عندما تقرر موسكو أن تكون في مرمى نيران العرب 13:47
(function() { var po = document.createElement('script'); po.type = 'text/javascript'; po.async = true; po.src = 'https://apis.google.com/js/plusone.js'; var s = document.getElementsByTagName('script')[0]; s.parentNode.insertBefore(po, s); })();
لا
شك أن الثورات الشعبية لا تنتصر بقرارات دولية أو حتى إقليمية، والأنظمة
الديكتاتورية لا تسقط بتصريحات أو قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة. ما
يعني بالضرورة انه أذا ما كان مجلس الأمن قد صادق علي قرار يدين سياسات
القمع الدموي التي يمارسها نظام بشار الأسد بحق شعبه، لن يؤدي ذلك لسقوط
هذا النظام، ما لم يتنامى الحراك الثوري في سورية لمرحلة تمكنه من إسقاط
هذا النظام.
© AFP. Mario Tama 11:36 | 2012 / 02 / 06
كتب مازن عباس
لكن هذا الموقف لا يجب أن يقود إلي تبرير ما حدث في مجلس الأمن، لأن
صدور هذا القرار كان بالتأكيد سيشكل دعما معنويا للشعب السوري، الذي يواجه
آلة القمع الدموية ليس فقط علي مدار الشهور الأخيرة، وإنما منذ أكثر من
ثلاثين عام.
إن التعديلات التي طرحها فيتالي تشوركين والتي تركزت علي وجود فصائل
مسلحة حمّلها مسؤولية العنف، يحمل في طياته ضررا مباشر لروسيا وهيبتها.
فإما تشوركين لا يعرف أن هذه الفصائل هي مجموعات العسكريين السوريين الذين
رفضوا إطلاق النار علي أبناء شعبهم من المتظاهرين العزل، وانشقوا لحماية
هؤلاء المدنيين، ولابد من الإشارة أن من سبق هذه المجموعات العسكرية
بالانحياز إلي الشعب دون أن يلجأ للانشقاق وحمل السلاح، قتل علي الفور من
جماعات هذا النظام. وإذا كان الأمر كذلك فأن الحل بسيط، لأن القدرات
المتميزة لهيئة الاستخبارات الروسية تمكنها من تكليف متخصصين بتجميع
وتحليل ودراسة آلاف التقارير المصورة والمعلومات القادمة من المدن
السورية، للتأكد من هذه الحقائق. وبذلك تتجاوز موسكو نقطة نقص المعلومات.
أو أن السيد تشوركين يعرف الحقيقة، ويستخدم أكاذيب النظام لتبرير موقفه
الرافض لإصدار مجلس الأمن قرار يدين النظام السوري، وفي هذه الحالة ستكون
المصيبة أكبر.
قد يردد البعض مقولات تشرح موقف موسكو من خلال مصالح جيوسياسية عميقة
وصراعات كونية كبيرة، لكن حقيقة الأمر أن هذا البعض يقوم بتبديد وبتدمير
رصيد كبير راكمته موسكو عبر عشرات السنين في علاقاتها مع العالم العربي.
بل ويطالب هؤلاء بكل صفاقة ووقاحة الشعوب العربية أن تعيش في ظل
ديكتاتوريات قمعية تقتل شعوبها، لتجنب أزمات مرحلة بناء الأنظمة
الديمقراطية المدنية، لأن العرب غير جديرين ببناء بلدان حديثة.
ما يطرح سؤالا جوهريا..من له مصلحة مباشرة في إفساد العلاقات
الروسية-العربية وإيصالها لنقطة ما تحت الصفر؟ من له مصلحة في أن ترفع
شعارات في البلدان العربية تطالب بمقاطعة روسيا؟
كيف يمكن أن يقيم المصريون الذي رفعوا علم الثورة السورية علي امتداد
ميدان التحرير في 25 يناير الماضي، والتهبت حناجرهم بشعارات تساند إخوانهم
السوريين الذي يواجهون يوميا آلة قتل دموية بكل رجولة وصلابة، هذا الفيتو
الروسي الجديد؟
لقد كان قرار تونس طرد السفير السوري وسحب الاعتراف من الحكومة السورية
أمرا منطقيا، ينسجم مع المرحلة الجديدة التي انتقلت إليها تونس.
لأن ثورة 17 ديسمبر في تونس وثورة 25 يناير في مصر صححت أخطاء تورطت
فيه قوي وطنية عربية تمثلت في دعم الأنظمة القمعية الديكتاتورية باعتبار
أنها تتبني أحيانا مواقف وطنية في الصراع العربي- الإسرائيلي، وقد كان هذا
الخلل من أهم العوامل التي أدت إلى انحسار دور هذه القوي سياسيا في مختلف
الشوارع العربية. ثورة 17 ديسمبر وثورة 25 يناير فتحتا طريقا جديدا للتحرر
والاستقلال.. يعتمد بالدرجة الأولي علي حرية المواطن ووعيه بحقوقه
السياسية والمدنية وبضرورة ممارستها وصولا إلى أهمية بناء دولة مدنية
ديمقراطية، ما سيؤدي بالضرورة للتحقيق التحرر والاستقلال.
لقد بدأ “الربيع العربي” ومن يقرأ مسار التطور الاجتماعي في المنطقة
بشكل علمي مؤسس علي تحليل لتاريخ الشعوب العربية، يدرك تماما انه لن يتوقف
حتى تحقيق أهدافه. ومن العبث أن تعادي بعض الدول شعوب المنطقة، لأن مذبحة
صبرا وشاتيلا التي سبقتها مذبحة تل الزعتر وجاءت في أعقابها حرب المخيمات
لم تثن الشعب الفلسطيني عن تفجير انتفاضته الأولي والثانية. كما جلبت
مجزرة قانا الويلات علي واشنطن التي استخدمت آنذاك حق الفيتو لحماية
إسرائيل من قرار مجلس الأمن، وأجبرت إسرائيل علي الانسحاب من جنوب لبنان
بعد أعوام قليلة.
لقد أعطي الفيتو الروسي للغرب ولإسرائيل ما كانوا يسعون لتحقيقه علي
مدار عشرات السنين علي طبق من ذهب. وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي
وانحسار الدور الروسي في المنطقة لأسباب اقتصادية وسياسية، بقي الرصيد
الشعبي والسياسي الذي راكمته روسيا عبر سنوات طويلة يفرضها علي مختلف
المعادلات والمسارات السياسية في الشرق الأوسط، بشكل أو بأخر. لكن الفيتو
الروسي نجح في القضاء علي هذا الرصيد، وسيمكن الغرب من إنهاء أي بقايا
لهذا الدور.
وكما قال لي احد الأصدقاء..حفر في وعينا وذاكرتنا منذ الطفولة أن
التظاهر ضد إسرائيل والولايات المتحدة وحرق أعلامهما هو من مسلمات التعبير
عن الموقف الوطني العربي، فإذا بالولايات المتحدة تستفيد من الموقف
الروسي وتسجل نقاطا علي حساب موسكو، وتحرق الأعلام الروسية