** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
عبد الفتاح كيليطو:  السرقات الأدبية في الشعر الجاهلي  I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 عبد الفتاح كيليطو: السرقات الأدبية في الشعر الجاهلي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نعيمة
فريق العمـــــل *****
نعيمة


عدد الرسائل : 360

تاريخ التسجيل : 14/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

عبد الفتاح كيليطو:  السرقات الأدبية في الشعر الجاهلي  Empty
09112011
مُساهمةعبد الفتاح كيليطو: السرقات الأدبية في الشعر الجاهلي

عبد الفتاح كيليطو:  السرقات الأدبية في الشعر الجاهلي  2a-na-54910
هشام بنشاوي (*)




في «الكتابة والتناسخ» (مفهوم المؤلف في الثقافة العربية) (1) يواصل
عبد الفتاح كيليطو تنقيبه بين نفائس التراث العربي، مشيرًا في مقدمة كتابه
إلى أهميّة المؤلف وتلازم اسمه مع عنوان الكتاب، ويتطرق الباحث إلى
السرقات الأدبية والانتحال في الثقافة العربية الكلاسيكيّة، حيث يستطيع كل
مزيّف ماهر أن ينسب - غشّـًا- نصًا إلى مؤلف ينتمي إلى الماضي، ويميّز بين
السرقة والانتحال؛ فنحن إزاء سرقة أدبية حين ينسب مثلا (س) كلام (ص) إلى
نفسه، بينما يكون انتحالا حين ينسب (س) لــ(ص) كلام (س)؛ في الحالة الأولى
نتستر وراء الآخر، وفي الثانية نخفيه وراء أنفسنا، ورغم أن تقنية تعدد
الأصوات عادة مترسّخة في السرد، فأفلاطون فرّق في «جمهوريته» بين المقاطع
التي بلسان هوميروس، والتي وردت على لسان شخصيات الإلياذة، معيبًا عليها-
الإلياذة- إخفاءها الهوية، التحوير والتقمصات التي توهم القارئ بأن
الشخصيات هي التي تتكلم، بينما ترفض الثقافة العربية الكلاسيكية سرد
المحاكاة، ويلجأ المؤلف إلى الاختباء خلف أقنعة كائنات خيالية، مثيرًا
الانتباه إلى خدعة تلك المحاكاة، لكن المسألة تختلف حين ينسب الكلام إلى
شخصية حقيقية أو خرافية، وهي لا تقل حضورًا عن الأولى في الثقافة.
إن
المنتحل- حسب د. كيليطو- يحتاج إلى وجود كلام ينتمي لمؤلف معين لينسج على
منواله كلامًا آخر ينسبه إلى ذلك المؤلف عنوة. هذه المحاكاة تتطلب الإتقان،
بحيث لا تتميز عن الأصل، ومعرفة كيفية إلغاء الناقل لصوته الخاص لإفساح
المجال لصوت المؤلف المنقول عنه، ويشبّه الناقد هذا الناحل بمزيّف النقود،
الذي يروّجها في واضحة النهار وهي تطابق ما صنع الصيارفة، ويخلص الباحث إلى
وجود استراتيجيتين للقضاء على هذه الظاهرة؛ إحداهما تبذل مجهودات ضخمة
لمعرفة ما يأتيه المنتحلون والتنبؤ به، وأخرى تسعى جاهدة لإخفاء تلك
الصناعة المقيتة.

1-- تناسخ المقطوعات الشعرية :

يستهل الدكتور كيليطو الفصل الأول بالبيت الطللي الشهير لعنترة بن شداد،
الذي تساءل فيه عن الديار المهجورة وعن الشعراء الأقدمين، مقتفيًا خطى
الشعراء السابقين على طريق القصيدة المرسومة سلفـًا، ويتساءل الكاتب عن
معنى سؤال عنترة الاستفهامي؛ أهو يأس أم تشوق أم ندم على أنه لم يأت إلا
بعد فوات الأوان؟ أم تمجيد للتراث القديم أم فضح للطريقة المتبعة في
القصيدة؟ ويرى أن الشعراء القدامى لم يقولوا كل شيء وتركوا بعض البقايا..
لم يأبهوا بمجال من القول وواصلوا طريقهم دون الانتباه إليه، فكان على
المحدثين اقتحام هذا الميدان، فلم ينشغل عنترة بتجربته وحدها، وإنما بتجربة
كل شاعر يواجه التراث، وكان معنى سؤاله ألا جدوى من وضع أبيات لا تعمل إلا
على تقليد أخرى، وما قيمتها وهي تنشدّ إلى أبيات الأقدمين، ويتفق مع ابن
رشيق على أن بيت عنترة يدل على أن لا وجود للكلام إلا في تكراره واجتراره،
لكي لا يجف النبع، فالكلام الذي لا يجتر نفسه عرضة للفقر والجمود.«التقليد
راعي حياة الكلام وجوهره»(ص 17)، لقد جاء عنترة بعد أن قيل كل شيء، واستطاع
أن يضع قصيدة تتميز عن قصائد القدامى والمحدثين بأصالتها.
وليبيّن
التفاعل ما بين التقليد والإبداع، يستشهد بأبيات لطرفة بن العبد وأخرى
للشاعر الجاهلي لبيد تشترك في بعض الصور الشعرية، فالأطلال تشبه وشم اليد
عند طرفة، ويتكرر تشبيه الكتابة والوشم عند لبيد. إن الشاعر الجاهلي - في
مقدمته الطللية- ينقب في آثار طواها النسيان، ومهمته أن يرسم رسمًا فوق آخر
ويكتب كتابة فوق أخرى، وقد أوْلى العرب النسيان مكانة مهمة لنظم الشعر،
كما تشي بذلك نصيحة حفظ ألف بيت ثم نسيانها، حيث تتحول تلك الأبيات إلى
ركام، وكأن نظم الشعر ترميم لذلك الركام، ويبدع الشاعر صيغة جديدة مستعملا
المادة المبعثرة، وتصير لكل قصيدة تناسخات مرهفة وحيوات سابقة تطوي ذكراها،
لكن في بعض الأحيان تكفي بعض البقايا للكشف عن تناسخ المقطوعات، الذي لا
يقل غرابة عن تناسخ الألفاظ، ومثلما هناك مختصون بحيوات الألفاظ ثمة آخرون
يهتمون بتنظيم حيوات المقطوعات، ضبطها وجمعها في كتب الشعر والبلاغة تحت
عنوان: باب السرقات.

- -2 التبني :

اختار الباحث أن يفتتح هذا الفصل بالإشارة إلى التماثل الموجود بين
السرقات والصور البلاغية، لكن تلك السرقات غير مذمومة بالضرورة عند النقاد
العرب، فــ «لا يقدر أحد من الشعراء أن يدعي السلامة منه»- وفقـًا لابن
رشيق-، في إشارة إلى خطاب الغير (التناص)، ولا معنى لانغلاق النص، ففي كل
بيت وكل قصيدة نجد صدى لأبيات وقصائد أخرى، والشاعر مدعو لاستنساخ نماذج
قارة، وفي محاولته لابتداع الوصلة لا بد وأن تعترضه السرقات. ويميّز النقاد
بين صنفين من الاستشهاد- وهو قسم من السرقات-، فهناك الاقتباس (المرتبط
بالقرآن الكريم والحديث النبوي) والتضمين (الاستشهاد بالشعر)، إضافة إلى
صنفين آخرين، وهما الحل ( نثر بيت شعري) والعقد (نظم مقطع نثري)، وأخيرًا
هناك التلميح (الإشارة إلى اسم أو قصة مشهورة)، لكن الدكتور كيليطو لا يدرج
التلميح ضمن باب السرقات، لأن كل بيت ينقل بيتـًا آخر، ويمكن للشاعر أن
ينقل معنى من غرض لآخر (مثلا من الغزل إلى المدح)، أو ينقل معنى من بحر إلى
آخر، ومجمل القول فالسرقة - حسب ابن رشيق- «ما نقل معناه دون لفظه».
وفيما يتعلق بتوليد المعاني فالنقاد يميزون بين ثلاثة أنواع من المعاني الشعرية :
- المعاني اليتيمة، وهي التي تكون في متناول الجميع كتشبيه الشجاع بالليث، وهو تشبيه يوجد في كثير من الثقافات.
-
المعاني المولّدة، حيث تفقد المعاني يتمها حين يلبسها الشاعر لبوسًا
جديدًا، وكل الشعراء يسعون إلى تملك المعنى المولّد بالتقليد، ومن يفوز
يرتبط المعنى باسمه من غير أن يكون مخترعه، كما ذهب إلى ذلك جرجاني في
كتابه «أسرار البلاغة»، لكن سيادة الشاعر لا تعمّر طويلا، فالمعنى مدار
صراع لا يعمّر فيه الفوز مادام مهددًا بمن سينزع عنه قصب السبق.
-
المعاني العقيمة، وهي المعاني التي يمتنع فيها المعنى عن التقليد ويعجز
المقلّد لاكتماله، ومن حاول الاقتراب منه لا يجني غير الخيبة.
وتحت ركن
المحتكر، يدرج الباحث بيتاً شعرياً في غرض الفخر لجميل بثينة المشهور بغزله
العذري، تخلى عنه للفرزدق لأنه نقل ومحاكاة، وإن برع جميل في هذا الغرض
الجديد، فهو تقليد يثير الدهشة دون أن يلقى مساندة، ولو أنه نسبه إلى
الفرزدق ما اعترض عليه أحد، ولو بقي يتيمًا نكرة لنسب إلى الفرزدق.
السارق
في هذه الحالة هو جميل (ناظم البيت)، لأنه قلد طريقة الفرزدق، ولو أنه (
الفرزدق) انتحل بيتـًا عذريّـًا لجميل، فسيلقى أشد المعارضة، لأنه لا يجيد
الغزل وأبياته في هذا الغرض مشهورة بضعفها.
لقد كان الفرزدق حين تروقه
أبيات في الفخر يسأل قائلها أن يدعها ويمتنع عن روايتها باسمه، فإن لقي
إعراضًا لجأ إلى التهديد بالهجاء، وتبقى الأبيات «المغتصبة» مرتبطة
بقائلها، ممزقة، ذات رأسين وتنظر إلى اتجاهين. لكن في حالة من يعين صاحبه
ببيت حتى ثلاثة أبيات، يهبها له مادام قادرًا على نظم مثلها ويُشْبهه في
طريقته، فلا يعد ذلك عيبًا - من منظور ابن رشيق-، وإن كان ذلك لا يجوز إلا
للحاذق، ويقرّ كيليطو أن «بإمكان الشاعر الفحل أن يسرق أبياتـًا تلائم
الغرض الذي نبغ فيه؛ فلا مفر للوديان من أن تصب في البحر» (ص25)، ويسرد
حالة أخرى وطريفة للانتحال، نقلا عن كتاب «التبيين» للجاحظ، حيث كان ينسب
الشاعر أبو نواس بعض الأبيات الشعرية إلى صديقه المجنون «أبي يس» بعد أن
يحفظها ويدّعيها لنفسه، وكانت الناس تصدقه، لأن شاعر الخمريات كان يتقمّص
شخصية المخبول وهو ينظمها، وهذا الأخير كان يعتقد أنه نبي وملك وشاعر
بالفعل.

-3- القصيدة متعددة الأزواج :

يخصّص عبد الفتاح كيليطو هذا الفصل لشعراء التكسّب، ويصف الشاعر الذي
يمدح عدة أمراء بقصيدة واحدة بالخياط المتنقل، علمًا أن تلك القصيدة
يحتكرها الأمير حين يدفع ثمنها، وتظل مرتبطة بشخصه، لكن الشاعر لا يمدح
خليفة بعينه وإنما يمدح الخليفة، ولا يمكن أن يعرف الممدوح إلا بالشهرة،
والعلاقة بين الأمير وقصيدة المدح ليست علاقة ضرورية، ولا مفر ،إذن، من
الخداع، لكن من الخطأ مدح الوزير بخصال الملك أو القائد، فلكل نموذج كلام
يناسبه وخصالا تخصّه دون غيره، و هكذا يصير الكلام مثل الثوب، وقد نصح أبو
تمام أحد تلامذته :» كن كأنك خياط يقطع الثياب على مقادير الأجسام»، لكن
يحدث أن الثوب المخيط تلبسه مجموعة من الناس تتمتع بذات المقاييس، ويبيع
الثوب إلى عدة أشخاص موهمًا كل واحد منهم أنه صاحب الحق المشروع، وحين يأتي
أوان التسليم يشد الشاعر (الخياط) الرحال إلى مكان آخر، حاملا معه الثوب،
يعيده إلى حالته الأولى، تتكرّر نفس العملية، ويباع الثوب (القصيدة) في طور
خياطته إلى أشخاص آخرين وعندما يصبح جاهزًا يرحل الخياط.
ويضطر الشاعر
إلى إدخال بعض التعديلات على ثوب قصيدته، (مثلا في حالة وجود اسم)، كما
يتجنب ذكر صفة من شأنها أن تذكّر بأمير معيّن، وهكذا لن يكون على الشاعر أن
ينظم طيلة حياته إلا قصيدة واحدة، وهذا نوع من «السرقة الذاتية»، وهي
ممارسة مشروعة حين يعزى الأمر إلى عجز في الإبداع، وتصبح هذه السرقة خديعة
إن أوهم الشاعر الممدوح أنه يخاطبه بقصيدة بكر، وهذه السرقة لا تنفع إلا
الشاعر المتنقل، بينما المقيم في البلاط يتحتم عليه أن ينظم قصيدة مدح
جديدة في كل مناسبة، وإذا كانت قصيدة المدح ناجحة فلن يستخدمها الشاعرسوى
مرة واحدة، لأن شهرتها ستسبق الشاعر وتنتشر في مختلف البلدان وتعلق
بالذاكرة، بيد أن ابن رشيق يدعو ألا يعاد استعمال هذه القصيدة إلا إذا رفض
الأمير الذي وجهت إليه أن يكافئه عليها، والقصيدة لن تجد من يطلبها إلا إذا
ذاع الخبر بأن «بنت» الشاعر سبق أن زوجت ومن غير مهر، ولكي يحصل الشاعر
على أكثر من مهر لقصيدته عليه أن يزوجها لأكثر من أمير، وألا يشيع خبر
الزواج المتعدد، والقصيدة متعددة الأزواج لا تخلو من شبه مع النصوص التي لا
يعرف مؤلفها، والتي يذكّرنا أسلوبها وموضوعها بأسماء عدد من المؤلفين.
وفي
ختام هذا المبحث يعقد كليطو مقارنة بين السرقة الذاتية والانتحال، حيث
يضطر المزيف - مثل من يقوم بالسرقة الذاتية- أن يواجه أصنافاً، وداخل كل
صنف على حدة، عدد كبير من الأفراد، وهو يحار عندما يود أن ينسب زيفًـا
نصًـا إلى مؤلف قديم، مادام كل نوع يمثله عدة مؤلفين، والحيطة ذاتها ينبغي
أن يتخذها المزيّف، وأن يتجنب «عدم الملاءمة» (مثلا، ألا ينسب خطابـًا فيه
بدعة إلى رجل يتشبث بالأصول)، ومع ذلك فبينهما اختلاف كبير فأب القصيدة
المتعددة الأزواج لابد أن يفتضح أمره، في حين الثاني، إذا كان ماهرًا
متمكنـًا من قواعد الانتحال، يصعب ضبطه، اللهم إلاإذا اعترف من تلقاء ذاته.

-4- الشعر والصيرفة :

في مقدمة الفصل الرابع يشكك الباحث في الشعر الجاهلي، وفي كونه قد علق
على الكعبة وكتب بماء الذهب، كما ذهب إلى ذلك عدة مؤرخين، فالقصائد
المنحولة أكثر أصالة من القصائد الأصلية، والمزيّف يكن الاحترام للنص
«الأصل»، ويقلد خصائصه في أدق الجزئيات، والمؤرّخ مجبر على قبول كل ما نقله
الرواة الأقدمون من شعر جاهلي، وكانت تصادفهم روايات مختلفة للقطعة
الواحدة، لأن الشعر كان يتناقل شفاهًا، فضلا عن الانتحال، حيث كانت بعض
القبائل بسبب العصبية القبلية والنزاعات السياسية والدينية تلجأ إلى نسبة
بعض الأشعار إلى شعراء أقدمين، والنحاة لكي يثبتوا صحة قاعدة نحوية يعمدون-
كذلك- إلى وضع أبيات ينسبونها إلى الشعر الجاهلي، فتبنى علماء اللغة عند
جمعه منهج علماء الحديث، الذين أفرد لهم كيليطو فصلا كاملا وسمه بــ «طرق
الحديث»، والذين كانوا يعمدون إلى التحقق من السند أو سلسلة الرواة،
للتمييز بين الأحاديث النبوية الصحيحة والأحاديث الموضوعة، مشيرًا إلى أنه
رغم توبة الوُضّاع، فإن تلك الأحاديث الموضوعة تتناقلها الأفواه، وقد يجد
المزيّف التائب نفسه عاجزًا، حسب ابن الجوزي الذي خصّص كتابًا لهذه
الأحاديث، (للقضاء على هذه النصوص المنحولة ينبغي نشرها عبر مختلف جهات
العالم)، ويمكن أن يقضي التائب بقية حياته مرتحلا في بلاد الإسلام يحث
الناس على نسيان تلك الأحاديث التي وضعها... لكن في حالة الشعر يحدث أن
يكون الصيرفي/ الناقد الحريص على سلامة سوق النقد مزيفـًا، وسبق أن دسّ بعض
الأشعار الجاهلية، وعندما يكشف عن زيفه يمتد الشك إلى باقي الصيارفة (نقاد
الشعر).
ويحتار الباحث مثل باقي المؤرخين في زمن تأليف المعلقات؛ إن
كان قبل الإسلام أو في القرن الثاني، ولا يتفق مع إمكانيتي تأويلها،
(إحداها تصدر عن بحث وتقصٍّ والأخرى عن إعجاب واستمتاع)، باعتبار أن
المتلقي يحتاج دائمًا إلى تصور عن قائلها، والقطعة الشعرية تدرك من خلال
معرفة مسبقة عن الشاعر، وحين لا تكون هناك معرفة به تكون مفترضة، وفي هذه
الحالة يكون النص المنغلق نص بدون آفاق، ولا أحد تتاح له الفرصة لتأمل هذا
الكائن العجيب، ويختلف موقف المتلقي من أية قطعة باختلاف معرفته بصحتها أو
انتحالها، وتفقد قيمتها حين يكتشف أنها وضعت زيفــًا، وتتخذ قيمة بتقادمها،
لكن المحاكاة حين تصدر عن مؤلف مشهور، فإن العمل لا يندرج في الهامش، لكنه
لن ينجو من الالتباس، لأن «شبح المؤلف الزائف يمتد أمام أفقه ويعرقل (أو
يغني) تأويله»(ص47).

على سبيل الختم :

عبد الفتاح كيليطو ناقد قلق متجدد، اشتهر بولعه بالتراث العربي وإخلاصه
له، رغم تلك النظرة الدونيّة التي يتعامل بها غالبية المثقفين العرب مع
الثقافة العربية الكلاسيكية، في حين ينبهرون بالحداثة الغربية، لكن الدكتور
كيليطو استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة؛ يجمع ويزاوج بين ولعه التراثي
وثقافته الأكاديمية، وبأسلوب سهل ممتنع، مقتر.. يبتعد عن الحشو والإطناب،
دون أن يحس القارئ بأي تنافر في كتاباته، وقد ركزت في هذه الورقة على
الفصول الأربعة التي تطرقت إلى مفهوم المؤلف في الشعرية العربية وألوان
السرقات الأدبية فيها، ويعود هذا التركيز إلى سببين :
- أولهما : أننا
كدنا ننسى هذا التراث المجيد الذي لا أثر له خارج قاعات الدرس والمقررات
التعليمية، في زمن ينبهر فيه شعراؤنا بالنموذج الغربي الحداثوي، وغالبا ما
يتردد في قصائد الشعراء المبتدئين وفي نقاشاتهم صدى نصوص رواد قصيدة
التفعيلة وقصيدة النثر في العالم العربي:  السياب، محمود درويش، سعدي يوسف،
البياتي، أدونيس... إلخ، ولا أحد يخطر بباله المتنبي على سبيل المثال!
-
وثانيا : لأن الشعر يحتل حيزًا كبيرًا في هذا الكتاب، وقد حاولت في هذا
العرض الموجز أن أسرق بعض عطر تلك الفصول الماتعة، وإن كان ذلك لا يغني
القارئ عن الاطلاع على الكتاب المخاتل، وربما البحث عن بقية كتيبات كيليطو
التي تتمتع بجاذبية تفتقر إليها كتب أغلب النقاد، والممقوتة من طرف القرّاء
بسبب تخشب لغتها وتعاليها عليهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

عبد الفتاح كيليطو: السرقات الأدبية في الشعر الجاهلي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

عبد الفتاح كيليطو: السرقات الأدبية في الشعر الجاهلي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» عبد الفتاح كيليطو : العُـكّـاز
» خلف عربة الشعر الشعر الحديث يستعيرُ تقنيات السرد
»  الاعجاز العلمي في الشعر الجاهلي
»  الاعجاز العلمي في الشعر الجاهلي
» حكايات... تصل الماضي ببؤس الحاضر! " عرفه ينهض من قبره"، هي رواية الشاعر المصري حسن توفيق، وهي اضافة جميلة في حديقة انتاجه الأدبي الغزير والمتنوع.. من الشعر، و الدراسات والابحاث الأدبية، المقامات وأدب الرحلات.. ظاهر الرواية بحر هادىء، لكن الغوص فيه، مليء ب

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: