مي سليم
قرأتم مثلي ما كُتب في الصحافة العربية حول صدور مجلة أدونيس الجديدة 'الآخر'.
رأيتم مثلي اسم الشاعر المعروف مجاورا لاسم حارث يوسف غير المعروف.
أظنكم مثلي لم تسمعوا بهذا الاسم من قبل.
من هو حارث يوسف؟
الفضول
كان طبيعيا لمحاولة استكشاف هوية هذه الشخصية الثقافية الكبيرة التي يمكن
لها أن تكون جنباً إلى جنب مع أدونيس في مشروع ثقافي طليعي.
كان علي أن
أعيد بتمعن قراءة ما كُتب للإعلان عن هذا الصدور بحثاً عن معلومة تنير
جهلي.لا فائدة. تجاهلت الأكثرية هذا الاسم الجديد وعبرت فوقه وكأنه لم يكن.
عبرت فوقه وكأنها تعرف له تاريخاً فكرياً حافلاً، وكأنها قرأت له مجلدات
ومجلدات.(لا أستبعد ظهور أعماله السرية الكاملة إلى العلن قريباً جداً).
بحثت
أكثر إلى أن وقعت على ما كتبه ايلي عبدو في صحيفة 'الأخبار' اللبنانية
عندما قال إن هيئة التحرير تضم بالإضافة إلى أدونيس وكمال بلاطة 'رجل
الأعمال والكاتب السوري الأوكراني حارث يوسف'. قلت في نفسي: لا بد أن هذا
الكاتب يكتب باللغة الأوكرانية ولذلك لم أسمع به من قبل.
نقرة واحدة أو
نقرتان على غوغول، وها هوذا حارث يوسف أمام عيني. صورته وحياته ومقابلاته
واهتماماته وتمويلاته وشركاته واذاعته شام اف ام السورية.
اكتشفت عندها أن الكاتب السوري الأوكراني هو نفسه ممول المجلة و صاحب 'مؤسسة ال40' التي تصدرها. وفهمت جملة ايلي عبدو:
'
لا تعتمد 'الآخر' في تمويلها، كما أشيع، على 'رعاية' الشيخ محمد بن راشد
آل المكتوم حاكم إمارة دبي، بل يدعمها أحد المتمولين السوريين المغتربين'.
وهذا المتمول السوري المغترب هو نفسه الكاتب السوري الأوكراني عضو هيئة
التحرير .
الآن توضحت الأمور.
من هو حارث يوسف إذن؟
كان ضابطاً في
الجيش السوري، عاد إلى اوكرانيا التي درس في احدى اكاديمياتها العسكرية
ضمن بعثة سورية. هو واحد من رجال الأعمال الأغنياء، الذين بدأوا من الصفر،
كما يقال، والذين تكاثروا في دول أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد
السوفيتي.
تاجَرَ حارث يوسف في البداية بكل ما يمكن له أن يقع بين يديه
قبل أن يتخصص في تجارة الحديد، عندما اكتشف نجاعتها، كما يشرح في مقابلة
معه/في شباط/فبراير2006/ نعرف من خلالها أيضاً أن شركته ربحت مناقصة
لاستثمار وإدارة مصنع للحديد في مدينة حماة السورية .
تقول المقابلة:
ليس حارث يوسف خجولاً عندما يتعلق الأمر بالحديث عن امبراطوريته التجارية
أو عن طائرته الخاصة 'جت فالكون' التي يعيرها إلى الدولة الأوكرانية في بعض
المناسبات مثل جنازة ياسر عرفات أودفن الملك فهد.
'أن تملك شركة كبيرة
فهذا يعني أن تكون على علاقة حسنة مع السلطة الحاكمة ، وفي هذا لا تختلف
أوكرانيا عن أي بلد آخر'. يقول عضو هيئة تحرير مجلة 'الآخر'. هذه العلاقة
الوثيقة مع السلطة ليست كلاماً في الهواء، فقد كان رجل الأعمال مستشاراً
للرئيس الأوكراني السابق فيكتور يوشتشنكو وطائرته الخاصة هي التي حملت
الرئيس الأوكراني إلى سويسرا للعلاج.
'الآخر'/ المجلة تتحدث عن الأمراض
المعدية التي تتلاقى لتشكل المرض المركب الذي تعاني منه الثقافة العربية.
يبدو أن تقديم النصح للرؤساء من الأمراض المعدية. هل فهمتم الآن من أين
انبثقت رسالة الشاعر إلى الرئيس؟ من مجاورة المستشار الآخر المعتاد على
تقديم النصح للرؤساء.
'السؤال الشائك' الذي يفرض نفسه هو: هل يكفي أن
تكون ممول مجلة كي تصبح عضواً في هيئة تحريرها ؟ كنت أظن أن هذا لا علاقة
له بذاك، لأننا تعلمنا أن الفصل بين التمويل والتحرير قانون أساسي من
قوانين العمل الثقافي ولاسيما عندما تكون الجهة الممولة / (بالكسر) بعيدةً
كل البعد عن الموضوع الممول/(بالفتح).
إن أحد الأسباب الأولى في
الانفجارات البهية، كما وصفتها المجلة، التي تزلزل الآن البلدان العربية،
هو المطالبة بفك الارتباط بين السياسة والمال، الذي لا يمكن أن يؤدي إلاّ
إلى إفساد الإثنين معاً ، فما بالك بالخلط بين المال والشأن الثقافي على
هذه الصورة الآخروية؟
لا يمكن لك، وانت تضع هذا القانون الأساسي الفاصل
وراء ظهرك، أن تدعي إصدارَ مجلة تسعى إلى 'تثوير الحياة الثقافية العربية
وطرح الأسئلة الشائكة التي يخشى الآخرون طرحها' كما تقول هيئة التحرير
نفسها، وإلا عدنا إلى عالم الأفلام الهابطة، كما يسميها النقاد المختصون،
التي يريد المنتج الثري، بسلطة ماله، أن يكون بطلها.
باحثة في معهد العلوم الاجتماعية / مونبلييه
http://www.alquds.
قرأتم مثلي ما كُتب في الصحافة العربية حول صدور مجلة أدونيس الجديدة 'الآخر'.
رأيتم مثلي اسم الشاعر المعروف مجاورا لاسم حارث يوسف غير المعروف.
أظنكم مثلي لم تسمعوا بهذا الاسم من قبل.
من هو حارث يوسف؟
الفضول
كان طبيعيا لمحاولة استكشاف هوية هذه الشخصية الثقافية الكبيرة التي يمكن
لها أن تكون جنباً إلى جنب مع أدونيس في مشروع ثقافي طليعي.
كان علي أن
أعيد بتمعن قراءة ما كُتب للإعلان عن هذا الصدور بحثاً عن معلومة تنير
جهلي.لا فائدة. تجاهلت الأكثرية هذا الاسم الجديد وعبرت فوقه وكأنه لم يكن.
عبرت فوقه وكأنها تعرف له تاريخاً فكرياً حافلاً، وكأنها قرأت له مجلدات
ومجلدات.(لا أستبعد ظهور أعماله السرية الكاملة إلى العلن قريباً جداً).
بحثت
أكثر إلى أن وقعت على ما كتبه ايلي عبدو في صحيفة 'الأخبار' اللبنانية
عندما قال إن هيئة التحرير تضم بالإضافة إلى أدونيس وكمال بلاطة 'رجل
الأعمال والكاتب السوري الأوكراني حارث يوسف'. قلت في نفسي: لا بد أن هذا
الكاتب يكتب باللغة الأوكرانية ولذلك لم أسمع به من قبل.
نقرة واحدة أو
نقرتان على غوغول، وها هوذا حارث يوسف أمام عيني. صورته وحياته ومقابلاته
واهتماماته وتمويلاته وشركاته واذاعته شام اف ام السورية.
اكتشفت عندها أن الكاتب السوري الأوكراني هو نفسه ممول المجلة و صاحب 'مؤسسة ال40' التي تصدرها. وفهمت جملة ايلي عبدو:
'
لا تعتمد 'الآخر' في تمويلها، كما أشيع، على 'رعاية' الشيخ محمد بن راشد
آل المكتوم حاكم إمارة دبي، بل يدعمها أحد المتمولين السوريين المغتربين'.
وهذا المتمول السوري المغترب هو نفسه الكاتب السوري الأوكراني عضو هيئة
التحرير .
الآن توضحت الأمور.
من هو حارث يوسف إذن؟
كان ضابطاً في
الجيش السوري، عاد إلى اوكرانيا التي درس في احدى اكاديمياتها العسكرية
ضمن بعثة سورية. هو واحد من رجال الأعمال الأغنياء، الذين بدأوا من الصفر،
كما يقال، والذين تكاثروا في دول أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد
السوفيتي.
تاجَرَ حارث يوسف في البداية بكل ما يمكن له أن يقع بين يديه
قبل أن يتخصص في تجارة الحديد، عندما اكتشف نجاعتها، كما يشرح في مقابلة
معه/في شباط/فبراير2006/ نعرف من خلالها أيضاً أن شركته ربحت مناقصة
لاستثمار وإدارة مصنع للحديد في مدينة حماة السورية .
تقول المقابلة:
ليس حارث يوسف خجولاً عندما يتعلق الأمر بالحديث عن امبراطوريته التجارية
أو عن طائرته الخاصة 'جت فالكون' التي يعيرها إلى الدولة الأوكرانية في بعض
المناسبات مثل جنازة ياسر عرفات أودفن الملك فهد.
'أن تملك شركة كبيرة
فهذا يعني أن تكون على علاقة حسنة مع السلطة الحاكمة ، وفي هذا لا تختلف
أوكرانيا عن أي بلد آخر'. يقول عضو هيئة تحرير مجلة 'الآخر'. هذه العلاقة
الوثيقة مع السلطة ليست كلاماً في الهواء، فقد كان رجل الأعمال مستشاراً
للرئيس الأوكراني السابق فيكتور يوشتشنكو وطائرته الخاصة هي التي حملت
الرئيس الأوكراني إلى سويسرا للعلاج.
'الآخر'/ المجلة تتحدث عن الأمراض
المعدية التي تتلاقى لتشكل المرض المركب الذي تعاني منه الثقافة العربية.
يبدو أن تقديم النصح للرؤساء من الأمراض المعدية. هل فهمتم الآن من أين
انبثقت رسالة الشاعر إلى الرئيس؟ من مجاورة المستشار الآخر المعتاد على
تقديم النصح للرؤساء.
'السؤال الشائك' الذي يفرض نفسه هو: هل يكفي أن
تكون ممول مجلة كي تصبح عضواً في هيئة تحريرها ؟ كنت أظن أن هذا لا علاقة
له بذاك، لأننا تعلمنا أن الفصل بين التمويل والتحرير قانون أساسي من
قوانين العمل الثقافي ولاسيما عندما تكون الجهة الممولة / (بالكسر) بعيدةً
كل البعد عن الموضوع الممول/(بالفتح).
إن أحد الأسباب الأولى في
الانفجارات البهية، كما وصفتها المجلة، التي تزلزل الآن البلدان العربية،
هو المطالبة بفك الارتباط بين السياسة والمال، الذي لا يمكن أن يؤدي إلاّ
إلى إفساد الإثنين معاً ، فما بالك بالخلط بين المال والشأن الثقافي على
هذه الصورة الآخروية؟
لا يمكن لك، وانت تضع هذا القانون الأساسي الفاصل
وراء ظهرك، أن تدعي إصدارَ مجلة تسعى إلى 'تثوير الحياة الثقافية العربية
وطرح الأسئلة الشائكة التي يخشى الآخرون طرحها' كما تقول هيئة التحرير
نفسها، وإلا عدنا إلى عالم الأفلام الهابطة، كما يسميها النقاد المختصون،
التي يريد المنتج الثري، بسلطة ماله، أن يكون بطلها.