الظاهرتية في نظرية التلقي

حسن الطويل

الظاهرتية في نظرية التلقي Thumbnail.php?file=althawaher_171706380

انطلقت
الفلسفة الظاهرتية من مسلمة أن الفكر الإنساني في مطلع القرن العشرين وقع
في مأزقين.الأول يتمثل في أن العلوم تجاهلت دور الذات في التأثير على
المعرفة. والثاني أن بعض الدراسات - النفسية على وجه الخصوص _ قد أعلت من
شأن الذات وبالغت في اعتبارها. ومن هنا حاول فيلسوف الظاهرتية الأول:
إدموند هوسرل أن يسلك طريقا وسطا يوفق فيه بين الذات والموضوع.
وإن
الظاهرتية تعني في مجملها كما يرى صاحبا "دليل النقد الأدبي" ، أنها نظرية
تعتبر "المعرفة الحقيقية للعالم لا تتأتى بمحاولة تحليل الأشياء كما هي
خارج الذات ( نومينا..) وإنما بتحليل الذات نفسها وهي تقوم بالتعرف على
العالم، أي بتحليل الوعي وقد استبطن الأشياء فتحولت إلى ظواهر ( فينومينا..
)، ذلك أن الوعي لا يكون مستقلا وإنما هو دائما وعي بشيء ما." فالتصور
الظاهرتي، إذن، يبني المعرفة السوية بالنظر إلى أحةال الذات وهي تدرك
الموضوع، وبمراعاة قصدية الإدراك وهو يتجه إلى اليطرة على تفاصيل الشيء
المُدرَك.
وقد كان رومان إنغاردن هو من نقل الظاهرتية إلى حقل النقد
الأدبي، فقد رأى "أن العمل الأدبي كيان قصدي صرف، أو خاضع لقوانين مختلفة،
بمعنى أنه عمل لا هو معين بصورة نهائية، ولا هو مستقل بذاته ( كما هو الشأن
في الأشياء الواقعية والأشياء المثالية على السواء). لكنه يعتمد بالأحرى
على فعل الوعي ، وهو يتشكل من أربع طبقات أو أربعة أطوار، كل منها يؤثر في
سائرها." وهذه الطبقات كالآتي
"1_ طبقة صوتيات الكلمات والصياغات الصورية ذات الرتبة العالية.
2_ طبقة وحدات المعنى.
3_ طبقات الموضوعات المتمثلة.
4_ طبقة المظاهر التخطيطية."
في
الطبقة الأولى يبعد إنغاردن المادة الصوتية ( الأصوات ) باعتبارها متغيرة
وغير خاضعة لنسق محدد، وبالمقابل اهتم بالصورة الصوتية ( الكلمات ) لأنها
ثابتة وتنتمي إلى بنية العمل الأدبي وذلك بفضل ارتباطها الوثيق بالمعنى.
والغاية من هذا التفريق هو توخي إنغاردن "أن يجد أساسا ماديا وموحدا
للقراءات المتغيرة."
وفي الصنف الثاني من الطبقات يفرق أيضا بين
الموضوعات المرتبطة بالقصدية الخاصة للمؤلف، والموضوعات القصدية التي
يصنعها القارئ بملء فراغات النص.
أما في الطبقة الثالثة فإن "إنغاردن
يقف عند العالم الرمزي المشكل للعالم الأدبي من أشخاص ومكان وزمان
وأحداث...وينفرد العالم الرمزي عن العالم الواقعي بكونه غنيا بمواضع
اللاتحدد التي تظهر في نوعين اثنين؛" نوع يوفر فيه النص علامات وإشارات
مساعدة على الوصول إلى الدلالة، ونوع يكون النص صامت ولا يقدم معونة لغثبت
دلالة ما.
وفي طبقة المظاهر التخطيطية فإن القارئ يكون مجبرا على أن
يتفاعل بشكل إيجابي مع النص، لأن هذا الأخير لا يقدم كل شيء "بل يلجأ
باستمرار إلى أسلوب التعويض، أي أنه يعوض التفاصيل بإشارات دالة في صياغاته
اللغوية، وطرائق تمثل موضوعاته." وهو الأمر الذي يفرض على القارئ أن يتصرف
لتحقيق الدلالة.
وإذا لاحظنا هذه الطبقات كلها، وجدنا الخيط الناظم
بينها هو فكرة "مواضع اللاتحديد"، ففي كل طبقة على حدة نجد مجالا مفتوحا في
دلالة النص يُترك للقارئ ليملأه. وإن هذه الفكرة هي جوهر ما استمدته نظرية
التلقي من الفلسفة الظاهرتية، فمعروف أن التلقي باعتباره نظرية تفاعل تنظم
علاقة القارئ بالنص، تلح على ضرورة تدخل المتلقي من أجل سد فجوات نصية لا
يكاد يخلو منها نص أدبي.
..........
عبد العزيز: حمودة المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك. مرجع سابق، ص 150
ميجان الرويلي وسعد البازعي: دليل الناقد الأدبي إضاءة لأكثر من من سبعين تيارا ومصطلحا نقديا. مرجع سابق، ص 321
روبرت هولب: نظرية التلقي مقدمة نقدية. مرجع سابق، ص 61
ناظم عودة خضر: الأصول النقدية والمعرفية لنظرية التلقي. مرجع سابق، ص 84
روبرت هولب: نظرية التلقي مقدمة نقدية. مرجع سابق، ص 85
فؤاد عفاتي: نظرية التلقي..رحلة الهجرة. مرجع سابق، ص 66
ناظم عودة خضر: الأصول النقدية والمعرفية لنظرية التلقي. مرجع سابق، 90

خاص "أدب فن"

» نظرية الأوتار.. نظرية كل شيء
» في أعماق المحيطات... دليل على صحة نظرية داروين ترجمة عبدالاله مجيد اكتشاف يؤكد نظرية داروين في الارتقاء اكتشاف يؤكد نظرية داروين في الارتقاء 371 13 Blogger1 11 مواضيع ذات صلة هوة عميقة بين آراء العلماء والعامة بالولايات المتحدة وجد العلماء كائنات مجهرية
» قصيدة النثر وحجاب التلقي
» آليات التلقي والتعليب في الدراما التلفزيونية
» هيتشكوك" ساشا جيرفاسي، تدشين مرحلة جديدة في التلقي السينمائي

الظاهرتية في نظرية التلقي

الظاهرتية في نظرية التلقي :: تعاليق

الظاهرتية في نظرية التلقي

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة