المالح لـ «الراي»: الانقلاب العسكري في دمشق آتٍ أكد المعارض السوري هيثم المالح «ان انشقاقاً كبيراً سيقع
عاجلاً ام آجلاً في الجيش السوري»، لافتاً الى حصول بعض الانشقاقات في
الفرقة الرابعة (التي يقودها ماهر شقيق الرئيس بشار الاسد) وقد تزيد في
الأسابيع المقبلة»، مضيفا «رغم أن هذه الفرقة تربطها شبكة مصالح أمنية مع
النظام، لكنني أتوقع حدوث انقلاب كبير سيبّدل مجريات اللعبة، والانقلاب
العسكري آتٍ لا محالة وهو سيقع فعلاً وسينهي هذا النظام الاستبدادي».
المالح، عميد الناشطين الحقوقيين في سورية والذي سُمح له بالسفر الى خارج
الأراضي السورية للمرة الأولى منذ سبع سنوات، قام بجولة على بعض الدول
الأوروبية ومن بينها ألمانيا وفرنسا، وكان سجل أول دعوة علنية لتدخل عسكري
بغطاء من مجلس الأمن خلال شهادته أمام مجلس حقوق الانسان التابع للأمم
المتحدة.
وأبدى في حديث الى «الراي» أجرته معه هاتفياً تحفظاً عن المجلس الوطني
السوري «لجهة عدم حصول مشاورات مسبقة مع المعارضين الذين لهم تاريخ نضالي
طويل»، معتبراً أن أمام المجلس مهمة صعبة «في هذه المرحلة الخطيرة خصوصاً
أن السوريين يعوّلون عليه، ما يتطلب جهوداً متواصلة»، مؤكداً أن المبادرة
التي طرحها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير «سيئة» ولا ترقى الى
المستوى المطلوب.
في الآتي نص الحوار:
• بعد خروجك من سورية بداية شهر يوليو الماضي للقيام بجولة على بعض العواصم الأوروبية، ما النتائج التي توصلتَ اليها؟
- الدول الأوروبية تدعم الشعب السوري وليس النظام، وهذا الموضوع محسوم
بالنسبة لها. وقد أجريتُ مجموعة لقاءات مع الأحزاب الأوروبية ومن بينها
الأحزاب الألمانية ومع عدد من وزراء الخارجية الاوروبيين ولمست جدية عالية
في التعاطي مع الملف السوري. والذين اجتمعتُ معهم سواء في ألمانيا او فرنسا
اكدوا وقوفهم الى جانب الشعب السوري.
• أبديتَ بعض التحفظات على المجلس الوطني ومن بينها نصيحتك بعدم ادعاء
التمثيل. ماذا تقصد بذلك رغم أن أعضاء المجلس يعتبرون أنهم يمثلون الجزء
الأكبر من المعارضة السورية؟
- تحفظتُ عن عدم حصول مشاورات مسبقة مع المعارضين الذين لهم تاريخ نضالي
طويل. لم يتصل بي احد قبل تشكيل المجلس الوطني السوري، ولم تتم دعوتي خلال
الانعقاد. وأرجو أن تكون هذه الخطوة ايجابية لأن المهمات الموكلة الى
المجلس ضخمة جداً وتحتاج الى مستوى عال من التنسيق الى جانب الاجتماعات
الدائمة بغية الخروج من هذه المرحلة الصعبة خصوصاً أن السوريين يعوّلون على
هذا المجلس ما يتطلب جهوداً متواصلة.
• أشرت الى أن التدخل العسكري أقل سوءاً من النظام. ألا تعتقد أن اتخاذ
مجلس الأمن الدولي قراراً بالتدخل العسكري في سورية قد يؤدي الى حرب
اقليمية؟
- لا أعتقد ذلك. ليس لدينا خيار آخر خصوصاً أن النظام فقد شرعيته. وقبل
خروجي من سوري وصل عدد المتظاهرين الى مليوني شخص، أي مليوني أسرة غير
موافقة على النظام، أما الصامتون فأكثر بكثير. النظام فقد شرعيته على أرض
الواقع وينتهك كل الحرمات والمقدسات والمعابد والمساجد وهو ساقط من الناحية
القانونية، ويحاول قدر الامكان الحفاظ على ما تبقى منه.
• ما السيناريو الذي ينتظر سورية؟
- السيناريو سيأتي من الداخل، فالاقتصاد السوري في حال من الانهيار الكامل، والانشقاقات في الجيش تتوسع بشكل ملحوظ.
• هل تراهن على حدوث انشقاق كبير في الجيش السوري يحسم الخيار الى جانب الحركة الاحتجاجية؟
- نعم أراهن على ذلك. وهذا الانشقاق سيقع عاجلاً ام آجلاً، لأن الشرفاء في
الجيش السوري الوطني هم أبناء سورية، وأي جيش وطني لا يمكن له السكوت على
الانتهاكات التي يرتكبها النظام بحق أبناء وطنهم وأهلهم وأولادهم. أما
الفرقة الرابعة، فقد وقع فيها بعض الانشقاقات قد تزيد في الأسابيع المقبلة.
ورغم أن هذه الفرقة تربطها شبكة مصالح أمنية مع النظام، لكنني أتوقع حدوث
انقلاب كبير سيبّدل مجريات اللعبة. الانقلاب العسكري آتٍ لا محالة، وهو
سيقع فعلاً وسينهي هذا النظام الاستبدادي، ولن يبقى قرب النظام سوى
الفاسدين الذين تربطهم بـ «العائلة الحاكمة» مصالح مادية.
• رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أعاد الاتصال مع الرئيس السوري
بعد قطيعة قصيرة. كيف تقوّم الموقف التركي في المرحلة الراهنة خصوصاً بعد
استقبال بعض ممثلي المجلس الوطني السوري؟
- الموقف التركي لا يخرج عن الديبلوماسية الغربية وهو يتماشى معها رغم الاختلاف في الأدوات أو النهج.
• دعا وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ في القاهرة يوم الأحد الماضي
النظام السوري وأطراف المعارضة لعقد مؤتمر حوار وطني شامل في مقر الجامعة
العربية خلال 15 يوماً. ما رأيك في هذا المقترح؟
- المقترح الذي طرحه وزراء الخارجية العرب سيئ جداً وكان من المنتظر تجميد
عضوية النظام في جامعة الدول العربية. ولا أفهم كيف أن أربع دول عربية من
بينهم الجزائر والسودان اعترضت على تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية،
ولا أعلم كيف يمكن أن يتخذوا هذا الموقف رغم ما يحصل من تشويه الجثث وقتل
الناس وانتهاك حرمة المقدسات والجوامع ومحاصرة المدن. المبادرة التي طرحت
سيئة وكنا نتوقع اتخاذ مواقف تاريخية لكن هذا لم يحدث.
• هل تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية قد يؤدي الى تغيير الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية تحديداً في مجلس الأمن؟
- لا شك في ذلك. تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية لن يغير موقف
موسكو فقط بل سيكون له تأثير مباشر على موقف المجتمع الدولي من القضية
السورية.
• قلت انك متخوف من عسكرة الثورة وهذا التخوف أشار اليه ميشال كيلو. ما العوامل التي تعتمد عليها بشأن ذلك؟
- نحن نشدد على سلمية الثورة، ومن حيث المبدأ أنا خائف من تسليح الثوار لأن
الجزء الأكبر منهم من الشباب الصغار وهم يفتقدون الى قيادة موحدة، وأكثر
ما أخشاه اخراج الثورة السورية عن غايتها الأساسية والسعي الى إعطائها
طابعاً طائفياً، وتحويلها الى مجموعات مسلحة. وقد سعى النظام وما زال الى
استعمال الملف الطائفي، ولكن الثوار حتى اللحظة تجاوزوا هذا الاختبار
الصعب.
• متى سيعود هيثم المالح الى سورية؟
- الشهر المقبل، وآمل أن يكون النظام قد سقط قبل عودتي.