حريق الكرمل هو كاترينا نتنياهو.. مطلوب رئيس وزراء
امير اورن
2010-12-05
ما هي، بالضبط، الحكومة؟ ماذا تفعل هناك حين 'تحكم'؟ ماذا يحصل بعد أن يصعد اعضاؤها الى طابق الجلسات، في ظل كمين يعده المصورون، يربتون على كتف ذاك الرجل أسود الشعر الذي يحرص على أن يقف هناك دوما كي يظهر في اخبار المساء، يجلسون على ضفتي الطاولة ويصوتون على ما يسمى على لسانهم 'مشروع القرارات'؟
لا شيء. تحدثوا. صوتوا. قرروا. ماذا في ذلك؟ الناطق بلسان الحكومة، بنيامين نتنياهو، تبوأ على مدى العقد ونصف العقد الاخيرين مناصب رئيس الوزراء، وزير المالية ومرة اخرى رئيس الوزراء. على خلفية اللهيب في الكرمل، يبدو أن الوزارات برئاسته لم تفعل. وان فعلت، فعرقلت. كما أن وزارة الدفاع لم تتميز. السياسيون، ضباط الوحدة الخاصة، اوصوا بأنفسهم كمعقبين كرادين على رنين الهاتف اياه في الثالثة قبل الفجر، اما عمليا فلم يعرفوا ماذا يفعلون حتى عندما انطلقت صافرة الانذار في الثالثة بعد الظهر.
عند حلول المصيبة، نزع نتنياهو بدلته، ترك سارة في البيت واتخذ صورة ضابط العمليات في غرفة العمليات المتقدمة. هذا هو الرجل غير المكترث وغير الخبير الذي يدعي بانه يعرف كم من المسحوق الاصفر لليورانيوم يوجد في جهاز الطرد المركزي الثالث على اليسار في أصفهان. والان تباهى بعلاقاته في العالم، والتي بفضلها كان بوسعه أن يخرج برلسكوني من حفلة الصف الثاني عشر في مدرسة البنات في نابولي وان ينتزع من ساركوزي اكياساً من مواد اطفاء الحرائق التي اكتشفت في مارسي والتي عرف نتنياهو بانها لا توجد في اسرائيل. هكذا، حين لا تكون لديه أي فكرة عن جاهزية الجبهة الداخلية لامتصاص الرد بصواريخ شهاب، غراد وقسام، اراد ان يشن حربا على ايران؟
الحريق في الكرمل هو اعصار 'كاترينا' لنتنياهو، حسب بيبي. وذكر سلوكه بالنشاط الفاشل لجورج بوش في الطوفان في اورليانز ومحيطها ولباراك اوباما في انفجار بئر النفط في خليج المكسيك. صور بوش واوباما في الميدان اثارت الغضب ولم تهدىء الروع. حالات ظهور نتنياهو فاقمت الاحساس الوطني بالعجز، نتيجة عشرات القتلى، الاخلاء الجماعي والاهمال الاسرائيلي، التي تحولت في غضون يوم من قوة عظمى للمساعدات الانسانية الى شحاذة صدقات من مواد الاطفاء والطائرات.
محظور أن يكون ابعاد ايلي يشاي عن وزارة الداخلية هو العقاب الوحيد على خطايا الاهمال بعيد السنين لمنظومة الاطفاء. ثلاثة مراقبي دولة في عقدين من الزمن رفعوا مرات عديدة ستار النار وقصورات الحكومة مقابلها. وحتى عندما تقرر أن يهيىء سلاح الجو مروحيات يسعور لمهمات الاطفاء، كان لوزارة واحدة (الداخلية) صلاحيات، ولثانية (الدفاع) القوات ولثالثة (المالية) ميزانيات، دون أن تصبح الاضلاع مثلثا يؤدي مهامه. البيت يحترق؟ لا بأس، المهم انهم وفروا بوليصة التأمين.
أي معنى توجد للفكرة المتملصة 'مسؤولية وزارية' وبقوة اكبر مسؤولية رئيس الوزراء؟ يا سادة، استعدوا للحرب، قال في ربيع 1973 موشيه ديان، عندما كانت حاجة للتأكد من أن الشباب يستعدون. نتنياهو ويشاي سيحاولان الادعاء بانهما قالا: ايها السادة استعدوا للحريق. هذا قول فارغ وخيانة للمسؤولية. في الاستعراض للمراسلين، يوم الخميس، اجلس الى جانب نتنياهو والوزراء خمسة جنرالات من ثلاث نجوم، ضابط ضابط حقيقي او وهمي بلباسه مغاير اللون. رئيس اركان الجيش، المفتش العام للشرطة، مأمور مصلحة السجون، مدير عام نجمة داود الحمراء، مأمور الاطفاء والنجدة الرئيسي. كان هذا مثيرا للانطباع مثلما في منصة الشرف لمسيرة يوم الثورة في الساحة الحمراء وناجعاً مثل المبنى السوفييتي الثقيل الذي انهار وتفتت.
صواريخ سكاد لصدام حسين في 1991، حسنت مستوى الدفاع المدني. في العقدين الماضيين نجت اسطورة الجيش الاسرائيلي الناجع اكثر من أي تنظيم آخر، رغم فشل التنسيق مع رجال الاطفاء. كما اقيمت سلطة طوارىء وطنية، ولكن ليس لقيادة الجبهة الداخلية طائرات وسلطة طوارىء وطنية. فلو كانت تعرف بانه لا توجد مادة اطفاء لكانت عديمة الوسيلة امام تغيير الوضع.
لا وزارة الداخلية، الواهنة اكثر مما ينبغي، ولا وزارة الدفاع المشغولة اكثر مما ينبغي، يمكنها ان تدافع عن المواطن. مطلوب ثورة في قيادة الجبهة الداخلية: نقل قيادة الجبهة الداخلية ومأمورية الاطفاء والنجدة، اللتين ستتحدان وتنجعان تحت جهاز واحد، الى وزارة الشرطة والطوارىء التي هي اليوم وزارة الامن الداخلي. وفوق كل شيء، مطلوب رئيس وزراء.
هآرتس 5/12/2010