** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 مستقبل التراث المكتوب (المخطوط) في ضوء تطور الصناعات الثقافية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هشام مزيان
المشرف العام
المشرف العام
هشام مزيان


التوقيع : مستقبل التراث المكتوب (المخطوط) في ضوء تطور الصناعات الثقافية  Democracy

عدد الرسائل : 1762

الموقع : في قلب كل الاحبة
تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش
تاريخ التسجيل : 09/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25

مستقبل التراث المكتوب (المخطوط) في ضوء تطور الصناعات الثقافية  Empty
08062012
مُساهمةمستقبل التراث المكتوب (المخطوط) في ضوء تطور الصناعات الثقافية

ات
والاتصالات، من وجهة فكرية فلسفية عامة، لا من وجهة تقنية تفصيلية جزئية،
يهتم بالفكرة نفسها وجدواها وآثارها وحدودها وضوابطها، ولا يدخل في
أدواتها وحاجاتها ومتطلباتها.

ولتحقيق:
هذه الغاية فإن الأسئلة التي يثيرها هي: ما المبادئ النظرية التي تحكم
علاقة التراث بوصفه جزءًا من الماضي بالمنجز الصناعي التكنولوجي
والمعلوماتي؟ وما هي الإمكانيات التي يتيحها هذا المنجز للتراث؟ ثم إلى أي
مدى يصل بنا الطموح في تطوير العمل التراثي اعتمادًا على هذا المنجز، وما
هي طبيعة المشروعات الطموحة، التي يؤمل أن تتحقق، والفوائد التي تعود من
ذلك على التراث نفسه، وعلى البحث القائم عليه، وعلى إدخاله في نسيج الحياة
الثقافية لأصحابه؟ وهل هناك ضوابط ينبغي أن تحكم العمل في التراث اعتمادًا
على هذه الوسائط الحديثة، وما القول في تلك الشكوك التي تثار بشأن ذلك كله؟


وإذا
كان التراث أنواعًا: التراث المادي، وغيره، فنحن معنيون بغير المادي -على
وفق عنوان الندوة- وإذا كان غير المادي نوعين: مكتوبًا وشفاهيًا؛ فإننا
سنكتفي بالمكتوب، ثم إن المكتوب يشمل المخطوط (الذي ما زال بخط اليد)
وغيره، أي الذي انتقل عبر الآلة إلى الشكل الذي نعرف (الكتاب المطبوع)
وسننشغل أساسًا بالنوع الأول (المخطوط).


وانشغالنا
بـ(المخطوط) ليس على إطلاقه بداهة، لما تقدَّم، بل في علاقته بالمنجز
الحديث، وإلا فإن للتراث إشكالياته وهمومه الكبيرة المتصلة بحضوره في
حياتنا الثقافية، ومكانته، وأشكال قراءته، وطرق توظيفه، والإفادة منه. إن
علاقة التراث بهذا المنجز إشكالية كبيرة، بدون حَـلِّها، ستتأثر
الإشكاليات السابقة وغيرها، مِمَّا يعني غياب تأثير التراث وضعفه على
الأقل في الوعي الجمعي لأصحابه.


ليس
هذا البحث إذن عن التراث ذاته، وليس هو بالدرجة نفسها عن الصناعات
الثقافية، فهذه أيضًا مسألة أخرى لها إشكالياتها، ولكنه عن العلاقة
بينهما.


يكثر
الحديث هذه الأيام عن التنمية الثقافية، وعلى الرغم من أن التراث جزء من
هذه الثقافة -فهو إذن داخل تحت عنوان (التنمية)- فإن الوقت قد حان للحديث
عن ما يمكن تسميته (التنمية التراثية)، نظرًا لخصوصية التراث في ذاته
أولاً، وفي تأثيراته على الثقافة ذاتها من ناحية ثانيًا، وعلى أصحاب
الثقافة أنفسهم ثالثًا. وهذه التنمية المنشودة لا تتحقق إلاَّ من خلال
تغيير أساليب التعامل مع التراث وطرق الإفادة منه، وبعبارة أخرى توثيق
علاقة هذا التراث مع ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات على أصعدة
عديدة. وإذا ما تحقق هذا التغيير، أمكن القول إنه قد تم وضع أساس متين
لتطوير التراث أو بعبارة أدق تطوير التعامل معه، وتعظيم الإفادة منه، ومن
ثم تأهيله ليكون لبنة في صرح التنمية الشاملة. وعلى الرغم من أننا لم نكن
نود المصادرة لما سيأتي، فإن ضعف الوعي بضرورة المسارعة في هذا الاتجاه من
ناحية، والشكوك التي تثار حول هذا الأمر وجدواه وحدوده من ناحية أخرى، قد
يكون فيه بعض العذر لنا في هـذه المصادرة.


1- مبادئ نظرية تحكم علاقة التراث عمومًا بالحاضر ومنجزاته ثلاثة مبادئ نظرية:

المبدأ
الأول: يقول بأن التراث بعض صانعه (الإنسان) أو جزء منه، وهو في الوقت
نفسه نتاج له. ولما كان الإنسان كائنًا متطورًا ومتجددًا في ذاته، وفي
علاقاته بما حوله، يغيِّر من أفكاره واتجاهاته وميوله، ويستبدل بما كان
يستخدمه بالأمس مستحدثاتٍ طرأت اليوم، فإن (تراثه) أيضًا قابل أيضًا
للتطور والتجدد، سواء في إشكالياته بوصفه كائنًا حيًّا تتغير ظروفه
وهمومه، أو في مقولاته ووظيفته ودوره، أو في طرق التعامل معه، دون أن
يخرجه ذلك عن كونه تراثًا، كما أن الإنسان يظل إنسانًا مهما اختلفت ظروفه،
وتغير لَبُوسه. ليس هناك إذن ثابتٌ على صعيد الإنسان وما ينتج عنه.


والمبدأ الثاني:
يقول بأن التراث أيضًا بعض الماضي، فهو من ثَمَّ بعض الحاضر؛ لأنَّ الحاضر
لا يخلو في تركيبه منه، حتى لو خُيّل إليك أنه كذلك. وبناء على ذلك فإن
الالتقاء بينهما، أو بعبارة أدق التزاوج بينهما أمر بدهي. وفي ما نحن
بصدده يعني ذلك أنه لا تعارض بين التراث ومنجز الحاضر، التراث (الفكري)
منجز حضاري ماض، وما تنتجه الصناعات الثقافية منجز حضاري حاضر، وإن اختلفت
طبيعة كُلٍّ منهما، فإذا ما وظَّفت هذا الأخير (الحاضر) في تطوير سابقة
(الماضي) وتعظيم الإفادة منه، لم تكن لتأتي بدعًا.


والمبدأ الثالث:
يقول بأن التراث وصلٌ بالماضي واتصالٌ به، ومنجز الحاضر (الصناعات
الثقافية) تمهيد للمستقبل واستشراف له، فهما (الماضي والحاضر) إذن بعض
المستقبل، ومفهوم هذا أنك لن تستطيع القفز إلى المستقبل، دون المرور
بالحاضر، إذ الحاضر هو القنطرة التي تضمن للماضي المجرى الذي يجعل مياهه
تتحرك، فيحدث من ثَمَّ التكامل الذي يحقق به الإنسان ذاته في الاتصال
بتراثه (ماضيه) والإفادة من حاضره (صناعته) واستشراف الآتي (مستقبله).


2- الإمكانيات

تملك
الصناعات الثقافية وما نتج عنها من أجهزة وبرامج وتقنيات إمكانيات خيالية،
وما يهمنا هو بيان هذه الإمكانيات على صعيد خدمة التراث الفكري، وإذا كان
التراث -كما نعلم- من نسختين: مخطوط، ومطبوع، فإننا نذكر مرة أخرى بأن
الغرض الأساس هنا هو الحديث عنه مخطوطًا. أما مطبوعًا فنتركه لمناسبة
أخرى. وإذا كانت الصناعات الثقافية جميعًا توظَّف بصورة مباشرة من أجل
التراث، وسيزداد توظيفها عمقًا واتساعًا وتنوُّعًا في المستقبل، وعلى
الرغم من أنه يصعب حدود فاصلة بين هذه الصناعات في ما يتصل بعلاقتها مع
التراث، فإننا في تناولنا للعلاقات القائمة بينهما سنمسك بالجانب الأبرز
مِمَّا تقدمه كل صناعة للتراث، وإلا فإن كلاًّ منها يخدم غير جانب من
جوانب التراث.


وعلى كلٍّ سنتوقف هنا عند صناعتين فقط بوصفهما نموذجين:

أولاً: صناعة النشر الثقافي

لا
يغيب أن مفهوم صناعة النشر قد اختلف بعد دخول عصر ثورة تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات، فالنشر لم يعد ورقيًّا فحسب، لدينا النشر
الإلكتروني الذي يقوم على مجموعة من التقنيات والبرامج، أهمها في ما نحن
بصدده: تقنية التصوير الرقمي. ولا شك أن هذه التقنية مرتبطة أوثق ارتباط
بقضية الإتاحة للتراث، وتداول نصوصه.


ومعلوم
أن الإتاحة من أهم قضايا التراث المخطوط وإشكالياته الكبرى؛ لما لها من
خطر خاصة عند المحقق والدارس. وقد وفَّر هذه التقنية المستحدثة أوعية
جديدة، منها الأقراص الممغنطة أو المدمجة، أو الأقراص الليزرية، و(الفلاش)
وهي عبارة عن وسائط تخزين خارجي (خارج جهاز الكمبيوتر) يمكن تداولها،
وتتميز بعدة ميزات:


- ميزة
الصدق والدقة العاليين في تمثيل النص الأصلي (المخطوط)، الصدق في نقله
بخطوطه ورسومه وألوانه الحقيقية أو المقاربة لها، وجميع مظاهره المادية،
حتى تلك التي تعكس ما أصابه من عوامل الزمن والبلى والأرضة مِمَّا يجعل من
النسخة (الحديثة) هذه بديلاً، يكاد يغني عن الرجوع إلى النسخة الخطية، ليس
في أعمال الفهرسة التقليدية (الوصفية) المرتبطة بالمحتوى وإنما في بعض
جوانب أعمال الفهرسة المرتبطة بالوعاء، والدراسة الكوديكوجية عمومًا، مع
بعض الاستثناءات.


- رخص
التكاليف، إذ بالإمكان أن تضع على هذا القرص، أو هذه الأسطوانة مئات،
وربما آلاف الصفحات، دون نفقات تذكر، لا بالنسبة للمؤسسة التي تقدم الخدمة
ولا بالنسبة للباحث المستفيد. وليس ثمة هنا مواد تحميض ومثبتات غالية
الثمن كما هو الحال مع التقنية السابقة (التصوير الضوئي) التي تنتج
الميكروفيلم.


- سهولة عملية النسخ وسرعتها وإمكانية توفير نسخ لا محدودة في وقت واحد، أو متقارب، دون تكاليف تذكر أيضًا.

وإلى
الإتاحة فإن تقنية التصوير الرقمي تؤدي دورًا آخر للتراث المخطوط، يتمثل
في (الحفظ) فالوعاء الرقمي هو وعاء جديد يضاف إلى الوعاءين التقليديين:
الورق والميكروفيلم. على الرغم مِمَّا يُقال عنه.


وإذا
كانت هذه التقنية تخدم الإتاحة والحفظ، فهي من ثَمَّ تخدم من خلال توفيرها
لهذه النصوص العمليات الفيلولوجية التي تُعْني بتحقيق: النصوص ودرسها،
وتسرع بالوصول إلى الغاية العليا من الاتصال بالتراث والتعامل معه، وهي:
توظيفه، سواء كان توظيفًا مباشرًا في الدرس العلمي نفسه، أو في الإفادة من
تجاربه ودروسه.


ثانيًا: صناعة المعلوماتية

نحن
نعيش عصر ثورة المعلومات وتقنياتها (الخيالية) ولا شك أن التراث الفكري
الإسلامي بامتداده التاريخي والجغرافي، وخصبه الكمي والنوعي، يوفر مواد
(خيالية) أيضًا لتكون جزءًا من هذه الثورة، وعنصرًا مهمًا فيها، فالصناعة
التي أفرزت هذه الثورة (المعلوماتية) بما وفرته من تقنيات، أخطرها تقنيات
البرمجيات التي تبني قواعد البيانات المختلفة، والشبكة الذكية (الإنترنت)،
تخدم جملة من قضايا التراث، أهمها كشف التراث بالمعنى الواسع الذي يتجاوز
عملية الفهرسة التقليدية (الوصفية) إلى عمليات أغنى وأكثر رحابة واتساعًا،
تدخل بنا في عوالم المخطوطات المختلفة، إن على مستوى المحتوى العلمي، أو
الكوديكولوجي، أو الفني.


فعن
طريق هذه التقنيات (البرمجية) يمكن أن نبني قواعد بيانات كثيرة للمخطوطات
ذاتها على وفق اعتبارات كثيرة، ولخدمة أغراض كثيرة، كما يمكن أن نبني
قواعد لما في داخل المخطوطات من معلومات سواء كانت متصلة بالمحتوى العلمي،
أو بالمخطوط بوصفه كيانًا ماديًّا، أو وعاءً جماليًا، والفرص متاحة لتركيب
بين العناصر المختلفة داخل كل جانب من هذه الجوانب، ثم بين عناصر كل جانب
مع الجانب أو الجوانب الأخرى، وليس المقصود بالعناصر: العناصر المعلوماتية
(المكتوبة) بل العناصر الصورية (نسبة إلى الصورة) وعالم الصور ليس أقل غنى
من عالم المعلومة، ففي المخطوطات: صور توقيعات العلماء وخطوطهم، والأختام
التي تخدم أغراضًا مختلفة: التملك، والوقف، والبيع، والشراء... إلخ، في
عمليات تتيح إمكانات خيالية أمام الباحث للدرس، وما عليه أن يلمس جهاز
الحاسوب بإصبعه ليجد بغيته في عملية أشبه بالسحر. إن قواعد البيانات هذه
هي فهارس العصر بكل ما يختزنه من تقدم تكنولوجي ومعلوماتي.


ثم
إن الشبكة الذكية قادرة على أن تحمل ذلك، وتتجه للباحث أينما كان، وحيثما
تحرَّك، وفي أي وقت، في تمثيل خيالي لعملية أو عمليات الإتاحة المطلوبة.


وهنا
أيضًا -كما في صناعة النشر- تتراكب المستويات التراثية التي تفيد من تلك
التقنيات والبرامج، فإضافة إلى ما سلف من الكشف والإتاحة، لدينا أيضًا
التحقيق: العلمي والدرس والتوظيف، هذه المستويات جميعًا تفيد إفادات كبيرة
من هذه المعلومات وما تتمتع به من غنى وتدفُّق، حتى إنها لتشعر الباحث
اليوم برفاهية تجعل من عمله متعة، يحسده عليها سلفه الذي كان يكد ويكدح،
ويقتطع الأيام والسنين من عمره ليصل إلى بعض ما وصل إليه.


هذا بعض ما تقدمه الصناعات الثقافية للتراث اليوم، فماذا عن المستقبل؟

3- الآفاق:

يفترق
الحديث عن الآفاق (المستقبل) في اتجاهين: اتجاه الصناعات الثقافية، واتجاه
العمل في التراث. أما الصناعات فلا أحد يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن يأتي
به بعد الغد، إلاَّ إذا كان ذلك من باب الخيال العلمي الذي لم تعد هناك
مسافة بعيدة بينه وبين الحقيقة! أما العمل في التراث فالحديث عنه وارد،
لأنه حتى الآن لم يتم توظيف الإمكانات الحالية إلاَّ بصورة جزئية بسيطة،
سواء على مستوى البحث العلمي الذي يقوم به الفرد، أو على مستوى العمل
المؤسسي داخل بلد ما، أو على مستوى العمل الجمعي (الإستراتيجي) الذي
تتبناه الدول في خططها العامة، وتحشد له مؤسساتها المختلفة وأجهزتها
وإمكانياتها؛ ثم على المستوى الإقليمي والدولي عبر المؤسسات الإقليمية
والدولية، وهنا لا بد من اللفت إلى أن هذا المستوى الأخير وسابقه لا
يقومان دون تعاون وتنسيق على مستوى عال من الإرادة والوعي، وهو ما نفتقد
إليه عربيًّا وإسلاميًّا. هذان المستويات عليهما المعوَّل في رسم مستقبل
إفادة التراث من المنجز الصناعي الثقافي، ورسم مستقبل التراث نفسه أيضًا.


وينبغي
أن نتنبه إلى أن المنجز الصناعي الثقافي الحديث لن يستغل الاستغلال الأمثل
إلاَّ إذا تحقَّق في الأعمال التي سيوظف من أجلها أمران:


أولهما:
أن تكون أعمالاً كبيرة بما ينطوي تحتها من معلومات، أو بما تتحرك في
دائرته من مساحات جغرافية، أو بما تستند إليه من قرون طويلة، أو بذلك كله
وغيره. الأعمال الصغيرة الجزئية المحدودة لا مكان لها إلاَّ إذا كانت
بمثابة خطوات للبناء والتركيب لاحقًا.


وثانيهما: أن تقوم على التعاون والتنسيق بين أطراف عديدة، سواء كانت أطرافًا علمية، أو أطرافًا راعية وممولة ومساندة.

وعلى
كل فإن الآفاق المرجوة والمتوقعة للعمل التراثي اعتمادًا على المنجزات
الصناعية الثقافية الحديثة، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:


1
- بناء قاعدة بيانات موحدة متكاملة (وصفية علمية، وكوديكولوجية) للمخطوطات
الإسلامية في العالم (ليس في البلاد العربية والإسلامية فحسب) والمخطوطات
الإسلامية -كما نعلم- هي المكتوبة بالعربية، أو بالحرف العربي، ويمكن أن
يضم إليها تلك المخطوطات المكتوبة بغير العربية أو الحرف العربي، لكنها
مترجمة عن العربية أو عن اللغات المكتوبة بالحرف العربي، لأنها تعد نسخًا
أخرى للمخطوطات الإسلامية، بل إنها ربما تكون نسخًا وحيدة إذا ما كان
الأصل العربي أو المكتوب بالحرف العربي مفقودًا، أضاعه الزمان، وأخفته يد
الأيام.


2
- بناء قاعدة بيانات للمخطوطات الإسلامية المطبوعة، منذ بدء الطباعة حتى
اليوم. وبعض هذه المخطوطات طُبع في دوريات ومجلات موسوعية، ومثل هذه لا
ينبغي أن تغيب عن الرصد، أو تخلو منها القاعدة.


3
- إجراء مسح رقمي شامل لما يمكن تسميته (ذخيرة المخطوطات الإسلامية في
العالم)، قد تكون نواته التصوير الرقمي للرصيد في المكتبات أو المؤسسات
الرسمية داخل كل بلد، لتتسع الدائرة بعد ذلك، لتشمل ما تمتلكه المؤسسات
الخاصة والبيوت والأسر والأفراد.


4
- إطلاق ما يمكن تسميته (الشبكة العربية لمعلومات التراث) تكون وعاء
للأخبار والنشاطات المتعلقة بما تقوم به المراكز والمؤسسات المعنية
بالتراث، وأيضًا ما يقوم به العلماء والباحثون، مثل هذه الشبكة ستكون
نافذة واسعة، وأداة وصل وربط وتنسيق لمجمل حركة العمل التراثي بأصعدته
المختلفة.


والجدير
بالذكر أن هذه (الشبكة) حلم مبكِّر نسبيًّا من أحلام معهد المخطوطات
العربية، حدَّث به وعنه غير مرة منذ عام 2002م وعرض له من عدة جوانب:
الجدوى، والمحتوى، ولخَّص توجهه بهذا الصدد في ضرورة إنشاء هذه الشبكة،
بالاستفادة من خبرة مراكز المعلومات المتخصصة، وعقد اجتماع تنفيذي لهذا
الغرض. ولعل الأيام المقبلة تشهد تحقيق: هذا الحلم.


هذه
بعض ملامح الآفاق، ولا شك أن تحقيقها يتطلب الاتجاه بقوة إلى الربط بين
العمل التراثي وثورة المعلومات والاتصالات الحديثة، على المستوى النظري
أولاً عن طريق الجمع بين التراثيين وأهل الاختصاص في المعلومات والاتصالات
للنظر في القضايا العلمية والفنية المختلفة المتصلة بالعديد من الجوانب،
إذ لا شك أن للتراث بوصفه وعاء، ومعلومة، له خصوصيته التي تحتم أن يتعامل
معه المنجز التقني الحديث بصورة مناسبة. إن علينا أن نعلم أن بين النظر
والتطبيق على مستوى العلاقة بين التراث وهذا المنجز شقة لا يمكن القفز
عليها إلاَّ باجتماع الطرفين وحسن استماع كل منهما للآخر، وإلا فإن كلاً
منهما سيدور في عالمه الخاص. التراثيون يشكون ويشككون، ويتخوفون ويحذرون،
إن لم يكن بلسان المقال فبلسان الحال، وبتطبيقاتهم هم أنفسهم في أعمالهم
العلمية. والطرف الآخر يبشِّرون ويرسمون آفاقًا لا نهائية للإمكانيات
والإنجازات التي ستتحقق على أيديهم وبآلياتهم وتقنياتهم وبرامجهم وأوعيتهم
الجديدة. وهذا ما ينقلنا إلى النقطة التالية.


4- الشكوك

بداية
ينبغي أن نعترف بأن كلاً من الطرفين يملك العذر: عذر الشك والتشكك، أو عذر
الحماس والإيمان، ذلك أن كلاًّ منهما قادم من عالم خاص، له ظروفه وشروطه
وتقاليده وغاياته، ومن البدهي أن اللقاء بينهما، وثقة أحدهما بالآخر،
وتفهم أحدهما للآخر، يحتاج إلى وقت، وإلى بناء جسر من الثقة والتفهم
المتبادلين.


ليست المبادئ الثلاثة التي استهللنا بها هذا البحث إذن فضولاً، أو إغراقًا في التفلسف دون داع، وذلك لسببين:

أولهما:
أن ذلك اليوم الذي وقف فيه كثير من ذوي العقول من المنتمين إلى التراث
أمام منجز الحاضر (العاصف بجدَّته وما أثاره من دهشة) ليس ببعيد، فقد رأى
هؤلاء في ذلك المنجز تهديدًا للتراث (الفكري تحديدًا)، وأن دخوله أو
إدخاله إلى الحرم التراثي، سيؤدي إلى تخريب محتوى هذا التراث، وظهرت في
حياتنا الثقافية مواجهات بين ثنائيات من نوع الأصالة والمعاصرة، التقليد
والتحديث، فوضع الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني، والفهرسة البطاقية
والفهرسة الآلية، والمعلومة في الكتاب والمعلومة على الشبكة الذكية؛ هذه
بعض التجليات الواعية للمشكلة، وثَمَّ تجليات أخرى عفوية تمثلت في الحرص
على المخطوطات (أوعية التراث الفكري) وإخفائها عند بعض أصحابها، والخوف
عليها، من أن تتعرض لتلك المواد (الكيماوية) أو تدخل تلك الأجهزة، لتقوم
بتعفيرها وتنظيفها وترميمها!


صحيح
أن هذه المواجهات اليوم لم تعد بالحدة نفسها، وأن (الغيورين) على التراث
لم يعودوا في صلابة الأمس تجاه مسائل التعامل مع ما أفرزته الصناعات
الثقافية الحديثة من منتجات وأدوات ووسائل، لكنها ما زالت قائمة، إن لم
يكن في مبادئها العامة، وفي المواقف الأولية منها، ففي تفصيلاتها
وجزئياتها، على أن الجديد يفرض نفسه بسرعة خاصة عندما يكون عبارة عن أدوات
ووسائل وأجهزة وإمكانات، وتظل المسألة مسألة وقت.


وثانيهما:
أن الحالة هذه -أعني حالة الخوف والحذر والشك من الجديد- تتجدد باستمرار
مع أي جديد يظهر، سواء كان أداة أو وسيلة، أو كان تطبيقًا، ومن الأمثلة
على ذلك تلك الإمكانية المتاحة اليوم في قيام جهاز الحاسوب من إمكانية
صناعة كشافات الكتاب التراثي بطريقة آلية (طبعًا بعد عملية ترميز يقوم بها
الإنسان ترشد الجهاز إلى ذلك).


وقد
ننتقل إلى مساحة أخرى من دائرة الشكوك، مساحة لا علاقة لها بالتراثيين،
إنما تتصل بعالم المنجز الحديث نفسه، ففي مجال تخزين النصوص الخطية على
الحاسوب قدَّر بعض الباحثين أن الصفحة الواحدة تبلغ نحو عشرين جنيهًا،
وربما راوح فريقٌ هذه التكلفة بين نحو دولار وعشرة دولارات، كانت هذه
التقديرات عام 1996م، وعلى الرغم من أن هذه التكاليف قد تكون انخفضت بعد
عقد، لكنها تقديرات مُبالغ فيها، حتى لو قلنا إن التكاليف قد وضعت في
حسبانها أثمان الأجهزة، وأجر العمالة... إلخ.


ومن
الغرائب في سياق الشكوك أيضًا أن أحد الباحثين يقرِّر أن الصورة الرقمية
للمخطوط (لن تكون بأي شكل من الأشكال بديلاً للمخطوط الأصلي، ليس فقط
للباحث في الجوانب المادية، وإنما للمحقق والباحث العادي). وإذا كان له
بعض الحق في مجال الدرس الكوديكولوجي، فإن مسألة عدم اكتفاء المحقق
والباحث العادي بالصورة الرقمية غير مقبولة بالمرة، فكيف لا يكتفي بالصورة
الرقمية الملونة عالية الدقة، وقد كان يكتفي بصورة الميكروفيش أو
الميكروفيلم، أو الصورة الورقية؟! أما الدارس للمخطوط في جوانبه الفنية
والجمالية (الصور والرسوم والزخارف) فإن الصورة الرقمية -في ما أعتقد-
تغني أو تكاد عن المخطوط الأصلي. وعودة إلى ما سبق أن قلت من أن لدى
الباحث بعض الحق في مجال الدرس الكوديكولوجي، إنما قلت (بعض)؛ لأنَّ الدرس
الكوديكولوجي -كما هو معلوم- ينقسم قسمين: قسم متصل بالمخطوط بوصفه وعاء
(ورق وحبر وتجليد..)، وقسم يتصل بالمدوَّن على هذا الوعاء مِمَّا لا صلة
له بنص المؤلف، مثل الحواشي والتعليقات والتملكات والسماعات والوقوف وحرد
المتن..) وهذا الأخير تغني فيه الصورة قطعًا.


وخلاصة القول:
-في تقديرنا- أن المستقبل للتقنيات والبرامج الحديثة، ليس في التعامل مع
التراث فحسب، وإنما مع الحياة بمحتوياتها وتفصيلاتها المختلفة، ومنها
النصوص والمعلومات بإطلاق. إن العمل في التراث، حتى على صعيد الباحث في
عمله العلمي الصِّرف، وفي مختلف تفصيلاته، لن يقوم بدون مساعدة هذه
التقنيات في يوم أقرب مِمَّا نتصوّر.


5- الضوابط:

على
أن هذا الذي قلنا لا يعني التسليم أو الاعتماد كليًّا على التقنيات
والبرامج الحديثة، ذلك أنها ليست سوى أوعية ووسائط ووسائل معينة، يجب أن
نغذِّيها بما بريد صحيحًا وسليمًا لتعطينا نتائج صحيحة وسليمة، وأحسب أن
على الباحث، وهو يقوم بعمله العلمي في مختلف مراحله، أن يتسم بسمتين:


الأولى:
الدقة والحرص في التعامل مع الجهاز أو البرنامج لضمان توافقه مع طبيعة
النص، ومع فكره هو، ومع رؤيته وغايته، وذلك بأن يضع مسبقًا الضوابط
والاحتياطات اللازمة حتى لا يختلط الأمر على الجهاز أو البرنامج، فيصاب
بالتشوش، فاختلط النتائج وتتشوش، وتؤدي إلى إرباك الباحث، وتؤخِّره، بدلاً
من أن تختصر له الوقت، وتوفر عليه الجهد.


الثانية: المراجعة بعد إنجاز العمل، لضمان سلامته، وتدارك أي خلل حدث نتيجة لدخول وسيط بين عقل الإنسان والنص الفكري.

على
أن هذه الضوابط مطلوبة أصلاً في الباحث، لأنه باحث، لكن عليه هنا -مع
التقنية الحديثة- أن يكون أشد تنبهًا وحذرًا ويقظة. ولندع ذلك لننظر إلى
الأمر نظرة عامة بعيدًا عن خصوصية الموضوع، فنقول إن لكل حركة من حركات
الإنسان، بل لكل شيء في هذا الكون، جوانبه الإيجابية والسلبية، وله منافعه
ومضارُّه، والمهم أن تحاول -قدر الإمكان- أن تعظم الإيجابيات والمنافع،
وتحدُّ -وسعك- من السلبيات والمضارِّ.


خلاصة القول: إن
التنمية التراثية لن تتحقق بدون الاعتماد على منجزات الصناعات الثقافية،
لأسباب عديدة، أقربها هو أن سرعة إيقاع العصر لم تعد تحتمل الأساليب
والطرق التقليدية في التعامل مع النصوص، وهذه المنجزات هي التي توفر
للأعمال العلمية عامة، والتراثية خاصة، عنصرين:


- عنصر السرعة، مِمَّا يعني الاقتصاد في الجهد والزمن.

- عنصر
الحجم أو الكم، مِمَّا يعني إضافة إلى ما ذكر في العنصر الأول حث الخطى
على الطريق الطويل، طريق كشف التراث الفكري الضخم للمسلمين، ومسابقة الزمن
في استيعابه وتمثُّله، ومن ثَمَّ الإفادة منه، وصولاً إلى البناء عليه
وتوظيفه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مستقبل التراث المكتوب (المخطوط) في ضوء تطور الصناعات الثقافية :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مستقبل التراث المكتوب (المخطوط) في ضوء تطور الصناعات الثقافية

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مستقبل الأوهام تعقيباً على "مستقبل الإلحاد" لسعيد ناشيد
»  نشوء الاديان حسب التراث الاسلامي
» مفهوم الشخص في التراث الإسلامي
» نص من التراث
» في ضرورة القطيعة مع التراث!!

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: