دعوات القرضاوي والمونديال وفلسطين تحترق من يطفئ النار؟
لينا أبو بكر
2010-12-08
ليس الشيخ القرضاوي بمذيع، ولا بقارئ نشرات أخبار، ولا بإعلامي قائم بإعداد أو تحرير البرامج الإخبارية، إلا أنه بشكل أو بآخر له نصيب من الحراك الإعلامي، نظرا لمشاركته في برامج تلفزيونية يطرح ضمنها أفكاره وما يتوصل إليه ـ ضمن مجلس الفتوى ـ من أحكام شرعية تمس العديد من قضايانا وآخرها 'الكرة'، وله مع الجزيرة عشرة إعلامية مشهود لها، أثارت ما أثارت من معارك حامية الوطيس.
غير أن ما ورد في نشرة أخبار الجزيرة الرئيسية يوم الجمعة فيه اختلاف، فقد بثت الجزيرة مقاطع من خطبة الجمعة للقرضاوي، في معرض خبر تناول ردة فعل 'أوباما' على فوز قطر باستضافة المونديال عام 2022، قال فيها انه دعا لقطر بالفوز على أمريكا وقد استجاب العلي القدير، وما على القرضاوي سوى أن يدعو الله الآن بعدم تّأهل اسرائيل، كي لا تكون قطر هي السباقة لاستضافة الفريق الاسرائيلي، وهو ما سأتعرض إليه في هذه المقالة بعد أن أسوي الأمر مع القرضاوي!
القرضاوي اعتبر أن تصريح أوباما تدخلا أعلن من خلاله الحرب السياسية على حق مشروع لدولة عربية خليجية صغيرة، وهو ما أشار له حاكم قطر من خلال تقرير الجزيرة الرياضية في لقاء معه قال فيه ان الجميع يرى في قطر دولة صغيرة، ولكن على الجميع أن يتوقع الكثير منها، وهو تحديدا ما خيب ظن أوباما ليعرب وبكل هذه العنصرية عن خطأ اتخذته لجنة التحكيم الدولية باختيار قطر، طيب لماذا؟ ما سبب الخطأ؟ وما المطلوب من الفيفا؟ هل المطلوب أن تتحيز إلى أصحاب الدم الأزرق؟ طبقة النبلاء الكرويين؟ هل قطر لا تليق بمنافسة دولة الجاسوسية الدبلوماسية التي كشر موقع ويكيليكس عن أنيابها؟ هل قطر تستطيع أن تقدم رشوة كما أشيع بينما أمريكا عاجزة عن تقديمها؟ هل القرضاوي على حق إذن في المقطع الذي بثته الجزيرة من خطبته وهو يعلن انتصارا عربيا لأول مرة على الغرب المتكبر. وإن كانت نظرية المؤامرة لا تروق لبعض المعتدلين الذين يدعون الثقة بالنفس ويهزأون من الأوهام السياسية، التي لم نزل نحيا بها من قرون خلت، فهل لهم أن يفسروا رفض السيد الامريكي لمبدأ المساواة بالمنافسة كحق إنساني غير مشروط لا باعتبارات إثنية ولا ايديولوجية ولا جغرافية ولا تاريخية؟ هل من المعقول أن نسمع هذا ونمر عليه كأنه لم يكن؟ هذه صفعات إعلامية آثارها ستظل عالقة على وجه الكاميرا لقرون لاحقة فمتى يعقلون؟ لدى البعض قلب متسامح يعتبر احتجاج أوباما زلة ميكروفون، أما القرضاوي فيتم تعليقه على لوحة السهام الإعلامية كهدف يسدد عليه هؤلاء سهامهم ما إن يخرجوا من بطن الحوت الأمريكي متقرحي العدة تحرقهم شمس الحقيقة ويعصبون عين الكاميرا بنظارة شمسية من صنع الاعتدال! فهل هزلت؟
اسرائيل في مونديال قطر!
عرضت الجزيرة الرياضية الفيديو الترويجي الذي شاركت فيه قطر للتنافس على استضافة المونديال، وفيه مقطع لطفل اسرائيلي يؤكد نية مشاركة بلاده بالمونديال لتلعب ضد فرق عربية وتتعرف إليها، بينما تظهر صورة لطفل قطري يبدو مترقبا ثم مرحبا ببسمته بروح تنافسية يتفق بها معه، البعض ذهب إلى أن في هذا دعوة علنية للتطبيع أو نفاقا، ودعاية تكسب بها قطر رضا العالم، وفي ذات الوقت تجد من يذهب إلى أنه من العدالة القبول باسرائيل لدخول لعبة التنافس الرياضي، كما نطالب بمبدأ قبول تنافس الدول الكبرى معنا على استضافة المونديال، وقد نتفق أو نختلف مع هذا المبدأ لأنه يصعب تصور الأمر ضمن منظور منطقي ونحن نشهد عداء للتاريخ والجغرافيا والبشر والحجر والشجر وحتى صحن الحمص، لكن لابد أن حضور ذلك الطفل الاسرائيلي ضمن المشهد القطري هو نوع من الدعاية أو التسويق، ولا مفر من قبول دخول اسرائيل المنافسة لأنه يصعب فرض شروط على الفيفا تقضي باستثناء اسرائيل، حينها سيبدو أمر المشاركة من سابع سابع المستحيلات، فالأمر يختلف عن المهرجانات السينمائية الوطنية ـ مهما بدت عالمية ـ وفيها يحق لأي دولة عربية أن ترفض فيه عرض فن اسرائيلي لا يعترف بفنها! ربما لن يصدم العالم العربي فيما لو تأهلت اسرائيل التي لم يسبق لها ذلك، وقد قام الفيديو بتهيئته للصدمة، لكن الصدمة التي يجب عليك التسليم بها هي أن العالم ليس أمريكيا تماما، ولو كان ربما خطر على بال أمريكا أن قطر على قدر المنافسة وأنها ستفوز، لاحترزت قبل أن يتحقق هذا.
التل وصدى الملاعب..
شيء طبيعي أن يبدو أي إعلامي في قناة الجزيرة فرحا ومنتشيا بخبر إعلان الفيفا فوز قطر باستضافة المونديال، كأول دولة عربية يتم ترشيحها لهذا الشرف، وقد تم رفض مصر كما تعلمون سابقا لعدم استيفائها شروطا تتعلق بحقوق الإنسان، إلا أن طريقة إذاعة 'لينا التل' على قناة البي بي سي العربية له وقع يختلف عن كل ما حاولت الإحاطة به على الإعلام العربي، لأن الأداء اتسم بالمنطقية التي لا تشذ عن التلقائية وتعبر عنها من دون مقاربة المبالغة، بدت الفرحة على لسان لينا التل ومن خلال البي بي سي العربية، عربية خالصة مصفاة من كل ما يعلق بها من شوائب أو مرجعيات إعلامية تتطلب الحياد الأعمى، هنا تحديدا عليك أن تبادل العالم رفضه لك، قد لا تكون لينا التل قصدت هذا ولكن هذا ما يحلو لي أن أراه على الأقل، كيف؟ أن تتجنب الجمود أمام العدسة ولو لبرهة في عمر التاريخ، لتقول كلمتك كعربي، بصدق، أيها العالم أنا بقامة الفخر، ولست أصغر من مبدأ المنافسة، والخبر يفرض نفسه بكل الأحوال فيترك لدى كل إعلامي انطباعا قابلا للترويض مهما كانت التوجيهات الإدارية في أسلوب الأداء، فالمشاعر قادرة على أن تخرج من زمام الدربة مهما علت مهاراتها، وهو كما أؤمن لا يشوه عنصر المهنية بل يعززه! وقد تقابل هذه المهنية مهنية عربية أخرى على قناة الإم بي سي في برنامج صدى الملاعب، الذي بث مقاطع من أروع ما يخطر ببال ببشر عن فرحة عربية ترفع أعلاما قطرية وبحرينية ولبنانية وسعودية وتعلن أن السعادة تحقق الوحدة لأن الإنجاز صاحب لسان عربي مبين نشترك به جميعا، ويعرض لك البرنامج أيضا صورا لخذلان غربي مصدوم أمام نتيجة لم تكن بالحسبان، ويا إخوان: من عنده اعتراض بعد على نظرية المؤامرة؟ عد إذن لمقاطع فوز بريطانيا على فرنسا في مسابقة الترشح لاستضافة الأولمبياد 2012 قبل فترة، لتدرك كيف أن للعداء والمنافسة الكروية جذورا تاريخية تلقي بظلالها على مبدأ المنافسة الشريفة والروح الرياضية، ومتى يخرج الغرب عن طور بريستيجه الديمقراطي، وقد لا أكتفي أبدا!
'ولا حس ولا خبر'
ـ ماذا عن حريق الكرمل؟ فلسطين هي التي احترقت يا فصحاء الأمة، وإن كنا ننادي بحقنا التاريخي فيها فكيف نشمت بأشجار وأحراش جذورها فلسطينية؟ ربما لو كانت الكرمل تحت حكم عباسي لما انتخت أوروبا ولا حتى نشطاء البيئة، ولكن موقف أردوغان سيكون هو ذاته ـ والله أعلم ، غير أنني في شك من موقف السلطة التي أوقدت بين غزة ورام الله نارا فلما أضاءت... أصبحت السلطة الفلسطينية 'طفاية حريق' عجبي! طبعا التحقيق لم يزل جاريا حول هذا الأمر، ومهما كانت النتائج تبقى الكرمل هي فلسطين!
ـ ويكيليكس في ما رواء الخبر مساء الاثنين بدا لها بعد آخر، يحمل منطق الدبلوماسية الأمريكية التي تعكس ثقافة الجاسوسية، وقد استضاف عبد الصمد فيها ضابطا سابقا في المخابرات الأمريكية، الذي لم ير في تسريبات ويكيليكس الأخيرة حول مصالح أمريكا ما يضر بأمنها القومي، وقد عرته أمام القاعدة، قد تستغرب حقا، لأن هذا التسريب يعد نقطة تحول في المعلومات التي تم الكشف عنها كما ذكر وائل التميمي الإعلامي في البي بي سي العربية، في معرض حديث دار حول هذا الموقع الذي استثنى من كل فضائحه اسرائيل! ألا ترى إذن في إنكار أن يشكل التسريب عنصر تهديد أية غرابة! وقد أقول خزيا يتستر بالبجاحة!
ـ فلسطين اليوم استضافت في برنامج 'بين السطور' وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية المتوكل طه، بسبب ما تعرض له من هجوم عاتٍ من أمريكا واسرائيل حول مقالة تعتبر وثيقة في تاريخ الصراع مع المزاعم الاسرائيلية وخرقها لكل قوانين الأمم المتحدة، تثبت اعتراف بريطانيا والأمم المتحدة بفلسطينية حائط البراق، في الكتاب الأبيض الذي أصدرته عام 1939 وكنت قد تعرضت إلى هذا الكتاب في لقاء مع الدكتور عكرمة صبري قبل أربع سنوات على صفحات 'القدس العربي'، السؤال الذي لم يجب عنه المتوكل وقد انقطع الاتصال فجأة: لماذا سحبت هذه المقالة من الموقع الرسمي للوزارة والسلطة الفلسطينية؟ هذه حرب حيطان فمنذ البراق إلى الجدار العنصري وحتى الحائط الفولاذي ما غيره، وليس عليك أن تستعين بمعاول الهدم في كل الأحوال طالما أن البراق سقط سهوا من الحرب بفعل فاعل!شاعرة عربية تقيم في لندن