تاريخ التسجيل : 13/09/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4
15072012
طول القضيب الذكري وعلاقته بالتطور
طول القضيب الذكري وعلاقته بالتطور
يتساءل البعض كيف حدث ان تطابق طول قضيب الذكر مع طول عمق مهبل الانثى، هل هذه صدفة؟ غير ان علينا ان نتذكر انه لايجري الكلام عن " طول قضيب وعمق مهبل" وانما عن مجموعة كبيرة من الافراد تملك تنوعا داخليا وتعيش في علاقة ديناميكية خلاقة، لذلك نتساءل:هل حقا تتطابق اطوال القضبان على عمومها مع عمق المهابل على عمومها؟ وماهو الميكانيزم الذي يدفع هذه العملية؟ هذا السؤال سبب احدى اكبر المفاجآت امام علماء بيلوجيا التطور عندما اصطدموا بنموذج واضح منه لدى ذكور البط النحاسي الارجنتيني، التي تملك اطول قضيب بالنسبة الى حجمها في عالم الفقريات. ان اطوال القضبان لدى افراد النوع الواحد مختلفة بصورة مذهلة، ماهي العلاقة التي تدفع الى زيادة طول قضيب البط النحاسي بهذا الشكل الجنوني المروع؟
البط النحاسي الارجنتيني Oxyura vittata, يتميز بألوانه الفاقعة فالذكر لون جسمه بني كالنحاس ورأسه اسود ومنقاره المفلطح ازرق. وطوله لايزيد عن 40 سم في حين وزنه يتراوح مابين 600-700 غرام. غير ان هذا الذكر استولى على إهتمام كبير من علماء بيلوجيا التطور اكبر بكثير من " حجمه".
من زمن بعيد كان معلوما لدى البيلوجيين ان ذكر هذا البط مسلح بقضيب لامثيل له في عالم الحيوان عندما يتعلق الامر بطول القضيب. الطول "الطبيعي" للقضيب بين افراد هذا النوع حوالي 20 سم، اي نصف طول الذكر الكلي. غير ان الامر اخذ اهتماما كبيرا فقط بعد ان قام العالم الامريكي Kevin MaCracken بنشر صورة عام 2001 لنموذج اصطاده اثناء دراسته للبط في امريكا الجنوبية، يظهر فيها بوضوح قضيب يتجاوز الابعاد المعقولة. كان هذا الذكر يملك قضيب بطول 42،5 سم، اي اطول من جسمه بكامله. بين الفقريات كان هذا النوع من البط يملك رقما قياسيا في طول القضيب بالنسبة الى طول الجسم، ولكنه الان ضرب الارقام القياسية بأسرها.
وجود قضيب لدى ذكور الطيور ليس ظاهرة شائعة. في الحقيقة ان 3% فقط من انواع الطيور المعروفة والبالغ عددها 10000 نوعا يملك الذكر منها عضوا جنسيا خارجيا. من بين الانواع المشهورة بإمتلاكها لقضيب نجد طيور عائلة Tinamidae, Anhimidae, Craidae, الفلامينغو والنعامة وبالطبع البط. الشائع في عالم الطيور ان التناكح يجري من خلال ضغط فتحة المخرج على بعضهم البعض، وهي فتحة نهاية الامعاء التي يخرج منها الغائط والبول والمنويات من الذكر للانثى وتبيض منها الانثى البيضة. عملية التلقيح تأخذ عادة بضعة ثوان لااكثر. من ناحية التطور يجب ان نعتبر عدم وجود قضيب هو الخطوة التطورية من حيث ان الطيور انحدرت عن الديناصورات التي كانت ذكورها تملك قضيبا.
العديد من النظريات سعت لتفسير اسباب اختفاء القضيب عند غالبية الطيور ولكن لاتوجد نظرية ترضي الجميع حتى الان. اكثر النظريات قبولا تنطلق من تأثير الحاجة لتخفيف الوزن. عندما بدأت قدرات الطيور الاولى بالنشوء كان من المهم ان يكون القادر على الطيران هو الذي يملك وزنا اخفا. لذلك نرى ان خاصة الطيران تطور معها عظام خفيف ولكنه قوي ومنظومة امعاء خاصة. غير ان هذه النظرية لاتغطي كل شئ، إذ انه وعلى الرغم من ان اغلب الطيور التي لازالت تحافظ على قضيب هي من الانواع التي نادرا ماتطير غير ان الكثير من انواع البط طيارين بإمتيار ولكن ليس البط الارجنتيني.
نظرية اخرى تقول ان القضيب الذكري يتطور بشكل خاص في المجموعات التي يكون فيها عملية النكاح صعبة. هذا الامر صحيح عند البط حيث عملية النكاح تحدث في الماء وصحيح عند النعامة والفلامينغو لكون ارجلهم طويلة والنكاح يحتاج الى اكثر من مجرد قدرة على التوازن. غير ان العائلة الاولى من الطيور (المذكورة في البداية) تخص طيور صغيرة لايفترض انها تعاني من هذه المشكلة.
البعض اقترح اعتبار تطور القضيب كحالة تشابه تطور القرون عند الغزلان. الذكور تستعرض نفسها امام الاناث التي تختار منهم ذو القرون الاكبر علامة على القدرة على البقاء على الحياة لفترة اطول. غير ان الملاحظات لم تشير على الاطلاق الى ان ذكور البط تستعرض قضيبها للاناث كجزء من عملية النكاح، وبالتالي فالنظرية لاتدعمها الوقائع.
غير انه منذ الاكتشاف الذي حققه ماكراكين ونشره لصورة القضيب الغير طبيعي قام الباحثون بإجراء العديد من الابحاث اعطت قدرات معرفية عن الميكانيزم الذي يقف خلف تطور القضيب. الجواب تمكن من تقديمه اختصاصية في السلوك والتطور.
عندما انتشرت الصورة اصبحت مصدر إلهام بالنسبة للبيلوجية الامريكية Patricia Brennan, وطرحت السؤال الذي لم يحطر ببال الباحثين الذكور: إذا كان القضيب بهذا الشكل، فكيف سيكون شكل المهبل لدى الانثى إذن؟ بالتأكيد لايمكن امتلاك قضيب الا من اجل إدخاله في مهبل. السيارة تحتاج الى كراج، قالت الباحثة. هذه الفكرة ادت الى ابحاث طويلة لتنتهي بإكتشاف ماسيفعل بط بطول 40 سنتمتر بقضيب من ذات الطول. عندما فحصت الباحثة اناطوميا فتحة البطة ومجراها الداخلي اكتشفت ان القناة الجنسية ليست عادية على الاطلاق وانما قناة لولبية معقدة بها ممر طويل صادرة عنه فروع مغلقة وزوايا ميتة، ومعوقات اخرى تجعل من الصعب القيام بعملية تلقيح موفقة بدون موافقة البطة.
وكلما ازداد طول قضيب الذكر كلما كانت هناك اناث تملك قناة نكاح اكثر تعقيدا. عند بعض الانواع تستطيع الانثى ايضا، من خلال انقباض عضلاتها ، تغيير شكل قناتها الجنسية الى لولبية بل وحتى تأخذ في الاعتبار توجيه اللولبية نحو اليسار او اليمين ليكون بعكس لولبية قضيب الذكر الغير مرغوب بحصول الجماع معه.
الباحثة لاحظت ايضا ان الاغتصاب ظاهرة منتشرة بين البط وتصل الى حد تسبيب القتل للانثى، وهي منتشرة بالذات عند الانواع التي يملك ذكورعها قضبان ذكورة طويلة وعلى الاخص عند النوع الارجنتيني.
كل ذلك يقدم الاساس للقول ان التطور لدى هذا النوع اخذ اتجاه من الصراع بين الانثى والذكر، نوع من سباق التسلح، وهذا السلاح كان اعضائهم التناسلية. الذمكر يحاول ان يصبح ابو اكبر عدد ممكن من الافراخ وفي نفس الوقت يحاول تعطيل قدرة بقية الذكور على التلقيح. عدم قدرته على فعل ذلك تعني اخراج جيناته من ساحة الصراع في حين تبقى جينات الذكر الذي نجح في سباق التسلح. الذكر الذي يكون قضيبه اطول سيتمكن من وضع المنويات في نهاية النفق الجنسي واقرب للبيضة، عابرا كافة المعوقات. ومن لايكون قضيبه بالطول الكافي لايصل الى البيضة او تتعرض منوياته الى معوقات اكبر وتضيع الطريق، فيذهب نسله هدرا.
والالتواءت الكثيرة في القضيب تسمح بتنظيف مجرى القناة من منويات محتملة يمكن ان يكون قد تركها ذكر اخر من جماع سابق. إضافة الى ذلك فالالتواءات تصبح مساند تسهل دخول االقضيب في قناة الانثى الجنسية.
والانثى ايضا تريد الحصول على اكبر عدد ممكن من الافراخ ولكن مع الذكر الانسب. الذكر يبحث عن الكمية، في حين ان الانثى تبحث عن النوعية لكونها تحصل على الافراخ مرة واحدة في السنة. ولكن لكون الانثى تنتمي الى نوع يمارس الاغتصاب كطريقة تكاثر فقدرتها على التحكم بعملية التلقيح لايمكن ان تكون سهلة. الانثى تستطيع اختيار الذكر الذي سيلقح بيوضها من خلال التحكم بقناتها لتقيم المصاعب او تجعلها سلسلة. وكلما تطور القضيب لدى الذكر طولا كلما نجحت الانثى التي تتمكن من السيطرة على انقباضاتها وتعقيد ممرات قناتها وتغيير شكل انحنائتها من الحصول على الاجيال الافضل ونقل الصفات الى الامام.
عندما تكون الانثى غير راضية عن جماع مع ذكر غاصب تستطيع توجيه قضيبه في قناتها بحيث يصل الى ممرات مسدودة وزوايا مكثفة تحجز منوياته بحيث تجعله يضيع وقته ومنوياته بلا طائل. وايضا تستطيع تعطيل امكانته على جماع موفق من خلال تغير الاتجاه اللوبي لقناتها بعكس لولبية قضيبه بحيث لايتمكن من الدخول فيها. من هنا نرى انه وعلى الرغم من الاعجاب الذي اثاره قضيب ذكر البط الا ان قناة البطة سابقته في التسلح المضاد، ولها الكلمة الاخيرة.
على العموم يعتبر الحوت هو الكائن الذي يملك اكبر قضيب، حيث يصل طوله الى اكثر من المترين. غير ان الرقم الفياسي بالنسبة الى جسم الكائن نجده عند القشريات والرقم القياسي نجده عند عائلة تولبان البحر. en. barnacles (lat. Balanidae). اعضاء هذه العائلة لاتسبه من الوهلة الاولى القشريات لان مانراه منهم لايتجاوز الصدفة الكلسية التي يعيشون فيها، مثل القواقع ولكنها مثبتة في القاع. هذا الكائن يقضي كل عمره بعد النضوج في القشرة الكلسية لايغادرها ولايترك مكانه. ولكون تولبان البحر اما ان يكون انثى او يكون ذكر لذلك يصبح ممارسة الجنس بينهم مسألة معقدة بالنسبة لهم طالما انهم غير قادرون على التحرك من مكانهم. لهذا السبب لايمكن للذكر زرع نسله في الانثى الا إذا كان عضوه الذكري طويل بشكل كاف ليصل الى اقرب انثى على الاقل. لذلك من الطبيعي ان نجد القضيب الذكري 40 مرة اطول من تولبان البحر نفسه.
من المثير ان طول القضيب يختلف لدى الانسان نفسه ايضا. وبشكل عام يتقارب متوسط اطوال القضيب لدى مختلف الشعوب. والبعض يشير الى ان اختلاف متوسط الطول بين الاسيويين والافريقيين والاوروبين يمكن ان يكون بسبب الطقس وسرعة البلوغ. الملاحظ ان البلوغ لدى الاسيويين يتأخر عن الافريقيين والاوروبيين على السواء، في حين ان الافريقيين هم الاسرع بالوصول الى البلوغ. ومن حيث ان الملاحظ ان متوسط طول القضيب اكبر لدى جماعات افريقية لاتزال تملك نمط الحياة الطبيعية او كانت تملكها الى فترة قريبة، حيث كانت الجماعة وعلى الاخص الذكور عراة، مما يسمح للاناث اختيار القضيب الاطول، الذي يعتبر اختياره افضلية لكونه يتمكن من ايصال المنويات الى اقرب نقطة ممكنة للبيضة ويضمن التلقيح افضل.. عند الانتقال الى عهد استخدام الملابس تفقد الانثى القدرة على اختيار الذكر انطلاقا من طول عضوه الذكري، وتختفي القدرة على انتقاء الاطول.