حمادي فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1631
تاريخ التسجيل : 07/12/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | المسيح منتحراً : في نقد الدين المسيحي | |
“ذهبت الى أحد أسوأ البارات, أملاً أن أحدهم سيقتلني, ولكن كل ما أستطعت فعله هو أني أصبحت ثملا, مرة أخرى. والأسوأ من ذلك.. أنتهى الأمر بأن أصبح محبوبا من السكارى هناك. فأخذت أزيد من حدة الموقف, ولكني حصلت على المزيد من المشروبات المجانية. بينما يستلقي أحد أبناء العاهرات في مستشفى, حيث يمتلئ جسده بالأنابيب والعقاقير ويقاتل ببأس شديد لأجل حياته.”تشارلز بكوسكي – قصيدة الفتى المنتحر.“الفرق الوحيد بين الإنتحار والإستشهاد هو حجم التغطية الإعلامية”تشاك بلانيوك – من رواية (الناجي). الإنتحار بواسطة شرطي (suicide by cop), هي ظاهرة إجتماعية معروفة لدى متخصصي علم النفس, حينما يقوم الفرد بفعل ما قد يؤدي بحياته على يد منفذي القانون وهو بدراية تامة على نتائج فعلته هذه بغية إنهاء حياته. الإنتحار النموذجي يتم إن قتل أحدهم نفسه, ولكن في حالة الإنتحار بواسطة شرطي عادة لا تكون لدى الفرد القابلية أن يوقف سريان حياته بنفسه – كالذي لا يستطيع أن يغرز حقنة طبية في شريانه بنفسه – لذا يستدرج أحدهم ليستخدم القانون في إنهاء حياته.للإنتحار بواسطة شرطي أسباب عدة, ربما قد يكون السبب أنه لا ينوي أن يكمل حياته لخلفية إضطراب نفسي ما, فيؤدي به الأمر أن يدلي ببيان يحظ شرطياُ بأن يقتله أو قاضي لأن يحكم بإعدامه. سبب أخر للإنتحار بواسطة شرطي, هو أن يكون الفرد متهربا من عواقب قانونية أو نفسية أو ضميرية لفعلة ما, فيلجأ الى مهرب الموت. وربما يكون السبب هو منافع سيحصل عليها أحد أقرباءه أو هو بنفسه بعد الموت ولربما لن يحصل على تلك المنافع لو قتل نفسه بنفسه. وربما نجد أن السبب كان توليفة معينة من هذه الأسباب وأسباب أخرى. ولكن, مهما كان السبب فالإنتحار بواسطة شرطي يبقى إنتحاراً. فحين لم تلمس أصابعهم الزناد, فرضواً على أحدهم بأن يضغط الزناد لأجلهم, وحصلوا على النتيجة التي ترضيهم. وعلى أية حال فإن نظرنا الى القضية وأوهمنا الموقف بأن هنالك ضحية واحدة, فسنكون قد ظلمنا منفذي القانون, أي من ضغط الزناد.على الرغم من أن مصطلح “الإنتحار بواسطة شرطي” تم سكه في ثمانينات القرن الماضي, ونظن بأنه ظاهرة حديثة نسبياً, ولكنه في الحقيقة ليس ذلك الحديث كما نظن. فلنأخذ قصة يسوع المسيح على سبيل المثال, والذي نزل الى البشرية كي يخلصهم من ذنوبهم بأن يضحي بنفسه على صليب, كما أشارت القصة.” لِذَلِكَ فَإنَّ المَسِيْحَ هُوَ وَسِيْطُ عَهدٍ جَدِيدٍ. فَالآنَ، وَقَدْ ماتَ المَسيحُ لِفِداءِ البَشَرِ مِنَ الخَطايا المُرتَكَبَةِ تَحتَ العَهدِ الأوَّلِ، يُمكِنُ لأولئِكَ الَّذينَ دَعاهُمُ اللهُ أنْ يَنالوا المِيْراثَ الأبَدِيَّ المَوعُودَ.” العبرانيين 9:15“فَالشَّرِيعَةُ تُوصِي بِأَنْ يَتَطَهَّرَ كُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً بِالدَّمِ. وَلاَ غُفْرَانَ إِلاَّ بِسَفْكِ الدَّمِ” العبرانيين 9:22في الحقيقة, عادة ما يتم قرن يسوع المسيح بأضحية تقدم الى الإله.“لِأنَّ المَسِيحَ هُوَ خَرُوفُ فِصحِنا الَّذِي ذُبِحَ مِنْ أجلِنا.” ﻛﻮﺭﻧﺜﻮﺱ ﺍﻻﻭﻝ 5:7“وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي رَأَى يُوحَنَّا يَسُوعَ آتِياً نَحْوَهُ، فَهَتَفَ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ حَمَلُ اللهِ الَّذِي يُزِيلُ خَطِيئَةَ الْعَالَمِ.” يوحنا 1:29فكما نرى, فإن السبب المطلق وراء نزول المسيح الى الأرض هو أن يموت كأضحية, بتعبير أخر, المسيح كان في مهمة إنتحارية, لأنه كان عليه أن يموت ليكمل مهمة الخلاص البشري ولندخل في العهد الجديد. وبطبيعة الحال, لم يكن المسيح قادراً على أن يصعد محراب الأضاحي وينزع حنجرته من الرقبة, لأن فعلة كهذه ستكون خطيئة, وتحول المسيح الى قاتل نفسه. بالإضافة الى هذا فأن موته كان مطلباً ليؤدي ببيان, بيان يعبر محبة الإله للبشرية فيرسل إبنه الوحيد كي يذوق أقسى أنواع العذاب. لذا كان من المتوجب أن يكون هنالك من يقوم بالتعذيب والقتل نيابة عنه. وبهذا نخرج بإستنتاج أن المسيح قام بما أسميناه مؤخراً : “الإنتحار بواسطة شرطي”.في الواقع, كما في حالات كثيرة من الإنتحار بواسطة شرطي, وضع المسيح نفسه في مواقف وأحداث متتالية نتجت أخيراً برسالته, أن يموت, أن يخلص البشرية, أن يقيم العهد الجديد. لقد خرق المسيح القانون وتحدى السلطات الدينية في عموم المنطقة. وأكثر من هذا قام بإستخدام العنف اللفظي والجسدي في وسط معبد أورشليم ليوقف العلميات المصرفية التي كانت تؤدى هناك.“فَصَنَعَ سَوْطاً مِنَ الحِبالِ وَطَرَدَهُمْ جَمِيعاً مِنْ ساحَةِ الهَيْكَلِ مَعَ الغَنَمِ وَالثِّيْرانِ. وَبَعْثَرَ نُقُودَ الصَّرّافِيْنَ،وَقَلَبَ مَوائِدَهُمْ. وَقالَ لِبائِعِي الحَمامِ: أخرِجُوا هَذِهِ مِنْ هُنا! وَلا تَجعَلُوا مِنْ بَيْتِ أبِي سُوقاً لِلتِّجارَةِ!” يوحنا 2:15 – يوحنا 2:16لم يتوقف الأمر بالمسيح بأن يظهر ذلك السلوك العداوني, بل زاد من الأمر حدة بأن يتكلم ويعبر عن موقف مناهض للسلام والود العائلي:لا تَظُنُّوا أنِّي جِئتُ لِكَي أُرَسِّخَ سَلاماً عَلَى الأرْضِ. لَمْ آتِ لِأُعطِيَ سَلاماً بَلْ سَيفاً! أتَيتُ لِيَنقَسِمَ الرَّجُلُ عَلَىْ أبِيهِ، وَالبِنتُ عَلَىْ أُمِّها، وَالكَنَّةُ عَلَىْ حَماتِها. فَيَكونَ أعداءُ الإنسانِ هُمْ أهلَ بَيتِهِ لِأنَّ مَنْ يُحِبُّ أباهُ وَأُمَّهُ أكثَرَ مِنِّي، لا يَستَحِقُّ أنْ يَكُونَ مِنْ خاصَّتِي. مَنْ يُحِبُّ ابْناً أوْ ابنَةً أكثَرَ مِنِّي، لا يَستَحِقُّ أنْ يَكُونَ مِنْ خاصَّتِي. وَمَنْ لا يَأخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتبَعُنِي فَهُوَ لا يَستَحِقُّنيْ. مَنْ يُحاوِلُ أنْ يَربَحَ حَياتَهُ سَيَخسَرُها، أمّا مَنْ يَخسَرُ حَياتَهُ لِأجلِي فَسَيَربَحُها. متي 10:34 10:35 10:36 10:37 10:38 10:39لقد كان السلوك العداوني والميل نحو مناهضة السلام والتعابير المتناقضة سبباً مقنعاً بأن يرى اليهود في ذلك ضوءاً أحمر, إنذاراً بخطر قادم. ومن هنا بدء أخذ المسيح من المجتمع اليهودي على أنه خطر محدق وتهديد واضح. وكرد فعل واقعي وحكيم تم تسليمه للسلطات الرومانية.ولكن لنتخيل أن المسيح لم يقم بفعلته هذه .. ماذا لو لم يدلي المسيح برسالته المتناقضة هذه؟ ماذا لو لم يظهر سلوكاً عدوانياً كهذا؟ ماذا سيحثهم يا ترى كي يلقوا القبض عليه؟ ولكن المسيح كان يعلم ما يفعله وكان يقترب شيئاً فشيئاً الى حبل المشنقة منادياً لأحدهم كي يضرب البساط من تحته فيختنق.حينما أتى المسيح الى الخليل مع أتباعه قال :وَفِيمَا كَانُوا يَتَجَمَّعُونَ فِي الْجَلِيلِ، قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: اِبْنُ الإِنْسَانِ عَلَى وَشْكِ أَنْ يُسَلَّمَ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ، فَيَقْتُلُونَهُ. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُقَامُ. فَحَزِنُوا حُزْناً شَدِيداً. متي 17:22 17:23وحتى بعد إلقاء القبض على المسيح, هناك العديد من المناسبات التي كان لدى المسيح بأن يتجنب حكم الموت. في الحقيقة, كان بيلاطس البنطي يرفض بأن يوقع حكم الموت على المسيح بلا أدلة دامغة على جنايته. ووصف هرطقته بأنها محصورة على إله اليهود ولا تتعرض الى الحكومة الرومية وطلب من المسيح أن يريه بعضاً من “معجزاته” ليذهب به بنفسه الى روما. ولكن المسيح لم يحرك إصبعاً. لقد كانت عملية إنكار شرعية السلطات لدى المسيح أمراً يخدم غرضه, تلك العملية التي أودت به الى العقوبة التي تمناها بنفسه وتمناها له اليهود. من المثير للإهتمام بأن المسيح كان أكثر من مستعد لأن يقوم بالعديد من المعجزات بدءاً من شفاء المريض والأعمى وإنتهاءاً بأن يحي الموتى وأن يمشي على الماء وأن يحول الماء الى نبيذ وأن يثبت ألوهيته كل ما كان الأمر سيؤدي بزيادة الأتباع. ولكن كل ما كان الأمر سيؤدي بإثبات ألوهيته للسلطات كان يقف كالتمثال لا يحرك ساكناً. ولكن كان هذا السلوك الإنتحاري يخدم غرضه بشكل جيد جداً, وأي إثبات أو دفاع سيقوم به ليكون ذو أثر سلبي على مهمته وعلى رسالته. وكل ما فعله هو أنه زاد من حجة اليهود ضده.وكأي حادثة إنتحار بواسطة شرطي, كان هناك أكثر من ضحية. فأحد أهم المفاتيح في قصة المسيح الإنجيلية كانت خيانة من خيانة من تابعه يهوذا. لذا كان يهوذا مليئاً بشعور الذنب والعار حتى إنتهى به الأمر أن ينتحر.فَألقَى يَهُوذا قِطَعَ النَّقْدِ فِي الهَيكَلِ ثُمَّ غادَرَ، وَذَهَبَ وَشَنَقَ نَفسَهُ. متي 27:5لننظر الى الضحايا الحقيقيين في هذه المسلسة الدرامية, لننظر وبصورة عقلانية الى موقف يهوذا الذي ساعد المسيح بأن يتمم رسالته في خلاص البشرية, وما تبعه من عذاب الضمير. في الحقيقة الضحايا هم كل من ساهم في بناء المشهد الدارمي الذي إنتحر المسيح فيه. فلا يقتصر الأمر بتاتاً على يهوذا, بل يتبع اليهود والرومان, فكل هؤلاء ساهموا في خلق البيئة المثالية لتم فيها صلب المسيح ليخلص البشر من خطاياهم, فبدلاً من أن تتم مكافئتهم على خلق تلك البيئة, وقع عليهم أن يتم إضطهادهم وملاحقتهم وشيطنتهم. فعلى سبيل المثال, من المسلم لنا أن نقول بأن يهوذا ذهب الى الجحيم, ليس لمجرد أنه سلم المسيح للسلطات بل لإرتكابه خطيئة قتل النفس, فعل إقتيد له للعبه دوراً هاماً في صلب المسيح.ولم تقع العواقب على يهوذا وحده, بل أن عرقاً كاملاً – اليهود – وقع عليه أبشع ما يمكن تخيله عبر المئات من السنين لـ”ذنب” فعلوه كان المطلوب أن يفعلوه كي يؤدي الى خلاص البشرية بموت المسيح.الكثير من “السلف المسيحي الصالح” والقساوسة الأولين كانوا مسؤولين وبشكل مباشر عن معاداة السامية ومناهضتها ووسف اليهود بقتلة المسيح. في كتاب Dialogue with trypho في القرن الثاني قام القسيس جستن مارتر Justin Martyr بإتهام اليهود بصلب المسيح وبدفع الناس بعيداً عن الخلاص.وفي القرن الرابع, القسيس John Chrysostom قال: “المعابد أسوء من بيت الدعارة.. معبد الشيطان المكرس لعبادة الوثنية.. ملجأ قطاع الطرق.. كهف الشيطان.. بل هو الجمعية الجنائية من اليهود.. مكان إجتماع قتلة المسيح… منزل أسوأ من متجر الشرب… وكراً للصوص… ” “أود أن أقول نفس الشيء عن أرواحهم, أما بالنسبة لي أنا أكره المعبد وأكره اليهود لنفس السبب”.في عام 1543 قام الراهب الألماني مارتن لوثر كتب 65 ألف كلمة معادية لليهود عنوانها كان : “حول اليهود وأكاذيبهم”للمزيد من هذه الإقتباسات المعادية للسامية أنصح بزيارة الصفحة التالية:http://www.yashanet.com/library/fathers.htmفي الحقيقة, فإن الإنجيل بنفسه صرح بمعاداة اليهود ووصفهم بقاتلي المسيح:فَقَدْ صِرتُمْ أيُّها الإخوَةُ، مِثلَ كَنائِسِ اللهِ فِي المَسِيحِ يَسُوعَ فِي إقلِيمِ اليَهُودِيَّةِ. فَقَدِ اضطَهَدَكُمْ أبناءُ أُمَّتِكُمْ كَما اضطَهَدَهُمْ أبناءُ أُمَّتِهِمْ مِنَ اليَهُودِ. 15 وَهُمُ اليَهُودُ أنفُسُهُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا الرَّبَّ يَسُوعَ وَالأنبِياءَ، وَاضطَهَدُونا. فَهُمْ لا يُرضُونَ اللهَ، وَيُعادُونَ كُلَّ النّاسِ. ﺍﻻﻭﻝ ﺗﺴﺎﻟﻮﻧﻴﻜﻲ 2:14 2:15لقد تخللت معادة السامية أوربا والشرق الأوسط على بدءاً من القرون الرومانية حتى وصلت الى المجرم العالمي هتلر – محبوب العرب – ومجازره والى اليوم.أن يكون الإله ذو صفات مطلقة لا محدودة كالمقدر والحب, هل من الحكمة أن يضع اليهود تحت طائلة كل تلك السنوات من المعاناة والمهالك لمجرد أنهم قاموا بتيسيير إيداء رسالته وخلاص البشرية ؟ ألم يكن هناك طريقة أفضل من هذه ؟ إن كانت التضحية كل ما هو مطلوب, لما كان على القصة أن تنحى منحاً درامياً كهذا ليتوجب على يهوذا واليهود والرومان القيام بعمل الله القذر ؟ لقد تلاعب المسيح بكل هؤلاء الأفراد وكان من الممكن أن يسير الأمر بمسار مختلف وكان هنالك خيارات أخرى لم تكن لتفعل كل هذه المأساة بالمشاركين بهذه العملية. هل علينا أن نصدق بأن كل هذه الأفعال والخطط كانت من صنع إله رشيد حكيم قوي مطلق الفعل مطلق الإرادة مطلق الخير مطلق الحب ؟ لقد كان ثمن هذا المشهد غالياً دفعه ملايين من اليهود منذ القرن الثاني والى اليوم...ولنتخيل أن الأمر لم يسر على ذلك الشكل, ماذا لو لم يخن يهوذا المسيح ؟ ماذا لو قبل اليهود برفض بيلاطس البنطي حكم الموت على المسيح ؟ ماذا كان المسيح ليفعل إذاً ؟ هل كان ليذهب الى مدينة أخرى ليجند أتباعاً أخرين ويخلق إضطراباً إجتماعياً أخر هناك ويأمل أن تتم خيانته أو يؤدي به الى الصلب ؟ أكتب هذه الأسطر وأتذكر قصيدة بكوسكي – الفتى المنتحر :“ذهبت الى أحد أسوأ البارات, أملاً أن أحدهم سيقتلني, ولكن كل ما أستطعت فعله هو أني أصبحت ثملا, مرة أخرى. والأسوأ من ذلك.. أنتهى الأمر بأن أصبح محبوبا من السكارى هناك. فأخذت أزيد من حدة الموقف, ولكني حصلت على المزيد من المشروبات المجانية. بينما يستلقي أحد أبناء العاهرات في مستشفى, حيث يمتلئ جسده بالأنابيب والعقاقير ويقاتل ببأس شديد لأجل حياته.” | |
|