في
مغرب اليوم، هناك مفارقة كبيرة تكمن في الهوة الفاصلة بين الحديث عن الجنس
وبين الممارسات الجنسية… فمن جهة، تغيرت الممارسات بشكل كبير بحيث أنها
انفتحت وأصبحت شبه مقبولة في صفوف الشباب. وارد أنها تقف عند حدود البكارة
في الكثير من الأحيان وهذا ما جعلني أميز بين البكارة القرآنية (وأعني بها
انعدام أي تجربة جنسية قبل الزواج) والبكارة التوافقية (وأعني بها تجارب
جنسية دون افتضاض، تجارب أصبحت الأسر المغربية تتقبلها ضمنيا). هذه
التجارب الجنسية غير الفرجية في تكاثر مستمر وهي توفيق "براغماتي" بين
إلحاح الرغبة الجنسية وشدة التحريم الديني. طبعا، كثير من تلك التجارب
تقود إما عن قصد وإما عن غير قصد إلى الافتضاض، الشيء الذي يدفع بعض
الفتيات إلى إعادة البكارة بشكل اصطناعي بفضل تواطؤ الأطباء، ذلك التواطؤ
الإيديولوجي المدر لأرباح مالية مهمة. من جهة أخرى، كل هذا التغير الهائل
لم يصاحبه تطور على مستوى التداول الخطابي اليومي للجنسي بحيث ظل الخطاب
تقليديا ومحافظا. مرد ذلك أن الممارسات الجنسية غالبا ما يصاحبها شعور
بالإثم، فهي لا تعاش كحق إنساني أساسي، بمعنى أن الخطاب الوحيد المنظم
للجنس في الساحة المغربية يبقى هو الخطاب الشرعي، بشقيه الديني والقانوني،
وهما شقان متكاملان.
خجل اليسار
إن القوى التقدمية لا تقترح على الشباب خطابا بديلا عن الجنس، وتظل هي
نفسها سجينة الخطاب الشرعي السائد خوفا من أن تتهم بالفساد واللاأخلاق.
فهل يحق مثلا لمسؤول سياسي تقدمي أن يستعمل كلمة "الفاحشة" للتلميح إلى
العلاقات غير الزوجية، وذلك في ندوة تلفزيونية حول الإرهاب في قناة مغربية
عمومية، دون أن يشير إلى إمكان قراءة تلك العلاقات من خلال منظور آخر،
منظور الحريات الفردية وحقوق الإنسان؟ الغريب في الأمر أن المسؤول أحال
على هذا المنظور الأخير في نفس الندوة للدفاع عن الديمقراطية، لكنه لم
يفكر قط في توظيف المنظور الحقوقي في بناء نظرة تقدمية مغايرة عن الجنس،
في تأسيس ديمقراطية جنسية، مع العلم أن دستور المغرب ينص على ازدواجية
المرجعية، الإسلامية والإنسية (humaniste). فلماذا يسجن المسؤول السياسي
التقدمي نفسه في المرجعية الإسلامية عند ما يتعلق الأمر بالجنس؟ وبالجنس
وحده؟ لماذا لا يستغل الشرعية الدستورية للمرجعية الإنسية الكونية لطرح
نظرة مغايرة عن الجنس، نظرة تتفاعل أكثر مع قناعاته السياسية، التقدمية
والمنورة، وتتوافق أيضا مع تطور السلوكات الجنسية في المغرب؟ طبعا، من حق
كل فرد أن يتبنى الأخلاق الجنسية الإسلامية كقناعة شخصية خاصة، لكن حينما
يكون ذلك الفرد رجلا عموميا ينطق باسم حزب يساري تقدمي، عليه ألا يعيد
ميكانيكيا إنتاج الخطاب الجنسي الإسلاموي السائد، وعليه أن يوظف المرجعية
الإنسية للمطالبة بتغيير القوانين وللعمل على تربية المجتمع تربية جديدة
في الحقل الجنسي. بتعبير آخر، عليه أن يجتهد باسم حزبه المؤمن
بالاشتراكية-الديمقراطية في شكلنة (problématisation) هيمنة المرجعية
الفقهية والإسلاموية على موضوع الجنس. أم أن تلك الشكلنة من وظائف الباحث،
أو الخبير المتخصص، أو المثقف المتحرر من الاعتبارات السياسوية والملتزم
بالقضايا الإنسانية الكبرى؟ أم هي مهمة ملقاة على عاتق الفئات الاجتماعية
التي لها مصلحة في إعادة النظر في التدبير الإسلامي للجنسي؟ وأعني بها
الشباب العزاب والمثليين الجنسيين بالخصوص؟ كل طرف من تلك الأطراف معني
بمسألة مرجعية جديدة لجنسانية جديدة، فهي في الوقت ذاته مسألة بحث ونضال،
وحان الوقت لأن تجد تفعيلها السياسي، أو الجمعوي على الأقل. بديهي أن
الحسابات الانتخابوية تفسر تأخر خطاب اليسار السياسي في حقل الجنس وتفسر
طابعه المحافظ، لكن ما أخشاه أن يكون معظم التقدميين والديمقراطيين
المغاربة غير مقتنعين بالحق في الممارسة الجنسية كأحد حقوق الإنسان
الأساسية (الغير المقيدة بالزواج) وغير متشبعين بالمنظور الإنسي كمنظور
يشمل الجنس أيضا. وبالتالي، لا نجد في الساحة الوطنية سوى خطابا
تقنوقراطيا و/أو جمعويا يقتصر على تشجيع الشباب على استعمال الغشاء الواقي
قصد الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا. طبعا، تشكل هذه الرسالة الصحية
تقدما ومكسبا خطابيا هاما يسعى إلى الحفاظ على الصحة العمومية، لكنها
رسالة لا تدافع عن الحق في الجنس ولا تغير النظرة إلى الجنس. فمعظم
التقنوقراطيين/الجمعويين يعتبرون الغشاء الواقي أداة مخجلة للاحتماء من
إصابات مخجلة تنتج عن علاقات جنسية مخجلة. بتعبير آخر، يتم تبني الغشاء
الواقي من خلال تصور أداتي وبراغماتي دون تبني الأخلاق المؤسسة له، تلك
الأخلاق المدنية المدافعة عن الحق في المتعة الجنسية بغض النظر عن الهوية
الجنسية (رجل/امرأة)، وعن الوضع الزوجي (متزوج/غير متزوج)، وعن الاتجاه
الجنسي (غيري/مثلي). لا أحد في المجتمع المغربي يطالب بتحويل الجنس إلى حق
غير مشروط بالزواج، رغم كل ما يقع من لبرلة جنسية (libéralisation).
فاللبرلة الجنسية الناتجة عن سياسة جنسية لاشكلية (informelle) وغير
المنظمة لها أهداف سوقية بالأساس، بمعنى أنها تريد تحويل الجنسانية
المغربية إلى سوق وطنية تساهم في السوق الجنسية العالمية. إن الجنس في
المغرب بوابة رئيسية للانخراط في العولمة، إما عن طريق السياحة الجنسية أو
تصدير العاملات الجنسيات، أو على الأقل بفضل مشاهدة الأفلام الإباحية على
القنوات الفضائية.
الجنس في الفضائياتيتعرض الشاب المغربي إلى درسين جنسيين متناقضين من خلال الفضائيات، درس
إسلاموي يدعو إلى التشدد والتزمت، ودرس يتجاوز الدعوة المشروعة إلى
الإباحة ليسقط صراحة في الإباحية، وذلك لأغراض سوقية محضة. أتصور أن الشاب
المغربي في حيرة من أمره، خصوصا أمام صمت المربين والمهنيين والسياسيين.
في بحثي المنشور سنة 2000 تحت عنوان "الشباب، السيدا والإسلام"، اتضح أن
معظم الشباب يقدمون على مشاهدة الأفلام الأباحية كلما أتيحت لهم الفرصة
إلى ذلك. وارد أن هذه المشاهدة تخلق شعورا بالإحباط والحرمان ووارد أيضا
أنها تؤدي إلى اعتبار الجنس سلعة من بين السلع الاستهلاكية. لكن، وحسب
تصريحات المبحوثين أنفسهم، تقود مشاهدة تلك الأفلام إلى تعلم القبلة وإلى
تعلم كيفية الجماع وطرقه وأوضاعه، بمعنى أنها تملأ فراغا تربويا هائلا. لا
أحد في المغرب يتحدث للشباب عن البعد الإيروسي في الجنسانية، ويبقى تعلم
هذا البعد الأساسي تعلما عفويا، عن طريق المحاولة والخطأ. وفي هذا السياق،
لا يزال البعض يعتقد أن مشاهدة الأفلام الإباحية ينبغي أن تظل حكرا على
الفتيان دون الفتيات، اعتقادا منهم أن فتى اليوم هو زوج الغد وأنه المطالب
لوحده بمعرفة الشؤون الجنسية وبإدارتها. في مثل هذا الموقف تمييز واضح ضد
المرأة، وفي ذلك استمرار للذكورية السائدة. من جهته، لا يؤدي الخطاب
الإسلاموي في بعض الفضائيات الخليجية إلا إلى تعميق الشعور بالإحباط أو
بالإثم. فالدعوة إلى الصوم الجنسي أو إلى الزواج المبكر دعوة غير واقعية،
دعوة لا تأخذ بعين الاعتبار ارتفاع متوسط سن الزواج الأول، أي العنوسة
البنيانية التي أصبحت تميز الفئات العمرية الممتدة من سن البلوغ إلى سن
الثلاثين. وهنا تجب الإشارة إلى أن تلك العنوسة ليست عزوفا اختياريا
وطوعيا عن الزواج، إنها تعبير عن عجز اقتصادي واجتماعي وليست رفضا للزواج
كنموذج حياتي.
ما جدوى أن نحث الشباب على الزواج وما جدوى إقناعه بأفضلية هذا
النموذج الحياتي دون تمكينه منه عمليا؟ ما جدوى أن نطالب الشباب بالصوم
الجنسي في عصر أجمع فيه الكل على أهمية الرضا الجنسي في التنمية بشكل عام
وفي تنمية الذات بشكل أخص؟ إن دعوة الفضائيات الإسلاموية إلى الصوم الجنسي
وإلى الفصل بين الجنسين وإلى ارتداء الحجاب أو وضع النقاب دعوة تناقض
صراحة ضرورة التنمية، وتناقض أساسا حتمية التنمية البشرية ووجوبها.
الجنس في الجرائد المغربيةلإقدام بعض الجرائد على تناول موضوع الجنس بعدان على الأقل. بعد فكري
أول، يسعى إلى تحرير الجنس من قبضة الطابو ومن قبضة الاختصاصيين من فقهاء
وأطباء وعلماء نفس واجتماع. طبعا يتم اللجوء في بعض الحالات إلى بعض أولئك
الاختصاصيين قصد الاستشارة، وهنا أود التنصيص على شيء يبدو لي مهما، وهي
أن تدخل الاختصاصيين على صفحات الجرائد والمجلات المعنية لا يشمل الفقهاء،
بمعنى أن هؤلاء لا يجدون ما يقولونه غير التحريم أو الحلية. وهذا يعني أن
القضية الجنسية أصبحت غير قابلة للاختزال في ثنائية الحلال والحرام، وهذا
ما يدفع الإعلام المغربي إلى عدم تحويل المسألة الجنسية إلى ركن مفتي خاص .
إنها حقا مسألة أعقد وأغنى من ذلك. لكن رغم هذا الضرب من العلمنة، لا
نجد أثرا لردود وإجابات تشجع سلوكيات ومواقف مضادة للخطاب الشرعي،
الديني/القانوني. أليس لقبول الجنسانية غير الزوجية وجود داخل المجتمع
المغربي؟ أم أن الإعلام المكتوب يكبت ذلك الموقف حتى لا يتهم بالتحريض على
الفساد؟ من الممكن هنا أن نجد في بعض المجلات الناطقة بالفرنسية مواقف
أكثر تقدما وأكثر شجاعة. ويرجع هذا إلى امتياز اللغة، أي إلى مكسب تاريخي
واجتماعي. على كل حال، بفضل تناول الجنسي من طرف الإعلام، يتحول الجنس إلى
قضية نفسية واجتماعية وتاريخية مطروحة للنقاش على نطاق واسع، على نطاق
أولئك الذين يعرفون الكتابة والقراءة على الأقل. وهذا مكسب مهم في حد
ذاته. البعد الثاني يكمن في المردودية التجارية لتناول موضوع الجنس في
جرائد تقرأ من طرف آلاف الأشخاص. انتبه البعض في الإعلام المغربي منذ
أواخر التسعينات من القرن الماضي إلى أن موضوع الجنس موضوع مذر لأرباح
مالية مهمة، وأنه يساعد على البيع وعلى اكتساب عدد أكبر من القراء.
وهو الأمر الذي جعل عدد الجرائد والمجلات المغربية التي تتناول الجنس
بشكل منتظم أو ظرفي في ارتفاع مستمر. إن الهدف التجاري، وهو هدف مشروع في
حد ذاته، لا يعني أن ما ينشره الإعلام المغربي من جنس له طابع إباحي.
فالمنشور لا يستهدف إثارة القارئ جنسيا ولا يسعى إلى تأجيج الرغبة أو
الاتجار بها وفيها. إن ما يطرح من قضايا يتوزع بين المشاكل البيولوجية
والنفسية والاجتماعية والقانونية، ولا أعتقد أن الاطلاع على هذه المشاكل
يثير الرغبة. في عرض المشاكل وفي الاستشارات والردود، يجد الباحث مادة
هائلة من المعلومات الجنسية الميدانية. إن المجهولية (عدم ذكر الاسم أو
تغييره) تساعد الفرد على طرح مشاكله الجنسية أولا، وبصراحة فائقة ثانيا،
خصوصا وأنه لا يجرؤ على طرحها مباشرة على الاختصاصيين لأسباب مادية أو
نفسية-ثقافية، كما لا يجرؤ على طرحها لأقرب الناس إليه، خوفا من حكم
الآخرين، أي خوفا من الصورة السلبية التي ستتكون عنه. ذلك أننا لم نبلغ
بعد مرحلة الحكي العادي لحياتنا الجنسية، فالحكي يأخذ دوما طابع الاعتراف
الآثم، وفي أحسن الأحوال، طابع الهزل والاستخفاف. إن ما يطرح من مشاكل على
أعمدة الصحف الوطنية يفوق بكثير خيال الصحفيين، بمعنى أنه يجب إزاحة
التهمة عن الصحفيين، تلك التهمة المختلقة القائلة بأنهم يختلقون مشاكل
جنسية من أجل إثارة فضول القارئ. إنها تهمة أناس يرفضون النظر إلى المجتمع
المغربي كما هو، أو أناس يعتقدون أن ستر "السلبيات" فضيلة.
وهذه مواقف غير سليمة عند ما يتعلق الأمر بظواهر اجتماعية وبسياسات
عمومية. إن تشخيص الداء تشخيصا دقيقا في كل تجلياته فعل ضروري لبداية
إصلاح حقيقي من أجل نظام جنسي جديد.
مهمة اليسار رغم غنى المضامين المذكورة سابقا، يتبين أن مضامين مهمة
أخرى غير حاضرة في تصور المغاربة "المتخصصين" في التربية الجنسية، وأقصد
بها المضامين النفسية والاجتماعية والعاطفية. فمثلا لا شيء عن التواصل بين
الجنسين، ولا شيء عن الأدوار الجنسية، ولا شيء عن ضرورة المساواة بين
الجنسين، ولا شيء عن العواطف، كما لو أن الجنس مجرد فعل بيولوجي بين
جسدين، فعل يتأرجح بين الحلال والحرام فقط. في هذا المنظور تفقير مهول
للجنس. ويكمن الإشكال أساسا في المتعة وفي الحق فيها إذ يعجز مهنيو الصحة
والتعليم عن نشر العقل حين يتعلق الأمر بالجنس، هذا إن كانت لهم قناعات
عقلانية أصلا. وبالتالي، لا يكفي أن نرفع شعار التربية الجنسية كضرورة
عمومية. لا بد من تربية المربي ومن تكوين المكون، ولا بد من إدماج التربية
الجنسية في المشروع التربوي العام. إن مسألة التربية الجنسية ليست مسألة
تقنية فحسب، بل نحن في المغرب لم نبلغ بعد مرحلة اعتبارها مسألة تقنية فقط
(من؟ متى؟ كيف). إننا ما زلنا في مرحلة مناقشة مشروعيتها ومضامينها
(لماذا؟ ماذا؟)، وفي مرحلة تعريفها.
ولا زلنا لم نتفق بعد على الأهداف المنتظرة من تلقينها. والبعض لا
يزال يرفض المفهوم برمته ويقترح استعمال مفهوم التربية الصحية فقط. إنها
لا تزال قضية نقاش وتصور، قضية مبدأ وسياسة. لذلك، لا بد من الرجوع إلى
اليسار وإلى كل القوى التقدمية، المتنورة والعلمانية، لتحميلها مسؤولية
غياب تصور مغربي عن التربية الجنسية، تصور قابل لأن يترجم في سياسة عمومية
وفي برامج تربوية وتعليمية. لا يمكن انتظار ذلك التصور من طرف التوجهات
السياسية المحافظة التي ترى أن الإسلام أجاب بشكل نهائي وكامل عن السؤال
الجنسي. لذا من الضروري عقد مناظرة تجمع كل قوى اليسار حول القضية
الجنسية، ليس فقط لأن هناك ضغط ظواهر مثل الإيدز و الحمل الغير المرغوب
فيه والعمل الجنسي، بل من أجل صياغة ميثاق يساري تقدمي يضع أسس سياسية
جنسية وطنية واضحة المعالم. ومن الضروري أن تنشد هذه السياسة الأهداف
التالية : تلقين معارف موضوعية عن الظاهرة الجنسية، تطوير سلوكات جنسية
سليمة ومسؤولة، اكتساب مواقف إيجابية تجاه الجنس، بناء أخلاق جنسية من طرف
الفرد بعيدا عن كل إكراه.
إن التوافق حول هذه الأهداف خطوة أولى أساسية، لكن يتعذر أن يحصل بين
القوى المحافظة والقوى التقدمية. فإذا استهدفنا توافقا وطنيا في الموضوع،
سوف لن نذهب بعيدا. ومن ثمة، تشكل الأهداف المشار إليها أهداف سياسة جنسية
بالنسبة للجبهة التقدمية وحدها. أما التقنيات البيداغوجية فهي من جهة
متغير تابع (للأهداف وللمضامين)، وهي من جهة ثانية تقنيات متكاملة فيما
بينها. فالتقنية البيداغوجية درس أو محاضرة أو مائدة مستديرة، وهي مقابلة
فردية أو مقابلة في إطار مجموعة صغيرة مع مرشد أو مربي جنسي، وهي مشاهدة
أفلام أو صور، وهي مطالعة وثائق… ويتحدد اختيار التقنية انطلاقا من
المضمون والسن والمستوى الدراسي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التربية
الجنسية ليست فقط معرفة نظرية ومجردة، بل أيضا اكتساب معرفة عملية كمعرفة
وضع الغشاء الواقي على القضيب مثلا، وهي أيضا اكتساب نمط عيش سليم.
والواقع أن التربية الجنسية لا تنشد فقط مساعدة الشباب على تطبيع التداول
اليومي للجنسي، بل هي المفتاح الرئيسي لمواجهة المشاكل الجنسية الموجودة
داخل المجتمع المغربي، وأعني بها النشاط الجنسي المبكر، تعدد الشركاء
الجنسيين، العمل الجنسي الرجالي والنسائي، الاغتصاب، انتشار الأمراض
المنقولة جنسيا، الحمل الغير المرغوب فيه.
الرهان هو أن تقتنع القوى التقدمية في المغرب بضرورة علمنة الحقل
الجنسي، وبتعبير أوضح أن تقتنع بأن النشاط الجنسي غير الزوجي ليس بالضرورة
نشاطا سوقيا أو نشاطا لا أخلاقيا، وأنه قادر بدوره على التعبير على أسمى
مشاعر الحب الوفاء. ومن ثمة، يجب أن تطالب تلك القوى بإعادة النظر في فصول
القانون الجنائي المتعلقة بالجنس وأن تعمل على جعلها ملائمة مع متطلبات
مفهوم الصحة الجنسية كما عرفته المنظمة العالمية الصحة. إن المغرب عضو في
ذلك المنتظم الدولي وطرف في بناء مفهوم الصحة الجنسية. إن المعركة الجنسية
قادمة لا محالة، وهي أعقد وأصعب بكثير من المعركة النسوية التي انتصرت
مؤخرا في وضع مدونة أسرة أكثر مساواة بين الرجل والمرأة
الجمعة أكتوبر 19, 2012 12:51 pm من طرف نابغة