[img]تحمل معظم ذكور الثدييات معها حيثما تحل حمولة قيمة جدا داخل حاويات هشة ومريعة، وتلك الحمولة هي الخصيتان البارزتان إلى الخارج اللتان تتدليان خارج التجويف البطني في كيس من الجلد الرقيق المكشوف والحساس جدا، الذي بدوره يعد هدفا واضحا وسهلا لكل عدو للإنسان، أو لكل كرة طائشة أو ضربة تحت الحزام أو حتى أي أثاث بارز على مستوى الحزام، لذا لا يجب أن يفاجئك عزيزي القارئ واقع أن تطور هذه الخصيّ المتدلية قد أثار اهتمام وفضول علماء الأحياء منذ عقود طويلة. تجيب دراسة نشرت حديثا في مجلة PLOS Biology على واحدة من أكثر الجدليات التي تناولتها هذه القضية الغامضة، وتجيب على التساؤل التالي: هل كان أسلافنا الأوائل يتمتعون بخصي بارزة خارج الجسم أم مخفية داخله؟ واستنتج الباحثون أن أولى الثدييات كانت تتصف بهذه الصفة المثيرة –أي الخصيتان البارزتان المتدليتان من تجويف البطن–، وظلت تعرض ”جواهرها“ علانية على مر آلاف الأجيال، لكن ما يثير الجدل أكثر هو أنه منذ تطور الخصيّ المتدلية والبارزة لدى الثدييات، تطورت كذلك الخصي الداخلية على الأقل أربعة مرات منفصلة لدى مجموعات أخرى من الثدييات. خلال تطور الجنين البشري داخل الرحم، تتحول الهندسة التناسلية لديه إلى خصيتين أوليتين عميقا داخل تجويفه البطني (ولدى الإناث تتطور نفس هذه الهندسات التناسلية لتشكل المبايض)، وقبل الولادة تنحدر الخصيتان وتبرزان إلى الخارج عبر التجويف البطني إلى داخل كيس الصفن خلال عملية تنقسم بدورها إلى مرحلتين اثنتين، ويتم تفعيل انتقال الخصيتين من داخل البطن إلى خارجه نحو الأسفل بواسطة إثنين من الجينات الرئيسية والمفتاحية التي تعرف باسم جين الـINSL3 وجين الـRXFP2، وعندما قام الباحثون بحذف هذين الجينين بالتحديد –اللذان يعرفان كذلك باسم ”جينات الصفن“– لدى فئران المخابر انحرف مسار الخصيتين الهابط وتغير بشكل كلي. يولد في العالم بين الحين والآخر قلة قليلة جدا من البشر الذي يتميزون بامتلاكهم لخصي داخلية، وتتراوح نسبة هؤلاء بـ2 إلى 3 بالمائة فقط، وهم باتصافهم بهذه الصفة معرضون للعديد من المشاكل، ففي حالة ما استمرت حالة الخصي الداخلية لديهم حتى بلوغ سن الرشد، فقد تؤدي بهم إلى الإصابة بالفتق والعقم وحتى سرطان الخصيتين. لكن بالنسبة لمجموعة مختلفة تماما من الثدييات فإن الخصي الداخلية تعتبر هي المألوف وهي الخاصية الطبيعية والشائعة، فهذه المجموعة بالذات لا تملك كيس صفن إطلاقا. من أبرز هذه الثدييات نجد بعض الأنواع التي تنتمي إلى فرع ”وحشيات أفريقيا“ Afrotheria Clade التي تتضمن الفيلة وخراف البحر والعسربيات والوبر الصخري، والتي بدل عرض خصيّها خارجا تحتفظ بها داخل التجويف البطني في حالة تعرف بالـTesticondy. مجموعة فيلة تطورت الفيلة لتكون لديها خصي داخلية في جسمها: قد تعتقد أن التطور فضل جعل الخصي متدلية خارجا، لكن على ما يبدو فإن الصورة الكبرى بعيدة كل البعد عما كان الباحثون يتخيلونه، فالفيلة على سبيل المثال نوع واحد من عدة أنواع تطورت لتكون لديها خصي محفوظة داخل أجسامها. وقد تسبب هذا التباين الكبير في الخصائص في حيرة كبيرة لدى علماء الأحياء التطورية وجعلهم يتساءلون: ”هل احتفظ السلف المشترك لكل الثدييات الحية اليوم مثل وحشيات أفريقيا بأعضائه التناسلية القيمة داخل تجويفه البطني؟ أم أنه تماما مثل البشر والعديد من أنواع الثدييات الأخرى اليوم؛ كان يبقي عليها خارج جسمه ليراها الجميع؟“ وبسبب كون نسيج الخصيتين هشا ورقيقا فإنه يتعرض للتلف بسهولة ومن النادر جدا أن تحفظه الطبيعة، ومنه فمن المستحيل العثور عليه ضمن السجلات الأحفورية، لذلك نحن لا نملك أية أدلة محسوسة عن بقايا خصيّ هؤلاء الأسلاف، مما جعل موقعها في الجسم –سواء داخله أو خارجه– يبقى لغزا محيرا. قام (فيراغ شارما) رئيس فريق البحث القائم على الدراسة السابقة ومساعده الرئيسي (مايكل هيلر)، وهما خبيرا علوم الجينومات في معهد (ماكس بلانك) لبيولوجيا الخلية الجزيئية والجينات في (درسدن) بألمانيا، باتخاذ مقاربة جينية للإحاطة بهذا الجدل، متسلحين بمعرفة أهمية ”جينات الصفن“ السابقة الذكر من أجل تشكيل خصيّ متدلية وبارزة خارج الجسم. فكّر الباحثان في مقارنة هذه الجينات بالضبط لدى مجموعة متنوعة من أسلاف الثدييات، الأمر الذي من شأنه تزويدهما بأقرب الطرقات وأكثرها اختصارا نحو تحديد حالة الخصيتين لدى هذه الأسلاف، ومن إيجابيات هذه الطريقة هي تجاوز محدودية السجل الأحفوري الذي قد يؤدي أحيانا إلى نتائج ومعلومات مشوشة وغير دقيقة حول العلاقة والترابط بين الأنواع. تقول خبيرة علوم الجينوم (ناتاليا برادو أوفيدو)، التي لم تكن عضوا مشاركا في هذه الدراسة: ”إن القدرة على استعمال البيانات الجزيئية من أجل الإجابة على تساؤل من هذا النوع لم يكن أمرا كنا قادرين على فعله قبل عشرة سنوات من الآن“، وأضافت: ”أعتقد أن طريقة (شارما) و(هيلر) ستكون ناجحة [بغض النظر عن أي تأويل للسجل الأحفوري]“. عندما قام (شارما) بمقارنة جينات الصفن لدى 71 حيوانا ثدييا اكتشف أن أربعة منها –والتي تنحدر من فرع ”وحشيات أفريقيا“– لا تمتلك خصيّاً متدلية، وهي خراف البحر والعسربيات وزبابيات الفيل والتنريق، وما شد انتباهه في هذه الحيوانات بالتحديد هو أنها كانت تحمل نسخا من ”جينات الصفن“ معطلة وظيفيا. خراف البحر والعسربيات وزبابيات الفيل والتنريق خراف البحر والعسربيات وزبابيات الفيل والتنريق. ثم انتقل (شارما) بعدها لاستعمال هذه المعلومات الجينية من أجل تحديد على وجه التقريب الزمن الذي فقد فيه واحد من هذه الجينات وظيفته لدى كل نوع من الأنواع الأربعة السابقة، وعندما يفقد نوع من الجينات وظيفته ويصبح عاطلا فإنه لا يعود هناك جدوى للحفاظ على التنسيق الداخلي بينها، وعلى إثر ذلك فهي تبدأ في الانحلال وتجمع خلال ذلك العديد من الطفرات من باب الإهمال، وكلما كانت سلسلة جينية معينة تحمل أخطاء أكثر، كلما كان تاريخ فقدانها لوظيفتها أبعد في الماضي، ومن خلال العمل بالعودة إلى الوراء في الماضي، قام (شارما) كذلك بتعقب تاريخ فقدان خاصية الخصي المتدلية لدى كل الأنواع الأربعة وحددها ما بين 23 – 83 مليون سنة، وهو ما يعتبر أكثر حداثة مما كان يعتقد من قبل. اكتشف (شارما) كذلك أن أنواع الأخطاء الجينية التي عُثر عليها لدى كل نوع تختلف عن النوع الآخر، كما كانت قد ظهرت لدى كل نوع في مرحلة مختلفة من الزمن، ويقترح (شارما) فيما يتعلق بما إذا كانت هذه الطفرات متطابقة بأن سلفا واحدا مشتركا قام بتمرير نفس الجينات المعطلة لكل من الأنواع الأربعة السابقة دفعة واحدة. لكن التنوع الظاهر بيّن أن كيس الصفن اختفى لديها في أربعة محطات متفرقة من تاريخها التطوري، وبكلمات أخرى: ”اصطفى التطور“ بشكل منفصل خاصية الخصي الداخلية في أربعة مرات ومناسبات متفرقة. فرضية التهوية والتبريد كان الباحثون لسنوات طويلة يعتقدون أن واحدة من أكثر الفوائد المهمة لكيس الصفن والخصي المتدلية هي التهوية والتبريد، حيث أن السائل المنوي الخاص بالثدييات ينمو ويتخزن بشكل أفضل عندما تكون درجة الحرارة التي يتواجد فيها أقل من درجة حرارة الجسم بحوالي 2.5 إلى 3 درجات مئوية، ومنه من البديهي أن يساعد الإبقاء عليه خارج الجسم في خفض درجة حرارة الوسط الذي يتواجد فيه، لكن الباحثين غير متأكدين تماما من أن هذا هو السبب الفعلي الذي جعل كيس الصفن والخصي المتدلية تتطور في المقام الأول، فالأمر أشبه بجدلية البيضة والدجاجة الكلاسيكية: حيث قد تكون الخصيتان غادرتا التجويف البطني لأن درجة الحرارة أصبحت مرتفعة جدا عليها من أجل أن تعمل بشكل مثالي، أو أن السائل المنوي قد تعلم كيف يتكيف في وسط درجة الحرارة فيه أقل بـ3 درجات من درجة حرارة الجسم لأنه وجد نفسه فيه لأسباب أخرى قد نكون مازلنا نجهلها. لكن إن كانت درجة الحرارة هي العامل الرئيس، فما تزال هناك أحجية أخرى يتعين على الباحثين الإجابة عليها: فبالنظر إلى الفيلة وزبابيات الفيلة نجد أن كلا منها يبقي على خصيتيه داخل التجويف البطني في جسمه وأن درجة حرارة أجسامها مطابقة لدرجة حرارة جسم الإنسان، فكيف تعاملت مع هذا الوضع يا ترى؟ يقول (هيلر) أنه بالنسبة لوحشيات أفريقيا، قد تتعدى تكاليف عرض الخصيتين خارجا (فقد يجعلها ذلك هدفا سهلا للمفترسات والحوادث)، المنافع المرجوة من ذلك (انخفاض طفيف في درجة الحرارة)، أو قد تكون هذه الثدييات تستخدم طريقة لم نكتشفها بعد من أجل تبريد سوائلها المنوية داخل أجسامها، ومن أجل مواجهة هذه التحديات الجديدة والإجابة على هذه التساؤلات الشائكة، سيتعين على خبراء علم الوراثة الاتحاد والتعاون مع خبراء الفيزيولوجيا. تقول خبيرة البيولوجيا (ميليسا ويلسن سايرس) في جامعة أريزونا الحكومية: ”لا يمكننا الاعتماد على الجينات وعلوم الوراثة أو السجلات الأحفورية وحدها“، وتضيف: ”إن علوم الجينوم أداة قوية فعلا، لكننا يجب علينا فهمها في ضوء التاريخ الطبيعي وعلم التشريح“.[/img]
تحمل معظم ذكور الثدييات معها حيثما تحل حمولة قيمة جدا داخل حاويات هشة ومريعة، وتلك الحمولة هي الخصيتان البارزتان إلى الخارج اللتان تتدليان خارج التجويف البطني في كيس من الجلد الرقيق المكشوف والحساس جدا، الذي بدوره يعد هدفا واضحا وسهلا لكل عدو للإنسان، أو لكل كرة طائشة أو ضربة تحت الحزام أو حتى أي أثاث بارز على مستوى الحزام، لذا لا يجب أن يفاجئك عزيزي القارئ واقع أن تطور هذه الخصيّ المتدلية قد أثار اهتمام وفضول علماء الأحياء منذ عقود طويلة.[rtl]تجيب دراسة نشرت حديثا في مجلة PLOS Biology على واحدة من أكثر الجدليات التي تناولتها هذه القضية الغامضة، وتجيب على التساؤل التالي: هل كان أسلافنا الأوائل يتمتعون بخصي بارزة خارج الجسم أم مخفية داخله؟[/rtl][rtl]واستنتج الباحثون أن أولى الثدييات كانت تتصف بهذه الصفة المثيرة –أي الخصيتان البارزتان المتدليتان من تجويف البطن–، وظلت تعرض ”جواهرها“ علانية على مر آلاف الأجيال، لكن ما يثير الجدل أكثر هو أنه منذ تطور الخصيّ المتدلية والبارزة لدى الثدييات، تطورت كذلك الخصي الداخلية على الأقل أربعة مرات منفصلة لدى مجموعات أخرى من الثدييات.[/rtl][rtl]خلال تطور الجنين البشري داخل الرحم، تتحول الهندسة التناسلية لديه إلى خصيتين أوليتين عميقا داخل تجويفه البطني (ولدى الإناث تتطور نفس هذه الهندسات التناسلية لتشكل المبايض)، وقبل الولادة تنحدر الخصيتان وتبرزان إلى الخارج عبر التجويف البطني إلى داخل كيس الصفن خلال عملية تنقسم بدورها إلى مرحلتين اثنتين، ويتم تفعيل انتقال الخصيتين من داخل البطن إلى خارجه نحو الأسفل بواسطة إثنين من الجينات الرئيسية والمفتاحية التي تعرف باسم جين الـINSL3 وجين الـRXFP2، وعندما قام الباحثون بحذف هذين الجينين بالتحديد –اللذان يعرفان كذلك باسم ”جينات الصفن“– لدى فئران المخابر انحرف مسار الخصيتين الهابط وتغير بشكل كلي.[/rtl][rtl]يولد في العالم بين الحين والآخر قلة قليلة جدا من البشر الذي يتميزون بامتلاكهم لخصي داخلية، وتتراوح نسبة هؤلاء بـ2 إلى 3 بالمائة فقط، وهم باتصافهم بهذه الصفة معرضون للعديد من المشاكل، ففي حالة ما استمرت حالة الخصي الداخلية لديهم حتى بلوغ سن الرشد، فقد تؤدي بهم إلى الإصابة بالفتق والعقم وحتى سرطان الخصيتين. لكن بالنسبة لمجموعة مختلفة تماما من الثدييات فإن الخصي الداخلية تعتبر هي المألوف وهي الخاصية الطبيعية والشائعة، فهذه المجموعة بالذات لا تملك كيس صفن إطلاقا.[/rtl][rtl]من أبرز هذه الثدييات نجد بعض الأنواع التي تنتمي إلى فرع ”وحشيات أفريقيا“ Afrotheria Clade التي تتضمن الفيلة وخراف البحر والعسربيات والوبر الصخري، والتي بدل عرض خصيّها خارجا تحتفظ بها داخل التجويف البطني في حالة تعرف بالـTesticondy.[/rtl][rtl]
تطورت الفيلة لتكون لديها خصي داخلية في جسمها: قد تعتقد أن التطور فضل جعل الخصي متدلية خارجا، لكن على ما يبدو فإن الصورة الكبرى بعيدة كل البعد عما كان الباحثون يتخيلونه، فالفيلة على سبيل المثال نوع واحد من عدة أنواع تطورت لتكون لديها خصي محفوظة داخل أجسامها.[/rtl] [rtl]وقد تسبب هذا التباين الكبير في الخصائص في حيرة كبيرة لدى علماء الأحياء التطورية وجعلهم يتساءلون: ”هل احتفظ السلف المشترك لكل الثدييات الحية اليوم مثل وحشيات أفريقيا بأعضائه التناسلية القيمة داخل تجويفه البطني؟ أم أنه تماما مثل البشر والعديد من أنواع الثدييات الأخرى اليوم؛ كان يبقي عليها خارج جسمه ليراها الجميع؟“ وبسبب كون نسيج الخصيتين هشا ورقيقا فإنه يتعرض للتلف بسهولة ومن النادر جدا أن تحفظه الطبيعة، ومنه فمن المستحيل العثور عليه ضمن السجلات الأحفورية، لذلك نحن لا نملك أية أدلة محسوسة عن بقايا خصيّ هؤلاء الأسلاف، مما جعل موقعها في الجسم –سواء داخله أو خارجه– يبقى لغزا محيرا.[/rtl][rtl]قام (فيراغ شارما) رئيس فريق البحث القائم على الدراسة السابقة ومساعده الرئيسي (مايكل هيلر)، وهما خبيرا علوم الجينومات في معهد (ماكس بلانك) لبيولوجيا الخلية الجزيئية والجينات في (درسدن) بألمانيا، باتخاذ مقاربة جينية للإحاطة بهذا الجدل، متسلحين بمعرفة أهمية ”جينات الصفن“ السابقة الذكر من أجل تشكيل خصيّ متدلية وبارزة خارج الجسم.[/rtl][rtl]فكّر الباحثان في مقارنة هذه الجينات بالضبط لدى مجموعة متنوعة من أسلاف الثدييات، الأمر الذي من شأنه تزويدهما بأقرب الطرقات وأكثرها اختصارا نحو تحديد حالة الخصيتين لدى هذه الأسلاف، ومن إيجابيات هذه الطريقة هي تجاوز محدودية السجل الأحفوري الذي قد يؤدي أحيانا إلى نتائج ومعلومات مشوشة وغير دقيقة حول العلاقة والترابط بين الأنواع.[/rtl][rtl]تقول خبيرة علوم الجينوم (ناتاليا برادو أوفيدو)، التي لم تكن عضوا مشاركا في هذه الدراسة: ”إن القدرة على استعمال البيانات الجزيئية من أجل الإجابة على تساؤل من هذا النوع لم يكن أمرا كنا قادرين على فعله قبل عشرة سنوات من الآن“، وأضافت: ”أعتقد أن طريقة (شارما) و(هيلر) ستكون ناجحة [بغض النظر عن أي تأويل للسجل الأحفوري]“.[/rtl][rtl]عندما قام (شارما) بمقارنة جينات الصفن لدى 71 حيوانا ثدييا اكتشف أن أربعة منها –والتي تنحدر من فرع ”وحشيات أفريقيا“– لا تمتلك خصيّاً متدلية، وهي خراف البحر والعسربيات وزبابيات الفيل والتنريق، وما شد انتباهه في هذه الحيوانات بالتحديد هو أنها كانت تحمل نسخا من ”جينات الصفن“ معطلة وظيفيا.[/rtl][rtl]
خراف البحر والعسربيات وزبابيات الفيل والتنريق.[/rtl] [rtl]ثم انتقل (شارما) بعدها لاستعمال هذه المعلومات الجينية من أجل تحديد على وجه التقريب الزمن الذي فقد فيه واحد من هذه الجينات وظيفته لدى كل نوع من الأنواع الأربعة السابقة، وعندما يفقد نوع من الجينات وظيفته ويصبح عاطلا فإنه لا يعود هناك جدوى للحفاظ على التنسيق الداخلي بينها، وعلى إثر ذلك فهي تبدأ في الانحلال وتجمع خلال ذلك العديد من الطفرات من باب الإهمال، وكلما كانت سلسلة جينية معينة تحمل أخطاء أكثر، كلما كان تاريخ فقدانها لوظيفتها أبعد في الماضي، ومن خلال العمل بالعودة إلى الوراء في الماضي، قام (شارما) كذلك بتعقب تاريخ فقدان خاصية الخصي المتدلية لدى كل الأنواع الأربعة وحددها ما بين 23 – 83 مليون سنة، وهو ما يعتبر أكثر حداثة مما كان يعتقد من قبل.[/rtl][rtl]اكتشف (شارما) كذلك أن أنواع الأخطاء الجينية التي عُثر عليها لدى كل نوع تختلف عن النوع الآخر، كما كانت قد ظهرت لدى كل نوع في مرحلة مختلفة من الزمن، ويقترح (شارما) فيما يتعلق بما إذا كانت هذه الطفرات متطابقة بأن سلفا واحدا مشتركا قام بتمرير نفس الجينات المعطلة لكل من الأنواع الأربعة السابقة دفعة واحدة. لكن التنوع الظاهر بيّن أن كيس الصفن اختفى لديها في أربعة محطات متفرقة من تاريخها التطوري، وبكلمات أخرى: ”اصطفى التطور“ بشكل منفصل خاصية الخصي الداخلية في أربعة مرات ومناسبات متفرقة.[/rtl][size=36][rtl]فرضية التهوية والتبريد[/rtl][/size]
[rtl]كان الباحثون لسنوات طويلة يعتقدون أن واحدة من أكثر الفوائد المهمة لكيس الصفن والخصي المتدلية هي التهوية والتبريد، حيث أن السائل المنوي الخاص بالثدييات ينمو ويتخزن بشكل أفضل عندما تكون درجة الحرارة التي يتواجد فيها أقل من درجة حرارة الجسم بحوالي 2.5 إلى 3 درجات مئوية، ومنه من البديهي أن يساعد الإبقاء عليه خارج الجسم في خفض درجة حرارة الوسط الذي يتواجد فيه، لكن الباحثين غير متأكدين تماما من أن هذا هو السبب الفعلي الذي جعل كيس الصفن والخصي المتدلية تتطور في المقام الأول، فالأمر أشبه بجدلية البيضة والدجاجة الكلاسيكية: حيث قد تكون الخصيتان غادرتا التجويف البطني لأن درجة الحرارة أصبحت مرتفعة جدا عليها من أجل أن تعمل بشكل مثالي، أو أن السائل المنوي قد تعلم كيف يتكيف في وسط درجة الحرارة فيه أقل بـ3 درجات من درجة حرارة الجسم لأنه وجد نفسه فيه لأسباب أخرى قد نكون مازلنا نجهلها.[/rtl][rtl]لكن إن كانت درجة الحرارة هي العامل الرئيس، فما تزال هناك أحجية أخرى يتعين على الباحثين الإجابة عليها: فبالنظر إلى الفيلة وزبابيات الفيلة نجد أن كلا منها يبقي على خصيتيه داخل التجويف البطني في جسمه وأن درجة حرارة أجسامها مطابقة لدرجة حرارة جسم الإنسان، فكيف تعاملت مع هذا الوضع يا ترى؟[/rtl][rtl]يقول (هيلر) أنه بالنسبة لوحشيات أفريقيا، قد تتعدى تكاليف عرض الخصيتين خارجا (فقد يجعلها ذلك هدفا سهلا للمفترسات والحوادث)، المنافع المرجوة من ذلك (انخفاض طفيف في درجة الحرارة)، أو قد تكون هذه الثدييات تستخدم طريقة لم نكتشفها بعد من أجل تبريد سوائلها المنوية داخل أجسامها، ومن أجل مواجهة هذه التحديات الجديدة والإجابة على هذه التساؤلات الشائكة، سيتعين على خبراء علم الوراثة الاتحاد والتعاون مع خبراء الفيزيولوجيا.[/rtl][rtl]تقول خبيرة البيولوجيا (ميليسا ويلسن سايرس) في جامعة أريزونا الحكومية: ”لا يمكننا الاعتماد على الجينات وعلوم الوراثة أو السجلات الأحفورية وحدها“، وتضيف: ”إن علوم الجينوم أداة قوية فعلا، لكننا يجب علينا فهمها في ضوء التاريخ الطبيعي وعلم التشريح“.[/rtl]