الفنانة التشكيلية السورية رنا لطفي
أجدُ في التفاحة حياةً و شغفاً محركاً للدم في العروق البشرية
تحاول الفنانة التشكيلية السورية رنا لطفي من خلال أعمالها المختلفة،تجسيد أفكارها بلوحات ناطقة عن حركة مخلوقاتها الداخلية التي تتنفس العالم الصغير والبعيد،وذلك من خلال حواس مفرطة بالرغبة اللونية التي تؤسس لاشكال جمالية مؤثرة.لذا تتعدد الأشكال في تجربتها الفنية،وتتحول ما بين واقعي ورمزي وفانتازي بوجوه تحمل ملامح ناس التيه والشغف والبهجة المكبوتة وحرائق الأرواح التي تشتعل في عالم يعيش تحت سلطة الطوارئ.رنا فنانة تفتح نافذةً على المدى،ملونةً بحبر أصابعها الطبيعتين على حد سواء،الطبيعة الصامتة،وطبائع الكائنات على هذه الأرض.
كان لموقع الإمبراطور معها هذا الحوار:
س/ أيهما يتشكل قبل الآخر في مخيلتك: اللون أم الصورة الأولية للتشكيل
ج/ لا أستطيع الفصل بين اللون و الصورة ،فبرأيي هما ترجمة للذات العميقة للفنان، أحياناً تحددُ الصورةُ اللون و العكس صحيح.فأنا أرى ان الصورة التشكيلية و موضوعها رداءٌ إنساني للون و جمالياته
المختلفة.
س/ كيف تتبلور الأعمال في ذهنك.عبر العين أم من خلال التخيل ؟
ج/ الخيال هو أداة العين، ما ينتجه قلبي و تنتجه روحي،سرعان ما تترجمه عيني بصور أتخيلها على الورق. فالخيال سهمٌ يساهم في كسر جمود أي لوحة.أنه يمنحها حركة جمالية فائضة.
س/هل تتعمد الفنانة رنا التشويش في بعض لوحاتك ؟
ج/ ان فهمت السؤال بشكل صحيح ،فسيكون جوابي كالتالي: لا يوجد في لوحاتي إلا الفنانة رنا. وهي من تشوش حياة رنا بمعنى الجمالي والسيكولوجي ربما. بعض اللوحات ،تأخذُ مني وقتاً كي أدمجَ فيها أحاسيسي كفنانة تعيش جميع حالات مخلوقات اللوحة،دون أن تبتعد عن الحياة الطبيعية المليئة بالوقائع والأحداث.أنا جزء من أحداث العالم .
س/كيف يجعل الفنانُ التشكيلي لوحته ناطقة؟
ج/ تنطق اللوحة عندما ينفخ الفنانُ روحه فيها.أي عندما يعشق تفاصيلها،ويترك لاصابعه حرية الذهاب بالمجرى اللوني من لحظة الارتباط بالموضوع،وحتى اللون .لا يمكن فصل اللوحة عن حواس الفنان الشغوف بصنع الحياة كمادة فنية.
س/هل اللوحة سرير الفنان أم هي بساطه مع الريح ؟
ج/ أنا أعشق الريح و أعشق ركوب البساط.لذا أرى الفن حرية و اكتشافاً و تجدداً.عكس معنى السرير كدلالة للاستقرار أو النوم والمكوث في المكان نفسه مجبولاً بالروتين اليومي.لكن ركوب بساط غير. الحياة ليست غير ريح مستمرة دون توقف.لذلك على الفنان أن يخرج من سريره ويحلق على ذلك البساط المتحرر من ثوابت المكان والزمان معاً.
س/ثمة مخلوقات تبث رائحة التفاح في أعمالك.ما علاقتك بتلك الثمرة ؟
ج/ ربما هي علاقة تحدٍ ما بيني و بين تلك التفاحة.لقد مررت بمرحلة رفض هذا الطوق و الرداء التي لبسته تلك الثمرة كرداء للخطيئة. أنا أجد في التفاحة حياة و شغفاً محركاً للدم في العروق البشرية، و ليست جناية ألصقت بالمرأة تحديداً وتعبيراً عن خطيئة. لكن ثمة سؤال:لماذا التفاحة أصلاً؟!!
لماذا لا تقع تاجناية على القمح مثلاً.أليس هو أحد أقدم جذور فلسفة الوجود وديمومته التي لا تضاهيه التفاحة بشئ،كونها ثمرة سريعة العطب فيما لو لم يتم حفظها من دون حفظها،فتذهب لأفواه الديدان؟
س/متى تحتاج الفنانة رنا لتنقيح لوحاتها ؟
ج/أنا لا أنقح لوحاتي ،لأن كل واحدة منها تأخذ جزءاً من زمني المليئ بالمشاعر و الأحاسيس و الرؤى المختلفة.لوحاتي شاهد تاريخي على كل مرحلة من وجودي على هذه الأرض. لوحاتي كأولادي، أراقبهم .وهم تحت نظري على الدوام.اراقب كافة مراحل نموهم الفكري و الجسدي.
س/كيف يخرج الفنان من ظلال الأسلاف ؟
ج/ و لماذا الخروج على جماليات الماضي ،فيما إذا كان مضيئاً ويرفد المعاصر بالطاقات الفنية التي يمكن أن تساهم بتكوين حالات فنية جديدة.عقل الفنان المبدع عقل غير انطوائي كما أدرك أنا ذلك من خلال تجاربي.
س/الإناث والذكور ..هل هما تربة كل عمل فني لديك؟
ج/ الإناث و الذكور هما ملخص الحياة و الوجود .لذا فهما ليسا على ارتباط بيولوجي وحسب،بل وروحي وفني لصياغة عوالم الدهشة والإثارة والتنوع . أي أن هذين المخلوقين أساس تحريك كل شئ، فكيف لا يكونا تربة لأعمالي ؟
س/علاقتك بالزمن.كيف تجري؟
ج/ علاقتي بالزمن علاقة حسن جوار وتبادلية.هو يعطيني أيامه لأرسم ما في باطني من مخلوقات وأحداث،وأنا أمنحه زهرة من حقل عمري في كل يوم.وفي بعض الأحايين أشعر بأنها علاقة تحدٍ لمواجهة العدم.معركة ما بين غالب ومغلوب. الزمن في كل الأحوال عربة لا تؤمن بالتوقف.ونحن على ظهرها ركّاباً يحاولون المماطة، موحين لأنفسهم أن المحطة الأخيرة خلف التخوم البعيدة.