** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
عبد المجيد دقنيش  	 الشاعر سميح القاسم:معظم المثقفين العرب مدجنون ومرتزقة I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 عبد المجيد دقنيش الشاعر سميح القاسم:معظم المثقفين العرب مدجنون ومرتزقة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لعليليس
مرحبا بك
مرحبا بك
لعليليس


عدد الرسائل : 128

الموقع : ساحات الحرية اليوم وغدا حتى يسقط الاستبداد
تعاليق : يا ليلى العشق نبؤة أهلي..
ياليلى.

يتغرب الدم في جراحي !
حين يفجوني الغدير .؟!..

تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 17

عبد المجيد دقنيش  	 الشاعر سميح القاسم:معظم المثقفين العرب مدجنون ومرتزقة Empty
18062011
مُساهمةعبد المجيد دقنيش الشاعر سميح القاسم:معظم المثقفين العرب مدجنون ومرتزقة

الذين يكفرون العلمانيين…يكفرون أنفسهم
الثقافة هي خندق الشعوب العربية الأخير
المثقف الحقيقي هو الذي يوظف سلطته في خدمة قضايا أمته
ثورتنا العربية ستشع على كل الشعوب العالمية
حوار عبد المجيد دقنيش
“لأول مرة تشرق شمس العرب من الغرب…وتحديدا من تونس..الياسمين
والكرامة… ما وقع في تونس ثورة متكاملة ولا تقل أهمية عن الثورة الفرنسية
أو الأمريكية أو الروسية..ربما مع فارق واحد هي أنها ثورة أرقى…لذلك كانت
زيارتي هذه المرة الى تونس استثنائية ولها طعم خاص وكأنني على كوكب أخر
اسمه كوكب الحرية… أنا لم أفقد في أي وقت من الأوقات ثقتي باستمرارية
الحياة في الجسد العربي المترهل والمريض والمطعون والمقيد.أحيانا كنت أحس
أننا نعيش في حالة غيبوبة،لكن وحتى في هذه اللحظات لم أفقد اليقين والثقة
بأن حالة الغيبوبة ستنتهي وبأن الأمة ستستيقظ…يقيني كان كبيرا بأن الثورة
ستأتي ومسالة التوقيت لا تتوقف على قصيدتي وانما مرتبطة بالظروف الموضوعية
في كل قطر وكل مجتمع والحمد لله أتيح لي قبل رحيلي عن هذه الدنيا أن أفرح
وأرقص انتقاما وانتصارا وابتهاجا بهذه الثورة الرائعة وكنت أتمنى أن يكون
معي ويشاركني الرقص أصدقاء وأشقاء مثل ياسر عرفات وأبوجهاد ومحمود درويش
ومعين بسيسو… لم أكن مراقبا ولا مشاهدا ولا متضامنا وانما كنت شريكا
بالكامل في هذه الثورة بوجداني وروحي وكياني وفكري وقصيدتي… الانسان
العربي كفر بالطاغوت والاستبداد والظلم واستعاد كرامته وشخصيته العظيمة
والرائعة التي أضاءت العالم قرونا من الزمن وهذا الانسان يستحق ان يعيش
حرا وكريما في وطنه وأن يمارس حياته بدون قيود ولا سدود ولا حدود…” بهذه
المواقف المعبرة والكلمات الدقيقة وحبات المرجان المنفرطة من عقد
الوجود..وكريات الدم الحمراء المنفلتة من شهداء الثورة..أردت أن ألج هذه
اللقاء الرائع مع الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم وافتتح هذه الجلسة
الحميمية العابقة بشذى ياسمين الثورة والمضمخة بزغاريد أمهات
الشهداء..ورغم أنني التقيته في الكثير من المرات الا أن لقائي به هذه
المرة كان على كوكب الحرية فخرج الكلام على عواهنه وعلى السليقة دونما قيد
ولا حرج..أبعد من سياج الروح وأقرب من شمس الحقيقة…تكلم سيد الكلمات
والحروف والأبجدية وأنتفض غاضبا وانتشى راقصا وحلق طائرا وزقزق فرحا
كعصفور صغير تعلم لتوه الطيران..هكذا هو الشاعر سميح القاسم لا أحد يقرأ
شعره الا وتصيبه لعنة ألهة الرفض والثورة والحماسة والانتفاضة،ولكنه كذلك
يدخل في حالة من القلق الوجودي والانتشاء الجمالي…ولا أحد يستطيع الحديث
عن تجربته دون الوقوع في هوى فلسطين وهوى قصائده المتمردة والملتصقة بأهات
المشردين وصيحات الشهداء وزغردة الأمهات وأغاني الحصادين بالبيادر..أثر
الصراخ والصياح واعلاء صوته بالحق منذ الصغر..في زمن عز فيه الصياح وفي
واقع محكوم بالطمأنينة والخنوع..عيبه أنه استطاع أن
يحرك هذه الجماهير العريضة من السجن الى السجن ويزرع بذرة الثورة ولهيب
العروبة لتهب رياح الشعر والابداع من جديد بعدما انفض جمهور الشعر عن
الأمسيات وصمتت طواحين الهواء عن الغناء وعصافير البيادر عن التغريد..هو
“تفاحة على تلة الحزن” و”الشوق الى هديل المطر” حروفه زهرة برية تعشق
الحرية وصوته وصمته يستمده من حفيف أوراق الشجر “جعل من الموت موقفا” ومن
الأبجدية مركبا أبحر به عبر مسيرته الطويلة الحافلة بالنضال والكتابة
والسجن والمواقف المشرفة الى شواطئ الصدق وخلجان المحبة.
هذا هو الشاعر الكبير سميح القاسم في كلمات بسيطة خجولة حاولت الاقتراب
منه وملامسة روحه الخفيفة العابقة بعطر الحياة السرمدي..كان ضيف تونس
المبجل ومهرجان “ربيع سبيطلة” في دورته الحادية عشرة..وقدم أمسيتين
شعريتين ناجحتين أهدانا من خلالهما قصيدته الرائعة الجديدة “العنقاء” التي
كانت “ترنيمة حب ووفاء للشهيد الحي محمد البوعزيزي” ولتونس الثورة
وشبابها.فتعالوا أصدقائي نكتشف هذه الترنيمة والصرخة والأراء والمواقف في
الورقات التالية.
مرحبا بك في حضن حبيبتك التونسية بعد تحررها وتورثها على الظلم والاستبداد،كيف وجدتها بعد الفراق وكيف وجدت طعم قبلها هذه المرة؟
نحن عادة نرد على التحية بصباح الخير أو صباح الورد أو صباح الفل أو صباح
النور وصباح الياسمين…والأن الرد بالتحية بصباح الياسمين أجمل رد لذلك
أقول لأحبتي وأشقائي في تونس الجميلة والرائعة صباح الياسمين…نهار
الياسمين…ليل الياسمين.في زياراتي السابقة أيضا أتيت لتونس في أنشطة
ثقافية واستمتعت بجمال تونس وطبيعتها..ولكن زيارتي هذه المرة استثنائية
ولها طعم خاص وكأنني على كوكب أخر اسمه كوكب الحرية، وبدون شك أتيت لتونس
بكثير من الحب والاعتزاز والثقة اليقينية بأن تونس تحررت من الاستبداد الى
الأبد…وطبعا هي مقامرة كبيرة وخطيرة أن نصرح أن شيئا لن يتكرر، ولكنني
أريد أن أقامر بمنتهى اليقينية بأن شعبنا في تونس لن يقبل بالعودة الى
المذلة والعبودية في أي وقت أخر ولن يحدث هذا لا في تونس ولا في مصر ولا
في لبيبيا ولا في سوريا أو أي قطر عربي أخر.الانسان العربي كفر بالطاغوت
والاستبداد والظلم واستعاد كرامته وشخصيته العظيمة والرائعة التي أضاءت
العالم قرونا من الزمن وهذا الانسان يستحق ان يعيش حرا وكريما في وطنه وأن
يمارس حياته بدون قيود ولا سدود ولا حدود…وبالنسبة لطعم قبل هذه الحبيبة
التونسية المتحررة فقد أصبحت قبلا حارة بطعم الفلفل و”الهريسة” التونسية.
كيف عشت أصداء الثورة التونسية وكيف وصلك لهيب نار “القديس محمد البوعزيزي” الذي أضاء نور الأمل والحرية الكامن فينا من جديد؟
بطبيعة الحال كنت في كل الوقت المتاح لي أتتبع الأخبار عبر الفضائيات
العربية والأجنبية وأتسقط الأخبار خبرا خبرا..من أصغر نبأ الى أكبر
نبأ…أخبار الشباب في سيدي بوزيد وفي القصرين…وفي تونس وفي صفاقص وفي قابس
وفي كل مدينة من المدن التونسية كنت أتتبعها بشغف وبقلق شديد وحين تحقق
الانتصار والثورة لا تتخيلون فرحتي التي عبرت عنها بالرقص في بيتي وكررت
الرقصة في شارع الحبيب بورقيبة.
هل تعتقد أن هذه الهبة الشعبية التي اشتعلت كالنار في الهشيم في
المنطقة العربية قادرة على مواصلة الزحف والاشتعال عربيا ولا أحد يستطيع
اطفائها أم أن هناك قوى مناوئة ستحاول اطفاء هذه الشعلة المقدسة والعودة
الى كهوف الظلام الأولى؟ هل أنت متفائل بمستقبل الثورة؟
أنا على يقين من أنهم لن يستطيعوا اطفاء نور الثورة المقدس ولكنهم في
مقابل ذلك يستطيعون تأجيل وتأخير الزحف الطاهر والمطهر لأنهم يمتلكون
قدرات المال والمخابرات والجيوش المعدة لقهر الشعوب وليس لتحرير
الأوطان..هم يستطيعون التأجيل وسيؤجلون وسيراوغون وسيلتفون وسيحاولون
تخريب ما أنجز في تونس وفي مصر وفي كل بقعة من وطننا العربي..هذا شأنهم
وهذه طبيعتهم ودورهم..لكنهم لن يتمكنوا من اطفاء هذا النور وسنقبض على
جمرة الحرية كما نقبض على ايماننا.
كيف كانت مراسم حجك الروحي هذه المرة الى تونس الثورة؟ وهل خلصتك الرقصة
الزربوية التي نذرتها وقمت بها في شارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة،من
كل الكبت الجسدي الذي كان مسلط عليك وعلى الجسد العربي منذ قرون الاستبداد
الأولى؟
بصراحة وببساطة وبدون لف ودوران أنا انتقمت، وشعرت بانتقام شخصي كانما لي
ثأر شخصي عند الطغاة،خارج القومية والوطن والخ..ذلك أنه أصبح لدي هاجس
شخصي كأن هذا النظام الاستبدادي في أي بقعة من بقاع الوطن العربي..كأنما
سلطه الشيطان علي شخصيا ولذلك لم أكن مراقبا ولا مشاهدا ولا متضامنا وانما
كنت شريكا بالكامل في هذه الثورة بوجداني وروحي وكياني وفكري وقصيدتي…لذلك
أنا جزء من الثورة وليس شاهدا عليها.
وبالنسبة لتشهبيك لهذه الرقصة برقصة زوربا…فحسب رأيي زوربا يعتبر جديدا
جدا على حالة التوحد وفلسفة الرقص العميقة التي هي متجذرة في حضارتنا
وتراثنا العربي منذ القدم.رقصة النذر أقدم من زوربا وأقدم من كل ما قيل
لاحقا حول الرقص لأن الانسان العربي يرقص فرحا ويرقص حزنا ويرقص غضبا
ويرقص انتصارا.وهذا الكلام موجودا كثيرا في أغانينا وفي مخيالنا الشعبي
العربي.
هذا الجسد العربي المترهل الذي طالما عذب وكان مطفأة لسجائر الجلادين في
السجون العربية من القضبان الى القضبان ومن الحديد الى الحديد،هل كنت
تتوقع أن يثور بهذه السرعة خاصة مع ارتباط صورة الانسان العربي عند البعض
بعدم قدرته على الثورة؟
معاذ الله..أنا لم أفقد في أي وقت من الأوقات ثقتي باستمرارية الحياة في
الجسد العربي المترهل والمريض والمطعون والمقيد.أحيانا كنت أحس أننا نعيش
في حالة غيبوبة،لكن وحتى في هذه اللحظات لم أفقد اليقين والثقة بأن حالة
الغيبوبة ستنتهي وبأن الأمة ستستيقظ…لكنني لا أدعي النبوءة وأنني توقعت
هذه الحالة قريبا..وتستطيع أن تقرأ “رؤى نوسترا سميح داموس”..وتونس وكل
العوصم العربية مذكورة في هذا الكتاب وهي رؤى نقيضة لرؤى نوسترا داموس
الخرائبية والغرائبية والتدميرية وفيها الكثير من السخرية منها وليس صدفة
أن أسميها “نوسترا سميح داموس” وانما كان ذلك متعمدا ومتقصدا وبسوء نية
تجاه نبوءات الدمار والهلاك..لذلك كانت اليقينية الموثقة في القصيدة بأن
الثورة ستاتي ومسالة التوقيت لا تتوقف على قصيدتي وانما مرتبطة بالظروف
الموضوعية في كل قطر وكل مجتمع والحمد لله أتيح لي قبل رحيلي عن هذه
الدنيا أن أبتهج وأرقص انتقاما وانتصارا وابتهاجا بهذه الثورة الرائعة
وكنت أتمنى أن يكون معي ويشاركني الرقص أصدقاء وأشقاء مثل ياسر عرفات
وأبوجهاد ومحمود درويش ومعين بسيسو…
نحن نعرف أن الشعراء كائنات حالمة بخيالها المجنح ومحافظة على شعلة
الطفولة التي لا تنطفأ أبدا فهل تصورت يوما بهذا الخيال أنك ستعيش هذه
اللحظات الثورية التاريخية؟
لعلكم تذكرون الأمسية الشعرية التي أقيمت لتوديع تونس وانسحاب منظمة
التحرير الى فلسطين،حينها قلت وأنا أقف على المسرح البلدي أن العودة
ستتحقق والدولة ستقوم فقال لي أحد السياسين أن هذا خيال شعراء فكان ردي
مباشرة واضحا وعلى روؤس الأشهاد..ليس هناك على الأرض ما هو أكثر واقعية من
خيال الشعراء..
بين المطالبة بلقمة عيش الجسد والمطالبة بلقمة عيش الروح لمن ستكون الغلبة
حسب اعتقادك في هذه الثورة العربية؟ بصيغة أخرى هل ستنتصر جمرة الحرية
ونارها المقدسة أم ستندثر وتنطفأ وسط هذه النداءات والغايات المطلبية
الأنية والتجاذبات الخارجية؟
أنا ضد اختلاق صراع بين الجسد والروح،لأنني مع التعايش والتجانس بين الجسد
والروح بالكامل…للجسد حقوق علينا كما للروح حقوق علينا.أنا مع اشباع الجسد
لأن من حق الانسان أن يعيش دون خوف على لقمة عياله ومن حقه أن يعيش مطمئنا
اقتصاديا لمستقبل أسرته وبيته، ولكن لا يعقل أن نقبل بالتعبير الشعبي
القائل ” أطعم الفم تستحي العين” أنا من أجل اطعام الجسد واطعام الروح
أيضا..لابد من خلق صيغة تؤمن وتدعم الحياة الكريمة وتدعم أيضا حرية
التعبير والخلق والابداع.
بين تراكم تاريخ الوعي النضالي الثقافي الذي قام به جيلكم وبين الهبة
الشعبية العاصفة لأجيال اليوم التي تميزت بالتلقائية والعفوية أين تموضع
هذه الثورة العربية؟
أريد أن أعلق على نقاش سمعته منذ وصولي الى تونس…حول ما حدث في تونس حيث
يقول البعض ان ما حدث هو مجرد انتفاضة وحركة تمرد وهناك من يؤكد انها
ثورة…وهم بذلك انما ينشغلون بشكليات لا تغني ولا تسمن من جوع …ما وقع في
تونس ثورة متكاملة ولا تقل أهمية عن الثورة الفرنسية أو الأمريكية أو
الروسية..ربما مع فارق واحد هي أنها ثورة أرقى..والثورة العربية ستبقى
أرقى بكثير من جميع الثورات الغربية التي سبقتها.اذن بالنسبة الي التسمية
ليست مهمة سمها ما تشاء، لكن المهم من دون شك هو وجود قوى معارضة ومضادة
للثورة وستتحرك ضد الثورة وأهدافها لذلك يجب أن نكون بالمرصاد وجاهزين
بالكامل لمواجهة مشاريع الثورة المضادة…والخيانة والغدر والقوى الرجعية
والتدخل الخارجي..ورغم هذا كله فانه لدي قناعتي الشخصية بأنه ما من قوة في
العالم تستطيع دحر هذه الثورة المباركة والعميقة، وهي ليست ثورة مطالب
وخبز وكساء وبيت هي أعمق بكثير من هذا وشعاراتها كانت تشير وتلمح لمطالب
أوسع..أعتقد أنها ثورة وحدة عربية بطراز جديد ووحدة شعبية انسانية حقيقية
وليست وحدة أنظمة وقوى فوقية ولذلك سيكون لها شأن كبير في حياة العرب
وستشع بقوة على الشعوب الاسلامية وشعوب العالم التالث…
عفوا عن المقاطعة أستاذ سميح…ما قلته جميل ولكن كيف تموضع هذه الثورة بين ماضي النضال وحاضره من خلال اختلاف الأجيال والعقليات؟
هنا أيضا لا أريد الفصل بين تراكم الوعي التاريخي النضالي الثقافي والهبة
الشعبية التي حدتث اليوم،لانه في كل جيل كان هناك الحراك الميداني…جيلنا
أيضا قدم الشهداء والضحايا وقاد المسيرات لكن التراكم الثقافي ينتقل من
جيل الى جيل ويطور الوعي ويترصد الوقائع التاريخية والمناخات السياسية
المواتية وبالنهاية كل جيل يقدم اضافته لما قدمه الجيل السابق ولا أرى
سببا للاعتقاد بأن هناك فجوة بين التراكم الثقافي والسياسي في جيلنا وما
يحدث الأن…واليوم هو استمرار طبيعي ومبرر منطقي لما كابده جيلنا والأجيال
السابقة أيضا من تضييقات.
هل تعتقد أن عاصفة الثورة وريحها الصرصر التي تهب سريعا على المنطقة
العربية قادرة على كنس كل أشكال الديكتاتورية والاستبداد والظلم المعشش
منذ قرون في مخيال الشعوب العربية وفي لاوعيها؟
كررتها أكثر من مرة..وأعيدها الأن، كأن التاريخ المعاصر خير هذه الأمة
دائما بين الطغاة والغزاة.اما أن يحكمكم الطغاة أو أن يحكمكم الغزاة..
وقلت دائما ان هذه المعادلة مرفوضة…نحن لا نريد الطغاة ولا نريد الغزاة
لأن لدى هذه الأمة من الطاقات والمواهب والمعطيات والكوادر والمواهب ما
يكفي لانشاء الدولة العصرية الديمقراطية التعددية العلمانية….وهنا اسمح لي
أن أرد على بعض السفهاء الذين يقولون ان العلمانية تعني الكفر لأنه ادعاء
باطل وفهم خاطئ وبسوء نية أيضا لأن العلمانية لا تعني الكفر بل تعني تغليب
قوانين العلم على الحياة في ادارة شوؤن الحياة وعدم الاكتفاء بالشريعة
الدينية لأن هذه الشريعة لها عصر وزمن ويجب تطويرها بقوة ويجب اضافة شرائع
العلم للحياة. نحن لا نستطيع أن ندير مصنعا بتلاثين شيخا وانما نحن بحاجة
لتلاثين مهندسا…ولا نستطيع تنظيم السير بأدعية وبحلقات ذكر ودراويش وانما
بحاجة لقوانين وتقنيات الكترونية واضاءة وعلامات وسرعة وحسابات
تكنولوجية…والعلمانية تعترف للله سبحانه وتعالى بأنه الخالق والذين يكفرون
العلمانيين عمليا هم يكفرون أنفسهم، كأنهم لا يعترفون بأن الله خلق العلم
والتكنولوجيا وينظرون للحساسوب كأنه عدو الله وهو من خلقه، فالله خلق
العقل الانساني وأعطاه القدرة على اختراع الحاسوب في المحصلة كل ما على
هذه الأرض هو من خلق الله…فليتركونا بحالنا ويتركون علاقتنا مع الله كما
نشاء وكما نفهمها فنحن لا نريد عقولهم ولا ظلامهم ولا تخلفهم وعلاقتنا
بالله لن تمر عبرهم.
لنعد الى سؤالنا أستاذ سميح بعد اذنك؟
أكيد هذه الريح الصرصر ستكنس كل أشكال الديكتاتورية ولكن ينبغي أن لا نقع
في السذاجة الثورية واليقينية المطلقة المؤسسة على التمنيات، ومن هنا لابد
من العمل وكما يقول الله عز وجل” وقل اعملوا فسيرى الله اعمالكم ورسوله
والمؤمنين” والله قال اعملوا ولم يقل تكلموا، ولذلك ستعترض طريق الثورة
عقبات وعراقيل وسيكون هناك محاولات لانقلابات وسرقة الثورة…ومع امكانية
تأجيل الثورة من وقت الى أخر لكن لا يمكن الغاء الثورة.
هل تعتقد أن اللحظة التاريخية الراهنة مواتية لخروج السجين العربي من كهوف
الظلام وسانحة لتحقيق وتطبيق “نظرية الثورة العربية” التي نظر لها عصمت
سيف الدولة؟
أكيد عصمت سيف الدولة ليس هو الوحيد الذي نظر للثورة العربية…لأن الثورة
وجدت في الفكر وفي الشعر وفي الفن التكشيلي وفي الموسيقى…الحظ على الثورة
لا يتم الا اذا كانت هناك مبررات للثورة..لماذا ندعو الى الثورة اذا كان
كل شيء على ما يرام، لذلك كل انسان لا يمكن الا أن يحلم ويتأمل ويقول
ويعمل ضد راهن مرفوض ومن أجل مستقبل مرجو ومطلوب.التفكير بالثورة وارهاصات
الثورة منتشر دائما حتى في أشد أيام الاستبداد حلكة، وفي تونس وفي كل قطر
عربي ستجد انه هناك أقوال للمفكرين وقصائد للشعراء وأغان للمغنين؟ ووكذلك
ستجد هذا في الأغاني الشعبية ودعابات المقهى الشعبي البسيط بين المتعلمين
وبين الأميين.في النهاية الذي أريد أن أقوله هو لا يجوز استثناء العرب من
طبائع البشر…طبائع البشر تريد الحرية والكرامة وهي متشابهة في كل مكان
..وأعتقد أن تاريخ العرب يضعهم في مقدمة الشعوب الباحثة عن الابداع
والحرية والثورة وليس صدفة أن كل الامبراطوريات السابقة واللاحقة
للامبراطورية العربية ذابت وانتهت، الا الامبراطورية العربية مازالت باقية.
لا أحد يستطيع أن ينكر اليوم تأثيرات الثورة التونسية على تنامي الوعي
الثوري العربي،فكيف ترى تأثيرات هذه الثورة وتداعياتها على المشهد
الفلسطيني في الداخل والقضية ككل خاصة بعد المصالحة الأخيرة بين فتح
وحماس؟ عموما هل ستخدم هذه الثورات العربية القضية الفلسطينية أم ستضر بها؟
أولا أريد أن أتحفظ على بعض وسائل الاعلام التي كأنما لم تحتف بالثورة
التونسية فأصبحت تقول الثورة التونسية والمصرية أو الثورة التونسية
والليبية أو الليبية والسورية من منطلق رواسب استعامارية كأنما الدول حظوظ
وهذا الحظ أكبر من ذاك..أنا أرفض هذا التوجه لأن أفضل الدول هي غير شرعية
ولسيت لها شرعية تاريخية والشرعية التاريخية تستمد من الأمة والأمة تريد
الوحدة…ولا يوجد تونسي يقول لا علاقة لي بالعراقيين ولا يوجد فلسطيني يقول
لا علاقة لي بالمغاربة…الوحدة بين الناس قائمة ولم تنقطع أبدا الخلاف
والاشكالية في الأنظمة والأنظمة بيد الله كما الأعمار…وفي النهاية أستطيع
أن أؤكد أن تأثير الثورة التونسية على القضية الفلسطينية هو تأثير كبيرا
جدا ومباشرا ومن دون وسيط.. وأعتقد جازما أنه لولا الثورة التونسية
لتعرقلت مساعي المصالحة، وشباب فلسطين رفعوا شعارات شباب تونس ” “الشعب
يريد اسقاط النظام” هنا و”الشعب يريد انهاء الانقسام” هناك لأن الانقسام
والنظام في نظر الشعب شيء واحد.لذلك التأثير كان واضحا ومباشرا ولا يعيب
حبيبتنا مصر أن نقول أنها تأثرت بالثورة التونسية..وهذا شرف لمصر ولفلسطين
ولتونس ولكل العرب ..لأن أحجام الدول وتعداد سكانها هو شيء مفتعل وأنا
شخصيا لا يعنيني بأي شكل من الأشكال…وقلت بمناسبة الأمسية الشعرية في
مدينة سبيطلة:لأول مرة تشرق شمس العرب من الغرب..أي أنها أشرقت من تونس.
تربى جيلنا على أصوات مثل الشيخ امام وأحمد فؤاد نجم ومحمود درويش وأمل
دنقل ومرسال خليفة وطبعا سميح القاسم عبرت عن فترة سابقة من الوعي العربي
وحملت همومه وايديولوجيته فهل تعتقد أن الثورة اليوم قادرة على خلق
أصواتها الشعرية والابداعية التي ستؤثر في الأجيال القادمة؟
أنا بصراحة ضد هذه التجزئة وأن الثورة ستخلق أصواتها..يغيب عنك وعن
الكثيرين أن صوت أبوالقاسم الشابي موجود في كل مظاهرة في الوطن العربي
بيبته الشهير:
اذا الشعب يوما أراد الحياة…. فلابد أن سيتجيب القدر
حيث نجده مكتوبا على كل لافتة في مظاهرات الوطن العربي من المحيط الى
الخليج..وأبوالقاسم الشابي ليس ابنا لهذه الثورة…لذلك يجب أن نفهم أن
الابداع والشعر والفن والثقافة لا تحتكم الى مرحلة تاريخية،صحيح كل مرحلة
تفرز مبدعيها وأصواتها لكن مازالت أصوات مثل سيد درويش وأبوالقاسم الشابي
وأحمد شوقي وحتى المتنبي…مازالت موجودة الى الأن ورغم أنها تعتبر قديمة في
مرحلتها التاريخية ولكنها حديثة في روحها وفي أفكارها..اذن كما قلنا صحيح
كل جيل يخلق ويقدم أضافات وأصوات خاصة به ولكن هذا لا يخلق قطيعة مع
الأصوات السابقة بل بالعكس..فقصائد الانتفاضة الفلسطينية مثلا كانت حاضرة
في تونس وفي مصر وفي كل مكان وهي تعبر عن فترات مختلفة من الوعي العربي.
ما هي أهم التحديات التي تطرح اليوم على المثقف العربي في ظل هذا الواقع
الجديد وبعد صمته الطويل؟ أكيد أن الأحلام والطموحات تغيرت بعد الثورة؟
يستطيع المثقف العربي أن يختار دورا من تلاثة أدوار…الدور الأول هو دور
الفاعل وأن يكون جزء من العملية التونيرية التثويرية التغييرية…ويستطيع أن
يكون عنصرا فاعلا في هذا المجال ولدينا عدد كبير من المبدعين والمثقفين
العرب الذين كانوا أعضاء فاعلين في الحركات الثورية العربية..ويستطيع أن
يكون مراقبا يدعي الموضوعية ولن يستطيع أن يكون موضوعيا فلا حيد في جهنم
أبدا…والحديث عن الحيادية كلام فارغ وسخيف…ويستطيع أن يكون خائنا بمعنى أن
ينظم الى أنظمة الاستبداد والفساد ويصبح حيوانا أليفا في اسطبل هذا الزعيم
وهذا الحاكم..وقد أحدث كلامي جدلا واسعا في الساحة الثقافية التونسية حين
صرحت بأن معظم المثقفين العرب مدجنون ومرتزقة..وتبث في النهاية أنني كنت
على حق..
كيف تنظر استاذ سميح الى ازدواجية المثقف العربي بين التوسل والتسول على
أبواب السلطان،وبين السب والشتم والخنوع في واقع يفرض عليه الارتفاع بصوته
لخدمة قضايا الأمة؟
لعلي أول من وضع صيغة التسول والتوسل في الاعلام الحديث واستعملتها بكثرة
وبتكثيف وعن قصد بدون شك.من حق المثقف أن يعيش بكرامة وهو لا يملك مصنعا
ولا بئر نفط ولا منجم حديد..وأتكلم عن نفسي أنا لا أريد أن يتفضل علي زعيم
بمنحة..وياسر عرفات كان صديقي وقلتها وأقولها في جميع وسائل الاعلام أنني
رفضت دائما أي دعم غير مبرر من أي جهة كانت ..جوائزي هي حقي، وحقوق كتبي
من حقي رغم أن أغلبها ضائع وأغلب دور النشر تأخذ قصائدي وتنشرها دون
استشارة مني…وأذكر أن الدكتور سهيل ادريس صاحب دار الأداب وكان ناشرا
محترما يعطي للأدباء حقوقهم قال لي من عشرين سنة “أنت في نادي المليون مع
عدد قليل جدا من الأدباء العرب” ويعني بنادي المليون الكاتب الذي تجاوزت
مبيعات كتبه مليون نسخة في العالم العربي فتصور لو أنني أخذ دينارا واحدا
عن كل نسخة لأصبحت مليونيرا ولكنني “مديونيرا” والحمد لله “قالها
ضاحكا”.هذا من ناحية ومن ناحية أخرى للأسف هناك من يعرض نفسه للبيع..هناك
مثقفون يعرضون أنفسهم للبيع لمن يدفع أكثر وهذا شأنهم وعارهم وموتهم
..ولكن من حق الشاعر والكاتب والمبدع أن يعيش بكرامة..أوروبا تتعامل مع
الشعراء ومع الأدباء بشكل راق جدا…صدقني هناك اذاعات من هولاندا والدنمارك
ترسل لي مبالغ زهيدة لأنهم استعملوا مقطع من قصييدتي في أحد برامجهم، وفي
المقابل عندنا دور نشر عربية تسرق مجهود الكاتب دون مبالاة.
في نفس هذا السياق أستاذ سميح المثقف العربي بين ولائه للسلطة واستقالته
وبين استقلاليته باعتباره سلطة في حد ذاتها مراقبة للسلطة والمجتمع
عموما،كيف تراه وتحكم عليه؟
طبعا طبعا…يقولون الصحافة هي السلطة الرابعة..وأنا اقول أن الثقافة بشكل
عام هي السلطة الأولى..لأن المثقف يستطيع أن يكون ذا سطوة وجماهيرية،
العمل الأدبي وشعبيته وهذه العلاقة الحميمية بين الشاعر مثلا والجمهور هي
قوة وقدرة هائلة وسلطة اذا وجهت بالاتجاه الصحيح تكون مفيدة ومجدية ولكن
اذا استغلت لتنفيذ مأرب شخصية أنية هذا يصبح موضوعا أخرا…ولكن المثقف
الحقيقي يستطيع أن يوظف شعبيته وسلطته في خدمة قضايا وطنه وشعبه.
ونحن نتحدث عن الثورة ودور الأدب والشعر والثقافة في تغيير هذا الواقع
المتردي سأكرر عليك سؤال الناقد الاسرائيلي الذي طرحه عليك باستهزاء: “كم
طائرة أسرائيلية أسقطت قصائدك؟” وأنا بدوري أعيد لك السؤال بصيغة أخرى :كم
طائرة اسرائيلية استطاع الشعر الفلسطيني والأدب والثقافة الفلسطينية عموما
أن تسقطها؟ وهل خدم هذا الأدب القضية جيدا أم بقي يسبح في النظريات
الثورية والصراعات الايديولوجية والرومنسية المطلقة؟
في هذا الطرح كثير من الافتراء و التعسف على حقائق الحياة..ليست مهمة
القصيدة أن تسقط طائرة بشكل مباشر ولكن مهمتها تكوين الوعي الذي يسقط
الطائرة.الأدوار يجب أن توضع بمقساتها وفي مواضعها الصحيحة..أنا لست مكلفا
بمواجهة جنرال في ميدان..لأنني لست عسكريا ولا هذا دوري..ولكنني أستطيع أن
أواجه هذا الجنرال بمنته القوة والشراسة اذا استطعت تعبئة خمسين شابا
للقتال وهذا دوري، ولذلك لا ينبغي لنا السقوط في شرك التقليل من شان الادب
ومن شأن الثقافة…الثقافة هي خندقنا الأخير و خندق الشعوب العربية الأخير
ويجب أن نحمي هذا الخندق ونقويه وندعمه ونعززه وسيكون قادرا على
العطاء،ولكن مع تجويع الأدباء واذلالهم واهانتهم والتقليل من شأنهم من قبل
الحكام الطغاة المستبدين العرب ستفقد الثقافة حتما قيمتها وهم يفعلون ذلك
لأنهم يعرفون قوة الأدب وقوة الثقافة وهم يريدون أن يجردوا الشعوب العربية
من هذه القوة وهذه الطاقة الانسانية الراقية والجميلة.
اذا أنت تقر أن المحبرة وقلم الرصاص والقبرة والزهرة يمكن أن تتغلب على السيف والرصاصة والقنبلة والدبابة؟
طبعا تستطيع، وأصلا هذا هو دورها التاريخي والانساني وهنا أريد أن أناقش
العقل الديني والعقل العلمي في أن..فاذا كان العقل الديني يقر بأن الله
محبة وأن الخير ينتصر دائما على الشر، واذا كان العقل العلمي يؤمن بأن
الكرة الأرضية تستطيع أن تكون مكانا أفضل للحياة بعيدا عن تلويث الفضاء
وتسميم الأنهار وثقب الأزون والتصحر…مدام هناك اتفاق بين الرؤية الدينية
والرؤية العلمية في جعل الكرة الأرضية مكانا أفضل للعيش الانساني.. فما
الخطأ في القناعة واليقينية بأن الجمال سينتصر على القبح والخير سينتصر
على الشر، وأنا لا أقول هذا الكلام من منطلق ديني صرف ولا من منطلق علمي
صرف،بل من منطلق انساني..لأنني ببساطة أتمنى كانسان أن ينتصر الجمال على
القبح.
س: اليوم أستاذ سميح حدتث الثورة السياسية فمتى تحدث الثورة الثقافية؟
ج:ما من قطيعة وحدود بين حركات الجسد وحركات الروح..لأنه هناك تلازم عضوي
بين الثورة المادية والثورة الثقافية الروحية ولا يستطيع أحد أن يفصل
الثورة الثقافية عن الثورة السياسية والاجتماعية لأننا ببساطة لا نستطيع
التفريق بين خلايا الجسد الواحد والا مات هذا الجسد.اذن هذه الكيانية
التداخلية بين الوعي والمادة وبين الروح والفكر وبين العلم والايمان وبين
الحياة والميتافيزيقا..هذا التداخل العضوي والموضوعي لا يستطيع أحد بتر
لحمته لأنه بذلك كأنما يعترض على كينونة الحياة.
كيف ترى الساحة الشعرية والابداعية العربية في غياب “صديقك اللدود” محمود
درويش؟وهل تمنيت أن يعيش معك هذه اللحظات التاريخية من الثورة؟
محمود درويش ليس صديقي اللدود وانما هو صديقي العزيز وهو أخي الأصغر وهو
تلميذي في الحياة والهم الانساني وشريكي وفي حياته كنت أداعبه وأقول له
أنت أخي الأصغر وبعد رحيله أنا أقول درويش هو أخي وتوأمي وشريكي الكامل،
ولا تستطيع قوة أن تخلخل هذه الثنائية التي كونتها الحياة والشعر وهي
ثنائية باقية ما بقيت الحياة وأنا أحتج على من أسميتهم “عجائز زوربا”
الذين ينتظرون الانسان حتى يموت لينقضوا على أشيائه…هذا يسرق مفكرة وأخر
يسرق قلما وأخر يدعي صداقة واخوة ومحبة،وبعضهم جرأ على القول أنه كان
صديقا لمحمود درويش وكان يقرأ له قصائده على التليفون ويقترح تعديلات
ويقبلها محمود درويش..للأسف وصلت الوقاحة وقلة الأدب الى هذا الحد.وفي نفس
الوقت أريد أن أؤكد على حقيقة وهي أن الصداقة لا تعني الانسجام الكامل نحن
كنا نختلف وأصلا نحن شخصيتان متناقضتان،بيني وبين محمود درويش تناقض كامل
في الشخصية وفي التكوين السيكولوجي والثقافي وفي الوعي الاجتماعي..ولعل سر
صداقتنا هو في هذا التناقض المتعاطف والأخوي الحميم وقدا وصف محمود درويش
هذه الصداقة في أحد رسائله التي نشرت أخيرا فقال “صداقتنا أقوى من الحب”.
وقد كنت أتمنى أن يشاركني الرقص أمام المسرح البلدي في شارع بورقيبة،
أبوعمار وأبو جهاد ومحمود درويش ومعين بسيسو وأخرون من اخوتي واخوتكم.
ونحن نحتفل هذه الأيام بعيد الأم، كيف تنظر الى الأم والمرأة عموما هذا
الكائن العجيب والغريب؟ وبالعودة الى سنوات الطفولة الأولى هل مازلت تتذكر
الهدهدات الأولى لأمك، وهل هي من أثرث وزرعت فيك هذه الحساسية العالية وحب
الشعر؟
صدقني اذا كان هناك كائن غريب عجيب على هذه الأرض فهو الرجل وليس المرأة
“قالها ضاحكا مازحا”…لماذا المرأة كائن غريب وعجيب؟ لماذا هي اما ملاكا أو
شيطانا…المرأة لا ملاكا ولا شيطانا هي كائن انساني مثلنا تماما..وأنا
أتعامل مع المرأة كشريكة وكذات بشرية وانسانة لها خصوصيتها وأنا أحب
المرأة روحيا وجسديا وضد الظلامية والتخلف في التعامل مع المرأة،أنا أحب
أمي وكتبت فيها الكثير من القصائد الجميلة..وبالرجوع الى مرحلة الطفولة
أتذكر أنه كان هناك تناقضا في الشخصية والتكوين بين أمي وأبي، أمي مزاجها
ناري وهي سيدة البيت وأم الأسرة الحريصة على تربية بناتها وأبنائها..وأبي
الذي كان ضابطا وشخصية عسكرية في الأردن كان رجلا عطوفا ورؤوفا وصبورا
وطويل البال وهذا التناقض في الشخصيات أثرا في وكونا شخصيتي..أخذت من أمي
التوتر والقلق الدائم والحساسية المفرطة ازاء الظلم والغبن
والاستفزاز،وأخذت من أبي هذه الثقة المطلقة في النفس واليقينية والتفاؤل
وشدة المراس أيضا.
ما يلاحظ في قصائدك عموما وخاصة في ديوانيك الأخيرين..”أنا متأسف” وكولاج
2″ هو هذا الاصرار على كتابة المطوليات والقصائد الملحمية الطويلة في زمن
قصيدة الومضة والهايكو،فهل هو تشبث بالايقاع الشعري والتشبه بالشعراء
الأوائل محاولة لاتباث الفحولة في زمن تغيرت فيه مفاهيم الفحولة الشعرية؟
اسمح لي أن أستغرب منك هذا الطرح،لأنني لم أبدأ المطولة الشعرية اليوم بل
بدأتها في سنة 1965 وكانت نتيجة حاجة فنية ونفسية عندي..لأننا لا نستطيع
مثلا أن نحصر البركان في مساحة ضيقة من حديقة بيتنا،ولا نستطيع أيضا أن
نطالب التسونامي أن يسكن في هايكو..وقد أكون أول من كتب الهايكو العربي
وهذا موجود في كتبي الأولى، والناقدة والباحثة الدكتورة سلمى الخضراء
الجيوسي تشير لهذا الموضوع بوضوح في موسوعتها التي ترجمت الى عدة لغات
والتي بينت فيها أنها لم تجد ملامح ما بعد الحداثة الا في قصيدة سميح
القاسم..وهي تعرف أن سميح القاسم يتمسك بالعروض أيضا. أعتقد أن الأوزان
العربية الكلاسيكية هي ثروة نادرة لم تتوفر الا للعرب…الأوزان ليست قيودا
بل هي أجنحة حرية اذا أتقنتها وأصبحت جزء من نفسيتك وايقاعك الداخلي تكتشف
كم هي أجنحة حرية..برأيي أنه لا يوجد شاعر ممن يسمون بشعراء الحداثة أكثر
انطلاقا في الخيال من المتنبي…أنا أعتبر نفسي شاعر الحداثة العربية ومركز
هذه الحداثة…اسمحهوا لي هذه المرة أن أعبر عن رأيي بكل تواضع…وهذا ما أقره
واعترف به الشاعر الفرنسي لويس أراغون حيث قال لي:” حين أقرأ ترجماتك أحس
أنني أقرأ شعرا عربيا مترجما الى الفرنسية…وحين أقرأ شعر بعض زملائك من
الشعراء العرب أحس أنهم ترجموا قصيدتي الى العربية ثم أعادوا ترجمتها الى
الفرنسية ” وهذا الكلام معروف ومنشور في وسائل الاعلام أنذاك ولويس أراغون
تأثر بالشعر العربي حين كتب عيون الزا وكذلك فعل الشاعر الألماني قوته في
“ديوان الشرق” …يا أخي عظماء الشعر الأوروبي يتغنون بالشعر العربي وللأسف
الشديد نجد عندنا من يشعر بالنقص لأن طاقته محدودة.
اذن فمقولة الحداثة والكلاسيكية وقصيدة النثر و..و..هذه مسألة في حاجة
الى اعادة نظر…وأما “السربية” فهذا الشكل أعتقد أنني من أسسته في الشعر
العربي الحديث وأطلقت عليه “السربية” من حركة أسراب الطيور والكثير من
الشعراء كتبوا من بعدي هذا النوع من القصيدة ولم يسموه السربية.
هل يعني هذا الكلام أن لك موقف خفي وخاص من قصيدة النثر؟
أبدا هذا غير صحيح…وأنا أقول دائما أنه لا يجوز وضع حدود لمغامرة الشاعر
الفنية والابداع عموما..فهناك أطنان من القصائد الموزونة المقفاة التي لا
تعتبر شعرا..وقد نجد قصيدة نثر قصيرة لمحمد الماغوط أو لشوقي أبي شقرا أو
أي شاعر أخر..تحتوي على شعرية مكثفة أكثر من أي ديوان كلاسيكي..السؤال
الأساسي بالنسبة الي هو:شعر أو لا شعر؟ صدق وطاقة فنية…لكنني في نفس الوقت
لا أقبل سفاهة التطاول على الأوزان العربية هذه الثروة الرائعة والتي
أتمنى لكل الشعراء أن يتقنوها حتى يكتشفوا ما فيها من أجنحة حرية لا حدود
لها.
جاء عنوان عنوان ديوانك الأخير “كولاج 2″ فهل هي محاولة من الشاعر سميح
القاسم لترميم وكولاج الواقع الفلسطيني والعربي المتشرذم والمتردي،ولملمة
مسبحته التي انفرطت حباتها؟
قلتها وأعيدها ان حرية الشاعر في الابداع لا حدود لها،ومن حقي في سن مبكرة
أن أبتكر صيغتي الخاصة وحتى القصيدة العمودية أنا غيرت فيها وهناك قصائد
بعض أبياتها أكثر من صدر وبعض أبياتها أكثر من عجز..وحتى في الكلاسيكية
كنت أمارس حريتي الابداعية وهذا يحدث لأول مرة..وحين اكتشفت شكل السربية
الذي لم أخطط له وانما ظهر أثناء تطور التجربة الشعرية فكتبت قصائد قصيرة
مثل ” ستضيق نافذتي ويتسع الجذار” وهذه قصيدة كاملة وهناك واحدة أخرى أقول
فيها ” لمحاكم التفتيش أشكو..تتبدد الأوراق من الأن ويظل جذع
السنديان”…اذن أنا لست في حاجة في تجربتي الشعرية للهايكو ولا أي شكل من
أشكال الشعر الغربي الأوروبي..وليس لدي عقدة الاحساس بالنقص لا تجاه
اليابان ولا تجاه أوروبا ولا أي تجربة أخرى…وحسب رأيي القصيدة العربية هي
القصيدة الأجمل والأروع وهي سيدة القصائد في كل الأزمان..كانت ومازالت
وستبقى.
هذا الالتصاق الكبير بالمواطن الفلسطيني والعربي البسيط وقضاياه،وهذه
النبرة المرتفعة للرفض والتمرد والايديولوجيا،التي تميز شعر سميح القاسم
هل مردها بقاؤك في الداخل ومعايشتك للأحداث اليومية الفلسطينية أم ما هي
أسبابها؟ وهل تعتقد أنه لو قدر لك العيش مثل درويش في المنفى الخارجي،أنه
ستتغير نبرة صوتك الشعرية وقاموسك الشعري وستجذف بعيدا نحو ذرى جمالية
جديدة؟
اجابتي واضحة حول هذا السؤال..مغامرتي الفنية لم يحققها أي شاعر عربي
معاصر..من شوقي الى اليوم..ثانيا وباسم الحداثة من قال ان بيروت هي عاصمة
الحداثة،بيروت يلزمها 200 سنة حتى تصل الى مستوى حيفا..أنا ابن حيفا وأعيش
فيها..وحيفا حديثة أكثر من كل عواصم العرب، لذلك أنا أحتج على شكل حاقد في
الطرح.أنتم تريدون أن أتحول الى لاجئ حتى تمنحوني غفران حداثكم..حداثي
أقوى وأرقى وأوسع وأعلى وأجمل من حداثة كل العواصم العربية.أنا لا اريد أن
أتحول الى لاجئ، أنا ابن هذا التراب وسأحتفظ بحفنة تراب من أرض جدي وأدافع
عنها حتى الرمق الأخير. سافرت الى العالم كله وأتقن لغات كثيرة وأعرف
الشعر الفرنسي والبريطاني والروسي والياباني اكثر ممن تعتبرونهم شعراء
حداثة عظام يعيشون في الخارج،لكنني أرفض تحويل بقائي في الوطن الى
تهمة..يا أخي أبوالقاسم الشابي لم يغادر تونس أبدا ولكنه شعريا أهم من كل
شعراء فرنسا في عصره..فهل يجب عليه أن يغادر تونس حتى يصبح شاعرا عظيما؟
يقول أبو حيان التوحيدي “ليس الغريب من فارق الدار وانما الغريب من كان
غريبا في الدار” فكيف تنظر أستاذ سميح الى تجربة المنفى وهل هو ضروري في
تجربة كل شاعر وكل مبدع؟
لا، هو ليس تجربة ضرورية ،وهذا افتعال وتمثيل وادعاء باطل. الشعراء العرب
في المنافي معظمهم اختاروا المنفى والحياة المريحة والمتعة والبعض يقول
والله هجرني النظام الى باريس أو الى لندن..فعن أي نظام يتحدث؟ هو من
اختار الحياة في باريس وفي لندن حتى يتسول ويتوسل على أبواب الأوروبي حتى
يعترف به كلاجئ سياسي وهو ليس لاجئا سياسيا..فمن طرده النظام في العراق
أمامه سوريا،ومن طرده النظام في سوريا أمامه الأردن،ومن طرده النظام في
تونس أمامه الجزائر…فلماذا لا يطيب المنفى الا في باريس ونيويورك ومدريد
ولندن؟.
يقول نجيب محفوظ :” ان الأدب يصل الى جمهور محدود جدا فاذا وصل جزء من
رسالة الأديب من خلال وسيط أخر مثل السينما فهذا شيء جيد ومطلوب” فكيف
تنظر الى هذه المسألة؟ وكيف تنظر الى مساهمة الغناء مثلا في انتشار الشعر
وتكريس ذائقة جمالية شعرية في هذا الواقع المتردي؟
الأستاذ نجيب محفوظ على حق تماما،النص الأدبي يصل الى فئات محدودة مهما
كان اتساع انتشار الكتاب يبقى في اطار فئات محدودة، ليس في الوطن العربي
فقط وانما حتى في فرنسا ونيويورك.السينما والموسيقى تساعدان في انتشار
الشعر والأدب عموما،أذكر أن أحد الناشرين في الناصرة اقترح علي أن يصدر لي
فيديو كليبات شعرية..فقلت له مازحا بشرط أن أختار الراقصات…”قالها ضاحكا”.
لو استطعت بشيء من السحر أن تتحول الى ألة موسيقية،أي الألات تريد أن تكون؟
والله أنا أحب الموسيقى منذ طفولتي وقد كان أخي الأكبر سامي رحمة الله
عليه عازف عود ومغنيا. أنا أحب الة العود وعزفت عليها ومارست التلحين
السماعي أيضا..كذلك أحب البيانو والقيتار وكذلك أعشق ألة الأورغن القديمة
وأعتقد أن تجربتي مع الشعر والموسيقى كانت رائدة في العالم العربي حيث
قدمت في الستينات أمسية شعرية مع عازف قيتار من الناصرة اسمه جورج بواردي
وقد قرأ مجموعة من قصائدي ووضع لها ألحانا ارتجالية وقمنا بعدة جولات في
الجامعات والمدارس والقرى والأرياف وسجلنا هذه التجربة في النهاية على
شريط غنائي ووقع توزيعه وتداوله.اذا هناك علاقة وثيقة بين الشعر والموسيقى
والمسرح.
هناك قضية أسالت الكثير من الحبر تتعلق بترجمة الأدب العبري فهل تعتبر الترجمة من
والى العبرية نوع من التطبيع أم أن ذلك يدخل في اطار الحوار الثقافي من باب اعرف عدوك؟
مقولة التطبيع هي فزاعة استعملها البعض بصدق والأغلبية بجهل،في اسرائيل
معاهد أبحاث تعرف أدق التفاصيل في كل قطر عربي والمختصون الاسرائيليون
يعرفون عن تونس وعن مصر وعن فلسطين أكثر مما نعرف نحن كعرب وهذا التوجه
علمي وصحيح،أنا مع ترجمة الأدب العبري ومع تعلم اللغة العبرية فنحن لا
نستطيع أن نواجه عدوا لا نعرف لغته وفكره ووعيه وعقله وثقافته وروحه
وتاريخه…المعرفة قوة وسلاح…وهي أيضا أداة للرقي.
حدثنا عن تجربتك الشخصية في هذا المجال؟
هناك حقيقة مدهشة في هذا المجال، تخيل أن أول من ترجم قصائدي الى العبرية
هم جهاز المخابرات طبعا دون علمي ليبرروا اعتقالي لاحقا..الترجمة ضرورية
والتمترس وراء الوطنية الزائفة لا يجدي أحدا…
وهل أنت مستعد للتعامل مع الناشرين الاسرائيليين اذا عرض عليك ترجمة بعض كتبك؟
طبعا أنا مستعد لذلك…ولكن فكروا لماذا لم يعرض أي ناشر اسرائيلي التعاون
معي..لأن هذا يذكرني بالناقد الاسرائيلي الذي قال في اجتماع تضامني معي
يوم اعتقلت وصودر ديواني في فترة السبعينات،قال هذا الناقد “والله لا
أستطيع أن أدافع عن قصيدتك لأنها جيدة”، اذن فكروا كيف يتعامل هؤلاء مع
الفكر والابداع والثقافة..وفي المحصلة يجب أن نترجم ونتعلم اللغة العبرية
للحرب وللسلام..
وبالمناسبة تتبعت في الأيام الأخيرة في الاعلام الاسرائيلي محاولات لتشويه
صورة وضع اليهود في جربة وفي تونس..وأنا أقول لكم حافظوا عليهم، هؤلاء
اخوانكم ومواطنون تونسيون يجب أن تحموهم من العقليات الهمجية الظلامية
المتخلفة..العروبة الحقيقية أبعد ما يكون عن العنصرية..والاسلام الحقيقي
أبعد ما يكون عن العنصرية..نحن لسنا عنصريون…فلا تتشبهوا باسرائيل
وبالصهيونية وبالفاشية الايطالية وبالنازية الألمانية تشبثوا بثقافتنا
وبعروبتنا وباسلامنا وبانسانيتنا…العروبة والاسلام ضد العنصرية وقد قال
الرسول صلى الله عليه وسلم:” ليس منا من دعى الى عصبية” وهذا الحديث
النبوي يصح شعارا لمنظمة حقوق الانسان العالمية.
في كلمة أستاذ سميح ماذا تعني لك هذه المفاهيم؟
- الطفولة
- الحزن
- الحب
- الحياة
- المرأة
- الطفولة والحب
- الشعر
- الحلم
- الجنون
- كأس نبيذ عابرة
- العبقرية
- نعمة
- السجن
- حرية
- الأم
- العالم
- أبوعمار
- صديقي ورفيقي وقائدي
- درويش
- توأمي
- ناجي العلي
- أخي وحبيبي
- سميح القاسم
- عدوي اللدود
- الموت
- محطة قطار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saraibda3.ahlamontada.net
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

عبد المجيد دقنيش الشاعر سميح القاسم:معظم المثقفين العرب مدجنون ومرتزقة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

عبد المجيد دقنيش الشاعر سميح القاسم:معظم المثقفين العرب مدجنون ومرتزقة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: