المغرب: ابتهاج انصار الدستور الجديد.. وخصومه الى مزيد من الاحتجاج
2011-07-03
الرباط ـ 'القدس العربي': نجح المغرب في انجاز دستور
جديد يشكل عنوانا لمرحلة جديدة تبقى سماتها رهينة النخبة السياسية وقدرتها
على تجسيد ما اتى به من اصلاحات كان جلها مطلبا للاحزاب السياسية منذ عدة
سنوات وان كان بعض الفاعلين السياسيين قد اعتبرها غير كافية لتحقيق
الملكية البرلمانية.
وقال وزير الداخلية المغربي ان الدستور المغربي
الجديد اجازه اكثر من 98 بالمئة من المشاركين بعملية استفتاء جرى يوم
الجمعة الماضي باجواء اتسمت بالهدوء ودون ان تسجل حوادث تؤثر على
مصداقيته. وقال الطيب الشرقاوي وزير الداخلية السبت انه، في انتظار استلام
نتائج الاستفتاء بالنسبة للجالية المغربية بالخارج، فإن النتائج المؤقتة
التي تم تحصليها من خلال ما أعلنت عنه جميع مكاتب التصويت المحدثة داخل
التراب الوطني والبالغ عددها 39969 بينت ان عدد المصوتون بلغ حوالي 10
ملايين من بين حوالي 13 ونصف مليون مسجل باللوائح أي بنسبة مشاركة تبلغ
73.46 بالمئة.
وبلغ عدد الاوراق الملغاة 81712 والأصوات المعبر عنها
9800210 وصوت بـ'نعم' للدستور الجديد 9653492 أي بنسبة 50ر98 بالمائة فيما
صوت بلا 146718 أي بنسبة 50ر1 بالمائة
وأوضح المسؤول المغربي ان هذه
النتائج تظل مؤقتة وأن المجلس الدستوري هو الجهة المؤهلة قانونا لإعلان
النتائج النهائية للاستفتاء الدستوري.
وقالت جماعة العدل والاحسان شبه
المحظورة واقوى التيارات الاصولية المغربية ان الأرقام التي أعلنها وزير
الداخلية حول نسبة المشاركين في الاستفتاء، 'مبالغ فيها ومزورة'.
وذكرت
الجماعة عبر موقعها الإلكتروني أنه لم يتم احتساب نسبة المشاركين في
الاستفتاء الدستوري، من خلال عدد الكتلة الناخبة من البالغين سن التصويت
ولكن من عدد المسجلين (13 مليونا) مما يعني حسب الجماعة تجاهل الداخلية
لـ7 ملايين مواطن مغربي.
وخلصت الجماعة بعد تقديمها المعطيات التي
قدمها الإحصاء العام الصادر عن مديرية الإحصاء سنة 2004 إلى أن مجموع
البالغين سن التصويت سنة 2011 يصل 24.956.953 بينما عدد المصوتين حسب
وزارة الداخلية يصل 9.228.020 فرد.
وترى الجماعة أن ما يقارب 36.97 في
المئة هم مجموع من شارك في الاستفتاء، بينما قاطعت الأغلبية الساحقة من
الكتلة الناخبة (63 في المئة) الاستفتاء وفق معطيات جماعة العدل والإحسان.
وحمل
الدستور الجديد الذي اعدته لجنة شكلها العاهل المغربي الملك محمد السادس
وتشاورت مع الاحزاب السياسية والنقابات، اصلاحات هامة ان كان في تنازل
الملك عن صلاحيات منحتها له دساتير المغرب منذ 1962 لصالح رئيس الحكومة او
البرلمان او في فصل السلط واستقلال القضاء وضمانات حقوق الانسان او اقرار
الامازيغية كلغة رسمية او المساواة بين الرجل والمرأة الا ان المعارضين
اعتبروا ان هذه الاصلاحات غير كافية قياسا مع ما عرفته البلاد من تطورات
او في سياق الربيع العربي والثورات والتحولات الديمقراطية التي تعرفها
المنطقة.
وأفاد المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) 'أوليا وعلى
العموم' بأن ملاحظته لسير عمليات التصويت في المكاتب 'المنتقاة في عينة
الملاحظة' قد بينت كون العملية 'تمت في الأحوال المقررة في القانون ودون
تسجيل أي إخلال أو شوائب تذكر'.
ورحبت الاحزاب السياسية التي شاركت
بعملية اعداد الدستور الجديد، وقال عدد من قادة هذه الاحزاب لـ'القدس
العربي' ان الكرة اصبحت الان في ملعب النخبة السياسية والاحزاب وقدرتها
على تجسيد ما تحقق من اصلاحات وتحميها من تدخلات اطراف محافظة في الدولة
لا تنظر بعين الرضا لهذه الاصلاحات.
واكد عبد الواحد الراضي الامين
الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورئيس مجلس النواب ان الدستور
الجديد فرصة امام النخبة السياسية والاحزاب لاظهار مدى كفاءتها في تدبير
شؤون البلاد.
وقال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (اسلامي) عبد
الإله بن كيران أن 'السؤال المطروح الآن بعد الاستفتاء هو: كيف ستتصرف
الدولة مستقبلا؟' محذرات من لجوء الدولة إلى 'منطق التحكم على حساب المنطق
الديمقراطي'.
وشدد بن كيران على ضرورة 'اختيار السير في الاتجاه
الديمقراطي بقوانين انتخابية حقيقية، تتيح إمكانية اختيار ناخبين أكفاء
بطرق معقولة، لأن ذلك سيجعلنا داخل دائرة الدستور الجديد، أما إذا استمر
التحكم في المشهد السياسي من طرف جهات معينة، نكون قد أجهضنا مولودا رائعا
إسمه الدستور الجديد يُمثل أمل المواطنين'. وقال ان 'النار التي اشتعلت في
بلدان عربية ولم تنته بعد، من الممكن أن تعود إلينا'.
ودعا محمد الشيخ
بيد الله الامين العام لحزب الاصالة والمعاصرة المثير للجدل الى 'طي صفحة
الماضي وإعادة بناء الثقة'، وقال انه 'لا داعي للحديث عن وقائع انتهت'.
وطالب
نبيل بن عبد الله الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية بـ'وقف ممارسات لا
تمت بصلة للعمل السياسي وذلك بالتزام الدولة بمحاربة المال في العملية
الانتخابية، وأن تلتزم أيضا الإدارة بالحياد الإيجابي'. ودعا الأحزاب
السياسية إلى الالتفاف حول 'مدونة انتخابية موحدة قادرة على إفراز نخب
كفأة بإمكانها ممارسة العمل السياسي دون أن تتعرض لأي ضغوط'، معلنا بأن
حزبه مستعد للوقوف في وجه كل 'من يحاول العودة ببلادنا إلى الوراء عن طريق
نهج أسلوب التحكم في الحياة السياسية'.
وبقي معارضو الدستور ممثلين
في جماعة العدل والاحسان الاصولية والحزب الاشتراكي الموحد اليساري
المعارض وحزب المؤتمر الوطني وحزب النهج الديمقراطي الرديكالي وحركة 20
فبراير الشبابية على موقفهم الرافض للاستفتاء والمشكك بنتائجه.
وقالت
خديجة رياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن الـجمعية تعد تقريرا
يتضمن وثائق ومستندات تؤكد حصول عمليات تزوير وصفتها بالكبيرة في التصويت.
وتداولت مختلف المواقع الالكترونية ما سجله على صفحته بالفايسبوك علي
بوعبيد عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي الداعم لاستفتاء والتصويت
بنعم على الدستور حيث قال إنه يشعر بالمرارة من خلال التجاوزات التي
لاحظها أثناء قيامه بالإدلاء بصوته على الدستور.
ودعت حركة شباب 20
فبراير التي ادت تظاهراتها من اجل الاصلاح الى هذه التحولات التي يعرفها
المغرب الى تظاهرات في عدد من المدن المغربية التعبير عن عن رفضها نتائج
الاستفتاء.
وقالت تقارير صحافية ان أعضاء حركة 20 فبراير بالدار
البيضاء بلغوا بقرارات بمنع التظاهر والتجمهر بالطريق العام كالتي تسلموها
طيلة الأسابيع المنصرمة أثناء إعلانهم تنظيم مسيرة سواء بالأحياء الشعبة
أو بوسط المدينة.