نهاية سنوات العسل الاسرائيلية؟
رأي القدس
2011-02-08
لا يختلف اثنان على ان ألسنة لهب الثورة المندلعة
حالياً في مصر ستمتد الى دول الجوار العربي، وقد تحرق طرف الثوب الاسرائيلي
ايضاً، وهذا ما يفسر حالة القلق الاسرائيلية المتفاقمة.
الجنرال غابي
اشكنازي رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي كان معبراً بشكل بليغ عن هذه
الحالة، عندما صرح ليلة امس الاول بان على الجيش الاسرائيلي ان يستعد لحرب
اقليمية شاملة في المنطقة، محذراً في الوقت نفسه من ان ايران تريد السيطرة
على الدول العربية المعتدلة.
الحرب الاقليمية التي يريد اشكنازي ان
تستعد لها اسرائيل ستكون ضد الدول العربية المتشددة، مثل ايران وسورية، ومن
غير المستبعد ان تنضم اليها 'مصر الجديدة' ايضاً اذا ما نجحت الثورة
الحالية في اسقاط النظام الحاكم في القاهرة.
الامر المؤكد ان اي نظام
جديد سينشأ في مصر سيكون ديمقراطياً، وبالتالي مختلفاً عن النظام السابق
اختلافاً جذرياً، لانه من غير المتوقع من قيادته الجديدة الالتزام
بالتحالفات السابقة، وربما حتى الاتفاقات السلمية المعقودة مع اسرائيل.
فاذا
كانت الانظمة العربية المعتدلة قلقة من خسارة الضلع المصري الاهم في
معسكرها في مواجهة ايران، ونحن نتحدث هنا عن دول الخليج بوجه خاص، فان
قلقها هذا مشروع لانه لن يكون امامها اي بديل اقليمي آخر غير اللجوء الى
المظلة الاسرائيلية، وهو خيار، اذا ما تم اللجوء اليه، سيشكل استفزازاً لاي
نظام مصري جديد، وسيعطي ايران الذريعة للعمل على تقويض استقرار هذه
الانظمة.
صحيح ان الاحتجاجات الشعبية الغاضبة التي جابت شوارع العاصمة
والمدن المصرية الاخرى لم تحرق العلمين الاسرائيلي والامريكي، وابتعدت
كلياً عن التطرق الى قضايا اقليمية، وهذا قمة الذكاء، ولكن الصحيح ايضا ان
المطالبة باسقاط النظام المصري ومحاكمة جميع رموزه، هي مقدمة، بل خطوة
قوية، لارساء دعائم نظام جديد ينسف كل سياسات النظام السابق ويعيد صياغة
تحالفات مصر وفق مطالب الثوار الجدد وتطلعاتهم.
بمعنى آخر من غير
المنطقي ان يطالب رموز الثورة الجديدة في مصر بالعدالة الاجتماعية ومحاربة
الفساد، وحكم القانون، والشفافية، ولا يطالبون بالشيء نفسه لشعوب الدول
العربية الاخرى الرازحة تحت حكم ديكتاتوري قمعي، وللشعب الفلسطيني الذي
يعاني من الذل والمهانة تحت الاحتلال الاسرائيلي.
القلق الاسرائيلي
والحديث عن اعادة صياغة الاستراتيجية الدفاعية الاسرائيلية بحيث يتم الاخذ
بالاعتبار تطورات الاحداث في مصر على ضوء اسقاط او انهيار نظام الرئيس
مبارك هو اول نجاح تحققه الثورة المصرية.
اسرائيل استمتعت بشهر عسل امتد
ثلاثين عاما مع مصر، واستطاعت ان توفر حوالي عشرين مليار دولار من نفقاتها
الدفاعية سنويا بسبب اتفاقات كامب ديفيد، وها هم ثوار ميدان التحرير
يقلبون هذه المعادلة ويعيدون اسرائيل الى اجواء حرب جديدة ضد الدولة الاعظم
في المنطقة.
من حق اسرائيل ان تقلق، وكذلك من حق حلفائها العرب الجدد ان يشعروا بالقلق لقلقها لان الخريطة تتغير لغير صالحهما معاً.