** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 عشق في زمن أغبر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عزيزة
فريق العمـــــل *****
عزيزة


التوقيع : عشق في زمن أغبر 09072006-161548-3

عدد الرسائل : 1394

تاريخ التسجيل : 13/09/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

عشق في زمن أغبر Empty
25092012
مُساهمةعشق في زمن أغبر

عباس باني حسن العتابي









عشق في زمن أغبر Thumbnail.php?file=abas_bani_hasan_301456374














الشخصيات:
الراوي
لورانس
سعودة
جيوني الشنيع؛ الشيخ حسن
البدين
الوسيم
حاتم أبو الحيّات
أهل سعودة؛ امرأة
امرأة ثانية
الفتى
رجل أول
رجل ثاني
رجل ثالث
رجل رابع
رجال ونساء في عدد غير محدود
جوقة النساء
الحيّات الثلاثة

المشهد الأول (الراوي)
(ظلام،
ضوضاء غير واضحة من أصوات عامة لحركة مرور وأصوات باعة وعربات، ينقشع
الظلام شيئاً فشيئاً فيتقدم الراوي وتبقى زوجته لورنس في مكان من جانب غير
محدد من المسرح مع شخصيات المشهد؛ رعاع الفرهود، وأفراد عائلة الراوي. يرفع
الراوي كلتا ذراعيه في حركة آمرة يريد بها قطع مصدر صوت الضوضاء)

الراوي:
أحييكم وأقدم لكم نفسي، أنا الراوي، مدوّن هذه القصة، التي بدأت وتمت
أحداثها مباشرة بعد سقوط حكم البعث وسلطة صدام على يد الأمريكان وإعلان
الاحتلال للعراق وانتهاء أحداث النهب...

(شخص يحمل جهاز حاسوب على كتفه ويقطع المشهد ماشياً بهدوء)
شخص أول: فرهود
شخص ثاني: فرهود
الراوي:
(ينظر بتعجب وغرابة إلى الشخص ويتكلم كمن يلوك كلماته) فرهود، الفرهود
الجماهيري لممتلكات الدولة. أسباب الفرهود؟ يدرك الجميع مدى عدوانية الفرد
العراقي للدولة أو للحكومة، أقول الفرد وليس المواطن، إذ ليس من معنى
للمواطنة في العراق فلا الدولة تدعم معنى المواطنة ولا الفرد شاعر بهذه
المواطنة، كما أن العراقي لا يفرق بين الحكومة والدولة أو بعض الأحيان
العشيرة، هذا كلام يطول، المهم، إن أحداث نهب ممتلكات الدولة...

(يمر شخص ثاني وثالث يحملون حاجات مسروقة)
الراوي:
(ينظر إليهم بحيرة ويلوك كلماته) الفرهود الجماهيري، هو السبب في تدويني
أحداث هذه القصة وسبب رجوعي للعراق بعد غياب طويل تجاوز الخمسة وعشرين
عاماً. الحقيقة، لم أكن أنوي الرجوع إلى الوطن، لكنّ لورانس زوجتي
الفرنسية، التي هناك...

(يشير
إلى لورنس في جانب من المسرح. تتحرك لورنس من حين لآخر على المسرح في
مسافات واتجاهات مدروسة كمن يتجول متمعناً في قاعة لعرض الصور الفنية)

لورنس: يتكلم عني...
الراوي: قامت قائمتها، أرادت، بكل الأعذار، السفر إلى العراق، قالت:
لورنس: " أريد معرفة العراق، أريد معرفة عائلتي العراقية، أنا مشتاقة لعائلة زوجي الحبيب، إنها فرصة نادرة أزور بها العراق. "
الراوي:
فرصة نادرة. كل هذه الأعذار صادقة، لكني كنت أعرف في أعماق نفسي، إن
أعذارها كانت من أجل تحقيق أمنية قديمة، لم تأتِ على ذكرها صراحة، كنت أعرف
ما بنفسها منذ اليوم الأول من معرفتي بها وتعلقها بي، كانت تكلمني كثيراً
عن بساط الريح، في المداعبة وفي الجد، قبل النوم وأثناء النهار، تقول:

لورنس: " خذني معك إلى بغداد من أجل العثور على بساط الريح. "
الراوي:
كنت أضحك وأقبل مداعباتها حباً، حتى تحول كلامها إلى جد، فقلت لنفسي حينها
متشككا: " ربما زوجتي تميل إلى البلاهة أو ربما كانت معتوهة."

لورنس: كنت أدري ما يعتقد...
الراوي: لكن حبي لها منعني أن أتصورها كذلك...
لورنس: كنت أدري...
الراوي:
فمنذ ذلك الحين اهتممت بالاستماع إلى أحاديثها عن بساط الريح وهي حكايات
غريبة لم أسمع مثلها عند الناس أو في كتابات الخرافات القديمة، حكاياتها لا
تعتمد على الحدث القصصي وإنما على سرد مجموعة من الأسرار المتشابكة، لا
يمكن فهمها أو إدراك معانيها إلا بجمعها ورؤيتها في كل واحد، مثل معادلة
رياضية، حيث تعني إن بساط الريح له من القدرات السحرية العظيمة التي تشبه
القدرات الإلهية، فمن يمتلكها يسيطر على العالم كله... أصرح لكم بالحقيقة،
رغم قبولي بدعم مشروعها بالبحث عن بساط الريح، كنت أشك بواقعية العثور على
شيء من هذا القبيل حتى دخلت بيت أهلي في بغداد وعانقت أفراد عائلتي واحدا ً
واحداً وبدأت أستمع إلى هذا العالم القديم الجديد الذي غبت عنه خمسة
وعشرون سنة، أحدهم قال، وهو الأكثر معرفة وتجربة وأكثر قوة في التعبير:

أحدهم:
نعم كان في أمرة صدام حسين ثلاثة من الجن يفعلون له ما يشاء من قوة وبطش،
فقد كان يطلب من الأول منهم أن يذهب ويستعلم بما في نفوس الناس ويخبره
بالحال عمن يعاديه فيبطش به فوراً، كان يطلب من الشيطانينِ الآخرَيْنِ
التجسس على أصحابه وعلى فعل أعمال السحر بشتى الأمور، حتى دام له حكم
العراق كل هذه السنين العجاف.

الراوي: كان أفراد عائلتي يوافقونه على جميع الكلام وكنت كلما ترجمت جملة لزوجتي الفرنسية لورانس تقول بالعربية:
لورنس: " أفهم.. أفهم !! "
الراوي:
كنت أحتار معها كلما قالت أفهم وبالعربية الفصحى، نعم، كانت زوجتي قد
تعلمت العربية قديما لكني ما كنت أعرف هذه الفصاحة التي تفجرت عندها منذ
وصولنا إلى العراق. كان أفراد عائلتي، الأخوة والأخوات وأزواجهم وأولادهم
ينظرون إلي بعطف كبير كمن فقد شيئاً عزيزاً على نفسه، ربما كان بسبب
اندهاشي وحيرتي بين حكاياتهم وبين اهتمام زوجتي لورنس بموضوع الجن
والعفاريت وقصص العرافين ومفسري الأحلام، التي رأيتُ بعضها على أحدى
القنوات العربية، فكلما انتهى أحدهم من قصته العجيبة يستلم الكلامَ شخصٌ
آخرٌ في قصةٍ جديدةٍ تعجزُ عن تصورِها الأذهان، كانت القصص لا تخلو من
مشاهدِ القسوةِ والعنف، فالموت العنيف كان أساس الحدث والأشلاء المبتورة
وسلطة الموتى على أحداث اليوميات في تفسير الأحلام هو المعمول به، استمعت
إليهم حتى تفطر صدري جزعاً، قال أحسنهم تعبيراً:

أحدهم: " الجن والشياطين موجودة في كل الأديان، الوثنية منها والسماوية، فلا غرابة في ذلك "
الراوي: وهمستْ زوجتي بين الأجساد المكتظة حولنا بالإيجاب قالتْ:
لورنس: " نعم، هذا صحيح... "
الراوي:
كان الجميع ينظر إليها وكأنها من أفراد العائلة وكأنهم يعرفونها منذ
الأزل، أو كانت أم لبعضهم، لم أستغرب هذا الشعور نحو زوجتي لورنس، فهي كانت
حقا كذلك أينما ذهبت وفي أي مجتمع دخلت، فإن لها من السحر من التأثير
العجيب على النفوس، بما لا يصدقه العقل وكلما أفكر بذلك، أعني كلما رأيت
تأثيرها عليّ، أقول مع نفسي هذا ليس واقعاً وإنما أضغاث أحلام...

لورنس: إنه يتكلم عني...
الراوي:
فمرة أراها مثل حورية من حوريات السماءِ ومرة تشبهُ بجمالِها فتاةٌ
أحْبَبْتُها تشبهُ (جينا لولو بريجيدا) أو فتاة أخرى أحبَّها قلبي تشبهُ
(سعاد عبد الرزاق)...

لورنس: صاحبة أول قبلة على خشبة المسرح في العراق...، كان يخبرني بكل شيء.
الراوي:
من يتذكّرْ، في هذا الزمن الأغبر، فلان وفلان من الذين تركوا ذكرى جميلة
في نفوس الناس؟ لا بأس... حين أكون معها في ليالي الشتاءِ القارصةِ، تطفو
أمامي في فضاءِ الغرفةِ وتشعُ مثلَ عشتار البابلية في قبةِ السماءِ، مثل
شمس عراقية، فتُعْمي بصري ويُغْمى عليّ، فكلما نظرتُ إليها وتأملتُ
طبيعَتََها أقولُ لنفسي لعلَّ امرأتي لورنس هي عشتار المبجلة نفسها وقدْ
جمعتْ في شخصِها كلّ نساءَ الدنيا. منذ دخولنا بغداد، لم تهدأ نفسها، تريد
رؤية المدينة، فتأخذني معها في كل زيارةٍ، حتى تعبت روحي وملتْ نفسي من
الحركة، فحينَ أعترضُ وأتكاسل، تذهبُ وحدها لزيارةِ بغداد. ها... انظروا،
ماذا أقول لكم ؟ هاهي ترتفعُ... ذهبتْ تشرقُ على أرضٍ أخرى.

(ترتفع لورنس في فضاء المسرح طائرة حتى تختفي، فيظلم المسرح شيئاً فشيئاً)

المشهد الثاني (سعودة تغني)
(سعودة
تحيك بساطاً عظيماً يكون بينها وبين الجمهور. تظهر سعودة بزي عراقي أسود
مع فتيات عديدات لهن نفس الملبس، تكون الفتيات في الصورة الخلفية من موقع
سعودة التي تتصدر مقدمة المسرح، تكون مجموعة الفتيات بمثابة انعكاس وامتداد
لشخصية سعودة وبمثابة (الجوقة) تردد ما تفعله سعودة من حركات فقط، وفي بعض
الحالات الخاصة تعبر بعضهن معاً بالكلام عما تشعر به الشخصية الرئيسة، أي
سعودة وفي أحيان كثيرة تتحرك الجوقة كرد فعل داخلي لما ينتاب سعودة من
مشاعر قاسية، مثل ترجمة شكلية أو مسرحية للحدث الداخلي للشخصية الرئيسة)

سعودة: (تغني) يا حبيبي يا حبيبي.

المشهد الثالث (سعودة والشيخ حسن)
(سعودة
في مشغل الحياكة، جوقة البنات في الثياب السوداء ورائها تعمل مقلدة
حركاتها كما في المشهد السابق، يدخل الشيخ حسن يدب دبيباً في مشيته
العادية، يقطع المشهد ذهاباً وإياباً في اتجاهات دائرية غير منتظمة وليس
لها من هدف واضح)

الشيخ
حسن: أنا فرحٌ، أنا فرحٌ...، فرحٌ، الزبائنُ كثيرةٌ والإنتاج كثير والمال
وفير والسوق عامرة والطلب عندَ الأبوابِ والقلب ينبئُ بالخيرِ والروح تنشدُ
السعادةَ .. (يتوقف الشيخ عند سعودة) أنا عاشقٌ...، أنا عاشقٌ يا سعودةَ.

سعودة: أتمنى لكَ دوامَ السعادةِ وحياة كلُها أفراح.
الشيخ حسن: أنا أعشقُ إنسية رائعةَ الحسنِ والجمالِ..، ألا تسأليني مَنْ تكون ومنْ أينَ هي؟

سعودة:
وما عِلاقتي بشؤونِكَ الشخصيةِ حتى أتسائلُ عَنْ أسْبابِ أفراحِكَ
المُفاجَئةِ. كلُ ما بيني وبينَكَ يا شيخَ حسنَ هوَ هذهِ الأقمشةُ وهذهِ
البسطُ فلا تُمَنْيَّ النفسَ بشيءٍ آخرٍ.

الشيخ
حسن: آه...، أنتِ تعرِفينَ مُرادي، تَدْرُكينَ ما بِقَلبي وتَشيحينَ
بِنفسِكِ نحوَ كائنٍ آخر، مجهول الهُوية، لا اسمَ ولا صورةَ له. ترفضينَ
حسن الطالعِ والعيشِ الرغدِ وكسبِ الملذاتِ، إنمّا العيش إلا رغبات هذا
الجسد الفاني. بأي شيء تُمنينَ النفسَ يا سعودة؟ أريدُ الزواجَ مِنْكِ ولا
أريدهُ مِنْ غَيْرِك.

سعودة: وأنا لا أريدهُ مِْنك، يا شيخ حسن بن عبيد.
الشيخ
حسن: لا تستعجلينَ بالردِ، فأنتِ لا تُقَدِّرينَ، حتى الآنَ، حجمَ
استعدادي بتحقيقِ ما تَحْلَمينَ به. على سبيلِ المثال، سيكونُ هذا المشغلَ
لكِ، باسمِكِ، سيكونُ ملكٌ لكِ، تَعملينَ بهِ ما تشائينَ مِنْ أقْمِشةٍ
وبِسِطٍ، تُعيلينَ بِهِ أهْلَكِ وأحبابَك، تمنحيهم فرصةً نادرةً بالتخلصِ
مِنْ حالةِ الفقرِ والعوزِ إلى أبدَ الآبدين.

سعودة:
أنتَ تجهلُ ما تريدُ يا شيخَ حسن، الزواجُ مشروعٌ مِنْ أجلِ الحياة، وليس
أداة للاستعباد، أنتَ لا تستطيعُ تشغيلَ هذا المشغل بدون خبرة هاتين
اليدين.

الشيخ
حسن: لمْ تفهمي قصدي يا سعودة، أنا ابتغي إسْعادَكِ، ثم فكري بأحبابِكِ،
إنَّ بيتَهمُ أوهنُ مِنْ بيتِ العنكبوتِ، لا يقدرُ الواحدُ مِنْهمُ على
مليءِ بطنَهُ مِنْ دونَ مساعدةِ الأممِ المتحدة، أو من خيراتِ يدَيك، أعني
مجهودُك في هذا المشغل، تزوجيني وسيكونُ العالمُ بينَ يديك، إنْ لمْ يكنْ
تحتَ قدميك. أنا قادرٌ على تحقيقِ الأماني وكلَّ ما تشتهيهُ النفس.

سعودة:
نعم، ما تشتهيه نفسك، يا شيخَ حسن، أنا أعرفك، خَبَرْتُكَ كل هذه السنين،
ما هو مرامك في هذا التغيير المفاجئ، أشعر بأن هناك مصلحة شخصية خطيرة أكون
فيها الضحية الأولى، أفصِحْ عن رغبتِكَ الحقيقية عن سبب هذا التغيير، بدون
لف ولا دوران.

الشيخ حسن: لقد ذكرتُ لَََكِ ما أبتغي، أنا أريدُ الزواجَ ولمْ أجدْ خيراً منكِ خليلة للعمر...
سعودة:
لا تماطل، أنا أعرف بأنك لا تهتم بمشروع الحياة وما عندك تقديراً للخلة
والصداقة، أما الحب فلا مكان له في قلبك، إن وجد في صدرك قلباً.

الشيخ
حسن: أنت قاسية معي، مخطئة بحقي، فمن أجل إثبات براءتي وطيبة قلبي وحقيقة
رغبتي بالتقرب منك، أهدي لك هذا الخاتم الثمين عربوناً... هدية، ستكون
فاتحة لعلاقة جديدة مختلفة بيننا. خذيه وساترك لك الوقت الكافي بالتفكير
بطلبي...

سعودة:
أ يكون هذا الخاتم الخطوة الأولى أم النهائية في عبوديتي؟ احتفظ بخاتمك
الرهيب هذا حتى مناسبة أخرى أتمنى لك بها كل السعادة يا شيخ حسن...

الشيخ
حسن: كلام شجاع ولطيف، لكنه غير مسئول، أنتِ لا تُقَدِّرينَ طيبتي معَكِ،
رُبمّا تُفضلينَ القسوةَ مِنء جانبي، سأقطعُ كلَّ مساعدةٍ عَنْ أهلِكِ
وأحبابِكِ الجياعِ، وسأرمي واحدهم تلو الآخرَ على قارعةِ الطريقِ،
سأجعلُهمُ كعصفٍ مأكولٍ، يرغبونً بالموتِ خلاصاً مِنَ العذابِ الرهيبِ الذي
سيملأ أحشائَهم جوعاً ومرضاً، عذاب الحاجة والطلب والسؤال... ماذا تفضلين
بعد؟ أتفضلين أن أنشر بينهم النميمة والشك والحقد الدفين ودوافع الجريمة
والقتل الأعمى والقتل العمد والاعتداء على حقوق الغير والعبودية؟ إنهم
بجوعهم هذا على شفا حفرة من جهنم العظمى، ليسوا بحاجةٍ إلى دافعٍ كبيرٍ
لفعلِ الشر، فالشر بين يديهم وعينيهم وفخذيهم.

سعودة: يا شيخَ
حسن... يا شيخَ حسن، هذا هو عهدي بك، مخادع ولئيم، تُفضِّلُ سوء التهلكة
على إحسان المساعدة، تدعو إلى عمل المنكر والنهي عن المعروف. تبتغي الزواج
مني بالتهديد والوعيد، هذا أسلوب الضعفاء الأفاقين عديمي الحياء، أسلوب
الجبناء العابثين بحياة الناس من رجال الشرطة والقوادين، ليس لك مراد عندي
سوى ما تمتلكه يداك من قوة عملي. حتى تحين ساعة الخلاص... أهلي وأحبابي
سيبقون أهلي وأحبابي، حتى يوم الخلاص منك ومن جنسك يا شيخ حسن.

الشيخ
حسن: نعم، نعم، سيبقون أهلك وأحبابك، أيضاً أهلي وأحبابي... المقربون، لم
أقصد بكلامي الشنيع هذا تهديد أحداً، أو تخويف الفتاة التي أرغب أن تكون
خليلة العمر، كان هذا كلاماً على سبيل المثال، أنا أضعف من يحقِقََه، أنما
قلتُ الحقيقة، واقعُ الحال، حالُ الدنيا وحال أهلك، ليسَ مِنْ وعيد، فمِنْ
أجْلِ أثباتَ نيتي بالتقربِ إليكِ وإليهم سأمنحُكِ هذا المشغلَ بكلِ ما
فيه، عربوناً، وهذا الخاتمَ الثمينَ الذي لا يوجدَ مثلهُ في الأرض، لا
ترفضين الهدية، خُذيهِ وضَعيهِ بيَدكِ متى تشائين.

سعودة:
لا أطلب منك شيئاً ولا أقبل منك شيئاً حتى تتفتح أبواب السماء السابعة
لجميع الكائنات، العلوية والسفلية، إن رغبتك بحكم البلاد ورقاب الناس يا
شيخ حسن بن عبيد أكبر من شأنك الحقير، عليك أن تعلم إن الأعراس الناجحة
والصالحة بين الناس لا يمكن لها أن تكون وتدوم إلا عن طريق الحب، الحب وحده
من يدعم استمرار الحياة. والحب عن قلبك غريب.

الشيخ
حسن: حيرتي كبيرة وعلتي مريرة، لا أعرف من أين أبدأ معك وكيف أنتهي من أجل
إقناعك بنزاهة طلبي وتحقيق مرادي بإسعادك يا سعودة عمري. أحس بالساعات
وبالأيام وبالسنين تتوالى، تتراكم مثل حجارة الجبال على روحي، تقطع أنفاسي
وتسرع بسرقة أحلى أيام العمر، التي لا يمكن لها أن ترجع وتعيد ما فيها من
جمال متعة العيش. الحياة قصيرة وهي اليوم أقصر من البارحة ويوم غد لا حياة
فيه بدون ذكرى اليوم.

سعودة: هي الحياة هكذا، كل يأخذ نصيبه منها
بما جنت عليه يديه، وكثيرٌ من الكائنات لا حظَّ لها فيها، هي الحياة هكذا،
لا تفرق بين الحظ والحق، هي الحياة هكذا، لا يدرك البعض المحظوظ فيها معرفة
مابين يديه من كنز عظيم، أنت يا شيخ حسن لا تثمن وجودك النادر على هذه
الأرض السعيدة، تريد خرابها وتحويلها إلى قطعة من الجحيم، إرضاءً لنفسك
المريضة وحنينها إلى سقر مسقط رأسك .

الشيخ حسن: تزوجيني يا سعودة وأنا كفيل بتغيير كل شيء.
سعودة: (تضحك) تغيير ماذا؟ أي شيء؟
الشيخ حسن: الشيء الذي تبتغيه نفسك، الشيء الذي يصلح ما بينك وبيني.
سعودة:
ما الشيء الذي تبتغيه نفسي؟ وما الشيء الذي يمكن أن يصلح بيني وبين الشيخ
حسن بن عبيد المنهوك؟ وأسئلة أخرى كثيرة تحير العقل والقلب..

الشيخ
حسن: آه يا أملي يا سعودة، تَشُكّينَ بيّ وكأني لكَ عدوٌ مبين، أنا لستُ
بسيئ الخلقِ حتى تصدُ عني أخواتُ إنّ وكانَ وغانياتِ العصرِ ولا أنا ببشعِ
الطبيعةِ حتى تهربُ مني طيورُ الجنةِ وحورِها، أنا وجود لا يختلف وليس
بغريب عن هذه الموجودات من الكائنات التي تجمع بينها صدفة الأحداث، نعم هي
الحياة هكذا، فيها الحلو والمر، الجميل والقبيح، الخير والشر وفي أحيان غير
محسوبة، لا تعد ولا تحصى، تجمع بين الاثنين، بين الضد والضد، كما في حالتي
التي تشبه حالة أفراد أهلك، فأنا بريء بالطبيعة، كل جريمتي أن أكون قد
ولدت من طبيعة أخرى، غريبة، مختلفة عما هو قريب حولك... أليس هذا سبب
يمنحني الحق بطلب يدك واحتضانها قريبة من فؤادي؟

سعودة:
الحق والحقوق. الشيخ حسن يطالب بالحق والحقوق!! سأراك أول المدافعين عن
حقوق الإنسان والحيوان والنبات والطبيعة. لم لا؟ وعن حقوق الجن والشياطين
وطناطل العصر من أبناء عمومتك المخبولين وحفاري قبور المقابر الجماعية من
رفاق لون الزيتوني.

الشيخ حسن: أنا لستُ منهم.
سعودة: قل لي، اخبرني، أين هم الآن رفاق الزيتوني؟
الشيخ حسن: أنا لست منهم.
سعودة: هل هم في جعبتك أمْ إنهم هربوا مع أخويك الساحرين؟
الشيخ حسن: ليس لي علم بذلك أنا لست منهم.
سعودة: هربوا مع من لجأ إلى الأمم المتحدة، صارخاً الغوث باسم الإنسانية المهانة في عراق اليوم.
الشيخ حسن: المطالبة بالحقوق ليس بجريمة يعاب عليها.
سعودة: لا ليس بالجريمة.
الشيخ حسن: لا ليس بالجريمة.
سعودة:
نعم ليس بالجريمة، الجريمة أن لا نطالب بالحق. أنا أيضاً أطالب بالحق
والحقيقة، بحقوقي المهانة، بالعدالة، لكن هنا، في هذا المكان، حيث هدرت
وليس في مكان غريب عني وأمام شعوب وقبائل لا أعرفهم أو يعرفون مشكلتي، مثل
موظفي الأمم المتحدة، أنا أطلب تحقيق العدالة على هذه الأرض وليس على أرض
أخرى، من ناس لا يرطنون عليّ بقوانين غريبة، تدافع عن الحق الإنساني للمجرم
وتحتقر الضحية، بل يعلو الحق على يد من ناس هذا البلد. حتى لا يحترق قلب
المظلوم بظلم آخر.

الشيخ حسن: انسِ هذا الأمر، لا أريد من السياسة أن تخرب بيني وبينك...
سعودة: نعم، لا تكلمني بشيء من هذا أو ذاك، فعندي عمل كثير يحتاج إلى الكثير من الراحة.
(ظلام)


المشهد الرابع: لقاء لورنس مع عائلة سعودة

(مجموعة
كبيرة من الأشخاص يبدو عليهم البؤس والحيرة والتيه، فهم يتحركون في كل
الاتجاهات وبدون هدف معقول، بالرغم من حركة الشارع الواضحة التي يتكاثر بها
النشاط التجاري الحر والتسوق. الفوضى وضوضاء الأصوات المتداخلة التي تجعل
من هذا المشهد صاخباً. تتواجد لورنس في مقدمة وسط الخشبة وهي تنظر بدون
حراك وبدون تعبير معين إلى الجمهور فترفع يدها اليمنى مع صرخة رصينة
وهادئة. )

لورنس: قف !!
(يتوقف
الجمع فجأة وكأنهم استجابوا لأمر سحري، فيصبح المشهد بدون حركة ويعم عليه
هدوء صامت لا يخلو من الحياة، في بداية الأمر يكون السكون حدياً ومباشراً
وتبدأ الجموع بالحركة حين تأخذ لورنس بالتطلع ومعاينة الجمهور وهي تتخطى
مخترقة صفوفه ناظرة للواحد تلو الآخر حتى تتوقف عند أحدهم وقد اكتسى بلباس
يشبه البساط)

لورنس: صباح الخير سيدي الكريم.
الرجل: صباح الأنوار سيدتي الكريمة.
لورنس: ثيابك جميلة.
الرجل: كلك ذوق سيدتي.
لورنس: صناعة محلية بك تأكيد.
الرجل: نعم، أحسن وأجمل الصناعات.
لورنس: من أين حصلت عليه؟ هل اشتريته من السوق أم إنه صناعة بيتية؟
الرجل: تسألين عن ثوبي هذا؟
لورنس: نعم، إنه جميل، يعجبني.
الرجل: لم أشتريه لقد صنعته ابنة أخ لي وهي فتاة صغيرة العمر تعمل حائكة في مشغل الشيخ حسن بن عبيد المنهوك.
لورنس: الشيخ حسن؟

الرجل: نعم، الشيخ حسن، الذي يوظف عدد من الفتيات الصغيرات لنعومة أصابعهن من أجل حياكة البسط والسجاد.

سعودة: هدية جميلة.
الرجل:
أنا لا أملك القدرة على شراء أي من الأشياء، نحن ناس فقراء ومعاقون ليس
لدينا القدرة على فعل شيء وليس من معين لنا سوى هذه البنت الرحيمة القلب.

لورنس: ما اسم هذه الفتاة اللطيفة؟
الرجل: أسمها سعاد والأهل يسمونها سعودة تحبباً. هل لك أن تساعدينا؟ فنحن ناس فقراء بحاجة لأي مساعدة كانت.
لورنس: من لا يساعد نفسه لا يساعده الله، أنا أترك أمرك لنفسك ولله.
(تترك لورنس الرجل متحركة بين الجمع فتلتقي بشخص آخر، امرأة، ترتدي لباس مشابه لكن بزي النساء)
لورنس: ملبسك جميل سيدتي.
المرأة: شكراً لك سيدتي.
لورنس: هل تخبريني من أين حصلت عليه؟ فأنا أحب أن اشتري واحداً مثله.
المرأة: أتريدين شرائه، أنا أبيعك إياه.
لورنس: لا، عزيزتي، كأن هذا الثوب قد فصل من أجلك، فهو جميل لأنك تلبسينه. أرجو منك أن تدليني على صانع هذا الثوب.
المرأة: ماذا سأربح إذا علمتك أين محل صناعته؟ أنا امرأة فقيرة وأريد أن أربح يومي معك.
لورنس:
أنت ليست فقيرة، أنظري هذا الغنى الذي تحملينه على كتفيك، فهو كفيل بتحقيق
السعادة في قلبك، السعادة شيء نادر في هذه الأيام، السعادة، سيدتي، كفيلة
بإنهاء الشعور بالفقر، ثم أنا لا أساوم على عمل الخير، أنا أستطيع سؤال
شخص آخر أو أسعى بنفسي إلى تحقيق مرادي، أرجو أن تحتفظي بثوبك هذا ففيه سر
جمال المرأة المختبئة في قلبك، أتمنى لك نهاراً طيباً سيدتي.

(تتحرك
لورنس بعض الوقت بين الناس فتقف أمام أحدهم وهو شاب يافع في مقتبل العمر،
يبدو عليه الفقر، هزيل المنظر لكنه قوي الهمة، حين يتكلم تبدو عليه همة
الرجل واندفاع الشباب، في يده طاس معدنية)

لورنس: هذه الملابس تشبه تلك التي هناك ولكنها شيء آخر، أتسمح لي بسؤال شخصي؟
الشاب: تفضلي سيدتي أنا بخدمتك.
لورنس: هل تحب ارتداء هذا الثوب على غيره من الثياب أم إنه لباس تقليدي له لون البلاد؟
الشاب: أي ثوب؟
لورنس: الثوب الذي يغطي جسدك.
الشاب:
مثلما تقولين سيدتي إنه يغطي جسدي وهو المهمة التي صنع من أجلها ولولاه
فأنا جسد عاري، أنا لا أملك غيره وأتمنى بكل تأكيد أن أرمي هذه الخرقة
بالزبالة مقابل أي من الملابس التي يلبسها الناس عندكم هناك.

(وهو يقدم الطاس الذي في يده نحو لورنس كمن يسألها شيئاً)
لورنس: لست بحاجة لشراء هذه الطاس، أنا أبحث عمن يصنع هذه الملابس الجميلة.
الشاب:
(يضحك) عفوك سيدتي، لا أريد بيع الطاس وإنما أطلب منك أن تضعي بعض النقد
فيه، إن عملي هو الاستجداء مثل هذه البشرية التي تنظر إليك.

(يدخل فجأة الشيخ حسن بن عبيد المنهوك في المشهد وهو يطلق صرخة مدوية فيتشتت الجمع مختفياً في كل الاتجاهات)

المشهد الخامس: اللقاء الأول بين لورنس والشيخ حسن
(يتقدم الشيخ حسن نحو لورنس وهي في وسط المسرح)
الشيخ
حسن: ماذا يحدث هنا؟ ها... ماذا يحدث؟ ألا يكفينا كل هذه المشاكل؟
الطيارات والدبابات، الأمريكان وإخوانهم من آكلي لحوم البشر والسحالي، أي
فعل شرير تنوين تحقيقه بهؤلاء الناس البؤساء؟

لورنس: يبدو أني التقيت بالشيخ حسن بن عبيد المنهوك؟
الشيخ حسن: نعم أنا هو، ماذا تريدين؟
لورنس:
هدئ من روعك سيدي الكريم، أجبني لو سمحت، هل أستطيع زيارة مشغل الحياكة
الذي تديره؟ فأنا أريد شراء بعض البضائع التي تصنعها.

الشيخ حسن: يبدو إنك من بلاد أخرى، أجنبية، نحن لا نتعامل مع الأجانب، فلا مراد لك عندنا.
لورنس: أنت تتكلم بلغة الجمع ولا أرى شخصاً آخراً غيرك أمامي، هل أنت مخول بالكلام باسم الآخرين؟
الشيخ
حسن: نعم، في هذه الأيام العصيبة، نحن بحاجة إلى إنسان يمسك الأمور بيد من
حديد، أنتم الأجانب سبب هذه الفوضى ولا بد من إخراجكم من البلاد، ارحلي من
هنا، أرجعي إلى بلادك، فلا حاجة لك عندنا.

لورنس:
عيناك حمراوان تقدح ناراً وصوتك فيه صدى يصعد إلى السماء وينزل إلى قاع
المقابر الجماعية، حيث دفنت ضحاياك من النفوس البريئة، أنا لا أرى فيك
نفساً إنسانياً، أنا أعرفك وأنت لا تعرفني يا شيخ حسن المنهوك ، فلا عمامتك
البيضاء ولا عباءتك السوداء يمكن لها أن تخفي أصلك الشرير، هل لك أن
تخبرني عن مصير أخويك الشيطانين اللذين كانا بخدمة سيدكم الهارب، لقد سمعت
من أهل البلد أنهما قد هربا إلى خارج العراق (تضحك) ربما حصلا على لجوء في
أحدى البلدان السعيدة. قلْ، لماذا أنت لم تهرب مع الأخوة؟ لماذا بقيت في
هذا البلد المنكوب؟ بكل تأكيد إن عراق الفوضى هي أرض صالحة لفعل كل فضائع
التاريخ، كل أشكال الجرائم الممكنة، الجو ملائم للبشاعة التي تعودت نفسك
عليها، نفس الشياطين المارقة..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

عشق في زمن أغبر :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

عشق في زمن أغبر

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: