لا للعدوان على إيران... نعم لدعم المقاومة
14 جوان 2009
ليس جديدا أن تتحرّش الامبريالية
والصهيونية بإيران، لكنّ الجديد هذه المرة أن هذه التحرّشات بلغت حدّا جعل
عديد المراقبين يتوقعون عدوانا وشيكا ضد هذا البلد يستهدف برنامجه النووي
تحديدا. وليس جديدا أيضا أن تصطف الأنظمة العربية وراء واشنطن وتل أبيب في
حروبهما الظالمة في المنطقة، لكن الجديد هذه المرة هو هذا الإجماع المعلن
الذي وصفه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بأنه غير مسبوق.
ولا غرابة أن تعلن جميع الأنظمة العربية
(باستثناء سوريا) صراحة أو ضمنيا أنها مع توجيه ضربة لإيران. فهذه الأنظمة
شاركت في كل الحروب المدمرة التي خاضتها الامبريالية والصهيونية ضد شعوب
المنطقة حيث تلاقت المصالح وتشابكت إلى الحدّ الذي يمكن اعتبار كل هزيمة
تـُلحقها المقاومة بالمحتلين هي هزيمة لهذه الأنظمة وضربة موجعة إلى
الكراسي التي تتمسك بها. وهذا ما يفسّر هذا الإصرار والتكالب على ضرورة
"كسر شوكة إيران" قبل أن يشتدّ عودها. فإيران تشكل خطرا على "إسرائيل"
وأمريكا وكذلك على الرجعيات العربية. والغاية من تحطيم قوتها العسكرية هي
أولا: عدم السماح لأيّ قوّة إقليمية بالظهور حتى تبقى "إسرائيل" أكبر قوّة
عسكرية في منطقة الشرق الأوسط. وثانيا محاصرة المقاومة في كل من فلسطين
ولبنان والعراق وخنقها وتجفيف منابع السلاح والدعم المادي لها.
لقد اتفقت الدعاية الغربية والعربية على
أن "سبب كل الويلات" في المنطقة هو إيران، وكأن إيران هي التي تخوض حروبا
ظالمة في كل من العراق وأفغانستان وتدعم الكيان الصهيوني في عدوانه على
الشعب الفلسطيني وتغذي نزاعات في هذا البلد أو ذاك وتتحرّش بالأنظمة التي
ترفض الخضوع وتهددها بالإسقاط، وتملأ الأرض رعبا ودمارا من خلال نشر
القواعد العسكرية وابتكار أسلحة جديدة وتجريبها على الشعوب الضعيفة
والمقهورة مثلما حصل في غزة ولبنان وغيرهما !!
إن من يفعل كل هذا ليس إيران بل هما
الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني. لكن تشابك المصالح يتطلب قلب
الحقائق فتصبح إيران هي "الخطر الداهم على الجميع" ولا بدّ من ضربها لأنها
"تدعم حزب الله الذي هزم إسرائيل ويسعى إلى السيطرة على لبنان" وهو
"متورّط في قتل الحريري" مثلما تروّج لذلك وسائل الدعاية التي لا يخفى
ارتباطها بالصهيونية، وهو الذي يهدّد أمن مصر من خلال زرع الخلايا
"الإرهابية" ودعمه للمقاومة الفلسطينية. ويقع اختزال المحنة العراقية في
سبب واحد هو إيران، التي "تدعم الإرهاب" و"تغذي النزعات الطائفية"، إلخ.
وتتعالى صيحات الفزع من السعودية ودول الخليج حول الخطر "الفارسي" ونواياه
التوسعية. وتتحوّل إيران إلى العقبة الوحيدة أمام إيجاد "حل سلمي" للقضية
الفلسطينية!
لقد تعوّدت الشعوب العربية على هذا
السيناريو: حملة إعلامية مركزة تـُحوّل الضحية إلى جلاد، حشد القوى لإيجاد
ذريعة للعدوان وتقديمه في صورة "المصلحة المشتركة"، شنّ عدوان ثلاثي
امبريالي صهيوني رجعي عربي... وتبقى الشعوب العربية المقهورة عاجزة عن
الفعل والتأثير في الأحداث وتحرم حتى من حقها في التظاهر.
لكن هذا الثلاثي يبدو مرتبكا هذه المرّة
رغم هذا الإجماع المعلن. فأمريكا غارقة في العراق وأفغانستان وعينها على
المارد الكوري الشمالي الذي ما فتئ "يتنطّع" ويخرج عن السيطرة. وشنّ حرب
جديدة على إيران قد يبعثر أوراقها ويزيد من مشاكلها في ظل أزمة اقتصادية
خانقة. والكيان الصهيوني يبحث عن أمن مفقود بعد أن أصبح في مرمى صواريخ
المقاومة ولم تـُجْدِه نفعا لا الترسانة العسكرية الضخمة ولا الدعم
اللامشروط من الامبريالية الأمريكية والغربية. أما الرجعيات العربية فهي
مغلوبة على أمرها وفاقدة للشرعية ولا سبيل أمامها لضمان بقائها في الحكم
سوى الاحتماء بالمظلة الامبريالية والصهيونية وخنق شعوبها والقضاء على
أملها في مقاومة مسلحة قادرة على هزم المحتلين وفتح الباب أمام تحرّرها.
ولا خيار أمام شعوب المنطقة سوى استغلال
هذا الارتباك وتوحيد قواها في جبهة عربية وعالمية تفضح المخططات
الامبريالية والصهيونية وتقف سندا قويا للمقاومة ولا تنجرّ وراء الأكاذيب
المظللة.