لبنان امام خطري الفتنة والحرب
راي القدس
2010-11-05
اطلقت شخصيات مسيحية اجتمعت امس الجمعة برعاية البطريرك الماروني نصر الله صفير نداء اكدت فيه ان البلد في خطر شديد، وداعية الى وضع حد لازدواجية السلاح في اشارة واضحة الى 'حزب الله'.
ولا خلاف على هذا التقييم، فمعظم اللبنانيين يستشعرون هذا الخطر، ويضعون ايديهم على قلوبهم خوفاً من حدوث انفجار عسكري بسبب الخلافات المتفاقمة بين اطراف النخبة السياسية في السلطة والمعارضة معاً.
فالحكومة اللبنانية معطلة، وجلسة الحوار تأجلت لمقاطعة ممثلي تكتل الثامن من آذار لها، والتراشق الاعلامي بين التيارين المتصارعين على اشده.
التدخلات الخارجية في الشأن اللبناني الداخلي لم تتوقف، فبعد زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لبيروت وخطابه الناري في بنت جبيل الذي اكد فيه الدعم المطلق للمقاومة، حط الرحال فيها جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الامريكي لتعزيز جماعة الرابع عشر من آذار.
الرئيس اللبناني ميشيل سليمان وجد نفسه في موقف حرج للغاية بعد اتهامه من قبل تكتل حزب الله بالانحياز الى الطرف الآخر، والبطريرك صفير سيواجه تهمة اخرى لا تقل خطورة، وهي وقوفه الى جانب جناح مسيحي (القوات والكتائب) ضد آخر بزعامة العماد ميشيل عون زعيم التيار الوطني الحر.
لبنان وباختصار شديد يقف امام خطرين رئيسيين. الاول: الفتنة الداخلية التي تتخذ اشكالاً سياسية وطائفية ودينية، والثاني: تزايد احتمالات حدوث عدوان اسرائيلي للثأر من هزيمة حرب تموز عام 2006.
السيد امين الجميل رئيس لبنان الأسبق حذر يوم امس من سقوط الدولة اللبنانية وتحوّل لبنان الى دولة فاشلة تنجرف نحو الفوضى، وتتحول الى مرتع للميليشيات المتحاربة، مثلما هو الحال في العراق والصومال وافغانستان دون ان يقول ذلك صراحة، وهذه المخاوف في محلها تماماً، ولكن المخارج التي طرحها للحيلولة دون حدوث ذلك غير مقنعة.
فانهاء ازدواجية السلاح، وحصر القوة المسلحة في يد الجيش، وحصر مسؤولية الدفاع عن لبنان في يد القوى الشرعية كلها مطالب مشروعة، تصلح في بلد غير لبنان، فهو يواجه تهديدات اسرائيلية دائمة، ويتشكل من فسيفساء طائفية وعرقية حساسة للغاية.
مشكلة لبنان الاساسية تتمثل في المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال الراحل رفيق الحريري، فهذه المحكمة مسيسة، وتهدف الى تجريم طرف لبناني مقاوم، لاعطاء الضوء الأخضر لاسرائيل لشن عدوان على لبنان لتدميره بالكامل ولاسباب غير لبنانية.
لا احد يعارض اخذ العدالة مجراها، وادانة المتورطين في جريمة الاغتيال هذه والحاق اقسى العقوبات في حقهم، شريطة ان تكون هذه المحكمة عادلة فعلاً، ومنزهة من الثأرية، والتسييس، وهي معايير لا تنطبق على المحكمة الحالية.
الامريكيون والاسرائيليون يدفعون باتجاه تفجير الاوضاع في لبنان لتوريط سورية وايران في حرب مدمرة، ولذلك يعملون على تحريض تكتل ضد آخر، وتساندهم في هذا التوجه قوى عربية نافذة.
سلاح المقاومة هو الذي حرر الاراضي اللبنانية بالقوة، واجبر اسرائيل على الانسحاب مهزومة، بينما لم تفعل الحكومة الامريكية اي شيء لتطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 425 الذي طالبها بذلك صراحة، ولهذا يجب ان يتم الحفاظ عليه، وتقدير اصحابه، طالما انه لا يستخدم في الصراعات اللبنانية الداخلية ويظل موظفاً في خدمة قضايا الامة، ومن اجل التصدي لاي محاولة لتكرار العدوان على لبنان.