الشيخ والفنانة والرجل الأخضر الإبراهيمي في 'المهمة المستحيلة'!
أحمد عمر
2012-09-26
مهم
أن ينجح الرجل الأخضر الإبراهيمي في 'المهمة المستحيلة' التي هي أشقى من
بلوغ الصين مشيا على الركب الجريحة. مهم أن ينجح الرجل الأخضر الإبراهيمي
في هذه الأيام النحسات التي تمطر فيها السماء براميل من البارود المتفجر
على سكان الشام التي توصف بالمباركة. صعب أن يجعل الرجل الأخضر طائرات
الناتو السوري تذرق الورد بدلا من الجمر على الشعب. المهم أن يقف
الإبراهيمي مع الحق فالوقوف مع الحق هو كل الشهادة وثلاثة أرباع النصر. مع
أن سماءه ممطرة وطريقه مسدود مسدود. يكفي أن يشخّص العلة ويصف لها الإكسير
الصحيح. وقد صرح تصريحات جريئة تجعله معارضا، وهو أن الإصلاح غير كاف، وان
التغيير لا بد منه مع أنه ليس من هيئة التنسيق التي تريد الحرية مع ثلاث
لاءات.
وكانت هيئة التنسيق الموقرة قد عقدت في 23- 9 -2012 مؤتمر 'صحارى
اثنين'، أو مؤتمر 'بقعة ضوء 10'، لأنه مؤتمر فقاعة ومؤتمر ممثلين وفنانين
فلن يأتي بثمرة وعسى أن يثمر. أتمنى لهيئة التنسيق (التنسيق في اللهجة
السورية الدارجة يعني الإقالة والتحنيط و'السكراب') النجاح والتوفيق.. في
الصين الشعبية.
التصريح الثاني ' لخادم الشعب السوري'، وهو لقب موفق
وكريم، تبرع به صاحبه الكريم على الشعب النازح في الداخل والخارج والنازف
في الداخل والخارج هو؛ أنّ الجرحى يتجنبون المستشفيات ويفضلون مثل خالد بن
وليد الموت على الفراش فلا نامت اعين الكاميرات التي تنقل اخبار الموت صباح
مساء. السؤال هو كيف سيستطيع الإبراهيمي الموازنة بين خيارين قاسيين وهما
'الحرية وبس' و'العبودية وبس'.
وكنا قد استمتعنا بفيلم من بطولته
وإنجيلينا جولي إلى مخيمات النازحين السوريين، سكوب بالآلام، لكني أظن وبعض
الظن إثم ، وبعضه الآخر من الكبائر، أن التغريبة السورية بدأت مع ثورة
الثامن من آذار في سنة 1963، وليس مع بداية الثورة السورية. والمغتربون في
الداخل أكثر غربة منهم في المخيمات والشتات والدياسبورا..
'الشيخ الهمام والفنانة الهام '
هذا
ليس عنوانا لفيلم درامي، الشيخ الذي وصف 'بالداعية' هو عبد الله بدر الذي
قال ما قال في فضائية الحافظ ودريم وغيرها، والفنانة هي الهام شاهين التي
وقفت إلى جانب حسني مبارك و'رسالة' الفن الخالدة. الاستنتاج الأهم من غزوة
الداعية عبد الله بدر الإعلامية على حصون الفنانات المحصنات الغافلات
المستورات العابدات الزاهدات البتولات، أنّ الناس في العالم المعاصر باتوا
يقارنون رسالة الفن برسالة الدين ويساوون بينهما! الدين وهو هنا الاسلام له
أركان وشريعة وعبادات وحلال وحرام، أما الفن فليس له أي ثوابت الا الجمال؟
وما يعتبر في أمريكا فنا قد يعتبر عندنا تهريفا. هجوم الشيخ ليس فيه حكمة
أو موعظة حسنة، وقد تكون بغيته الشهرة لا الحسنى، والرجل يهجم مثل البلدوزر
على زملائه من الدعاة أمثال عمرو خالد الذي شتمه قائلا على الهواء مباشرة:
ثكلتك أمك يا عمرو .. وهذا الصراط في الدعوة ليس حميدا إن لم يكن مرذولا.
فليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء. هناك نوعان من الدعاة
ثقيلان على القلوب: الدعاة الذين يبتسمون طوال الحصة الفضائية كأنهم مضيفو
طيران أو مروجو معاجين أسنان والنوع الثاني هو الذي يتطاير الشرر من عيونهم
وهم يبشرون بالويل والثبور والنار ذات الحرور...
رثاء حوت ابيض ...
عندما
يصاب كاتب السطور هذه بالإعياء والإنهاك والإسقربوط ومرض البربري من مشاهد
القتل في الأخبار ينزح إلى مخيمات الأفلام الوثائقية الغنية بالمعرفة، وقد
تابع بشغف فيلم إنقاذ الحوت لونا، وهو حوت ابيض يتيم وحيد نازح إلى خليج
لوتكاساوند 'في ظروف غامضة'، ووقع في عشق أهالي الخليج فبات لا يدع زورقا
أو باخرة إلا ولعب مع بحاريها وراكبيها دفعا او تقبيلا، لكن إدارة حماية
الثروة السمكية في الجزيرة حظرت على السكان اللعب معه حتى تصيبه بالإحباط
وتشجعه إلى العودة إلى أهله في المحيطات البعيدة، وفرضت غرامة مائة ألف
دولار لكل من يلمسه. أهل الجزيرة يبكون على الحوت الوديع، ويتحرقون شوقا
للمسه والتربيت عليه والتبرك به، وعملوا مظاهرات لمنع اعتقال الحوت وترحليه
برا إلى البحر المحيط، على شاحنة... وقد ذكرني الفيلم بحلقة من برنامج 'من
واشنطن' استطاعت فيه عائلة مسلمة انتزاع قانون يعيد إليها طفلها الذي أصبح
'قسا' في الثامنة والعشرين إلى حضانة أهله، وكلا البرنامجان ذكراني بخبر
من جنسهما أورده كاملا لطرافته وغرابته .الخبر أوردته مجلة روز اليوسف في
سنة 1995 يعكس الفساد في البر والبحر و.. النفس:
بدأت فصول هذه المأساة
إثر نزوح عائلة ألبانية مسلمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1971،
وافتتحت مطعماً ناجحاً في مدينة دالاس بولاية تكساس، وحصلت العائلة على
الجنسية الأمريكية. وفجأة تحولت حياة الأسرة إلى جحيم حينما تقدم أحد
الأمريكيين بشكوى إلى البوليس يتهم الأب بتقبيل أطفاله واحتضانهم عند
مفارقتهم على باب المدرسة في الصباح.وعند عودتهم إلى المنزل مع نهاية اليوم
الدراسي...وتحرك البوليس بالفعل وضبط الأب متلبساً بتقبيل أطفاله، وتقرر
اعتقاله على ذمة التحقيق واستدعي طبيبان متخصصان للكشف على الطفلة(4سنوات)
..واللذان أكدا براءة الأب من الاعتداء الجنسي على طفلته وأنها مازالت
عذراء، لكن طبيباً ثالثاً رجح في -آخر لحظة حدوث الاعتداء ظاهرياً(!!) أحيل
الأب إلى المحكمة التي استدعت الأم والأطفال للاستجواب،وشهدوا ببراءة الأب
وأن خطأه الوحيد حنانه وحبه ورعايته لهم !!. لكن المحكمة العجيبة لم تأبه
بشهادتهم ولا بقرار الطبيبين وأصدرت حكماً بالتفريق بين الأب وزوجته
وأطفاله، أي يعيش كلا الجانبين في حالة انفصال(!). لكن بعد فترة طويلة عاد
قلب الأب يخفق شوقاً وحناناً إلى رؤية أطفاله. ورتبت الأم لقاء بين الأب
وأطفاله. وفي اللحظة التي همّ فيها بالتعبير عن مشاعره تجاه أطفاله، اقتحم
البوليس المنزل وأحيل الأب والأم إلى المحاكمة التي انتهت إلى أن الأم
تفتقر للأمانة وأنها لا تستحق رعاية أطفالها، وإيداع الأطفال أحد الملاجئ
وعرضهم للتبني لمن يشاء حتى وقع الاختيار على أسرة مسيحية قامت بتغيير
ديانة الأطفال من الإسلام إلى المسيحية وإجبارهما على ارتياد الكنيسة.
أسوأ
أنواع التلوث هو الذي يصيب الفطرة البشرية، وكتاب كولن ولسون 'الإنسان
وقواه الخفية' رثاء للإنسان الذي ضحى بفطرته التي تراكم عليها الران
والجليد والصدأ.. أما النون الحنون لونا فقد قضى في حادث اصطدام 'سفينة
إنقاذ' عن عمر يناهز السنوات الست! يقودها إنسان من الغرب المتحضر العلماني
الذي يساوي بين الأديان. الغرب الذي استعاض عن الضمير والفطرة بقوانين
وحواسيب الكترونية و'علمانية شاملة'... ( إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً
جَهُولاً).
السؤال ماذا كنا سنفعل لو كان لجأ هذا النون اللطيف إلى
بلادنا الصحراوية: كنا سنربيه ونحتضنه ' كما كان أجدادنا يفعلون عندما كان
في البلاد أوقاف. أما حاليا، فليس للحوت إلا مصير واحد وهو شحنه إلى محيطات
بطوننا الجائعة 'مسقوفا' على الطريقة العراقية!!
كاتب من كوكب الأرض