الأربعاء
07 نوفمبر 2001
العدد : 1323
<a
href='http://www.almassae.press.ma/pub/www/delivery/ck.php?n=add9c940&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE'
target='_blank'><img
src='http://www.almassae.press.ma/pub/www/delivery/avw.php?zoneid=1&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE&n=add9c940'
border='0' alt='' /></a>
ثورة «ويكيليكس»
بشرى ايجورك -
bouchra_ijork@yahoo.fr
لكل امرئ حديقة أسراره الخاصة التي
لا يحب أن يطـّلع عليها أحد، أشياء لا تعني سواه.. أحلام أو صور أو ذكريات
أو خسارات مُخفاة في دهاليز القلب المظلمة.
أحيانا تنزعج حدّ الثورة حينما تجد أن أحدهم تلصص على أغراضك الخاصة، أو
اطلع على صندوق رسائلك القديمة، حرصا على صون «أشياء» خاصة لا ترغب أن
تقتسمها مع أحد غير روحك وذكرى بينك وبين نفسك. وبين أسرار العباد العادية
وخبايا الدول السياسية عالم من الغموض والكتمان يحرص الرؤساء والدبلوماسيون
على إحاطته بالسرية والخصوصية، كما يخفي الأزواج الخائنون أسرارهم
المقيتة.
يعيش العالم ثورة جديدة في فضح أسرار مرعبة ومدمرة، معركة العالم الجديد،
«غزوة ويكيليكس»، كما أحب البعض تسميتها، هذه الصرخة المدوية التي جعلت
سياسيي العالم يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من لعنة ذاك الأسترالي الأشقر
الذي خلق مفهوما جديدا للنجومية سيجعلنا نرتاح قليلا من أخبار مغنيي
الملاهي ولاعبي كرة القدم الذين يحترفون كل شيء إلا تسجيل الأهداف، ونهتم
بمتزعم الإعلام الجديد «جوليان أسانج»، ذاك البطل الغريب المثير للجدل الذي
ألف وأخرج مسلسلا على شاكلة التيلينوفيلا الأمريكية، لا تنقصه عناصر
الدراما ولا التشويق ليكون عملا ناجحا دون منازع.. الانتقام، الخوف، المال،
الكذب، الغيرة، الاعتقال، الثقة، النميمة والرغبة في الاغتيال، ولعل
هوليود منكبة على إنجاز عمل سينمائي ضخم يهم الموقع وصاحبه وما يحمله من
أسرار وحكايات.
هنا يظهر جليا سلاح الإعلام وقوته وقدرته على زعزعة العالم، وإرباك دولة
عظمى أطلق عليها اسم أمريكا.
«ويكيليكس»، هو موقع إلكتروني ينشر وثائق دبلوماسية سرية، وهذا التعريف
بسيط لأنني على يقين بأن الكثير من الشباب المغربي ممن يسهرون الليالي أمام
غرف الدردشة والمواقع الإباحية سيعتقدون أنه نوع من البسكويت أو رقصة
جديدة على شاكلة التكتونيك، فالمساكينُ.. العالم في واد وهم في واد آخر..
ففي الوقت الذي يهز «جوليان» العالم ويبعثره أشلاء من مكانه أمام حاسوبه،
يبعثر الآلاف من الشباب أعمارهم أمام نفس الحواسيب لكن لأغراض بسيطة
ومراهقة.
لقد وضع موقع «ويكيليكس» العالم في صورة مضحكة مثيرة للسخرية، وفضح نفاق
الدبلوماسية الأمريكية والعالمية، وأزعج الكثيرين ممن يتحكمون في هذا
العالم من مكاتبهم الفخمة، أولئك الموظفون الجواسيس الذين يبلغون رسالات
شبيهة بنميمة الأسواق والحمامات الشعبية، «صناع القرار» المنافقون الذين لا
يترددون في دفع العالم نحو حروب مجانية مؤلمة.
أزيد من 250 ألف قنبلة، أقصد وثيقة وبرقية ومذكرة سرية، يملكها الموقع، أي
أن العالم أمام سيل من الفضائح والأسرار التي أصبحت ملكا للجميع يطلع عليها
بكبسة زر.
إنها بطولة ونجومية من نوع آخر، لشاب يلف حياتـَه الكثيرُ من الغموض، لا
عنوان له ولا وجهة.. يقود حربا ضد الفساد ويواجه تهما قاسية من قبيل «تهديد
الأمن القومي الأمريكي» والتجسس، يثير إعجاب البعض وحقد الآخر وغيرة
الصحفيين الذين غيـَّر معالم مهنتهم وأسس لعنوان جديد للسلطة الرابعة
سيسجله التاريخ وسيكتبه بمداد من الفخر، كما ستروي لصغارنا الكتبُ كيف
غيـَّر الأسترالي الأشقر نظرة العالم إلى أمريكا وإلى دبلوماسييها وعرى
أسلوبها القذر في ترويض العالم.
أومن دائما بأن الكذب لا مستقبل له، لأنه يُفضح لا محالة.. مهما ظل مخفيا
يأتي يوما ما، شخص ما، أو حادث ما فيكشفه وينفض عنه الغبار..
ووثائق «ويكيليكس» فضحت كذبا من العيار الثقيل، كذب الدبلوماسية الوسخ.