الأزمة السورية تستقطب شبانا أوروبيين مسلمين للقتال ضد الأسد وأوروبا حائرة في التعامل معهم
حسين مجدوبي
2012-07-27
مدريد
ـ 'القدس العربي': بدأت الأزمة السورية تعيد سيناريو تجنيد الشبان
المسلمين كما حدث في الماضي في الأزمة الأفغانية في الثمانينات والبوسنية
في التسعينات، وتبدي مختلف الأوساط الأمنية الأوروبية قلقها جراء ارتفاع
توافد شبان مسلمين أوروبيين الى سورية رغم المعطيات التي تشير الى عدم
اعتناق الفكر الجهادي للأغلبية منهم وتتساءل كيف سيتم التعامل معهم
مستقبلا.
وتبرز مختلف تقارير الوكالات وكبريات وسائل الاعلام الغربية
ارتفاع نسبة الشبان المسلمين الذين يتوافدون على سورية لمحاربة نظام بشار
الأسد بسبب الخروقات التي يرتكبها في حق الشعب السوري وخاصة ضد الطائفة
السنية.
وتبرز وكالة 'فرانس برس' في تقرير لها أن الجيش السوري الحر لا يرغب في الاعتراف بقدوم شبان من دول عربية وأوروبية بل يتستر عنهم.
في
هذا الصدد، كانت الصحف العربية قد تحدثت بكثرة عن التحاق تونسيين وليبيين
بجبهة القتال ضد نظام بشار الأسد، كما كتبت جرائد فرنسية مثل 'ليبراسيون'
واسبانية مثل 'الباييس' عن شبان مسلمين يقيمون في أوروبا ويتوجهون نحو
تركيا ومنها يلتحقون بالجيش السوري الحر. وأوردت 'الباييس' أسماء بعض
الشباب الإسبان من أصل مغربي لقي البعض منهم حتفه في المواجهات مع الجيش
السوري.
ونقلت جريدة 'الباييس' مؤخرا أن اجهزة الاستخباراتية الأوروبية
وخاصة الإسبانية قلقة من أن تتحول مشاركة ومقتل شبان أوروبيين الى دافع لكي
يلتحق بهم آخرون. وتؤكد انكباب الاستخبارات لمعرفة كيفية استقطاب هؤلاء
المقاتلين للذهاب الى سورية وما هي الجماعات الإسلامية التي تقوم بذلك.
في
غضون ذلك، تعترف الأوساط الاستخباراتية الأوروبية بأن موضوع ذهاب الشبان
المسلمين الى سورية شائك للغاية لأن العالم بأكمله تقريبا يعترف الآن
بالجيش السوري الحر وأحقية الشعب السوري في الدفاع عن نفسه عبر السلام بل
وهناك تمويل غير معلن عنه من الأوروبيين للمقاتلين السوريين.
وعليه،
فالإشكال هو أن التحاق شبان مسلمين يقيمون في أوروبا يتم قبوله الآن لأنه
لا يتم تصنيف المشاركة في الجيش السوري الحر بمثابة إرهاب عكس ما كان يجري
في حالة العراق وأفغانستان منذ سنوات.
ويرى المراقبون المهتمون بملف
الحركات الإسلامية في أوروبا أن 'سيناريو أفغانستان في الثمانينات عندما
كان الشبان الأوروبيون من الديانة الإسلامية يتوجهون إلى هذا البلد لمواجهة
الاتحاد السوفياتي كان يتم التصفيق له، كما جرى التصفيق للشبان الذين
كانوا يتوجهون الى البوسنة في التسعينات، ولكن لاحقا جرى تصنيف الكثير منهم
بالإرهابيين وجرت محاكمتهم واعتقالهم بعد 11 ايلول (سبتمبر)'.
مصدر
أوروبي خبير بالأمن يقول 'يبقى عدد الشباب الأوروبي المسلم الذين يتوجه الى
سورية محدود للغاية مقارنة مع البوسنة أو العراق، لكن يتزايد منذ ثلاثة
أشهر وقد يرتفع أكثر في حالة استمرار القتال، والإشكال سيكون بعد عودتهم،
كيف سيتم التعامل معهم، بدون شك سيكونون تحت مراقبة أمنية لصيقة'. وهناك
نوع من الارتياح مقارنة مع العراق، فأغلبية الشباب الأوروبي المسلم الذي
توجه الى سورية ليس لديه سجل كعناصر متطرفة أو دافعت عن فكر تنظيم القاعدة
بل عن شباب مسلم محافظ يدافع عن قيم الديمقراطية وينصر السنة ولا يتبنى
خطابا جهاديا ضد الغرب.