كازانيغرا والخطاف ووهم الأوسكار! الـمهـدي الـكــرّاوي -
guerraoui@gmail.com «حين نذهب إلى السينما نرفع رأسنا،... وحين نشاهد التلفزيون نخفضه إلى أسفل» جون ليك كودار، المخرج الفرنسي الشهير. كان الروائي الدرامي الفرنسي هونري جانسون يسخر دوما من مستوى الانحطاط الذي وصلته السينما في مراحل مختلفة من عمرها بقوله: «فعلا... من ينكر أن السينما المتكلمة علمتنا الصمت... فالصمت أكبر مغامرة تعلمناها مع السينما الناطقة»،... أما الممثل السينمائي الأمريكي الشهري أنتونيو بانديراس فقد ظل دوما يشبه السينما، في أحاديثه الصحفية، بالطابع البريدي على اعتبار أنها ترسل رسائل مرفقة بالصور.
جمالية فن السينما ورقي مقاصده هما اللذان يعطيان الأفلام أسباب النزول،... وفي مراكش، التي تحتفل هذه الأيام بمرور 10 سنوات من عمر مهرجانها السينمائي العالمي، لا يفهم أحد كيف يفضل المخرجون السينمائيون المغاربة مع كتاب السيناريو والممثلين «دياولنا» أن يتزاحموا على موائد الطعام والشراب على الجلوس والاستماع والإنصات والتعلم والتتلمذ على يد مخرج سينمائي عملاق من حجم فرانسيس فورد كوبولا خلال محاضرة ألقاها بالمناسبة.
فرانسيس كوبولا الذي يحمل في جعبته 6 جوائز أوسكار وأخرج وكتب سيناريوهات أشهر الأفلام العالمية في وقت كان لا يزال فيه أغلب و»أشهر» المخرجين المغاربة الذين يملوون فراغ السينما المغربية اليوم يلعبون في «الغيس» وعلاقتهم بالسينما لم تكن تتجاوز مشاهدة فيلم هندي في يوم العيد، قبل أن يكتشفوا أن السينما في المغرب تشبه كثيرا رخص الصيد في أعالي البحار ورخص مقالع الرمال ورخص النقل... بعد أن حول المركز السينمائي المغربي أموال الدعم العمومي إلى أرصدة زبائنه من المخرجين الذين ينتجون أفلاما لا تحتاج إلى سيناريو وخيال وإبداع بل فقط إلى وصفة سهلة من ممثلين مناكير وكاميرا مفتوحة وحوار «ديال الزنقة».
هناك اليوم بيننا في عالم السينما المغربية من لازال يرى في مهرجان السينما بمراكش مجرد «عراضة» فخمة وعطلة مجانية،... وطيلة 10 سنوات من عمر المهرجان لم يستطع ولو مخرج مغربي واحد، بأموال المركز السينمائي المغربي، أن يصل إلى مرحلة تتويج متقدم وأن ينتج فيلما مغربيا في مستوى الأفلام العالمية المشاركة في مهرجان مراكش،... فطيلة 10 سنوات من هذا مهرجان العالمي أنتجنا، بفضل الأموال التي ظل يرميها نور الدين الصايل من النوافذ، أفلاما مثل فيلم «كازانيغرا» الذي اكتشف المغاربة مع أمهاتهم وأبنائهم يوم شاهدوه أن السينما عند لخماري تعني العادة السرية،... وأنتجنا أيضا فيلما اسمه «الخطاف» يوم قرر صاحبه الناصري المشاركة به في مهرجان القاهرة، ربح سخرية النقاد وضحكا كالبكاء من طرف الصحافة المصرية لمستواه الخرافي في العبث بفن راق اسمه السينما.
لما كان فرانسيس فورد كوبولا، الذي يتسابق عمالقة السينما عبر العالم على مصافحته والأخذ بنصائحه، يحاضر في قصر المؤتمرات بمراكش،... كان رشيد الوالي، مثلا، غاضبا على منظمي المهرجان فقط لأنهم لم يخصصوا له سيارة فخمة مع سائق خاص لتنقلاته، وقرر مقاطعة فعاليات المهرجان،... ولما كان المهرجان يكرم الراحل العملاق العربي الدغمي مع السي عبد الرحمان التازي صاحب رائعة «البحث عن زوج امرأتي»،... لا أحد فهم واستوعب معنى هذا التكريم... فالرسالة واضحة: السينما المغربية الحقيقية توجد في أرشيف الذاكرة وليس في «الخطاف» و«كازانيغارا»... وبعدهما فيلم آخر اسمه «زيرو»،... اختار صاحبه ربما أن يُنقط مستواه بنفسه حتى قبل خروجه إلى القاعات!