الإشتباك العسكري يدفع بسيناريو 'المنطقة العازلة' والحدود الأردنية
السورية في أعلى مستويات التوتر والطفل الشهيد وائل لبابيدي أصبح رمزا
للثورة في الرمثا
بسام البدارين
2012-07-27
عمان
ـ 'القدس العربي' ساعات فقط فصلت بين حادثة تبادل إطلاق النار على الحدود
الأردنية السورية وبين الجنازة الشعبية العملاقة التي أقيمت في شوارع مدنية
الرمثا الأردنية للطفل وائل اللبابيدي ذي الأربع سنوات وهو الضحية التي
أشعلت عمليا أول إشتباك عسكري بين الجيشين الأردني والسوري.
وخرج الاف
الأردنيين واللاجئين السوريين معا لتشييع جثمان الطفل 'شهيد الحدود' كما
وصفه الإعلام المحلي في مشهد أعاد الصخب في الشارع الأردني للثورة السورية
في الوقت الذي تجمع فيه المئات مقابل السفارة السورية في العاصمة عمان
للإحتجاج بعدما تسربت أنباء عن إصابة ضابط صف في الجيش الأردني وهو يحاول
إسعاف الطفل الشهيد.
الأردنيون علقوا علنا على الموضوع لكن قواتهم
المسلحة لم تتطرق للتفاصيل على الأرض فيما قدمت وكالة الأناضول التركية
رواية جديدة تحدثت عن تبادل كثيف للنار حصل بين الجيشين الأردني والسوري
جرى خلاله إعطاب مركزين أمنيين سوريين وفرار من فيهما تحت وابل من الرصاص
الأردني.
مصادر 'القدس العربي' أفادت بأن القوات الأردنية سعت لإنقاذ
الطفل الذي أصابته نيران القوات السورية مما تطلب غطاء ناريا لتأمين إنتقال
الطفل ولاجئين آخرين كان جنود من الجيش الحر يساعدونهم مع قوات الجيش
العربي الأردني في الوقت الذي صدم فيه الجميع بعدما تبين بأن الجيش السوري
كان يلاحق طفلا جريحا حاول الجيش الأردني إنقاذه.
الحادث الحدودي بين
الأردن وسورية يثبت مجددا بأن المنطقة الحدودية أصبحت مفتوحة على كل
الإحتمالات، فتبادل إطلاق النار لم يكن حادثا عابرا والسلطات السورية تصبح
عدائية أكثر كلما إستقبل الأردن المزيد من اللاجئين.
أصل المشكلة بدأ
عندما نشط الجيش الحر في تأمين تنقل عائلات كانت في طريقها للأردن عبر الحد
الفاصل بين قريتي تل الشهاب والطرة على نقطة التماس الحدودية بين البلدين
حيث حصل الإشتباك الناري بعد إطلاق الجيش النظامي السوري النار على عائلة
سورية داخل الأراضي الأردنية مما أسفر عن إصابة الرقيب الأردني بلال
الريموني ومقتل الطفل السوري وائل لبابيدي.
والحادث لم يكن جديدا لكن
الجديد كان إطلاق الجيش الأردني النار بكثافة على الجانب السوري بعد إصابة
عسكري أردني مما إنتهى بهروب نحو 20 عسكريا سوريا إلى أحد الوديان المجاورة
لقرية تل شهاب.
بعد ذلك وصلت تعزيزات أردنية مكثفة لمنطقة الإشتباك ودخلت الحدود بين عمان ودمشق في حالة توتر حذر إستثنائية يسودها القلق.
وحادث
الحدود فجر الجمعة أظهر بعض المستجدات التي لم تكن مألوفة في الموقع
والميدان وأهمها أن الجيش العربي الاردني لديه تعليمات واضحة بإطلاق النار
والرد عندما يلزم الأمر لتأمين الحدود خصوصا عند حصول إختراقات لها من قبل
الجيش السوري وأن الجانب السوري عليه أن لا يخلط بعد الآن بين سعيه
للإنتقام من اللاجئين الأبرياء والسيطرة على الحدود وبين الإعتداء على
الاردن خصوصا بعدما تغير المزاج السياسي والشعبي ضد القيادة السورية
الحالية.
مسألة أخرى كشفها حادث الجمعة تتمثل في وجود مرئي للعشرات من
جنود الجيش الحر يتعاون مع السلطات الأردنية في نقل وتأمين اللاجئين وحماية
من تتقرر عودته لأي سبب مما يعني وجود إتصالات وتنسيق وترتيبات مع الجيش
الحر المتواجد بكثافة في منطقة الإشتباك الناري في محافظة درعا.
الأهم
برأي الكثير من المحللين هو وقوف الشارع الأردني شعبيا وعاطفيا إلى جانب
الدولة الأردنية فورا في أي موقف معاكس ومضاد لنظام الرئيس بشار الأسد
خصوصا مع تنامي عدد اللاجئين السوريين بحيث وصل عددهم لأكثر من 150 ألفا
حتى الآن على الأقل، مما يدفع بالوجود السوري بين الأردنيين لأكثر من نصف
مليون مواطن بدأ إيقاعهم يرصد في الحياة العامة في شوارع الاردن.
سياسيا يمكن القول ان الجانب الأردني يلفت نظر السوري الى انه قد لا يتسامح
بعد الآن إزاء ما يعرف بمخالفات بروتوكول الإشتباك الحدودي خصوصا عندما
تؤدي عمليات الملاحقة النظامية لللاجئين إلى إصابات أردنية أو إختراقات
للحدود الدولية مع الأردن.
والإستخلاص النهائي يشير الى ان منطقة الحدود
الأردنية السورية لم تعد كما كانت ودخلت فورا في عمق السؤال السوري الذي
يجتاح العالم والمنطقة وبشكل قد يدفع الاردن في وقت قريب للإقتناع بالحاجة
الملحة لتأمين 'منطقة عازلة' لحماية اللاجئين وتأمين حدوده مع تأمين
النفقات المالية التي يحتاجها عشرات الالاف من اللاجئين وهو السيناريو الذي
دفعت به مجددا للواجهة حادثة الجم