الفيل المصري بدأ التحرك
رأي القدس
2010-12-12
الرئيس حسني مبارك ادان يوم امس التجاوزات التي شهدتها بعض الدوائر خلال انتخابات مجلس الشعب التي اجريت الاسبوع الماضي، وقاطعتها معظم احزاب المعارضة، ولكنه لم يقل انه سيلغي النتائج ويعيد الانتخابات في ظل اجواء اكثر حرية ونزاهة وباشراف مراقبين دوليين، بل فعل عكس ذلك عندما اعرب عن سعادته بعدد المقاعد التي احرزها الحزب الوطني الحاكم.
من الواضح ان الرئيس المصري لن يعطي آذاناً صاغية للمناشدات التي وجهتها احزاب المعارضة له بالتدخل لاعادة الانتخابات السابقة بسبب ما سادها من عمليات تزوير وبلطجة، وسيتعاطى مع مجلس الشعب الجديد، المسيطر عليه من قبل الحزب الحاكم، على انه المجلس الشرعي الذي يمثل مختلف قطاعات الشعب المصري.
وما سيعزز قناعته هذه ان مئات من الاشخاص فقط تجاوبوا مع دعوة التظاهر التي دعت اليها احزاب المعارضة المصرية يوم امس، وهو عدد ضئيل في بلد يبلغ تعداد سكانه اكثر من خمسة وثمانين مليون نسمة.
فقد كان من المتوقع ان يكون عدد المتجاوبين مع الدعوة للتظاهر مئات الآلاف، بسبب ترسخ قناعة الشعب المصري بتزوير الانتخابات، وهي القناعة التي تجسدت من خلال مقاطعة الغالبية الساحقة للعملية الانتخابية، وعزوفها عن الذهاب الى صناديق الاقتراع، بحيث انخفضت نسبة المشاركة الى اقل من 15' في افضل الاحوال، بينما لوحظ ان العديد من مراكز الاقتراع كانت شبه خالية اثناء انتخابات الاعادة في بعض الدوائر.
ربما يكون من السهل فهم عزوف الاغلبية عن المشاركة في الانتخابات، ولكن ما يصعب فهمه هو عزوفها عن المشاركة في الاحتجاجات، فهل هذا يعني انها في حال يأس من العملية السياسية، بشقيها الحكومي والمعارض معا؟
من الصعب الاجابة على هذا السؤال، واسئلة اخرى كثيرة يمكن ان تتفرع عنه، ولكن هذا الصمت الاحتجاجي ربما يكون مضللا، او بالاحرى من السابق لاوانه اعطاء آراء مسبقة في هذا الصدد.
مظاهرة الامس ربما تكون بداية دوران عجلة الاحتجاج من وجهة نظر العديد من قادة المعارضة المصرية، وهناك من يقول ايضا انها كرة الثلج التي ستكبر مع مرور الايام، واذا كان الحال كذلك فان علينا ان ننتظر العديد من المفاجآت في الايام او الاسابيع المقبلة.
دخول جماعة الاخوان المسلمين الى الميدان، ومشاركتهم في مظاهرة امس جنبا الى جنب مع الاحزاب المصرية الاخرى هو مؤشر على درجة كبيرة من الاهمية، فالجماعة الاسلامية كانت تفضل دائما التحرك لوحدها، وتجنب التنسيق مع هذه الاحزاب، مضافا الى ذلك انها تجنبت دائما الصدام مع النظام الحاكم بشكل مباشر من خلال النزول الى الشارع.
مصر الان على ابواب منعطف جديد، وقد تكون عمليات التزوير المفضوحة في الانتخابات الاخيرة المفجر للاحتقان الكبير الموجود في اوساط المواطنين البسطاء. واذا لم تصدق نبوءة المعارضة في هذا الصدد، فان عملية التوريث قد تتم بسهولة ويسر بالطريقة نفسها التي جرت فيها الانتخابات المزورة الاخيرة.