هشام مزيان المشرف العام
التوقيع :
عدد الرسائل : 1749
الموقع : في قلب كل الاحبة تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش تاريخ التسجيل : 09/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25
| | الدستور المغربي الجديد: الشعب يحكم والملك يتحكم | |
الدستور المغربي الجديد: الشعب يحكم والملك يتحكم علي الوكيلي Monday, June 20, 2011 أخيرا خرجت مسودة مشروع الدستور الجديد أو المعدل كما تلاه المستشار الملكي محمد معتصم، فتبين أنه لن يصنع من المغرب ملكية إسبانية ولا بريطانية وإنما ملكية دستورية ديموقراطية برلمانية واجتماعية. مما سيكون له أثر متناقض عند المغاربة.الأغلبية سترى أنه متقدم جدا مقارنة بالدساتير القديمة، لأنه يجعل رئيس الحكومة مسؤولا عن السلطة التنفيذية، وأنه أي الدستور، دستر الكثير من المجالس ورسم بعض جوانب الهوية الدينية واللغوية وحقوق الجماعات و الأفراد وغيرها، وسيج بعض الممارسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل سيجعلها ذات فعالية واضحة، مثل المجلس الأعلى للحسابات الذي لم يبق ذا دور استشاري وإنما سيصبح رقابة لصيقة بتدبير المال العام. كما أنه شدد على آلية المحاسبة والعقاب بما يكفل حقوق الشعب. إضافة إلى تقليص حجم مجلس المستشارين ومنعه من إسقاط الحكومة وتوسيع سلطات مجلس النواب ومجال التشريع فيه، كما منع الرحيل السياسي في البرلمان. مما لم يكن يحلم به المغاربة في الوقت الراهن، على اعتبار أن الدستور كان أصعب المتاريس التي يصعب هدمها، وإذا تم تغيير دستوري ما فإنه لا يحدث إلا بالتقطير الضئيل. وقد رأينا كيف غير المرحوم الحسن الثاني سياسته جذريا انطلاقا من سنة 1998 لكنه لم ينفتح دستوريا أبدا.شريحة غالبة من الشعب المغربي سترتاح للدستور في شكله الجديد، لكن قلة منه، ومنها شباب المظاهرات والمتطرفين الدينيين واليساريين سيصدمون عند قراءتهم له، لأنه في اعتبارهم، لا يفرط شيئا في المفاتيح الكلية التي كانت بيد الملك في الدساتير القديمة، إذ أنه اقتصر على استبدال الفصل 19 بالفصل 42 دون تغيير مضمونه، كما بقي الملك هو المتحكم في تعيين الوزراء وإقالتهم أو إعفائهم أو قبول استقالتهم مع مراقبة حركة السفراء والولاة والعمال، ورئاسة مجلس الوزراء وحل مجلسي البرلمان وحق العفو وإعلان حالة الاستثناء، ناهيك عن الاستفراد بالمجال الديني والقضائي والأمني من خلال المجلس الأعلى للأمن. مما سيجعل هؤلاء يرون أن الملك لا يزال هو المتحكم الفعلي في الحياة السياسية في البلاد، وأنه إذا تم التنازل لرئيس الحكومة عن السلطة التنفيذية فإنه تم تقييده بمجموعة من الفصول الدستورية التي ستجعله عمليا، مكبلا أمام الإرادة الملكية.لكن، لماذا كل سوء النية هذا، فقد يحدث أن يفسد الملك الحياة السياسية والاجتماعية مستندا إلى الثغرات الدستورية لو كان رجلا آخر غير محمد السادس، أي حين يكون الملك فاسدا متعطشا إلى الحكم الفردي. وقد تبين لنا بعد 12 من حكمه أنه ليس مريضا بالحكم ولا متقاعسا عن العمل الجاد من أجل المغرب. صحيح أن الزمن لا يؤتمن وأنه لو قام ملك آخر بعده وأراد العودة بالبلاد إلى الماضي فما عليه إلا أن يقرأ الدستور قراءة ضيقة لترجع البلاد إلى الخلف، لكن نحن أبناء اليوم وما علينا إلا أن نضع ثقتنا في هذا الملك وفي أسلوبه الفريد، وعسى أن يبادر هو والشعب معا في المستقبل إلى المزيد من التعديل الدستوري حتى يكون المغرب جديرا بالعصر الذي هو فيه. | |
|