** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 المرأة المضيئة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عزيزة
فريق العمـــــل *****
عزيزة


التوقيع : المرأة المضيئة 09072006-161548-3

عدد الرسائل : 1394

تاريخ التسجيل : 13/09/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

المرأة المضيئة Empty
25092012
مُساهمةالمرأة المضيئة

عباس باني حسن العتابي









المرأة المضيئة Thumbnail.php?file=abbas__612884327














الشخصيات:
المرأة المضيئة
نصيف جاسم
أبو لعيبي
أبو الحيّات
فتى أول
فتى ثاني
فتى ثالث
فتى رابع
فتاة أولى
فتاة ثانية
فتاة ثالثة
شرطي أول
شرطي ثاني
الوزير
الحاجب
قائد الشرطة
عدد غير محدد من الرجال والنساء

المشهد الأول: المرأة المضيئة


منظر ليلي، بين الغروب والظلمة، في غابة كثيفة الأشجار، تجتاز المنظر هيئة
مبهمة عائمة في الهواء لا هي بالماشية ولا هي بالطائرة وكأنها روح خفيف
يشع منها ضوء لطيف.

المشهد الثاني: بصيص النور

مجموعة من الأشخاص يعتلون سداً ترابياً وينظرون إلى العمق المظلم.
فتى أول: من تراه يبيت الليل في ظلمة الغابة...؟
فتى ثاني: الطيور والثعالب وبكل تأكيد...، أبو لعيبي حارس الغابة.
فتى أول: لا، ليس أكيداً، نحن نعرف أبو لعيبي جيداً، إنه ليس بحاجة إلى إخافتنا بهذه الطريقة، فصوته وجبروته يكفينا رعباً.
فتى ثاني: هذا بالنهار فكيف بالليل، كنت أمزح...
فتى ثالث: ثم أبو لعيبي لا يحب مفارقة أهله في الليل...
(ضحك جماعي)
فتى
رابع: منذ مدة وأنا أراقب بصيص الضوء هذا، فكلما تتقدم الليالي يقوى ويتسع
نوره، ثم العجيب في أمر هذا الضوء هو تنقله من مكان إلى آخر، إنه لا يثبت
على مكان واحد... أقصد كل ليلة في مكان مختلف.
فتى ثاني: يتحرك! هذا يعني هناك حياة.
فتى أول: متى بدأ ظهور هذا الضوء؟ هل منا من يتذكر بالضبط؟ أنت يا جمعة، أتعرف هذا؟
فتى رابع: لا أعرف بالضبط، ربما نصيّف جاسم يعرف ذلك... فهو يدخل الغابة يومياً...
فتى ثالث: من يستطيع استجواب نصيّف جاسم عن مغامراته المستوحشة...
فتى رابع: لماذا تقول ذلك؟
فتى ثالث: إنه فريد وحيد لا يقترب من أحد...
فتى أول: نعم هو هكذا يحب العزلة، شخصيته تختلف، لكن روحه منفتحة، إنه يحب الطبيعة والحياة ويهتم بمصير الناس.
فتى
رابع: ذهبت مع نصيّف جاسم يوم أمس إلى الغابة وفي ذهني مسألة واحدة، معرفة
مصدر هذه الضياء، فحصتُ أرضَ الغابةِ عندَ الأماكنِ التي أتى منها النور،
فلم أجد أثرَ نارٍ أو حياةٍ آدمية، صدقوني، حينها ارتعشَ جسدي خوفاً...
فتى أول: ربما كان مصباح متنقلاً وليس كانونَ نار...
فتى رابع: الحقيقة، لم أفكرْ بذلك...
فتى ثالث: هذا يغيرُ كلَ شيء.
فتى ثاني: من آخر غير أبو لعيبي يجرأ على فعل هذا...
فتى أول: أنت تتصور أبو لعيبي يتجول طول الليل، بيده مصباح في غابة يعرفها عن ظهر قلب؟ لا معنى لهذا الفعل...
فتى ثالث: يصطاد.
فتى رابع: ماذا يصطاد في الليل؟
فتى ثالث: الثعالب تخرج في الليل.
فتى أول: كلنا يعرف إن أبو لعيبي يحب الحيوانات ويعطف عليها، لا، إنه لا يجرأ على أذى الحيوانات، لكن...، لماذا يصطاد الثعالب؟
فتى ثالث: يصطادها للبيع. يبيع فروتها.
فتى رابع: كفى، هذا كلام زائد لا يعطي نتيجة مقنعة.
فتى أول: نعم، نحن لم نسمع ببيع وشراء فرو الثعالب في بغداد من قبل.
فتى ثاني: أنا متأكد إن نصيّف جاسم يعرف الشيء الكثير عن هذا الضوء المتجول في الغابة. الخبر اليقين تجدوه عند نصيّف جاسم.

المشهد الثالث: كشف السر

في الغابة في العصر قبل الغروب.
أبو لعيبي: (ينادي بصوت عالي وبنبرة آمرة) من هناك؟
نصيّف جاسم: السلام عليك يا أبو لعيبي...، أنا نصيّف بن جاسم. لم أراك هذا اليوم.
أبو
لعيبي: ها... نصيّف جاسم، أنت ما زلت هنا، كنت حسبتك غادرت المكان. وجدتك
نائماً القيلولة في الظلال الظليلة ولم أجرأ على إيقاظك.
نصيّف جاسم: عندي رغبة بالبقاء حتى غروب الشمس.
أبو لعيبي: هناك أشياء غريبة تحدث في الغابة. وأخاف أن يحدث لك مكروهاً.
نصيّف جاسم: أتقصد صاحبة الضياء الساحرة؟
أبو لعيبي: نعم.
نصيّف جاسم: هل رأيتها؟
أبو لعيبي: نعم...، من بعيد.
نصيّف جاسم: أرأيتها كما تراني؟
أبو
لعيبي: نعم، لا، من بعيد، كانت عندي رغبة بالاقتراب منها ولم أجرأ، خفت،
هيئتها غريبة عجيبة، تضيء الشجر مثل مصباح منير، مشعة مثل شمس النهار.
أتكلم عنها وأشعر كأني رأيت امرأة، رغم إني لا أدري ماذا رأيت.
نصيّف
جاسم: أنا أيضاً رأيتها ولكن لا أدري ماذا رأيت، إن كانت امرأة أم حورية أم
ربة قديمة...، إنها مضيئة مثل شعلة متأججة، مضيئة في الليل وشفافة في
النهار، خفية لا تبصرها العين، لقد شعرت اليوم بوجودها قريبة مني...
أبو لعيبي: متى رأيتها؟
نصيّف جاسم: اليوم بعد الظهر، كانت أمامي، شعرت بدفيء أنفاسها على وجهي وسمعت دقات قلبها كأنها تدعوني للعناق...
أبو
لعيبي: لا تنطق بذلك، لا تقل شيئاً من كل هذا لأحد. أرجوك يا نصيّف، نحن
لا نعرف شيئاً عن وجود هذه الكينونة ولا نعرف ما هي عواقب إشاعة وجودها في
الغابة...
نصيّف جاسم: أنا معك في هذا الرأي يا أبو لعيبي...ليكن هذا سراً بيننا.
أبو لعيبي: أنا أخاف العواقب...
نصيّف جاسم: نعم، إنها مشكلة...
أبو لعيبي: مصيبة كبيرة...
نصيّف جاسم: لا تقلق لذلك لن اخبر أحداً بهذا الموضوع.
أبو
لعيبي: لكن...، عيد البنات بعد غد وبنات بغداد يحتفلن كعادتهن في ظلال
الغابة، ماذا سيحدث؟ ما العمل؟ ماذا سأقول للناس؟ توجد في غابتكم، لا أعرف
ماذا، ربما عفريتة تتجول في الليل والنهار.
نصيّف جاسم: لا تقلق بهذا الشأن...
أبو لعيبي: وماذا لو علم الوالي ورجال الوالي من المخبرين والشرطة السرية؟؟ سيتهمونني بتدبير مؤامرة على السلطة والسلطان.
نصيّف جاسم: لا تقلق يا أبو لعيبي، لا تخاف، لن يعرف أحد بما يحدث هنا...
أبو لعيبي: ماذا سأقول لبنات بغداد...؟
نصيّف
جاسم: لا شيء، اتركهن يحتفلن في الغابة كالعادة...، أو...، ربما أن تقترح
عليهن الاحتفال هذه السنة في الجامع مثلما حدث في أيام سنة فيضان الغابة...
أبو لعيبي: نعم، لكن ليس من فيضان حتى أقول بهذا العذر...
نصيّف جاسم: سنجد عذراً آخراً، ربما تخويفهن من خطر ما...، مثلاً، كثرة الحيّات والأفاعي السوداء ذات الرؤوس الحديدية.
أبو
لعيبي: لا، لا، أنا لا أقوى على ذلك. ألا يكفي عداء الناس لهذه الحيّات
البريئة حتى أتهمهن بالخطورة والعداوة؟ فأزيد على كذبتي فعلاً سيئاً آخراً؟
نصيّف جاسم: اترك المسألة كما هي ...
أبو لعيبي: كيف؟ بدون حل؟
نصيّف
جاسم: أما السكوت أو منع البنات من دخول الغابة دون إعطائهن عذراً
معقولاً. أعتقد إن الناس بدأت تتساءل عن الضوء المتجول ليلاً في الغابة،
فلا تثير الشكوك حولها.

المشهد الرابع: صلاة البدوي

في أحدى ساحات بغداد في الزمن العثماني، مجموعة من الناس بينهم نصيّف جاسم وأولاد حارته،مجتمعين حول أبو الحيّات الذي يبدأ روايته.
أبو
الحيّات: ما شاء الله رب العالمين، الرحمن الرحيم، الذي جعل لنا في
البداية نهاية وفي النهاية بداية. وأرض عرضها جنتين وجنة عرضها أرضين، فيها
أخبار الأولين واللاحقين. اليوم يا أخوتي بالإنسانية لا أقص عليكم حكاية
السندباد البحري ولا حكاية الصياد والجني ولا أي حكاية أخرى من كتاب ألف
ليلة وليلة، إنما أقص عليكم حكاية عراقية سمعتها من أبي، حكاية صلاة البدوي
المتوحش.
فتى أول: يا سيد حاتم هل ترينا الحياّت بعد القصة؟
أبو الحيّات: إن شاء الله أريكم حيّاتي وأحكي لكم فائدة كل منها،. أما الآن فلكم حكاية صلاة البدوي، قال أبي:
((كان
في بغداد، شيخ عالم أراد السفر إلى بلاد الهند، فقطع المسافات الطويلة بين
بغداد والبصرة، متنقلاً من بادية مهجورة إلى بادية مأهولة، حتى وجد الشيخ
نفسه متعباً في وسط صحراء ليس فيها ما يتحرك سوى الرمال. وفي المساء عند
غروب الشمس، رأى نوراً قريبة، فتوجه الشيخ نحوها. استقبله رجل بدوي له هيئة
متوحشة لكن بوجه بشوش. قام الرجل البدوي بكل ترحاب الضيافة واستأنس به خير
استئناس، فكانت المائدة على فقرها تفيض بالنعمة. والكلام على قلته يفصح
بالطيبة. كان كلما حان وقت الصلاة يقوم البدوي، مشمراً عن ذراعيه، بحركات
مضحكة في ذات اليمين وذات الشمال، كأنه في عراك وخلاف مع كائنات خفية لا
تدركها الأبصار، فيمر وقت الصلاة والبدوي في حالة غريبة من التهديد والوعيد
والهذيان. أحتار الشيخ بوضع الرجل البدوي العجيب، لكنه صبر ولم يتكلم حتى
انتهاء ثلاثة أيام الضيافة. حينها لم يقدر الشيخ على السكوت طويلاً دون أن
يعرف ما بنفس هذا الإنسان، فسأل الشيخ البدوي قائلاً:
" عفوك يا أخا العرب، أرجو منك جواباً عما كنت تفعله كل يوم في وقت الصلاة. "
أجابه البدوي مستغرباً:
" أتسأل عن صلاتي؟ "
أندهش الشيخ وفتح عينه في فضول أكثر من السابق وقال:
" عفوك يا أخا العرب. أنا لا أعرف أصلاً لهذه الصلاة...، إلى أي من أديان الله ترجع صلاتك؟ "
أجاب البدوي بفخر:
" إلى دين الإسلام "
احتار الشيخ بهذا الجواب وقال متأنياً:
" لكني أعرف صلاة الإسلام على صورة أخرى "
قفز الرجل البدوي نحو الشيخ ومسكه من أطراف ثيابه وصرخ باكياً:
" بالله عليك يا شيخ الإسلام علمني صلاة الإسلام "
بقي
الشيخ ذاك اليوم يعلم البدوي صلاة الإسلام؛ خمس مرات في اليوم، ركعتين في
الفجر وأربعة وقت الظهر وأربعة وقت العصر وثلاثة وقت الغروب ثم أربعة في
العشاء. أخذ البدوي يصلي وراء الشيخ مسروراً حتى عرف صلاة الإسلام عن ظهر
قلب. وفي الصباح الباكر، بعد صلاة الفجر، ودع الشيخ الرجل البدوي واخذ
الطريق إلى البصرة، حيث البحر، فاستقل سفينة ذاهبة باتجاه الهند. أما
البدوي، فبعد أن ودع ضيفه رجع يعيش التوحش في وحدته. وبعد مرور عدة أيام،
أراد إقامة صلاة العصر فأخذته الحيرة، نسى كم ركعة يتوجب عليه وقت العصر.
راح البدوي يتبع أثرَ الشيخ حتى لحق به في عرض البحر. وصاح منادياً الشيخ
الذي على ظهر السفينة، عرف الشيخ صاحبه البدوي فقال متعجباً:
" ما الذي حدث يا أخا العرب؟ "
أجابه البدوي خجلاً:
" عذراً يا شيخ الإسلام. لقد نسيت كم ركعة يتوجب علي فعلها في صلات العصر أهي أربع أم اثنين أم ثلاث؟ "
احتار الشيخ من هذا السؤال وهو ينظر إلى البدوي في عرض البحر ثم أجابه قائلاً:
" أنس ما علمتك وارجع إلى صلاتك القديمة يا أخا العرب. "
فسأله البدوي مستغرباً:
" ما هذا الذي تقوله يا شيخ؟ "
أجابه الشيخ مبتسماً:
" انظر قدميك يا أخي!! أنك تمشي على الماء!! "))
انتهت الحكاية وفي النهاية بداية...، يدركها الصالحون.
رجل أول: (صائحاً بصوت غليظ عدواني النبرة) هذا كفر وإلحاد. هذا لا يجوز.
رجل ثاني: هذا لا يجوز أبداً. هذا اعتداء على الدين. أين الشرطة؟ أين السلطان؟
فتى أول: ما هذا يا ناس اتركوه يرينا الحيّات.
رجل أول: امسكوا بهذا الدجال، أين الشرطة؟
رجل ثاني: هؤلاء الكفار، أين الشرطة؟ إنهم يعتدون على الدين.
فتى ثاني: اتركوا الرجل يحكي لنا فوائد الحيّات.
نصيّف جاسم: جمع من الحمقى.
أبو الحيّات: أين الكفر في قصة رجل صالح أحبه الله، فمشى على الماء؟
نصيّف جاسم: لا تجادل. أهرب، لا تجادل. شرطة قرقوز لا تميّز الحق من الباطل.
أبو الحيّات: أليس الله يحب عباده الصالحين؟
نصيّف جاسم: لا تجادل الحمقى بالحق...، هؤلاء من رجال الشرطة السرية. هاهي الشرطة...، أهرب يا سيد.
(يحاول
أبو الحيّات الهرب، فيمسكه رجلا الشرطة السرية. يتدخل نصيّف جاسم في
معارضة للشرطة فيخلص أبو الحيّات من أيدي الشرطة، فيهرب الاثنان بمساعدة
أصحابه الذين وقفوا كجدار عائق.)

المشهد الخامس: عيد البنات

مجموعة من الفتيات بثياب زاهية أمام أبو لعيبي.
فتاة أولى: نحن نريد معرفة الأسباب، يا أبا لعيبي.
فتاة ثانية: إنه عيدنا وقد اعتدنا الاحتفال في الغابة.
فتاة أولى: ليس لطيفاً منك أن تمنعنا بدون سبب معقول.
فتاة ثالثة: ما الذي يحدث حقيقة بين الأشجار؟ ماذا تريد أن تخفيه علينا؟
فتاة أولى: الناس تتكلم عن امرأة مضيئة في الغابة، هل هذا صحيح؟
أبو لعيبي: الناس تتقول على كل شيء، بحق أو بدون حق.
فتاة ثانية: هذا ليس بجواب شاف، إن كانت هناك امرأة أو حورية فنحن بنات بغداد أولى أن نراها في يوم عيدنا هذا...
أبو لعيبي: أنا مسئول عن حماية هذه الغابة وعلى من يدخل فيها...
فتاة
ثانية: نحن نفهم ذلك، تخاف علينا من مكروه، هل لك أن تقول لنا ما طبيعة
هذا الخطر المكروه الذي يمنعنا من الاحتفال في هذا المكان؟
أبو لعيبي:
لا أقدر على أخباركم الآن، لأني لا أعرف شيئاً عما يحدث حقيقة، فأرجو أن
تؤجلن فرحتكن هذه السنة في الغابة وتحتفلن بإيوان الجامع.
فتاة أولى: هل هناك امرأة مضيئة، شبح يتجول في الغابة أم حيلة صنعتها لغرض في نفس يعقوب؟
فتاة ثالثة: نحن لا نسكت على هذا وسنرفع شكوانا إلى القاضي وأن لم يقضي لنا سنرفع شكوانا إلى السلطان.
فتاة ثانية: حارس الغابة ولا تعرف شيئاً عن امرأة تتجول وبيدها مشعل من نار...
فتاة ثالثة: ربما كانت ساحرة ملعونة.
فتاة أولى: أو مجنونة تريد إحراق الغابة.
فتاة ثالثة: أنت تخاف من امرأة مخبولة تنوي إحراق الشجر...
فتاة أولى: كيف؟ تحرق الشجر ولا تمنعها...، تمنعنا نحن بنات بغداد في يوم عيدنا؟
أبو لعيبي: ارفعن شكواكن للقاضي وأمري لله، لا أحد يدخل الغابة ما دمت أنا الحارس.
فتاة أولى: انتظر شكوانا يا أبا لعيبي.
أبو لعيبي: أتمنى لكنّ الخير والسعادة والهناء.

المشهد السادس: اللقاء

الغابة وقت الغروب، يقف نصيف جاسم في طرف من المنظر وفي المقابل امرأة الضوء.
نصيّف
جاسم: قفي بعيداً، ضيائك تفقد بصري وأنفاسك تأسر قلبي، ماذا تكونين عليه
من روعة التكوين؟ ومن تكونين بين هذا الخلق البديع؟ من أي أرض معطاءة أتيتِ
ومن أي سماء كريمة نزلتِ، ومن يغذي فيكِ نارَ الشوقِ المضيئةِ بالعشق
أجيبيني رحمَ اللهُ مَنْ جاءَ بكِ في هذه الدنيا. مَنْ أنتِ؟
المرأة
المضيئة: لستُ أدري، أنا من هذه الدنيا ومن تلك، شيءٌ من الأرض والماء
وشيءٌ من زرقة السماء، طعاميَّ الوجدُ وشرابيَّ الهيام. عاشقةٌ في ظلمةِ
الليل، مغرمةٌ في وضح النهار، لا أدركُ ما يحدث في جسدي، كأن شعلةً دافئةٌ
بالود، حنونة، تتفجرُ فيها أضواءُ النفس، تعصرُني حاجةً ثم اشتياقاً إليكَ،
أنتَ وليسَ غيرَك، إن في أعماقي روح تشتهيك، فاقبل إليّ، تقدم ولا تخف.
نصيّف
جاسم: (يقترب قليلا والمرأة تفعل مثله.) أحسُ إني وليد جديد، يغمرني الحب
بغربته، وجمال الخلق بسحره، فتأخذني الرغبة فيك وإليك...
المرأة المضيئة: غريبةُ القلبِ، حزينةُ الفؤادِ، وحيدةُ المأوى، أتفجرُ ضياءً مثل ربة محرومة. اقترب.
(يقتربان أكثر فأكثر دون أن يتلامسا فيكون الكلام مثل موسيقى يتم بها دورانهم على إيقاعها كما في رقص.)

المشهد السابع: الاستجواب


في الغابة. شرطيان في ملابس رسمية ومدنية، بينهم أبو لعيبي.
أبو لعيبي: ليس لي علم بما حدث، لا أعرف أبو الحيّات ولا أبو العقارب.
شرطي أول: نحن لا نريد بك شراً فقط أن تعلمنا بمكان نصيّف جاسم.
أبو لعيبي: ما علاقتي أنا بهذا الفتى؟
شرطي
ثاني: أبو لعيبي يا أبو لعيبي!! أنت وراء كل شيء، أخفيت نصيّف جاسم وتثير
الشكوك حول شبح مضيء تخيف به الناس والسلطان. ماذا؟ أهي بدعة جديدة لإزعاج
الدولة، شيء عجيب غريب يضيء الغابة في الليل ويلتهم الناس في النهار...،
أين هذا الشيء ليأتي الآن ليخيفنا؟
أبو لعيبي: لا علم لي بكل هذا؟ أنا
حارس الغابة، عملي هنا حماية الأشجار والحيوان من شرور الدنيا والطبيعة، لا
علم لي بما يقوله الناس في المدينة. أنا أيضاً أمثل الدولة في هذا المكان.
شرطي
أول: يا أبو لعيبي أنس ما يقوله زميلي وتكلم معي. نعم، كما تقول، أنت واحد
منا تمثل الدولة في هذه الغابة، فما عليك إلا مساعدتنا بالقبض على نصيّف
جاسم، نحن نعلم بوجوده في الغابة.
أبو لعيبي: الغابة صغيرة ويمكن تمشيطها بسهولة إن توجب ذلك...
شرطي
ثاني: لا، لا، ليس بهذه الطريقة، نحن شخصان وأنت الثالث، لا نستطيع فحص
الغابة بهذا العدد القليل، نحن بحاجة إلى عدد أكبر من الشرطة وإلى دليل.
وأنت تعرف الغابة... ستكون أنت الدليل.
شرطي ثاني: نعم، مناطق الماء والأحراش ممكن لها أن تخفي قطيعاً من الإبل، وأنت تعرف مكانها يا أبو لعيبي...
أبو لعيبي: لا علم لي بمكان نصيّف جاسم...
شرطي ثاني: وهل تخبرنا إن كنت تعرف مكانه أمْ لا ؟؟
أبو لعيبي: لا علم لي بمكانه...
شرطي أول: لم يجب على السؤال كما ينبغي، لا تريد أن تساعدنا في القبض على هذا المجرم.
أبو لعيبي: ما جرم هذا الفتى؟ ما فعله من سوء حتى صار مجرماً بأحكام الشرطة؟
شرطي ثاني: أنت تدافع عنه، اعترف الآن أين أخفيته.
أبو لعيبي: لا علم لي بمكانه.
شرطي أول: الجميع يعلم بهروب نصيّف جاسم إلى الغابة...
شرطي ثاني: نعم، الجميع...
شرطي أول: سألنا أمه وأبيه قالوا إنه في الغابة، سألنا الناس، أصحابه ورفاقه، قالوا لنا إنه في الغابة...
شرطي ثاني: نحن نعلم باختفائه عندك في الغابة ولا تريد الاعتراف بذلك.
أبو
لعيبي: ربما الجميع يعلم، ربما هو هنا، لكني لا أدري أين يختفي نصيّف
جاسم. وإنما أعرف إن الغابة تختفي فيه، إنه يعرف الغابة خيراً منا جميعاً،
كأنه طير من طيورها.
شرطي ثاني: أبو لعيبي يسخر منا.
شرطي أول: أبو
لعيبي يسخر منا ولا يهاب سلطة الشرطة، ربما هو لا يعلم أيضاً كيف نستطيع
إجباره على الاعتراف. أتسمعني يا أبو لعيبي...؟
شرطي ثاني: إنه يسمع ويعلم لكنه يعطيك أذنه الصماء.
أبو
لعيبي: يا أخوان، هذا وقت الغروب يقترب وأنا لا أنصح أحداً بالمكوث في
الغابة ابتداءً من هذه الساعة، فإذا كنتم مصرين على استجوابي فخذوني إلى
مركزكم أو إلى السجن.
شرطي أول: أبو لعيبي يريد تخويفنا. من أي شيء تريد تخويفنا يا أبو لعيبي؟
شرطي ثاني: ربما يريد تهديدنا، هذا كلام مبطن. إنك تهددنا يا أبو لعيبي...، بأي شيء تهددنا...
أبو
لعيبي: أعوذ بالله إن كنت أريد شيئاً مما تقولون. أنا لا أطلب سوى الرحمة
لنفسي ولكم. النصيحة لله، أن نخرج جميعاً من هذا المكان حالاً، فلا مضيعة
للوقت...
شرطي ثاني: أبو لعيبي، أنت تتآمر على السلطان...
أبو لعيبي: (يضحك) تهمة جاهزة.
شرطي ثاني: إيْ، نعم، تهمة جاهزة. وهناك تهمة جاهزة أخرى هي الخيانة...، وتهم جاهزة أخرى كثيرة، نلصقها بالناس وقت الحاجة.
أبو لعيبي: أنا أوافقكم على كل ما تطلبونه ولكن ليس الآن وليس في هذا المكان.
شرطي
أول: عجيب!! يريد إبعادنا بأي ثمن من هذا المكان، أتعتقد بأننا أغبياء إلى
هذا الحد المضحك يا أبو لعيبي، أنت تعلم أين يختفي نصيّف جاسم وربما أشخاص
آخرين مثله معادون للدولة، ها...، ألست على حق؟
شرطي ثاني: نعم، أنت على حق.
أبو لعيبي: حذرتكم يا أخواني وما عليّ إلا البلاغ المبين وأمري لله افعلوا ما تشاءون.
شرطي
أول: (يصفعه بشدة.) تهددنا يا قليل الطاعة، تحذرنا من ماذا؟ (يعاود الضرب
ولمدة أطول وينطق كلماته مع نفس إيقاع الضرب.) تهدد ... وتحذر. هددتك أنا
ولم يفدك التهديد وحذرك صاحبي ولم ينفعك التحذير.
شرطي ثاني: توقف. السلطان يريده حياً...
شرطي أول: اتركني أخنق هذا الكذاب ناكر النعمة.
شرطي ثاني: تكلم يا أبو لعيبي قبل فوات الأوان.
أبو لعيبي: أنا أخاف عليكم من هذه الضياء. انظروا. هذا هو الكوكب المنير الذي حذرتكم منه...
(تنبثق حزم متلألئة مضيئة من بين ثنايا عتمة الغابة تحيط بامرأة مضيئة، فتمر بين الأشخاص الموجودين في الغابة.)

المشهد الثامن: غضب السلطان

في القصر، الوزير مع اثنين من أتباعه. الحاجب وقائد الشرطة.
الوزير: عفريتة تتجول في الغابة؟
قائد الشرطة: ليس هذا بالضبط...
الوزير: ما تكن؟ أضبط كلامك، شبح أمْ ضوء يتجول بين الأشجار؟
قائد
الشرطة: لا أحد يعرف حقيقة هذا الشيء. الناس تتقول دون دراية، تبالغ وتضيف
أشياءً من عندها، كل منهم يضيف مخاوفه الشخصية. وأغلب مخاوفهم مضحكة وغبية
تعبر عن سذاجة.
الحاجب: هل أستطيع أن أسأل قائد الشرطة يا سعادة الباشا؟
الوزير: نعم، قل ما عندك.
الحاجب:
أين رجال الشرطة الذين تحروا بالغابة عن وجود المجرمين؟ ربما عرفوا ما
يحدث في الغابة. أنا سمعت أنهم حققوا مع حارس الغابة الذي اعترف بقيادته
مؤامرة ضد الوزير وان المتآمرين يتخذون الغابة مقراً لهم.
الوزير: أنت تعرف كل هذا ولم تخبرني بشيء؟
الحاجب: أنا سمعتُ يا سعادةَ الباشا، إنها أخبارٌ غيرَ مؤكدة، شائعات...، أرى إنّ على قائد الشرطة أنْ يخبرك بذلك.
قائد الشرطة: لا توجد مؤامرة يا سعادة الباشا...
الوزير: كيف لا؟ أسمعت؟ إن المتآمرين يتخذون الغابة مقراً لهم، فهناك مؤامرة بكل تأكيد.
قائد الشرطة: هذا ما يقوله المتقولون، ليس من مؤامرة. لقد سمع الناس خبر المؤامرة من هذيان رجل مخبول...،
الوزير: كيف؟ اشرح لي، قدم لي توضيحك.
قائد
الشرطة: بعد التحريات للمرة الثانية، وجد رجالنا امرأة عجوزاً ترعى عنزة
سوداء، هي أم شالوب الكرادي الذي يزرع الخضرة في الأرض المحاذية وراء
الغابة، لم ترى هذه العجوز شيئاً مضيئاً لا في النهار ولا في الليل. إنها
شائعات لا طائل تحتها.
الحاجب: أين حارس الغابة؟
الوزير: سبقتني بالكلام يا حاجب.
الحاجب: عفو سيدي سعادة الباشا.
الوزير: أين حارس الغابة؟
قائد الشرطة: لا أحد يعلم يا سعادة الباشا.
الحاجب: إنه اختفى بين الأشجار، البعض يتندر ويقول، إنه تحول إلى شجرة. وهذا شيء محال. أليس كذلك؟
الوزير:
أيّ دولة أحكم؟ لا احد يعلم فيما إذا كانت هناك مؤامرة، أو مكان مدبر
المؤامرة. لكن...، لا بأس، نحن نعلم إنهم في الغابة. وهذا يكفي.
قائد الشرطة: لا توجد مؤامرة، إنها مجرد شائعات لا أساس لها.
الوزير: الأساس موجود، كيف يختفي الحارس بصورة شجرة؟ أين رجال الشرطة الذين حققوا مع حارس الغابة قائد المؤامرة؟
قائد الشرطة: أنهينا خدمتهم.
الوزير: هذا جواب أعوج، غير معقول. كيف ولماذا؟
قائد الشرطة: أنهم لا يصلحون للخدمة، لقد فقدوا رشدهم، أصبح الواحد منهم أما مسلوب البال أو مخبولاً.
الوزير: (يضحك) كيف استطعت التميز بين حالتهم؟ وهل هذا يختلف عن ذاك؟
قائد الشرطة: نعم، حالتهم مختلفة يا سعادة الباشا.
الوزير: أريد رؤيتهم هنا.
قائد الشرطة: هذا لا يصلح يا سعادة الباشا.
الوزير: كيف؟ أترفض أمري؟
قائد الشرطة: عفو سعادة الباشا، أنهم لا يصلحون لهذا المكان.
الوزير: أريد منك إحضارهم بأسرع وقت.

المشهد التاسع: الشجرة المثمرة



في الغابة، عند شجرة مثمرة بديعة المنظر ألوانها وثمارها مختلفة الطبائع
فهي تحمل التفاح والبرتقال والخوخ والكمثرى وثمار أخرى، تنتشر حول هذه
الشجرة الفردوسية مجموعة من الفتيات في ثياب زاهية.
فتاة أولى: ثمار في الغابة!!
فتاة ثانية: شجرة مثمرة!!
فتاة ثالثة: هذا سر من الأسرار، سر من أسرار أبو لعيبي.
فتاة أولى: أين أبو لعيبي، ليأتِ ويرى...دخلنا الغابة رغم منعه.
فتاة ثانية: اكتشفنا سر من أسراره.
فتاة ثالثة: كان يقصد منعنا من رؤية هذه الشجرة.
فتاة أولى: عجيب!! شجرة مثمرة؟
فتاة ثانية: إنه كان يريد ثمارها له فقط، لا يريد شركتنا...
فتاة أولى: يا فضيحتك يا أبو لعيبي...
فتاة ثالثة: لم تكن هذه الشجرة موجودة هنا في العام الماضي.
فتاة ثانية: نعم لا يعقل أن تنبت وتكبر في سنة واحدة.
فتاة
أولى: لا، بكل تأكيد، لا يمكن لشجرة مثمرة بهذا الحجم أن تبلغ في مدة سنة
واحدة. أنا متأكدة الآن إنه أخفاها عنا كل هذه السنين، كنت أشك بشيء من
هذا...
فتاة ثالثة: لكن، ما نوع هذه الشجرة...؟؟
فتاة ثانية: شجرة تفاح.
فتاة أولى: (تضحك) لا، إنها شجرة برتقال.
فتاة ثالثة: لا هذا ولا ذاك أنها شجرة تين!!
فتاة ثانية: كيف يكون ذلك!! أنها شجرة تفاح وكمثرى!!
فتاة أولى: خوخ وبرتقال، تفاح وكمثرى وتين وفاكهة أخرى لا نعرف صنفها. ما هذه الشجرة؟
فتاة ثالثة: كان يمنعنا من رؤية ذلك.
فتاة أولى: ربما هي نوع جديد من الأشجار.
فتاة ثانية: هذه الفراشات وهذه الطيور التي حولها، لم أرى مثلها في حياتي من قبل، لا في هذه الغابة ولا في حدائق بغداد.
فتاة ثالثة: ربما هناك علاقة بين ما نراه في هذه الشجرة وما نسمعه عن المرأة المضيئة.
فتاة ثانية : من يقول إنها امرأة؟ من رآها لحد الآن؟
فتاة أولى: ربما كانت عفريتة من أهل النار، جنية في قرون ومخالب وعيون تقدح شراراً.
فتاة ثانية: أنت على حق، شجرة تفاح تثمر برتقالاُ وخوخاً وتيناً وفي فصل واحد، لابد أن تكون من أفعال السحر.
فتاة ثالثة: أتعتقدين إن أبو لعيبي ساحراً؟
فتاة أولى: هذا يوضح كل شيء، الضوء المتجول في ليل الغابة وهذه الشجرة المسحورة. وعفريتة بأضراس قاطعة...
فتاة ثالثة: لابد من إخبار الناس والسلطان بحقيقة هذا الساحر الدجال وأفعاله المشينة.
فتاة ثانية: قبل أن نخبر الناس والسلطان بهذه الشجرة أريد أن آخذ شيئاً من ثمارها، أما الآن فأنا اشتهي أن أتذوق هذه الخوخة.
فتاة أولى: عندك حق، نستغل الفرصة ونقطف منها الآن قبل أن يمنع السلطان ثمارها علينا، أنا أشتهي هذه البرتقالة وهذه التينة.
فتاة ثالثة: أنا اشتهي هذه التفاحة وهذه التي لا أعرفه صنفها.
فتاة ثانية: عجيب!! الثمرة تنبت في الغصن حالما أقطفها.
فتاة أولى: الشيء نفسه يحدث في هذا الغصن.
فتاة ثالثة: إنها تخرج ثمارها حال قطفها، أي قدرة وأي سحر هذا؟
فتاة ثانية: إنها حلوة المذاق، لطيفة الطعم، لم أذق مثلها في حياتي أبداً.
فتاة أولى: آه...، لا أفهم ما يحدث في بطني!!
فتاة ثالثة: أنا كذلك، شيء غريب يتحرك في أحشائي.
فتاة ثانية: آه، كبدي، قلبي، ظهري...، ما الذي يحدث لنا؟
فتاة أولى: هذه شجرة شيطانية مسحورة.
فتاة ثالثة: وقعنا في مصيبة لا مصيبة بعدها، أنا اشعر إن كائناً حي يتحرك في داخلي، أشعر أني حبلى...
فتاة ثانية: يا فضيحتي. أنا أشعر مثلك بحالة الحمل.
فتاة أولى: نحن حوامل بسبب ثمار هذه الشجرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

المرأة المضيئة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

المرأة المضيئة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: