** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 في الاستاطيقيا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

في الاستاطيقيا Empty
25092012
مُساهمةفي الاستاطيقيا

اوروك علي









في الاستاطيقيا Thumbnail.php?file=Landscape_oruk1_846589698













استاطيقيا الإدراك – الإدراك الاستاطيقي

..(ليس
للجمال وجوداً فيزيائياً) هكذا يؤشر الفيلسوف (كورتشه) البؤرة المركزية
لحراك الاستاطيقيا والإشكالية الإدراكية الحسية والمعرفية التي رافقتها منذ
انطلاق المنبثق الأبستمي (المعرفي) لها كمتشكل فلسفي، كما هو الحال
بالنسبة للمنجز الإبداعي وصيغه كمتشكل جمالي.. ويأتي تحديد (كروتشه) ليجعل
القياس الجمالي لا يمكن تحديده بأطر قانونية ثابتة فهو قياس إدراكي متفاعل
مع المنجز الإبداعي، كل منهما يمنح الآخر فضاءً أرحب للتطور عبر التأثير
والتأثر، مثلما هي العوامل الأخرى كالتطور الثقافي والاجتماعي والتقني
والعلوم المعرفية تشكل قوة دفع تطوري لكليهما.. لقد تعرض الإدراك
الاستاطيقي إلى التغير حسب جملة العوامل الدافعة وبمواكبة تطور العصور
والحقب والبيئات مثلما هو المنجز الإبداعي. ونحن في دراستنا هذه التي تخوض
في غمار الاستاطيقيا تنبثق أمامنا عدة أسئلة تشكل جزء من ممارستنا
التنقيبية طالما اخترنا آليات اشتغال أركيلوجي (حفري) لمواجهة موضوعة
الاستاطيقيا(علم الجمال).. ومن هذه الأسئلة يتقدم موضوع الأسبقية بين
المنجز الإبداعي والقياس الجمالي، حيث كل الدلائل التي سنتناولها تؤكد على
أسبقية المنجز الإبداعي بحقب طويلة عن تشكل أولى علامات القياس الجمالي..
ولابد من تبرير مقنع لبقاء المنجز الإبداعي دون غطاء لقياسات استاطيقية
نظرية، طالما أن كل الموروث المعرفي الذي سننقب به يؤكد على بزوغ
الاستاطيقيا من رحم الفلسفة وتحديداً (الأفلاطونية).. وأول هذه التبريرات
يعود إلى التداخل بين الإبداع الإنساني و الحياة قبل الحضارة اليونانية
وكذلك كون هذا الإبداع هو جزء من الدعم للدين الابتدائي المتمثل بسلطة
الأسطورة.. أي أن المنجز هو أحد أدوات الإقناع والتمثل والمعايشة لفضاء
الأسطورة، كما هو جزء من قوة الدعم لمراكز سلطة الأسطورة والذي اتخذ من سمة
الضخامة والإطار الأسطوري أسلوباً سانداً وكذلك هو الحال بالنسبة للنص
الشعري الذي جاء في إطار الملحمة أو التراتيل الدينية، والأمر ذاته ينطبق
على الموسيقى والغناء.. وهكذا يكون السقف الجمالي وقياساته ضمني وخاضع
للرؤيا الأسطورية التي كانت تحكم مدركات ووعي إنسان ما قبل الحضارة
اليونانية.. أما المبرر الآخر فيعود إلى سلطة العقلي التي انبثقت من
الفلاسفة اليونان والتي بدأت تزاحم سلطة الأسطوري، فلم يعد المنجز الإبداعي
خاضع خضوعاً مطلقاً لتعزيز قوة الأسطورة كوظيفة وإنما انطلق إلى مناقشة
صراع النفس البشرية إزاء ماهية الوجود ومبرراته وكذلك الأسئلة الأخرى التي
بدأت تتمخض عن حراك سلطة العقلي وصراعه مع الأسطورة والذي جعلها هي الأخرى
تعيش مخاضاً قادها إلى المقتربات العقلية المنطقية ومن هذه المخاضات ما
تمثل باستبدال المعتقد بتعدد الآلهة إلى المعتقد بوحدة الآلهة.. تلك
الأسئلة الافتتاحية قادنا إليها التساؤل الذي يرافق المنجز الإبداعي لإنسان
حضارات الشرق القديم التي سبقت اليونان والتي امتلكت قوة جمالية ادهاشية
مثيرة للاستفسار عن فضاءات القياس الجمالي التي كانت تحكم حراكها.. لكن قد
تظهر آثار لمدونات القياس الجمالي الذي يحكم إبداع تلك العصور..
..نعود
لمقولة (كروتشة)التي تؤشر اللاوجود الفيزيائي للجمال مترتبا عليه مرافقة
عدم الثبات في القياس الجمالي ويتأثر بالعوامل التي أشرناها في بداية
الدراسة.. وقد صاحب هذا الإطار اللاثبوتي المرافق للأقيسة الجمالية
ومخاضاته إلى لا ثبوتية تعريف للجمال.. لكن إزاء هذه الإشكالية المعقدة
لابد من القبض على تمفصلات الاستاطيقيا كي لا نقع في فخاخ يقودنا إلى نداء
السراب الذي نتوهمه المعرفة وفناراتها.. فانعدام الوجود الفيزيائي للجمال
يؤسس لافيزيائية الأقيسة الجمالية واندراجها في اللاثبات.. ولابد من خيوط
نمسك أطرافها ونحن نخوض في غمار البحث الأركيلوجي داخل طبقات الاستاطيقيا..
..وأول
هذه الخيوط هو تعريف (بول فاليري) للجمال بأنه (علم الحساسية).. لكنه
أيضاً تعريفاً عائماً وهلامياً لا يقودنا إلى قراءة معرفية ومجرداً من
إرساء دعائم الأقيسة الجمالية وقوانينها التي تحاكم المنجز الإبداعي فبأي(
باروميتر) يمكن أن نقيس حركة النسغ الصاعد والنازل للحساسية الجمالية؟..
وهل الحساسية هذه من نمط المتكون الإدراكي العقلي أو الحسي؟.. فما تتقبله
حواسنا وغرائزنا قد لا يصلح لاشتراطات الملكة العقلية الصارمة والمنطقية..
وبدلاً من الدوران في حلقة مفرغة سنبحث بأولى صيرورات الاستاطيقيا والذي
سيقودنا إلى (هيغل) وتأكيده على أن (فلسفة الفن تشكل حلقة ضرورية من مجموع
حلقات الفلسفة) وهذا الرأي الهيغلي يربط الاستاطيقيا بالفلسفة ويجعل
مخاضاتها الأولى.. إنه يسقط ارتباطات وتأثير عوامل متعددة في بلورة
الفعالية الإبداعية وجمالياتها كما يؤثر في عملية الاستقبال الجمالي.. ولعل
أهم التأسيسات المبلورة للفعل الإبداعي منذ انبثاقاته الإنسانية الأولى هي
الدافعية السايكلوجية كما أن تأثير المنجز الإبداعي تأثيراً سايكلوجياً
بالدرجة الأساس حتى وإن قيل أن الإبداع يحمل رسالة، تبقى العوامل الدافعة
لإطلاق هذه الرسالة ومن ثم تأثيرها الجمالي تأثيراً سايكلوجياً أولاً..
وهكذا تكون الاستاطيقيا صنو الفعالية السايكلوجية مثلما هي صنو الفلسفة..
لكننا هنا لسنا بصدد تحليل الممارسة الجمالية وإنما نبحث عن صيرورة علم
الجمال وانبثاقاته الأولى وهذا يقودنا إلى مقولة (بول فاليري) (ولد علم
الجمال ذات يوم من ملاحظة وشهية فيلسوف).. وهكذا نحدد مع (فاليري) أولى
الخيوط للاستاطيقيا.. لكن أي فيلسوف وأي نمط فلسفي أرسى الدعائم الأولى
لهذا العلم؟... وطالما أن الجمال لا يمتلك الوجود الفيزيائي فقد خضع لأنماط
التباين بين الرؤى الفلسفية المتناحرة.. فالفلسفة الماركسية التي تحتكم في
رؤاها وتفسيراتها – التحكم بها جملة القضايا الفلسفية – إلى عوامل الصراع
الطبقي ورأس المال والاقتصاد السياسي تقف عند مفترق الطرق إزاء الفلسفات
الأخرى ومن ضمنها الطروحات الفلسفية الميتافيزيقية وبالتالي فإن قوانين
استقراؤها الجمالي وأقيستها تتباين عن الاستقراء الميتافيزيقي وأقيسته..
لكننا سنندفع إلى العمق الأركيلوجي عبر التنقيب في المنظومات التاريخية
لنشوء الاستاطيقي.. بحثاً عن الجهار الأبستمي (المعرفي) المؤسس لها والذي
يشكل القاعدة للتراتب الهرمي الاستاطيقي.. وكمدخل للممارستنا التنقيبية
سننطلق من مقولة (دني هوبسمان) في مؤلفه (علم الجمال) حيث يؤكد (أن
الأفلاطونية تشكل الجذور الأصلية لعلم الجمال) وهذا الرأي يحدد أرومات علم
الجمال بالحراك الفلسفي الأفلاطوني.. ولكن السؤال ينطلق إزاء هذا الرأي
والمتمثل بالاستفسار عن مخاضات الفلاسفة اليونان ومبررات عدم اشتغالها بهذا
المعطى الفلسفي ومن هؤلاء يتقدم (سقراط).. ويبقى رأي (هوبسمان) هو مفتاح
الولوج إلى الأركيلوجيا الجمالية ونشأتها ومكوناتها الفلسفية الأولى والذي
يقودنا إلى الفلسفة اليونانية وأقطابها الذين أرسوا اللبنات الأولى لحراك
الأستاطيقيا.


الاستاطيقيا اليونانية


سقراط ومقبرة الجسد


يربط
(هوبسمان) الانبثاقات الاستاطيقية بالحراك الأفلاطوني ويجعل من المركز
البؤري لها مرتبط بمفاهيم فلسفة (أفلاطون) مؤكداً بأن (لو كان لابد من
تخطيط شجرة لفلسفة الفن بالأسلوب الديكارتي لوجدنا أن الأفلاطونية تشكل
الجذور الأصلية لعلم الجمال).. وهكذا يسبغ على الأرومات الاستاطيقية بصمات
(أفلاطون).. ولماذا هذه الإزاحة للمعطى الفلسفي لـ «سقراط» وإسقاطه من شجرة
الفن وهو الذي يعد العراب الروحي لـ «أفلاطون» وفلسفته، إن لم يكن العراب
للحراك الفلسفي اليوناني قاطبة؟.. ويأتي رأي (هوبسمان) مجرداً من الإسناد
المعرفي المبرهن على هذا الافتراض.. ونحن هنا لا نرفض الرأي الهوبسماني،
وإنما نتبناه ونوجد له الدلائل البرهانية التي لم يقدمها وعبر الاستنباط
الدلالي والاسناد المبرر لإسقاط السقراطية عن شجرة الاستاطيقيا:
1- لم
يترك (سقراط) مدونات تؤشر رؤاه الفلسفية ولم نتعرف على ثيمات أفكاره إلا
عبر الخطاطات الأفلاطونية وعلى حد تعبير (أميل برهية) (لن يكون لنا من مدخل
إلى سقراط إلى بصورة غير مباشرة وذلك ما دام لم يكتب شيئاً).. أي لم تكن
هنالك من مدونات سقراطية لابستمياته الفلسفية وكل الذي جاء من أفكار وما
نسب إلى (سقراط) تشكل داخل المحاورات الأفلاطونية التي حملها خطاطاته
وتحديداً (المأدبة، فيدر، فينون)..
2- يشير (أرسطو) في مؤلفه (ما بعد
الطبيعة) بأن (ثمة شيئان يصح أن نعزوهما إلى سقراط هما الاستدلال
الاستقرائي والتعريف الكلي وإنما على هاتين الدعامتين تقوم بداية العلم)..
وهذا الرأي الأرسطوي يحدد اشتغالات (سقراط) الفلسفية بفيزيقيا الفلسفة أو
الفلسفة الفيزيقية المضادة للثيمات الميتافيزيقية ويوتيباها وليقاوم سلطة
الأسطورة التي حكمت الوجود الإنساني ما قبل ظهور طلائع الفكر العلمي على يد
الفلاسفة المفاهيم العقلية وبروز المرتكز المادي المواجه للمرتكز
الماورائي أو الأسطوري.. وطالما أن المنجز الإبداعي الذي عاش (سقراط)
مخاضاته اليونانية قد وجد ملامحه الكينونية بتجسيده للسقف الفكري الأسطوري
وسلطته كما هو حال النحت المجسد للأساطير وموضوعاتها اليونانية.. مما أبعد
(سقراط) عن موضوعات الاستاطيقيا التي يحكمها الماورائي البعيد عن الثيمات
الفلسفية السقراطية.
3- يؤكد (أميل برهيه) بأن (تعليم سقراط كان قوامه
فحص البشر لا المفاهيم وامتحانهنم وحملهم على إدراك ماهيتهم).. وإذا سلمنا
بهذا الرأي فإنه يدعم رأينا الذي يندرج بابتعاد (سقراط عن محاور
الاستاطيقيا.. لأنه كان معنياً بالجانب التربوي للذات الإنسانية وتطهيرها
من أشنان الغرائز البوهيمية.. كما أن فلسفته تعاش كممارسة (Praxis)، ولم
يفكر بعملية التدوين أو تأسيس المفاهيم الفلسفية.. وطالما أن الاستاطيقيا
تندرج ضمن حراك المفاهيم فهي بعيدة عن اهتمامات (سقراط) وفضاء جدله
الفلسفي..
وهكذا نكون قد أوجدنا المبرر المقنع إلى حد ما بارتباط أرومات
الاستاطيقيا بتأسيسات (أفلاطون) وأسبقيته في معالجة الموضوعة الجمالية..
وحين ندخل البوابة الفلسفية الأفلاطونية نتلمس الروح السقراطية، أو بالعكس
إذ لا نستطيع القبض على فلسفة (سقراط) إلا من خلال التضاريس الفلسفية
الأفلاطونية، وكما ورد في ثلاثية (أفلاطون) (المأدبة، فيدر، فينون) حيث نرى
(سقراط) يلقن تلميذيه (براسيوس وكليتون) نقل جمال النفس الحقيقي وعبر
حواريات (المأدبة)، لكنها ذاتها الطروحات التي ترسي مفرداتها الاستاطيقية
مفاهيم (أفلاطون) في مبدأ (الروح المشعة) والذي يشير إلى أن (جمال أول يجعل
الأشياء التي نسميها جميلة بمجرد حضوره).. كما يطرح عبر قناع (سقراط)
مقولته (الجسد مقبرة) وتأسيساً على ذلك فليس لدينا مدونات سقراطية تطرح
اشتغاله الاستاطيقي خاصة والفلسفة عموماً إلا من خلال القناة الأفلاطونية..
ونكون هنا متوافقين مع (هوبسمان) في ارتباط الأرومات الاستاطيقية بالخطاب
الفلسفي الأفلاطوني.


أفلاطون وجمال الهيولى

..إننا
حين نضع الخطوة الأركيلوجية( الحفرية) الأولى في منظومات الخطاب الفلسفي
الأفلاطوني نواجه استراتيجية (المثل) كمرتكز رئيسي وكضياء هاد للحركة
الأبستمية الأفلاطونية.. أما على مستوى الاستاطيقيا فهي تتأسس لديه عبر
مفهوم (الجمال الأمثل) والذي لا يتجسد إلا من خلال العشق.. لكن العشق يتسم
بالتناقض والصراع بين (الرغبة فيما تملك، والنزوع إلى ما تكون)... وهكذا
يكون الجمال العلوي هو الجمال الأمثل الذي نصبو إليه ونتمثله في رؤانا، إنه
جمال الهيولى.. ولعل المجسد الأساس للمثل يظهر بتجربة (الكهف) التي طرحها
أفلاطون، كما أن العشق لديه هو المحرك اللامتناهي الذي يصبو إلى عالم
الهيولى ذلك العالم الإلهي الخالد والأزلي.. أما عنصر الفعل الجمالي
الدنيوي فهو محاكاة وتمثل الجمال عالم الهيولى وأنه الترفع عن المحسوس
الدنيوي إلى المثال الأعلى للجمال الإلهي.. الترفع عن المدرك والسمو نحو
المطلق عبر فعل العشق الذي هو التشوق غير المتناهي والوسيلة الإدراكية
للجمال المثالي.. وتكون بذلك الممارسة الاستاطيقية لدى (أفلاطون) متمركزة
بالتشوق للجمال المطلق المشيد في عالم المثل وعلى التابع أن يحاكي المتبوع
المثالي ويطرح (أفلاطون) مراحل الممارسة الجمالية كما ورد في أسطورة (فيدر)
وعبر أربعة مراحل، وحسب ما أشره (هوبسمان) أيضاً وهي:
1- حب الأشكال المحسوسة: وهو يندرج في إطار المرتكز الجسدي
2- حب النفوس: وينضوي تحت لواء المرتكز الأخلاقي.
3- اكتساب النفوس: ويجد تجذره في الذهني.
4- بلوغ المثل الأعلى: وهو الذي يتحقق في المطلق.
..وهكذا
تكون الفعالية الإبداعية وتحققها الجمالي فعالية تسامي متمركزة في ذاتها
متجردة عن الغائية فهي لذاتها وفي ذاتها مؤسسة في المطلق والموجود
الماورائي تنبثق في نشدان العاشق للمعشوق المطلق كما أنها مرتبطة بعنصر
الخير وعلى حد تعبير (أفلاطون) (من المستحيل ونحن نستهدف الجمال أن نبلغ ما
ليس بالخير)..
..وتتأثر المفاهيم الاستاطيقية لدى (أفلاطون) بالنقاط التالية:
1-
الجمال في ذاته: وهذا المفهوم مترجم من خلال الحوارية الأفلاطونية (فيدر)
(إذا كان هناك جمال آخر، خارج الجمال في ذاته، فليس جميلاً لأي داع آخر غير
مشاركته لذلك الجمال).. وهو يحمل ذات المعنى الذي أطلقه (أفلاطون) عن لسان
(سقراط) (يصبح الجمال جميلاً بالجمال)..
2- الجمال الخاضع لنظرية
المثل: ويتأكد ذلك من خلال ما يشير إليه أفلاطون (كم يكون عظيماً نصيب
الإنسان الذي يقيض له أن يتأمل الجمال غير المشوب في نقائه وبساطته.. وقد
نفض عن نفسه الأغشية الجسدية والألوان البشرية وجميع هذه النظريات
اللامجدية المحتومة بالموت، وتكشف له في شكله الفرد وجهاً لوجه، الجمال
الإلهي).. إنها الاستاطيقيا الخالصة الممثلة بالجمال العلوي المسكون في
دواخلنا الروحية أما الفعالية الجمالية الدنيوية فهي محاكاة وتمثل
لاستاطيقيا الهيولى..
3- العشق الأفلاطوني: ويعبر عنه (أفلاطون)
بالعلاقة المتأصلة بين العشق والاستاطيقيا فالإنسان مسكون بعشق المثل
الجمالية في عالم الهيولى.. وعلى حد تعبير (أفلاطون) (قد قسم للجمال أن
يكون في آن واحد الشيء الأكثر وضوحاً والأكثر استئهالاً للحب) ويؤشر الجدير
بالحب بأنه (الحب المتجرد، اللامادي، الذي يفرض وجوده علينا بنقاوته
الجوهرية، البدائية).. ويحدده أكثر بأنه (غير المدنس بالأبدان البشرية ولا
الألوان ولا جميع ضروب الترهات الفانية، يبلغه الإنسان المطلق، وتمتد نفسه
إلى ما وراء الكائن ذاته).. وهكذا يتم الاتصال الحقيقي بالاستاطيقيا وصولاً
إلى الانسجام الكلي حسب الثيمات الأفلاطونية.. أما مفهوم (التسامي) فهو
صنو العشق ومعني بترفع الذات والسمو على الدنيوي من خلال الاتصال بالمطلق
المثال الذي يضم الصور والماهيات الكلية الثابتة على العكس من الدنيوي
ومحسوساته الجزئية المتغيرة..
4- المعرفة الأستاطيقية: يقسم (أفلاطون) المعرفة إلى ثلاثة مستويات وهي:


أولاً/
المعرفة الحسية وتتضمن إدراك الموضوعات المادية ومحسوساتها الجزئية والتي
تكون في المحصلة حقائقاً نسبية متغيرة وهي تصلح للدنيوي وليس الإدراك
المطلق.. أي أنها لا توفر إدراك الاستاطيقي المثالي..


ثانياً:
المعرفة الرياضية وتتفوق على الأولى بالدقة واليقين وهي تدريب العقل
والتمهيد للمعرفة الكلية ذات الثبات المطلق التي تتمثلها الماديات المحسوسة
الجزئية.. ولعل هذه المعرفة هي موهبة ذوي العقول الثاقبة من الفلاسفة
استناداً إلى الرأي الأفلاطوني.. وهنا يعني أنها المعرفة لإدراك المثل
عموماً والاستاطيقيا المثالية خاصة إن جاز لنا الاستنتاج.. وهذا الأمر هو
الذي جعل الاستاطيقيا من اشتغالات الفلسفة والفلاسفة لأنهم أصحاب العقول
الثاقبة والقادرين على امتلاك المعرفة المثالية حسب التأثير الأفلاطوني..
4-
الشذرات الاستاطيقية: لا نستطيع أن نحدد نظرية أفلاطونية في الاستاطيقيا
كما هو الحال مع (أرسطو) في مدونته (فن الشعر) لكننا نستطيع أن نمسك
الشذرات الاستاطيقية ذات المجس الأفلاطوني ويعود هذا الأمر إلى الانحياز
الأفلاطوني للفلسفة وعدها أكثر خصوبة من الفنون والآداب أما وجهات نظره
إزاءها فتتمثل بنظرته للشعر بمنظار المنزلة التشريفية المشترطة الإلهام
السامي، ويحدد الإطار المفضل للموسيقى بسمتها الحربية حيث فضل (الأسلوب
الدورياني) المنسوب إلى مقاطعة (درويد) الإغريقية التي أسس رجالها
(سبارطة)، كما انحاز إلى الأسلوب (الفرنجي) الهادئ.. أما الأساليب الأخرى
فقد نعتها بالبكائية كما في الأسلوب (الليدي) أو بالشهوانية والتخنث كما في
الأسلوب (الأيوني).. وتلك الأساليب هي السائدة في الموسيقى اليونانية..
أما الرسم وفكان مؤيداً للكهنوتي منه.. وفي الجانب الآخر فقد رأى أن المسرح
والنحت والهندسة تمتلك خصوصية تطبيق مبدأ (القياس والانسجام) أي امتلاك
المبدأ السامي للاستاطيقيا وتبعث على اللذة الاستاطيقية الخالصة.. هذه هي
الشذرات الأفلاطونية التي أعطت له أسبقية التأسيس الفلسفي للاستاطيقيا، على
حد تاشير (هوبسمان)..


أرسطو المشرع الاستاطيقي

..لقد
تباينت آراء الباحثين إزاء الإرث الاستاطيقي الذي خطته الابستمية الفلسفية
لـ (أرسطو) والعلاقة الجدلية مع المعطيات الاستاطيقية لـ (أفلاطون).. فنرى
التبعية التي ألصقها (هوبسمان) من خلال رأيه (لا نقع في الخطأ إذا قلنا،
على الأقل بعلم الجمال أن الأرسطاليسية تتراءى كمذهبية للأفلاطونية).. وعلى
العكس منه يأتي رأي (لاسل أبركومي) (من العصب أن نجد مثلهما رجلين يمثلان
القطبين المتعارضين في التفكير الفلسفي).. كما يؤكد على (أن علم الجمال قد
بدأ بأرسطو).. ونحن في بحثنا الأركيلوجي وصولاً إلى الأرومات الاستاطيقية
نستطلع الثيمات الأرسطوطاليسية واستقراء نقاط التباين والتطابق مع الثيمات
الأفلاطونية من أجل توليد خلاصة استنباطية منصفة..
..لابد من القول
أولاً بأن (أرسطو)، وعلى العكس من أفلاطون، لم يتردد في إيجاد تعريف منطقي
للاستاطيقيا وقياساتها الإدراكية المتضمن (لا يمكن لكائن أو شيء مؤلف من
أجزاء عدة، أن يكون جميلاً إلا بقدر ما تكون أجزاؤه منسقة وفقاً لنظام
معين، ومتمتعة بحجم لا اعتباطي، لأن الجمال لا يستقيم إلا بالنسق
والمقدار).
..وهكذا أنزل (أرسطو) الاستاطيقيا من عليائها المثالية
والمطلقة في عالم الهيولى إلى منزلتها الدنيوية المدركة والمعاشة ذات الصفة
المنطقية والرؤية العقلية محدداً التأسيس الاستاطيقي لدى (أفلاطون) بمبدأ
(النسق والقياس) وليس من فرق (إلا بين الضمني والصريح، بين المتناهي
والمحدود) على حد تعبيره.. لكننا نذهب إلى القول بأن الإفصاح الاستاطيقي
والتحديد لفضاء القياسات الإدراكية العقلية لم يتم إلا من خلال الفكر
الفلسفي الأرسطاليسي، كما أن إطلاق مرتكزات القيم الجمالية هو جزء من منطق
(أرسطو) المنبثق من عقل علمي راسخ بالتجربة، وعلى العكس من (أفلاطون)
ويوتيباه الفلسفية المثالية المتجذرة في الماورائي، حيث الجمال لديه حالة
من التسامي نحو الجمال الخالص في عالم الهيولى والمتفوق والمتعالي على
المدرك الإنساني، يرى (أرسطو) أن الفنون الجمالية (بعض ملكة إنتاجية يوجهها
العقل الحق).. مفترقاً عن (أفلاطون) في نزعته المثالية، فليس لديه ما يسمى
بالاستاطيقيا الخالصة في ذاتها ولذاتها، كما أن الفعالية الإبداعية هي
عملية إنتاجية للعقل الحق أي العقل الخلاق وليس استذكاراً للخبرات المخزونة
عن عالم المثل أو انعكاساً وتمثلاً لها.. لكن (هوبسمان) يعود ليؤكد أن
(أرسطو) أكثر أفلاطونية من (أفلاطون) مستنداً إلى مقولة (أرسطو) (الجمال
أسمى من الحقيقة الواقعية).. لكنه هنا يعني أن الواقع يشكل الحقائق
المنظورة والمعاشة مسكونا بالقبح والجمال معا، بالخير والشر.. عكس الجمال
بالنسق والمقدار، بالخير وحده، والقادر على تحقيق التطهير لأنواتنا..
..ندخل
أعمق في المنظومات الأبستمية الأرسطاليسة لنمسك بالمرتكزات التي أسست
نظريته وعناصرها الأستاطيقية،منطلقين أولاً من رأي (أرسطو) بأن الشعر (ألصق
بالحقيقة من التاريخ).. وهكذا يكون الشعر محملاً بالمهمة الجمالية وأرخنة
الوقائع معاً، مثلما منحه العمق الفلسفي من خلال خاصية التكثيف التي هي من
جوهر مكنوناته.. إننا بهذه المفاتيح نكون قد ولجنا الصرح الفلسفي
الأرطاليسي للقبض على الثيمات الاستاطيقية وخاصة التي رسختها مدونته
النظرية (فن الشعر).. وننطلق من تقسيم (أرسطو) للشعر، حيث يرى بأن المأساة
والمهزلة هما أرقى أطوار الشعر، ويبعد الشعر الغنائي (Lyric) لأنه يراه
مرتبطاً بالموسيقى.. ولقد افتتح نظريته باعتبار الشعر ضرباً من ضروب
التقليد.. لكن ما المقصود بمفهوم التقليد (Imitation)..؟ وبأي شكل تكون
المحاكاة وبأي اتجاه تسير..؟
لقد جعل (أفلاطون) التقليد بأنه الصلة بين
الشعر والطبيعة، أما (أرسطو) فيرى أن الشاعر يقلد ما يتصوره أو ما يتمثله
الخيال.. أي أنه الرابطة بين الشاعر والإلهام الخيالي.. أما التطهير فهو
أحد مرتكزات الفعالية الإبداعية وخاصة المأساة، كعنصر تأثيري جمالي
وفلسفي.. فإحدى الاشتغالات المركزية للمآسي لليونانية يتمثل في توفير فضاء
التطهير وتأسيساً على رأي (أميل برهيه) (أن علم أرسطو لا يتقدم في العمل
بل يشق طريقه بالأحرى وهو يتوسع).. وهكذا يكون التأسيس الاستاطيقي
الأرسطاليسي علمي النزعة ومعمقاً للرؤى الجمالية والنقدية ومؤشراً متجدداً
للمفاهيم ومشيداً لأولى النظريات الجمالية بمعناها الراسخ..
..وسنتواصل
مع المشروع الجمالي لـ (أرسطو) لنصل إلى مفهوم الفعل الذي هو سابق على
القوة.. ولكن يجب أولاً أن نعرف تشخيصه لـ (الفعل Energy)، حيث يشير بأن
الفعل بالنسبة للقوة كالإنسان اليقظ بالنسبة للنائم، والمفتوح العينين
بالنسبة إلى المغمض، والتمثال بالنسبة إلى البرونز، والمكتمل بالنسبة إلى
غير المكتمل.. وهنا تكون الرؤية والتمثال هما موجودات بالفعل، وبذلك يتكون
الوجود بالفعل عبر إسقاط الفعل على القوة ويحقق التحول من المادة
اللامتعينة إلى الصورة المتعينة.. أي من البرونز إلى التمثال في فعالية
النحت.. وحين نتحول باتجاه مفهوم (الهيولى) نجد أنه بالنسبة إلى (أفلاطون)
يعني الصورة الأولى أو المادة الأولى المتصفة باللاتحديد واللا متعين..
وهذا هو المطلق والمثال العلوي، وعلى الإنسان أن يستعيد الجمالية الماقبلية
الأولى والساكنة في العلى المثالي.. أما بالنسبة إلى (أرسطو) فتسقط
الماقبلية الجمالية، و(الهيولى) هي الشروط الواجب توفرها لتتمكن الصورة من
الظهور، وليست المثل سوى الماهية المتحققة لهذه الأشياء.. كما أنها الشروط
التي يتحقق بها التحول من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل والانتقال من
اللامصور إلى المصور الذي يؤسس الفعل الاستاطيقي الظاهري المحقق للرؤيا
الاستاطيقية.. وهنا تتحقق الماهية الجمالية عبر الكينونة الصورية للأشياء..
..ولابد
من التحول إلى (نظرية العلل) لدى (أرسطو) لتتكامل الصورة عن المشروع
الجمالي لديه.. وهذه النظرية هي الأخرى تعتمد مرتكزات الوجود بالفعل
والوجود بالقوة.. ويشير (أرسطو) في مؤلفه (السماع الطبيعي) إلى أن هذا
الاتحاد هو مرجع المفاهيم الأساسية للفيزيقيا من خلال نظرية العلل.. وهذه
الإشارة تؤكد على أن الاستاطيقيا الأرسطاليسية ذات منهج فيزيقي مفارق
للاستاطيقيا الأفلاطونية ذات المنهج الميتافيزيقي.. وتندرج نظرية العلل لدى
(أرسطو) في مرتكزات أربع هي:
1- العلة الهيولية: وهي ما به يتكون
الشيء.. أي الوجود اللامصور وهي هنا تعني البرونز بالنسبة إلى التمثال
والمريض بالنسبة إلى الطبيب..
2- العلة الصورية: وهي الصورة والنموذج
والماهية.. أي فكرة الصحة في ذهن الطبيب وفكرة التمثال في ذهن النحات..
وتعني الرؤية أو الإلهام وهي الفعل الذي يحول الوجود بالقوة إلى وجود
بالفعل..
3- العلة المتحركة: وهي الطبيب أو النحات..
4- العلة
الغائية: وهي الوضع النهائي حين يشفى المريض ويصبح البرونز تمثالاً.. وهكذا
يتم إسقاط الفعل على الوجود بالقوة ليصبح وجوداً بالفعل أو إسقاط الصورية
عبر العلة المحركة على العلة الهيولية ليتم التحقق من خلال العلة الغائية..
وبالإضافة
إلى هذه المرتكزات الرئيسية لفلسفة (أرسطو) الجمالية، فثمة شذرات من
المفاهيم تصب في ذات التضاريس طرحها (أرسطو) في مؤلفاته الأخرى حيث يشير
إلى مفهوم (القوة الإيجابية) في حالة الفن التي هي قوة العقل المغادرة
للتمثال حال انجازه.. كما يطرح في مؤلفه (في الكون والفساد) مفهوم (العمل
المحرك) مؤكداً بأنه (أي عمل ينظم الحركات على نحو تغدو معه الهيولى قابلة
لتلقي صورة موجودة بالفعل في المحرك ونمط العمل المحرك هو عمل الطبيب الذي
يشفي المريض أو عمل النحات الذي ينحت التمثال). كما يتناول (أرسطو) في
مؤلفه (ما بعد الطبيعة) مفهوم (الهيولى) مشيراً إلى أن النار هي (هيولى)
الحرارة.. ويطلق تسمية (الهيولى اللأولى) على قوة التعيين اللامتعينة
بتمامها.. والتي تنطوي عليها استحالة العناصر، وعلى العكس تأتي (الهيولى
الثانية) متعينة في ذاتها على الرغم من أنها لا متعينة بالنسبة إلى
التغيير، وما تزال بها قدرة على الخضوع، وهي برونز التمثال مثلاً..
..لعل
هذا التنقيب في الأرومات الاستاطيقية وحراكها ومنظوماتها الميكانيزمية
يؤشر الدور الفاعل للمشروع الجمالي الأرسطاليسي بمعطياته الفيزيقية المعمقة
بالمقتربات العقلية وتجعل من (أرسطو) الأب الشرعي وتمنحه منزلة المشرع
للاستاطيقيا الفيزيقية، دون أن يخولنا هذا الأمر إقصاء الشذرات الاستاطيقية
الأفلاطونية وأبعادها المثالية التي مهدت لانطلاقة الفكر الاستاطيقي او
مفاهيم علم الجمال..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

في الاستاطيقيا :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

في الاستاطيقيا

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: