'الاخوان' عندما ينزلون الى الشارع
رأي القدس
2010-12-23
عندما تهدد حركة الاخوان المسلمين بالنزول الى
الشوارع للاحتجاج على تزوير الانتخابات البرلمانية الاخيرة، فان هذا
التهديد يجب ان يؤخذ على محمل الجد لما يمكن ان يترتب عليه من تبعات سياسية
وامنية في آن.
السيد محمد بديع المرشد العام للحركة قال في تصريحات
ادلى بها امس، ان حركته ستستخدم وسائل احتجاج سلمية ضد برلمان قال انه لا
يعكس قوة المعارضة المصرية الحقيقية او ارادة الناخبين.
الحكومة المصرية
لا تؤمن بالاحتجاجات سلمية كانت ام غير سلمية، وقوات الامن المركزي التي
قد يفوق تعدادها الجيش المصري، جاهزة للتصدي بهراواتها للمحتجين حتى لو
رفعوا الرايات البيضاء، وقذفوها، اي قوات الامن، بالورود.
'الاخوان
المسلمون' هي حركة المعارضة الاقوى في مصر، ولها امتدادات قوية في مختلف
انحاء مصر، وهذه هي المرة الاولى التي تقرر فيها النزول بقوة الى الشارع،
الامر الذي يعني انها قررت مواجهة النظام بعد تردد دام اكثر من ثلاثين
عاماً.
التزوير في الانتخابات البرلمانية الاخيرة لا يحتاج الى اثبات،
فالحركة التي حصلت على 88 مقعداً في البرلمان السابق لم تفز بأي مقعد في
هذه الانتخابات في جولتها الاولى، الامر الذي دفعها الى الانسحاب جنباً الى
جنب مع معظم احزاب المعارضة الاخرى بما في ذلك حزب الوفد.
وربما يكون
التهديد بالنزول الى الشارع قد تأخر بضعة اسابيع لاعتقاد احزاب المعارضة
المصرية بان الرئيس حسني مبارك، وبعد ان اجمع الكثيرون على التزوير، سيلغي
الانتخابات، ويحل مجلس الشعب (البرلمان) الذي تمخض عنها، ولكنه لم يفعل،
والقى خطابا في افتتاحه، واكتفى فقط بالتعبير عن اسفه لان المعارضة لم تحظ
بالمقاعد الكافية.
الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة المصرية يتمثل في
اعتقادها بان الرئيس لا يعلم بعمليات التزوير التي مارستها حكومته، ولذلك
سيلجأ الى اصلاح الخلل وهو اعتقاد ثبت بطلانه للاسف الشديد.
البرلمان
المصري الحالي برلمان بلا معارضة، وبلون سياسي واحد، لون الحزب الحاكم،
واذا كانت هناك بعض الاصوات من خارج هذا الحزب، فهي اصوات بلا جمهور، ولا
تحظى الا بدعم محدود جدا في الشارع، بل لا نبالغ اذا قلنا ان الغالبية
الساحقة من الشعب المصري لم يسمع بها او قياداتها من قبل.
العام الجديد
ربما يكون عاماً حافلا بالاحداث في مصر. عام المواجهات الحقيقية، ويبدو ان
كيل المعارضة المصرية قد طفح، وان هناك من قياداتها من لم يعد يستطيع الصمت
على عمليات التزوير، تزوير ارادة الناخبين في وضح النهار.
السلطات
المصرية قد تلجأ الى قانون الطوارئ المطبق في مصر منذ عام 1981، وتستخدم
القوة المسلحة للتصدي لاي احتجاجات في الشارع، مثلما فعلت دائما طوال
العقود الثلاثة الماضية، ولكن هذا خيار محفوف بالكثير من المخاطر، ولا يمكن
التكهن بتبعاته.
الشعب المصري شعب صبور، ولكنه صبر الجمال، فاذا ثار
على الوضع الراهن فان ثورته ستكون عارمة، ومن يقرأ تاريخ مصر الحديث،
ويتمعن في ثورات مماثلة سيدرك ما نقول. والحل الوحيد في نظرنا ان يتم الغاء
هذه الانتخابات وحل البرلمان لتجنب ما يمكن ان يكون كارثة لمصر.