جنون فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 2121
الموقع : منسقة و رئيسة القسم الفرتسي بالمدونات تاريخ التسجيل : 10/04/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4
| | لماذا لاتظهر انواع واجناس جديدة؟ | |
لماذا لاتظهر انواع واجناس جديدة؟ طريف سردست | داروين والعديد من العلماء كانوا يعتقدون ان التطور يجري ببطء للغاية ويتطلب الامر عصور لرؤية احد جوانبه او ظهور نوع جديد، غير اننا اليوم نعلم ان خطواته يمكن ان تكون سريعة اكثر بكثير مما اعتقدنا. يعبر البروفيسور ميتشيل كينيسون Michael Kinnison, عن ذلك بقوله:" التطور عملية دائمة السيرورة في جميع الكائنات الحية حولنا وفينا".
ميتشيل كينيسون من الاوائل الذين قاموا بقياس عملية التغييرات الناشئة في خضم تطور الكائنات اليومي. واليوم يساهم العديد من العلماء في هذه القياسات ليظهر للنظرنا بوضوح ان الانواع لاتتغير فقط خلال الاف السنوات وانما في الواقع يتغيرون سنة بعد سنة وجيل بعد جيل.
British Lepidoptera | هذا المفهوم يتعارض مع تصوراتنا التي نشأت بفضل كتاب " اصل الانواع" لتشارليز داروين، عام 1859. ذلك على الرغم من انه بعد صدور كتاب " اصل الانواع" تسلم داروين العديد من الرسائل عن وجود حوادث تشير الى تطور سريع. في رسالة اليه مؤرخة 18/ نوفمبر، 1878، من الباحث الانكليزي، في مجال الحشرات، A B Farn, يخبره عن وجود نماذج لفراشة British Lepidoptera, سوداء رمادية، تملك حلقات بيضاء للنماذج التي تعيش في منطقة Lewes حيث توجد منحدرات كلسية في حين تكون سوداء تقريبا في منطقة New Forest, ولكنها تصبح بنية في منطقة Herefordshire الطينية. فارن يسجل انه يعتقد ان هذا التنوع من علامات " survival of the fittest", اي ان الذي يبقى على قيد الحياة، هو المالك للخصائص الانسب للبيئة الموجود فيها.
Biston betularia | الباحث فارن استمر بالتعبير عن ملاحظات مدهشة، فيقول: بين نماذج منطقة لويس تم العثور على نماذج بحلقات سوداء. يفسر "فارن" هذا الامر ان منتجي الكلس في المنطقة قاموا، على مدى ربع قرن، بتغيير ظروف البيئة إذ مع عملية احراق الكلس جرى قضم المرتفعات الكلسية وحولت بيئة الفراشة الى السواد. نموذج مماثل اخر هو الفراشة Biston betularia والتي، خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، تحول لونها من الرمادي الفاتح كلون شجرة الحور التي تعيش عليها الى الرمادي الغامق بسبب الشحار الصادر عن مداخن المعامل. عام 1848 كانت 98% من الفراشات تملك لونا فاتحا، وكان مناسبا للاختفاء في بيئتها على جذوع شجر الحور الابيض. عند انتشار دخان المصانع ، تغيرت البيئة مما ساعد الافراد التي تملك لونا غامقا على الاختفاء عن اعين الطيور مما ادى الى انتشارها واختفاء الفاتحة. عام 1895 كانت 95% من الفراشات غامقة اللون، بعد ان نصرهم الاصطفاء الطبيعي.
كلا النموذجان كان من السهل الوصول اليهما في ذلك الزمن، ومن الناحية العلمية تعتبر ملاحظات فارن صحيحة حتى اليوم. ومع ذلك لم يقنع الامر البيلوجيين لسقوطهم في مصيدة تصوراتهم عن سرعة التطور. في السنوات الاخيرة تمكن الباحثون من العثور على امثلة متعددة ومتواترة عن عملية حدوث التطور السريع او التطور الدائم.
نموذج مماثل نجد مثيل له في الطبيعة، إذ في جنوب غرب الولايات المتحدة الامريكية ، حيث الصحراء، يعيش فأر بأسم Chaetodipus intermedius. في البداية كان يوجد نموذج فاتح لهذا الفأر، ولكن قبل 1،7 مليون سنة قام بركان بصبغ منحدرات المنطقة باللون العاتم على خلفية الرمال الفاتحة. طفرة جينية خلقت الى جانب الفأر الاصلي الفاتح نموذجا اخر غامق. ذلك يعني ان التغيير حدث كردة فعل على تغييرات طبيعية واسرع من توقعاتنا. تواتر هذه الطفرة منخفض للغاية بحيث ان واحد من كل 25 مليون فأر يملك شعرا غامق. في مجموعة من 5000 انثى ، كل واحدة تلد خمسة صغار في السنة، يولد واحد فقط بلون غامق كل مئة سنة. سرعة انتشار الشعر الغامق يرتبط بالافضلية التي يقدمها لحاملها. ولكون الافضلية في الصحراء، بعد تلوين المنحدرات، اصبح كبيرا، يحتاج الامر الى اقل من 100 جيل ليتحول اللون من الفاتح الى الغامق بين الجماعة المعنية.
بواسطة استخدام ادوات مراقبة مركبات البيلوجيا العضوية لدراسة الحمض النووي والاستعداد لقياس التغيرات الغاية في الصغر مثل الاختلاف في احجام واطوال الاجنحة او المنقار، يمكن البرهنة على وجود العديد من الملامح الخاصة بكل نوع، التي تتطور على الدوام، عند جميع الانواع. هذه المعرفة الجديدة تجعلنا نتساءل: ماهي سرعة نشوء الانواع؟ العديد من الاختصاصيون يعلمون الان ان فكرة ان الانواع تحتاج الى الاف السنين خاطئة. عشرات الدراسات تشير الى ان نشوء الانواع الجديدة يحتاج فقط الى بضعة اجيال. احد الامثلة على ذلك سمك السلمون الهندي Oncorhynchus nerka الذي جرى زرعه في بحيرة الاتحاد وبحيرة واشنطن في ولاية واشنطن الامريكية.
لهذا الغرض قام البيلوجي اندريو هيندري Andrew Hendry, من جامعة واشنطن، بتحليل الحمض النووي لسمك السلمون الهندي واشار الى ان السمك، وبعد بضعة عشرة سنوات انقسمت الى مجموعتين مختلفتين جينيا. الاولى تفضل التكاثر في منظومة شبكة نهر كادير Cader river, التي تربط كلا البحيرتين، في حين ان المجموعة الثانية تفضل التكاثر عند الشواطئ. ذلك يعني ان اناث السمك تفضل التبضع من الافراد الذكور التي تبقى قرب الساحل وتتفادى الافراد التي تفضل الذهاب الى النهر، مع ان الموضع قريب منها. هذا الانقسام الى مجموعتين منعزلتين جنسيا خطوة بالغة الاهمية على طريق نشوء النوع، ومن الواضح ان هذه الخطوة يمكن ان تحدث خلال بضعة سنوات.
ولكن إذا كانت الانواع يمكن ان تأتي بسرعة وعلى الدوام فهناك معضلة. لماذا إذا لانرى على الدوام قدوم انواع جديدة كاملة؟ كيف يحدث ان المستحاثات تشير بكل وضوح الى ان الاجناس تبقى في الوجود بضعة مئات من السنوات بدون ان تظهر عليها تغييرات مرئية؟
يرى العلماء ان ذلك بسبب علاقة الضغوطات البيئية ( الضغط الاصطفائي) في حالة تغير وتنوع دائم مما يعني انه كل الوقت يترنح بين تغييرات في اتجاه الضغط، بحيث يتحول الضغط الى ضغط مضاد يعاكس التغييرات التي يمكن انها حدثت. بهذا الشكل يتوجه التطور الى الامام والخلف طول الوقت، قبل ان يتشبث جنس بمسيار تطوري جديد.
الفينغار الارضي | احدى الامثلة النموذجية على ذلك تأتينا من جزيرة (galapagoisland) حيث تعيش طيور الفينغار، وهي ذات الجزر والطيور التي اشتهرت بفضل داروين. الباحث والباحثة Peter & Rosemary Grants, درسوا طيور الفينغار على جزر داروين منذ عام 1973. عام 1977 اصيبت الجزر من الجفاف مما ادى الى اختفاء مصدر طعام طيور الفينغار الارضي. مناقير هذه الطيور قصيرة ومتخصصة بالحبوب الصغيرة الطرية وعند اختفاء هذه الحبوب تمكنت افراد الطيور التي تملك مناقير قوية وحدها من البقاء على قيد الحياة بسبب انها كانت قادرة تحطيم حبوب اكبر واقسى.
على مدى بضعة سنوات تزايدت ضخامة مناقير طيور الفينغار بحيث ان الزوجين غرانت اعتقدوا ان هناك نوع جديد من الطيور على قيد الظهور. غير انه بعد ستة سنوات اصيبت الجزر بموسم امطار طويل مما ادى الى نمو النباتات ذوات البذور الصغيرة والطرية. على مدى فترة صغيرة عادت اعداد الطيور ذات المنقار الصغير الى التزايد والانتشار من جديد، ليعود الزمن الى الوراء. بهذا الشكل نجد ان النوع واقع تحت تأثيرات متعاكسة تلغي بعضها البعض، ليكون الناتج محصلة المتوسط لمجموع التأثيرات على مدى الزمن، وهذا بالذات الذي يجعل التطور بطئ على المدى الطويل وسريع على المدى القصير.
مالذي يحتاجه الامر للحصول على انواع مختلفة كليا؟ لهذا الامر يتطلب عوامل تغيير راديكالية تبقى لفترة طويلة. كمثال على ذلك محموعتين من جنس واحد كل منهما تنعزل في منطقتها بعيدة عن الاخرى. هذا الامر يساعد عوامل نشوء النوع، إذا قاموا بالتزاوج فقط مع افراد مجموعتهم، إذ ان التغييرات التي تنشا في نطاق مجموعة لايجري تصفيرها إذا حصل لقاء مع افراد المجموعة الاخرى. يمكن القول ان نوع جديد ينشأ عندما يصبح من غير الممكن الحصول على نسل من لقاء جنسي بين اي من افراد الفريقين مع افراد الفريق الاخر او عندما يكون النسل الحاصل من مثل هكذا لقاء عقيم او ان افراد كلا المجموعتين ،في الظروف البرية وبرغبتهم الحرة، يتفادون التواصل الجنسي مع افراد المجموعة الاخرى، على الرغم من ان التواصل الجنسي بينهما لازال قادر على انتاج نسل سليم.
إكتشاف ان آلية التطور، في ذاتها، سريعة، فتحت الابواب لافكار جديدة كليا. حتى الان كنا نرى نتائج ملايين التفاعلات مع التطور كمنظومة ذات إتجاه واحد، في حين ان البيئة المتبدلة هي التي تخلق التطور وليس العكس. من الممكن لنتائج من التطور ان لاتسير بنفس سرعة التغييرات في المنظومة الايكالوجية ، كما يمكن، في سير عملية التطور الدائم، للنتائج الصغيرة المتراكمة ان تضع بصماتها على البيئة وتعيد تشكيل الآلية الايكالوجية.
إذا نظرنا للامر من نافذة المقياس الزمني الجيلوجي للارض، سنملك العديد من الامثلة على ان نشوء اجناس جديدة كان لها تأثيرا هائلا على المنظومة الايكالوجية. مثلا عند ظهور الكائنات الاولى القادرة على التمثيل الضوئي، والتي سببت امتلاء جو الارض بغاز الاوكسجين وتحقيق الاساس لتغيير الحياة الى شكلها الحالي. والان بدء العلماء بالعثور على البراهين على ان التطور ايضا قادر، في نفس الوقت، على التأثير المنظومة الايكالوجية، ليشكل عامل تأثير متبادل قائم على الفعل ورد الفعل مع عوامل البيئة.
يمكن لنا تصور ظروف ، حيث تغييرات تطورية عند بعض الاجناس والتغييرات في المنظومة الايكالوجية تدعم بعضها البعض. وايضا يمكن تصور ان تغييرات لدى بعض الاجناس تصاب بالاحباط بتغييرات في المنظومة الايكالوجية لاتدعمها. البيلوجيون بدؤا الان فقط يتفهمون الديناميكية التي تقف خلف عملية التفاعل المتبادل لعوامل الطبيعة، وفهمنا لهذه العملية قد يساعدنا على تفهم ماستكون عليه ردود فعل الكائنات على ظاهرة الانحصار الحراري الجارية على قدم وساق اليوم.
ديناميكة التطور معقدة للغاية بحيث انه من غير الممكن توقع فيما إذا كان احد الانواع سيبقى بعد مئة سنة ام لخمسين سنة فقط. غير ان العلماء يتأملون ان يتمكنوا من تحديد مجموعة من العوامل تجعل احتمال بقاء نوع على قيد الحياة عال، ومجموعة اخرى من العوامل تجعل الاحتمالية ضعيفة.
هذا الامر له قيمته في العناية بالطبيعة. الان نحاول الحفاظ على الانواع المهددة بالانقراض. غير انه لايمكننا الحفاظ على جميع الانواع، لذلك يعمل العلماء على تحديد الوظيفة التي يجب حمايتها وليس النوع بكل اطيافه. بذلك يمكن الحفاظ على مجموعة داخل النوع الواحد، هي التي تقوم بالوظيفة المطلوب حمايتها لبقاء التوازن الطبيعي. بذلك لانحتاج الى حماية نوع كما لو كان " طابع تذكاري" وانما الحفاظ على مسيار العملية الطبيعية.
الانسان هو العامل التطوري الذي خرج عن مسيار المنظومة الايكالوجية واصبح اكثر العوامل خطورة على الحياة وتنوعها. الانسان اليوم يعرض كامل المنظومة الايكالوجية للارض للهلاك بسرعة، بحيث ان العديد من الاجناس غير قادرة على التلائم بذات السرعة التي يغير فيها الانسان شروط اللعب، إذ لم تعد الشروط طبيعية.
عدد سكان الارض ينمو بسرعة فائقة ويزداد استهلاكنا للطاقة على الدوام. تأثير الانسان على المنظومة الايكالوجية للارض هائل الى درجة ان العلماء يعتبرون اننا نعيش الان في نهاية مرحلة وبداية مرحلة جيلوجية جديدة اطلق عليها اسم antropocen, العصر البشري. الاسم اطلقه العالم Paul Crutzen عام 2002 ويرمز الى ان العامل البشري اصبح بمستوى عوامل قوى الطبيعة الاخرى كالمناخ وحركة الارصفة القارية.
احد التمايزات الهامة ان الارصفة القارية تحتاج الى بضعة ملايين السنوات لتقوم بنقل احد الاجنس من قارة الى اخرى في حين ان العامل البشري يحقق ذات النتيجة ببضعة سنوات. ويجري تعريف العصر الجيلوجي، او التعرف على العصر الجيلوجي بآثاره التي يتركها في طبقات الارض، ولذلك لايوجد اي شك في ان الانسان ترك خلفه آثار عصره الجيلوجي الخاص به. العالم Erle Ellis درس تأثير الانسان على الحياة على الارض، وظهر ان الانسان غير الكثير: إطلاق الغازات وخلق ظاهرة البيت الزجاجي وماترتب عليه من تغيير في حرارة الجو على المستوى الارض، نشر الحيوانات الداجنة والنباتات الزراعية، تغير شكل وطبيعة سطح الارض من خلال بناء القنوات وتجفيف المستنقعات وقطع الغابات، وتغيير التركيبة الكيميائية للتربة إضافة الى القضاء على الكثير من الحيوانات والنباتات. الانسان قام بتغيير طبيعة نصف مساحة الاراضي الغير متجمدة.
العصر الجيلوجي الانساني يعني ان الانسان يمكن اعتباره بمثل قوى الطبيعة العمياء كالطقس، ويؤثر على الحياة بشكل لم يحدث له مثيل في السابق. ذلك يعني انه في العصر الانساني ستضطر الكائنات الى التلائم مع الظروف التي خلقناها ونخلقها. وحتى عندما تكون هناك بقعة طبيعية لازالت بكر، فذلك لاننا نحن البشر قررنا ان نبقيها. وفي المستقبل، وقبل ان تخرج الامور عن السيطرة، علينا التفكير بالطبيعة كشئ يدار من قبلنا ونتحمل مسؤوليته وعلينا المحافظة عليه، تماما كما ندير حدائقنا المنزلية.
هذا الاكتشافات، بالنسبة للعديدين، ستقلب جميع اعتقاداتهم السابقة، فالطبيعة التي خلقتنا اصبحت في الطريق لتصبح تحت رعايتنا. المشكلة فقط: هل نتمكن من فهم آلية التطور بما يكفي من الشمولية، وفي الوقت المناسب؟
نماذج عن تطورات كان الانسان سببها الطقوس والسمكة | شعب زيغوي المكسيكي لديه طقوس دينية سنوية، تتوجه الى الرب طالبة منه التعطف بإرسال محصول وفير ومطر غزير، ومن اجل ذلك يدخلون في اعماق سراديب مغارة Cueva del Azufre. في داخل المغارة يسيل مجرى مائي عميق تعيش فيه سمك Poecilia mexicana. في المجرى المائي ، يقوم الزيغويين بصب سم rotenon, مستخرج من جذور نبتة Lonchocarpus urucu (Barbasco). بنتيجة ذلك تموت الاسماك وتطفو على السطح، ليلتقطوها ويعتبروها رزقا من الارباب. هذه الطقوس جرى منعها الان من قبل الدولة، غير انه جرى تحليل اسماك المغارة قبل المنع ، من قبل الباحث الامريكي Michael Tobler. عام 2010 تمكن من اكتشاف ان السمك تمكن من التلائم مع السم واصبح قادر على السباحة في المياه السامة، لوقت يزيد 50% عن السمك الذي يعيش بعيدا عن منطقة الطقوس.
عندما يكون استخدام محدود قادر على تحفيز التطور، ليس بالمستغرب ان استخدام مواد مكافحة الحشرات والنباتات على نطاقات واسعة سيسبب تحفيز واسع للتطور. احدى الامثلة على ذلك المناعة التي حصلت عليها البعوض ضد نوع من المواد الكيميائية من مجموعة الاتحادات الفسفورية العضوية. نوع نادر من الطفرة اعطى البعوض نسخ متعددة من انزيم معين، جعله قادر على تحليل السم. ولقد ظهر ان الطفرة حصلت مرة واحدة فقط ( عند بعوضة واحدة) ومع ذلك انتشرت الى البعوض في جميع انحاء العالم.
التلوث يجبر ، غالبا، الاسماك على إعادة التلائم او الموت. احدى اكبر الكوارث البيئية جرت في فترة مابين عام 1947 الى عام 1976 حيث جرى تلويث نهر هودسون في نيويورك بسم PCB, الذي كان يتسرب من معامل جنرال الكتريك. غير ان نوع صغير من السمك يعيش في القاع، frostfish لم يموت وانما خزن السم في طبقات انسجته الدهنية، بحيث انه الان اصبح قادر على تحمل جرعة سم مئة مرة اعلى من المعتاد، بحيث تحول الى قنبلة سامة حقيقية لمن يأكله من الحيوانات والاسماك والطيور. الباحث Isaac Wirgin, وجد ان السر يكمن في تحول جين واحد يسمى AHR2.
بعد مئتي عام من زراعة اشجار التفاح في القارة الامريكية، اكتشف الفلاحين الامريكان ، فجأة، خطر جديد حاق بأشجارهم في القرن الثامن عشر. يرقات صغيرة مجهولة اصبح يرتع على شجر التفاح ولااحد يعلم من اين اتى. الباحث الامريكي المتخصص في الحشرات Benjamin Walsh, إكتشف ان هذه اليرقات هي حشرة الفواكه Rhagoletis pomonella, كانت في السابق تعيش على نبتة الزغرور hawthorns, لتتطور في إتجاه التخصص على التفاح. غير ان هذه الفكرة وجدت معارضة شديدة لان والش يدعي ان انواع جديدة يمكن ان تنشأ بدون الحاجة للعزل الجغرافي. غير ان اليوم نعلم انه والش كان على حق، والاكتشاف له اهمية بالغة إذ يبرهن على وجود الكثير من الانواع يفتح الامكانية لنشوء انواع جديدة. هذا الامر جرى إعادة دراسته عام 2009 من قبل الباحث Andrew Forbes, من جامعة كاليفورنيا، واكتشف ان ذبابة الفواكه كانت بصحبة طفيلي Diachasma alloeum, والذي كان سابقا يضع بيضه في يرقات ذبابة الفواكه، وهو ايضا انقسم ايضا الى نوعين، ليصبح كل نوع منهما متخصص بذبابته. بمعنى اخر، نشوء نوع جديد يمكن ان يرافقه نشوء انواع جديدة.
الضفدعة الكبيرة السامة | عندما يجري نقل انواع جديدة الى بيئة جديدة مثلا الى قارة اخرى، يمكن ان يتضطروا الى القيام بتغييرات او يحفزوا حدوث تغييرات سريعة عند انواع محلية اخرى. توجد العديد من الامثلة على نقل الانسان انواع اجنبية الى بيئات جديدة، ادت الى تغييرات راديكالية. عندما يأتي نوع الى بيئة ليست بيئته الطبيعية سيكون المكان خالي من الاعداء الطبيعيين تسمح له بالتصرف بدون حواجز مما يحوله الى كارثة على الحيوانات الاصلية. هذا ماحدث للضفادع السامة Cane Toad التي جرى جلبها الى استراليا لمقاومة الحشرات الضارة في حقول قصب السكر. اصبحت الضفدعة منافسة حتى لبقية الضفادع ولكنها ايضا اجبرت اعدائها الثعابين على التغيير. قسم من الثعابين والافاعي تطور لديهم مناعة ضد سم الضفدعة في حين ان نوعين اخريين Pseudechis porphyriacus & Dendrelaphis punctulatus, طور لديهم بسرعة نوع غريب من الدفاع، إذ خلال 20-25 جيل تقلص حجم رأس الثعبان بحيث انه لم يعد قادر على ابتلاع الضفدعة. هذا التغيير الاصطفائي ابقى الثعبان الغير قادر على اكل الضفدعة السامة.
السمكة العليا تعيش في البحار والدنيا في المياه الحلوة | احدى اكثر الامثلة اقناعا على التغيير التلائمي بالطريقة الاصطفائية الطبيعية عبر الزمن، هو سمك sticklebacks, (disambiguation), الذي جرى متابعة تطوره الفينوتيبي والجيني منذ عام 1990، من قبل الباحث ميتشيل بيل، Michael Bell, في بحيرة لوبيرغ الواقعة في الاسكا. في الاصل لم يكن هذا النوع من الاسماك يعيش في البحيرة ولكنه هاجر اليها من مجموعته السابقة التي تعيش في البحر، لكون هذا النوع قادر على الحياة في المياه المالحة والحلوة. الدراسات كشفت ان هذا السمك، وبفترة تقل عن العشرين عاما، تحول للتلائم بالحياة في ظروف المياه الحلوة، ومن بين التحولات التي جرت عليه، فقدانه لقسم من الصفائح العظمية على الجوانب. هذه الصفائح لديها وظيفة في البحر ولكن لافائدة منها في البحيرة. عام 2007 كان 90% من افراد السمكة قد فقد الصفيحة العظمية. في ذات الوقت اصبحت غلاصم السمكة اصغر، ومنظومة المناعة اصبحت متلائمة مع الحياة في البحيرة. في حادثة مماثلة جرت في النرويج تمكن السمك من التلائم في خلال ثلاث اجيال فقط لتطور لديه القدرة على تحمل البرودة والان يتحمل 2،5 درجة مئوية اكثر من المجموعة الاصلية التي تعيش في البحر.
حتى في الفيروس ليس من الغريب ان تكون خاصة التحول موجودة ايضا في الاحياء الدقيقة، غير ان اكتشاف حديث اظهر ان هذا التغيير يمكن ان يحدث بسرعة خارقة. بين علماء من جامعة ولاية مشيغان الأميركية في دراسة جديدة كيف طورت الفيروسات طريقة جديدة لاصابة الخلايا في اكثر قليلا من اسبوعين. ودرس العلماء فيروسا معروفا باسم Bacteriophage Lambda وهو فيروس لا يصيب البشر بل يستهدف بكتيرا محددة في المعدة هو bacterium Escherichia coli. وطريقة هذا الفيروس لدخول الخلية هي الالتصاق بغشائها الخارجي والارتباط بجزئ معين على سطح البكتيريا، فيحلله ويفتح ثقب فيه يسمح له بنفث جيناته وبروتيناته في البكتيريا.
وأجرى الباحث جستن ماير تجربة لاختبار قدرة الفيروس على تطوير طريقة جديدة تماما لدخول الخلية المضيفة. ولم تصنع بكتيريا إي. كولاي في التجربة أي جزيئات تقريبا يلتصق بها الفيروس. ولم تتمكن إلا فيروسات قليلة من دخول البكتيريا وأي طفرات اتاحت للفيروس ان يستخدم جزيئا سطحيا مختلفا لدخول الخلية تجعله أنجح بكثير من الفيروسات الأخرى. واكتشف العلماء انه في غضون 15 يوما كانت هناك فيروسات تستخدم جزيئا جديدا في إي. كولاي لم يُعرف ان الفيروس لامبدا استخدمه من قبل هو OmpF.
ولم يُفاجأ العلماء بسرعة التحول فحسب بل بقدرة الفيروس على التحول أصلا. وللتوثق من ان النتيجة لم تكن عابرة أو مصادفة أعاد الباحث ماير التجربة وتمكنت الفيروسات مرة أخرى من دخول الخلية عن طريق الالتصاق بجزئ مختلف، اي عن طريق حدوث طفرة مختلفة.
وتشير التجربة الجديدة الى ان الطفرات والتحولات تمكن الفيروسات من تطوير قدرتها على الالتصاق بالجزيئات الأصلية بعد ان تصبح هذه نادرة. وتتيح الدراسة الجديدة القاء نظرة على السهولة التي تتمكن بها الفيروسات من تطوير خصائص جديدة تماما وبذلك التسبب في ظهور امراض جديدة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الباحث البيولوجي بول ترنر من جامعة يال ان مثل هذه التجارب قد تمكن العلماء من التنبؤ بالتطور الذي يحدث في الفيروسات والبكتيريا ومساعدتهم على الاستعداد لمواجهة امراض جديدة. وقال ترنر ان هذه الابحاث تمنح العلماء املا بزيادة القدرة على التنبؤ باتجاهات النشوء والتطور.
مظاهر تطور الانسان الحديث تطور قتامة لون الجلد التطور يجري امام اعيننا دور الفينغار في نظرية داروين darwin-missed-a-chance Michael Tobler spiggar
| |
|