سبينوزا فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1432
الموقع : العقل ولاشئ غير العقل تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..
من اقوالي تاريخ التسجيل : 18/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5
| | المثقف العربي في الميزان | |
[b]
[/b] [b]
بين الادانة والدفاع المثقف؟؟؟؟هي كلمة قالها العرب قديما في وصف رماح الحرب,الرماح المثقفة ,الرماح الحادّة الراس المدببة كالابرة ,تجيد الطعن وتكثر فيه وهي تطلق ايضا على الانسان ذي الفكر الواعي المستفيض بمسائل عصره وعصر من سبقوه ,المتبحر في صفوف المعرفة. اما كمبحث وموضوع فكثيرا ما احتل المثقف وتعريفه ودوره الكثير من البحث والسجال فللموضوع جاذبيته التي لا تخف وهو دائم التجدد خاصة اثناء المستجدات على غرار ما نعيشه اليوم من احداث دقيقة ومصيرية:احداث الثورات العربية حيث احتاجت الجماهير لمثقفيها مما جعلها تبحث عنهم وتتساءل عن مدى فاعليتهم ومدى قدرتهم على احتواء ضياعها لكن تلك الصورة الكلاسيكية للمثقف الذي كانت الجماهير تعتقد انه يمتلك الحقيقة قد زالت ولم يعد المثقف هو المصدر الاساسي للمعلومة او منطلق التحريض والتعبئة.. وبما ان موضوع المقال هو البحث في ماهية المثقف ودوره فقد وجبت محاولة الالمام باهم ما يحيط به من نقاط للاستفهام. من هو المثقف؟؟؟ هل هو نموذج واحد ام هو صور ونماذج متعددة؟؟؟ هل هو ذاك الذي يقف في علياءه ويراقب الحضيض والحشد من فوق كي يحسن التقييم وطرح الحلول ام انه ذاك الذي يلتحم بالجماهير ويمتزج بمشاكلها وهمومها???وهل يختلف المثقف العربي في مفهومه ودوره عن المثقف في الدول الغربية؟؟؟؟. حسب المفهوم المتداول لعبارة مثقف نجد ان له نماذج متعددة من حيث طبيعته ووظيفته والنسق المعرفي الذي يشتغل عليه ويمكن حصر اهم النماذج للمثقفين كالاتي:-
1 - المثقف الذي تعلم وحصل على شهادات عليا في باب من الابواب وهو الذي تنطبق عليه اكثر صفة متعلم
2- المثقف الذي تدور ثقافته حول محور الدين والذي تنطبق عليه صفة شيخ او ما يرادفها في الديانات الاخرى(مفتي ,كاردينال ,بطريرك.....)
3-المثقف الذي يكتسب ثقافته عن طريق متابعة نشرات الاخبار وقراءة الصحف وحضور الا جتماعات....الخ
4- المثقف المرتزق وهو الانتهازي الذي يعرف من اين تؤكل الكتف فينتج الكلمات والافكار حسب الطلب ليبيعها لمن يدفع اكثر وغالبا ما يقف هذا النوع في صف السلطة المستبدة.
5-المثقف الذي لا ينتمي الى تنظيم سياسي معين ولا يتكلم باسم ايديولوجيا بعينها لكن قدرته على النقد ثاقبة واكثر موضوعية.
6-المثقف العضوي وهو مثقف مسيس اي مثقف ينتمي الى تنظيم حزبي وايديولوجية محددة ونشاطه وفق هذا المنطلق يميل او يتجه وفقا لطبيعة المرحلة التاريخية التي يمر بها مجتمعه وهو النموذج الذي سنحاول تسليط الضوء عليه اكثر من غيره من نماذج المثقفين باعتبار اننا نعيش مرحلة حضارية دقيقة وهزات حادة وضعت النخب السياسية والحكام على محك المساءلة مما جعل الاصابع توجه بالاتهام للمثقف الذي لم ينجز دوره التاريخي وترك الجماهير في وضعية جهل وتهميش فمن هو المثقف الفاعل وماهي التضحيات المطالب بتقديمها ليستحق القول بانه ادى وظيفته وتحمل مسؤوليته؟؟؟؟. السؤال يجعل الاذهان تقفز مباشرة الى صورة المثقف المغامر مجسدة في الفيلسوف الايطالي (انطونيو غرامشي)الذي ابدع( كراسات السجن)وهو في احلك ظروفه السياسية والاجتماعية واصعب اوضاعه النفسية والصحية فقد اشتبك مع اشرس القوى السياسية في مجتمعه ودخل في صراع مع اكثر الاطروحات الفلسفية رواجا في عصره بحيث رسم لنفسه منهجا تاويليا زعزع اسس ما كان يعتقد انه ثوابت مما جعل المدعي العام الايطالي يطالب القضاة بالاجماع على ادانته وسجنه لمدة عشرين عاما اعتقادا ان ذلك سيوقف دماغه عن العمل والنضال في سبيل قضيته وقضية شعبه.وبالنظر الى هذا النموذج من المثقف العضوي الذي جسده غرامشي خير تجسيد نخلص الى ان المثقف هوذاك الذي يعمل على تبليغ رسالة من خلال التحامه بالجمهو وليس الانفصال عنه وهو الذي ينجح في طرح الاسئلة المربكة ويواجه الافكار التقليدية والعقائدية الجامدة لا ان يعيد انتاج تلك الافكار ويمارس تلك العقائد والا فانه لن يختلف عن شاعر القبيلة في شيء فاين مثقفونا من هذه الروح المغامرة؟؟؟ يقودنا هذا ضرورة الى الحديث عن النموذج الطاغي من المثقفين في مجتمعاتنا العربية وهو نموذج المثقف النخبوي المنفصل عن القاعدة الشعبية خطابا وممارسة وهو ذاك الذي يعيش في رغد من العيش ويركب السيارات الفارهة متجشئا من النعمة ولا يتذكر مشاكل الجمهور الا من خلال مقال او قصيدة يصفعه بها بين الحين والاخر دون لون او رائحة للحياة كما هي على ارض الواقع بل انه قد يذهب الى ابعد من خلال التامر على مصلحة الجماهير والاستخفاف بارواحها ودماءها.وكلنا نذكر فضيحة معشر المثقفين السوريين اثناء الثورة وكيف اغمضوا اعينهم عن الجثث المتناثرة في الشوارع وصموا الاذان عن عن صراخ الجرحى ونحيب الثكالى ليتوجهو الى الدكتاتور القاتل مقدمين فروض الطاعة والولاء بحجة ان هناك مؤامرة تحاك ضد سوريا او بالا حرى ضد حاكم سوريا دون ان ينتبهو الى ان حاكمهم الذي احنوا رؤوسهم امامه فقد شرعيته حين ذبح شعبه الذي من المفروض ان يستمد منه هذه الشرعية فهذا النموذج هو اسوء نموذج المرتزقة المتخفين تحت شعار الموقف والمصلحة باسم الثقافة والمثقفين ثم يتساءلون عن سر افتقاد المثقف لسلطته امام الجمهور وهنا يتبادر الى الاذهان سؤال هام حول مكانة المثقف في مجتمعه وتحديدا حول سلطة المثقف على الجمهور.هل من المفترض ان تكون له سلطة؟؟؟. نعم للمثقف سلطته التي من المفروض ان تكون فكما ان لرجل السياسة سلطته السياسية وكما انه لرجل المال سلطته الاقتصادية فانه من المفروض ان يكون للمثقف ايضا سلطة ثقافية تتجلى في حيازة ملكات الفهم والتحليل والنقدولنا هنا ان نعرج على اطروحة الكاتب المغربي (علي اومليل)في كتابه (السلطة الثقافية والسلطة السياسية)اذ يسلط سهام نقده على الكاتب العربي قائلا بانه ( يطمح الى ان يكون له الدور الذي اصبح للكاتب في المجتمع الديمقراطي الحديث في حين ان هذا الاخير يرتكز على ماض من نضال طويل خاصة اسلافه لكي تترسخ حرية الكاتب وتتاكد سلطته المعنوية.لقد انتقلت وسائل الاتصال الكبرى الى المجتمع العربي.وهناك صحف تطبع باخر تقانة الطباعة وعبر الاقمار الصناعية, ولكنها مسخرة(......) ان سلطة الكاتب المعنوية انما هي مشروع ينبغي ان يتحقق بتراكم النضال الثقافي الديمقراطي)) فنحن نلاحظ اليوم نماذج عدة لمثقفين عرب -خاصة قبل الثورات-يعيشون احساسا بالمهانة والظلم فيطلقون اللحي ويطيلون الشعر والاظافر ويسكنون البارات لانهم يعيشون احساسا بالاحباط بسبب افتقادهم لسلطة ثقافية يرون انها من حقهم,سلطة محلوم بها تحققت في المجتمعات الاوروبية بعد سلسلة من النضالات المتراكمة من قبل سياسييها كما مثقفيها,نضالات استمرت لقرون منذ فجر الحداثة وفترة هجرة افكار القرون الوسطى.. وليس معنى هذا القول ان المثقف العربي بجميع نماذجه قد عدم وسائل النضال بل اننا نجد العديد من المثقفين العضويين والملتزمين كثيرا ما يلتحمون في معارك بالسلط الحاكمة والافكار الاشرس رجعية وينتهي بهم الامر الى الاقامة في السجون حيث المهانة والتعذيب باقذر اشكاله وفي كثير من الاحيان ينتهي بهم الامر الى حرمانهم من الحياة واغتيالهم كما حصل خلال هذه الايام مع المسرحي والاعلامي العراقي الثائر(هادي المهدي)الذي عاد الى العراق ليلتحم بمشاكل شعبه وهو يعلم انه سيقتل وبذلك اعلن عن نموذج لم نتعرض له في التحليل هو نموذج المثقف الانتحاري مثبتا للجماهير ان المثقف الصادق الملتزم هو الاكثر استهدافا من القوى الظلامية الرجعية فاين تكمن مشكلة المثقف اذن وماهي الثغرات التي يمكن حصرها في اسلوبه النضالي؟؟؟. يشير هنا (علي اومليل) الى نضال المثقف العربي الملتزم لم يكن نضالا ثقافيا من اجل الديمقراطية بل كانت جل نضالاته في سبيل قضايا اخرى اعطاها الاسبقية مثل (الوحدة العربية )و(الاشتراكية )دون ان ينتبه الى ان الديمقراطية هي الشرط الضامن لوجود المثقف وتاكيد استقلاليته.ويذيل الكاتب المغربي اطروحته في نهاية كتابه( السلطة الثقافية والسلطة السياسية )بدعوة الى الكاتب العربي بان يثبت دوره حتى تكون لديهم هذه السلطة السلطة الفكرية التي يتاسون على عدم الاعتراف لهم بها ,ولكي يستحقوها لا بد من نضال طويل وعسير......من اجل الديمقراطية. وهنا علينا ان نضم صوتنا لصوت اومليل وغيره بان يكون النضال الثقافي هو من اجل ارساء مفهوم الديمقراطيةوليس المطلوب من المثقف العربي ان يتحول الى سيزيف يعاني عذابا ابديا في سبيل قضايا قد لا تكون هي الاساس للخلاص مما نحن فيه من تخلف على جميع الاصعدة كما انه ليس من المطلوب منه ان يجعل من نفسه لسانا ناطقا باسم الحشد متغاضيا عن سلبيات مجتمعه بل ان المثقف العضوي الصادق الملتزم الذي يتمتع بملكة نقدية يمكن ان يفضح بواسطتها كل ما خفي من عفن باسلوب فيه من اللباقة اللغوية القريبة من قدرة الجماهير على الاستيعاب والفهم مايكفي لتبليغ رسالته. وممارسة دوره بفعاليةدون ان يلقي بنفسه الى التهلكة لان ذلك معناه تناقص عددالمثقفين والمفكرين وليس غيابهم ما يحتاجه الجمهور بل حضورهم الدائم والتحامهم بمشاكله وهمومه
[/b] | |
|