فيفيان صليوا إنموذجاً
* اعترف انني لم اتعرف على هذا
الاسم (فيفيان صليوا) الا مؤخرا ربما بسبب آلية التمييز المضاعف التي تطال
اسماء نافرة من هذا النوع وعلة التمييز هنا اولا لانها انثى وثانيا لانها
تنتمي الى اقلية آشورية في العراق يضاف الى هذا كله تاثيرات الاضطهاد
السياسي التي اضطرتها للاقامة في لندن
اضع
هذه المقدمة ليس تبريرا لاستدعائي اسما انثويا غير متداول نقديا بل لاقول
إن مثل هذه السياقات الثقافية المحايثة اسهمت في تشظية الخطاب وان لملمة
هذه التشظية لاستجماع اطراف الصورة تحتاج الى بحث دائب خلف الواجهات
المعلنة ، الواجهات التي صنعها الاعلام خاصة واننا نعلم تماما مدى ادلجة
ومركزية الاعلام الثقافي لدينا.
يمكننا
أن نصف مثل هذه التجارب بأنها تجارب منفى بامتياز وان اهمالها او تجاوزها
يبتر الصورة التي نتوخى رسمها غير أن الصعوبة القائمة في هكذا مسعى هي اننا
لا نملك معجما لمثل هذه الاصوات الخارجة عن مشهد المعاينة والحضور ذلك لان
الجرودات النقدية وحتى احصاءات الارخنة تهتم بما هو قائم ولا احد بامكانه
أن يحصي الغياب ، الغياب الذي يتدثر خلف اسوار العزلة او الهرب حيث لا
تلتقطه العين ولا يتعقبه الدارس الا على سبيل الصدفة لا غير، اضع هنا اربعة
قصائد قرأتها للشاعرة فيفيان صليوا لأطرح من خلالها سؤالا حول الكتابة
بالجسد او من خلاله ، كيف تعاملت الشاعرة المنفية والمغتربة مع هذه اللازمة
النسوية لدينا ؟
اخرجت جسدي ، من جسدي
لم يعد احد يجدني
عندما
أدركت أن المرأة بحكم الترسيمة الثقافية السائدة لا يستدل عليها الا من
خلال الجسد قررت الخروج من (جسدها) لكي لا (نجدها) بالمرة ولكن الى اين ذهب
هذا المقصي اقصد الجسد ؟ تجيبنا بصراحة في نهاية قصيدتها الثانية (نهاية
جسد) :ـ
لقد ذهب جسدي
ليذبل وحده
لا
يخفى هنا أن تركيز الشاعرة على فكرتها الاصلية يمر من خلال جمل وتعبيرات
بسيطة بلاغيا ولكنها عميقة في مؤداها الوجودي على صعيد تجربة خطاب الانثى
المحاصر والمأزوم، (فيفيان ) ادمنت العزلة حتى صارت تتمنى قبرا شبيها
بالغرفة او على مقاسها ذلك لان الغرفة التي انعزلت فيها طيلة حياتها ليست
سوى قبر ينبض :ـ
يا عاصفتي
اكملي تصاميم قبري
شرط إن يشبه غرفتي
هي
هنا تريد لموتها الحاضر أن يتصل اذ لا فرق بين القبر او الغرفة، هل يعني
هذا أن نهاية الجسد نهاية الحياة بالنسبة للمرأة؟ وان الشاعرة عندما انهت
جسدها بمحض ارادتها وتركته (يذبل وحده) لم تجد ما تعيش به او من خلاله ؟
اذا كان المعنى يسير بهذا الاتجاه فلا شيء نقوله سوى العودة الى تأكيد
مركزية الجسد في وعي المرأة وهي الموضوعة التي تأصلت تاريخيا الى الدرجة
التي طبعت الثقافة النسوية بطابعها حتى لو ادعت هذه الثقافة الخروج او
التملّص من دائرة الجسد. في تجربة (فيفيان) هناك ما يقابل هذه النظرة اقصد
عودتها للالتحام بالطبيعة فهي تقول (اتقلب كشجرة كانت يوما هنا ) كما أنها
تعود الى الوطن بوصفه (غبارا).. (كل هذا الوطن / لي وحدي ) وتقصد الغبار..
اخيرا من خلال هذا الصوت الغائب (فيفيان صليوا) اردت أن اضم نجمة تائهة الى
سماء الكتابة النسوية في العراق وربما هناك اكثر من نجمة تحتاج الى صحو
اخر كي تظهر فيه ، ذلك أن الكتابة عن مقصديات المرأة واستثنائية خطابها لا
يمكن حصرها باسماء محددة اننا فقط نشرع الباب باتجاه مديات اخر قادمة.
الإثنين ديسمبر 26, 2011 10:04 am من طرف سبينوزا