حزب مثير للفتن
محمود سلطان |
22-11-2010 23:42 شاهدت بالمصادفة مساء أمس الأول 21/11/2010، جزءا من برنامج "مصر النهاردة" على التليفزيون الرسمي، استضاف الزميلين حمدي رزق وصلاح عيسى.. ناقشا مع تامر أمين موضوع الانتخابات البرلمانية المقررة بعد أسبوع من الآن.
بدا الضيفان وكأنهما يحملان رسالة من جهة ما.. تحذر جماعة الإخوان المسلمين من اللجوء إلى استخدام العنف، وكان التحذير قاطعا من الزميل صلاح عيسى، بأنهم سيتعرضون ـ حال استخدامهم العنف ـ لـ محنة لن تقل عن محنتهم مع ضباط الجيش ما بعد عام 1952.
وأيا كان الأمر.. فإن الرسالة تعكس قلقا رسميا حقيقيا، من أن تتحول البلد يوم الانتخابات إلى ساحة للحروب الأهلية، ليس فقط بين الشرطة والجماعات "المحظورة" وإنما أيضا بين "الوطني" و"الوطني" بعد أن فخخ الحزب الحاكم العلاقات العائلية والقبلية.. بوضع القبائل والعائلات الكبرى التي تتوارث المقاعد في مجلس الشعب موضع الفصائل المتقاتلة من أجل الدفاع عن "نفوذها الاجتماعي" في المناطق التي تعيش فيها!.
شرع الضيفان في التنبيه على أن دم شاب واحد.. هو أغلى بكثير من كل مقاعد مجلس الشعب.. وهذا بالتأكيد كلام صحيح، لم يكن ليقال إلا بعد سقوط أول قتيل في الانتخابات جراء مواجهات مسلحة بين أنصار مرشحي "وطني" في محافظة قنا جنوب مصر، وهو الحدث الذي أكد على أن قيادات الحزب الوطني أدخلت البلاد والعباد في أتون أسوأ انتخابات برلمانية في تاريخها كله، بعدما أشارت المقدمات إلى أنها ستكون انتخابات مخضبة بدماء المصريين وليس بأصواتهم.
البعض يحاول تحميل الإخوان مسئولية انفجار الأوضاع في البلد كلها، حال تفلتت الأمور وصارت الشوارع في قبضة الفوضى والاضطرابات الشعبية يوم الانتخابات.. وهو كلام يعفي الحزب الوطني من مسؤوليته باعتباره مثيرا للفتن، ليس فقط بينه وبين خصومه التقليديين، وإنما داخل الوطني ذاته وانتقاله ليشعل الحرائق في المدن والقرى والنجوع التي تآمر "الوطني" على قبائلها وعوائلها إما بالاستبعاد أو بوضعها في مواجهات صعبة مع بعضها البعض على نحو ينزل "الكلاشينكوف" منزلة البديل الوحيد لانتزاع المقاعد من يد عائلات وقبائل تعتمد على مبدأ "القوة" في الحفاظ على هيبتهم الاجتماعية ومصالحهم المالية والاقتصادية التي تبحث عن الحماية السياسية من خلال "بطاقة الحصانة" البرلمانية.
الوضع فعلا بالغ الخطورة، ما حمل البعض ـ من داخل الإخوان ـ على دعوة الجماعة إلى الانسحاب من الانتخابات.. والبعض الآخر من سياسيين ونشطاء حقوقيين وصحفيين على أن يدعوا إلى إلغاء الانتخابات حقنا للدماء وحماية للبلد من عواقب كارثية متوقعة بعدما تُركت لمجموعة من الهواة السياسيين بالحزب الوطني.. تعاملوا معها باعتبارها عزبة وبقرة حلوبا وليست دولة يقطنها بني آدمين.