترحات الفرنسية،
وأحيانا التركية، تجابه بتجاهل أميركي، فلا أحد في واشنطن يريد الإقدام على
أي عمل يعد مغامرة الآن أثناء السباق المحموم على البيت الأبيض. وكما
أسلفنا فإن أكثر من يعي هذا الأمر هو بشار الأسد وحلفاؤه، وتحديدا
الإيرانيين، وحتى الروس يعون ذلك، لكنهم يعون أيضا أنه في حال تمت إعادة
انتخاب أوباما رئيسا لفترة أخرى فإن ثمن رأس الأسد سيقل كثيرا عما قبل
الانتخابات، فحينها، أي بعد حسم ملف الانتخابات الأميركية، ستكون كل
الخيارات على الطاولة أمام أوباما الذي لن يقلق من عامل الوقت، ولا يحتاج
تجربة الأسد من جديد.
ورغم كل ما سبق فإن الواجب هو عدم التوقف، والانتظار فترة الأربعين
يوما، ومن قبل جميع أصدقاء سوريا، فالمفروض الآن هو مواصلة الدعم للثوار
السوريين بالمال والسلاح، ولسبب بسيط وهو أن النظام الأسدي لم ولن يتوقف عن
استخدام مزيد من العنف، كما أن إيران لن تتوقف عن دعمه عسكريا وماليا،
وبالتالي يجب تعزيز أوضاع الثوار السوريين على الأرض، وعدم السماح بتضعضعها
ولو لحظة، خصوصا أن الأسد هو من يحاول مستميتا استعادة السيطرة على الأرض.
هي أربعون يوما، لكن لا شك أنها ستكون بمثابة الأربعين عاما للسوريين،
لكن هذا هو الواقع، مهما صدر عن الأمم المتحدة بنيويورك، ومهما قال السيد
الأخضر الإبراهيمي!