هناك كلمةٌ باللهجة الخليجية تسمى “بلشة”، فيقال: لقد “ابتلشتُ بكذا” أو “ابتلش فلان بكذا”. أقرب شيءٍ لهذه الكلمة باللهجة المصرية هي كلمة “أتدبس” وتعني أن يُفرض شيءٌ غير مرغوبٍ فيه على أحدهم وهو يقبل به إما مجاملةً أو لعدم وجود خيارٍ آخر. مثال: تطلب صديقة زوجتك من زوجتك أن يقضي أطفالها المزعجون بعض الوقت في بيتك في يوم عطلتك وأنت تحب الهدوء والقراءة. أنت هنا “ابتلشت” بأطفال صديقة زوجتك التي قبلتهم مجاملةً لصديقتها، وأنت مضطرٌّ للقبول وعدم إظهار الاستياء من باب الذوق. توجد قصةٌ من التراث الآسيوي، أنا متأكدٌّ أنّ معظمكم يعرفها، وهي قصة الفيل الأبيض. تحكي القصة أن والدة أحد الملوك حلمت بفيلٍ أبيض يقدم لها زهرة اللوتس، والتي تعتبر رمزًا للنقاء والحكمة، وقامت بعدها بالطلب من ابنها أن يحتفظ بفيلٍ أبيض يسخّر كل ما يملك لراحته. من هنا توارثت الأجيال رمز الفيل الأبيض بأنه مؤشرٌ على سمو الحاكم وعدالته. واعتُبر إهداء الحاكم فيلًا أبيض لأحد، بمثابة إعطاء ملكة بريطانيا لقب النبل مثل “سير” و”لايدي” لأحد رعاياها، أي كنايةٌ عن شرفٍ عظيم. المشكلة أنّ لقب النبل البريطاني يحتوي على ميداليةٍ وشهادةٍ تضعها على الرف. أما الفيل المقدس فهو شرفٌ يحتاج إلى أطنان من الغذاء والرعاية المستمرة وكلاهما مكلفٌ جدًا. كما أنك لا تستطيع بيعه أو حتى استغلاله وإلّا راح الشرف وجاء بدله الخزي والعار وربما حتى القتل!
من هنا نجد أن الفيل الأبيض هو شرفٌ و”بلشة” في نفس الوقت. فملكيته هي رمزٌ للشرف لكن الاحتفاظ به هو طريقٌ سريعٌ للإفلاس. ويُطلق اليوم على كل مشروعٍ ضخمٍ تفوق تكلفته فائدته بكثير ويصعب التخلص منه لسببٍ أو آخر: فيلٌ أبيض. أبرز مثالٍ على ذلك هو طائرة الكونكورد بتكاليفها التشغيلية والمادية والبيئية المرتفعة، كل ذلك لاختصار وقت الرحلة عبر الأطلسي لمدة ثلاث ساعات بدلًا من ستة، وليتفاخر الأوروبيون خصوصًا أمام الأمريكان، بأنهم أول من سيّر رحلاتٍ على طائرة ركابٍ تفوق سرعتها سرعة الصوت عبر الأطلسي. طبعًا كلنا يعرف الآن النهاية المأساوية لطائرة الكونكورد والتي تسببت في سحبها من الخدمة نهائيًا.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل من المفيد النظر إلى الإسلام على أنه فيلٌ أبيض “يشرّف” من يعتنقه من وجهة نظره ويعطيه الكثير من المزايا ظاهريًا مثل الميراث المضاعف للذكر، والزواج بأكثر من امرأة أيضاً للذكر، لكنه في نفس الوقت مكلفٌ جدًا للمسلم كفرد وعلى الدول التي تصنف نفسها بالإسلامية؟ باختصار، هل الإسلام “بلشة”؟… لنرى.
النظرة الدارجة والمقبولة هي أن الإسلام يحفظ الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية، ليس ذلك فحسب، بل يحمي الأمم من أزمة المال العالمية وأنفلونزا الطيور والخنازير والنيازك وهجوم الكائنات الفضائية القادمة من مجرة الأندروميدا. هل هذا صحيح أم أن العكس التام هو الأرجح؟ هل تكلفة الإسلام في مجتمعات اليوم تفوق فائدته؟ هل سيكون المسلمون بوضعٍ أفضل أم أسوأ بدون الإسلام في الحياة العامة (البعض يسميها علمانية)؟ وعليه، فهل الإسلام فيلٌ أبيض، يأكل الكثير ويقدم القليل ومن الأفضل تحييده؟ أم أنه نظامٌ متكاملٌ يحفظ العدالة والحرية والأمن والاستقرار، لذا وجب الحفاظ عليه؟ لنبحث…
[size=44]تكاليف الإسلام على مستوى الفرد[/size]
[size=36]الصلاة[/size]
يضطر المسلم للقيام بحركاتٍ تسمى صلاة: خمس مراتٍ في اليوم تأخذ منه ما لا يقل عن ساعتين يوميًا، وهذا لأداء الحركات فقط وليس التحضير لها، والوقت المخصص للذهاب والإياب من وإلى المسجد في حالة الصلاة هناك. هذا الوقت كان ممكنًا أن يُستغل في العمل، القراءة أو حتى للراحة.
[size=36]الصيام[/size]
الكل يمدح فوائد الصيام ولا يجرؤ أحدٌ على مناقشة مضاره خوفًا من غضب الفيل الأبيض. الصيام عن الطعام والماء يؤدي إلى جفاف الجسم (الذي نعلم أنه يتكون بنسبة 70% من الماء) والجوع والضربة الشمسية وهبوط سكر الدم وتآكل الأنسجة وحرمان الكبد من الجلوكوز وانتشار سموم البدن في الدم، هذا ناهيك عن المزاج العكر ورائحة الفم الكريهة ولخبطة أوقات النوم. الفائدة الصحية هي في تخفيف الأكل، خصوصًا الضار منه، مثل الشحوم الحيوانية والسكر المكرر، وليس في تجويع البدن تمامًا ولساعات. من يقول لكم غير ذلك يكذب عليكم. اللعنة! هل فيكم عاقل؟ من يصدق في يومنا هذا أن للعطش فوائد؟
[size=36]الزكاة[/size]
بينما تعتبر الضرائب في الدولة الحديثة نظامًا مفيدًا يغذي خزينة الدولة لدعم برامجها التنموية وخدماتها الاجتماعية، تذهب أموال الزكاة والخمس من جيوب المسلمين بدون توثيق وبشكلٍ عشوائيٍّ لأناسٍ ليس لهم صفةٌ سوى أنهم ملتحون ويتمتمون كلماتٍ لا يفهمها معظم من حولهم. ثبت مرارًا وتكرارًا أن هذه الأموال تذهب إلى جهتين لا ثالث لهما: جيوب الملتحين أنفسهم ودعم الإرهاب الإسلامي، سواءٌ بشكلٍ مباشر مثل تمويل شراء أسلحةٍ وقنابل، أو غير مباشر مثل دعم المراكز الإسلامية في الغرب والتي تُستغل لتجنيد الإرهابيين. كما نلاحظ أنه ولا فلسٌ واحدٌ يذهب لغير المسلم. بل لا يذهب أي مبلغٍ لأي غرضٍ غير تعزيز قدسية الفيل الأبيض والقائمين عليه من رهبان ومشعوذين ليستمر عذاب المسلمين برضاهم.
[size=36]الجهاد[/size]
يرمي المسلم حياته في التهلكة ويخرب بيته وبيت أسرته لكي يقاوم الكفار وينال الشهادة آملًا في ممارسة الجنس مع الجن والعفاريت للأبد، في مكانٍ خياليٍّ يسميه الإسلام الجنة. من يقول لكم أنّ الجهاد الحقيقي الذي قصده الإسلام هو طلب العلم وتطوير الذات يحتقر عقولكم، وهو محقٌّ بذلك لأنكم أنتم من سمح له بالدّوس على ما تبقى لكم من خلايا الدماغ، لا بل وتشكرونه على ذلك بمقولاتٍ بلهاء مثل جزاك الله خيرًا، وجعلها في ميزان حسناتك. لكن أتعلمون شيئًا؟ كلامكم – رغم بلاهته – إلّا أنه دقيق. نعم، سيجزيه الله خيرًا في ميزانه بأموالكم التي ستذهب إلى ميزانيته.
[size=36]أمراض نفسية متنوعة[/size]
أغلب المسلمين يعانون من واحدٍ أو أكثر من الأمراض النفسية التالية بسبب الإسلام: عقدة الاضطهاد، البارانويا (الريبة)، اضطراب النظافة القسري، الزينوفوبيا (كراهية الآخر المختلف)، الهوموفوبيا (كراهية المثليين)، الشيزوفرينيا (مرض الفصام)، البيدوفيليا (ممارسة الجنس مع الأطفال)، الكذب القسري، الشعور المزمن بالذنب، احتقار الذات، الاكتئاب (خصوصًا في سن المراهقة)، الهستيريا (يسميها المسلمون سكن الجن)، النرجسية (ينتشر بين دعاة التلفزيون)، اليروفيليا (الهوس الجنسي بالبول)، متلازمة ستوكهولم(التعاطف مع وحب المسيء)، السادية، المازوشية، فاجين ايزمس (التشنج اللاإرادي لعضلات المهبل عند ممارسة الجنس خصوصا في ليلة الدخلة).
ناقشتُ الكثير من هذه الأمراض في مقالاتٍ أخرى، وبعضها لم أتطرق إليه مثل الأخير، والذي يعتبر تابو بين الأطباء في الدول الإسلامية. لكن أصدقائي في المجال الطبي يحكون لي أنه أصبح بمثابة وباءٍ لا يجرؤ أحدٌ على الخوض فيه رغم خطورته. فتمر عليهم حالاتٌ كثيرةٌ من النزيف المهبلي، بعضه خطيرٌ ويمكن أن يتسبب بالموت، بينما ينظر إليه المسلم الذكر بأنه عمل رجولي ورمزًا لفحولته.
[size=44]التكاليف الإجتماعية والإقتصادية للإسلام[/size]
[size=36]ضعف الإنتاجية[/size]
قلتُ أن المسلم الصالح يضيع ما لا يقل عن ساعتين يوميًا لأداء صلاته. معظم أوقات الصلوات تقع أثناء وقت العمل، إذا افترضنا أنه من الساعة التاسعة صباحًا إلى الخامسة. تخيل بلدًا مسلمًا قوته العاملة قوامها مليون إنسان. بحسبةٍ بسيطة، يضيع على اقتصاد هذا البلد مليون وثلاثمئة ألف ساعة عمل يوميًا في أداء حركاتٍ بهلوانيةٍ لا علاقة لها بالإنتاج. أضف إلى ذلك أن المسلم بطبعه يجنح للكسل والاتكالية وحب الثرثرة والإدمان على مواقع الإنترنت الإباحية وستكتمل عندك الصورة. هل تتخيل اقتصادًا مثل هذا سوف ينتج سيارات مرسيدس وفيراري أو طائرات إير باص أو مكوكًا فضائيًا؟ لذلك تجد أن المجتمعات الإسلامية تعتمد 100% على أمم الشرق والغرب في كل ما تحتاجه للحياة الحديثة بدءاً من التطبب إلى التنقل وما بينهما حتى إبر الخياطة!
[size=36]غياب الإبداع[/size]
أحد الأعراض الجانبية للإيمان بالإسلام هو انخفاض مستوى الذكاء بشكل ٍعام واختفاء القدرة على التفكير المبدع والخلاق بشكلٍ خاص. السبب ليس عضويًا، فالمسلمون بشرٌ كغيرهم. السبب هو الإسلام وطقوسه وأوامره ونواهيه. فطقسٌ إسلاميٌّ مثل حفظ كلامٍ مكرر وغير علمي كالقرآن يؤدي إلى قتل ملكة التفكير، فتركيز المجهود الذهني على الحفظ يسلب العقل الطاقة المطلوبة للتفكير المستقل. أضف إلى ذلك أن نواهي الإسلام المعادية للحضارة مثل تحريم الرسم والموسيقى، تسلب العقل القدرة على الإبداع والتفكير خارج الصندوق كما تقول الفرنجة. كما تضعف من قدرته على التفكير الرياضي – من الرياضيات – فأثبتت الكثير من الدراسات النفسية أن مهارات عزف الموسيقى الكلاسيكية، على سبيل المثال، هي ذاتها مهارات الجمع والطرح والقسمة والضرب من وجهة نظر العقل، فمعظم عملياتها تتركز في الجانب الأيسر من الدماغ.
[size=36]الفوضى في إدارة شؤون الدولة[/size]
هناك نوعان من الفوضى نراهما يوميًا في إدارة الدولة بسبب الفيل الأبيض. هناك قراراتٌ إداريةٌ (اختصاص السلطة التنفيذية) تخرج على شكل قوانين (اختصاص السلطة التشريعية)، وهناك قوانينٌ تخرج على شكل قرارتٍ إدارية، ولا أحد ينتبه أو يكترث لذلك والسبب أن الإسلام الممثل البطولي في هذا الفيلم. هذا يسمى بلغة القانون الدستوري: تداخل السلطات. مثال على النوع الأول هو قانون منع الاختلاط بين الجنسين في جامعات الكويت. بغضّ النظر عن عدم دستوريته، هذا الموضوع يقع في خانة القرارات الإدارية التي هي من اختصاص الجامعة إن ارتأت ذلك، والمشرّع لا علاقة له بالأمر إطلاقًا. وإلا لو سلمنا بذلك فليشرّع البرلمان قوانين لأفضل طريقةٍ لإطفاء النيران الكيميائية لدائرة الإطفاء ولأنجح أسلوب لتصميم الجسور لوزارة الأشغال ولكيفية تربية الخراف لهيئة الثروة الحيوانية. ألا تبدو لكم الأمور مضحكة؟ لماذا لم تضحكوا عندما أُقر قانون منع الإختلاط؟ أنا أقول لكم لماذا، لأن الإسلام طرفٌ في الموضوع، فغضضتم النظر عن هذه الفوضى الإدارية التي كلفت الدولة مئات الملايين فقط لضمان حسن الخاتمة مع الفيل الأبيض.
أما المثال على النوع الثاني فهو قرار منع المرأة من استخراج جواز سفر دون موافقة ولي أمرها. هذا قرارٌ اتخذه مسؤولٌ إداريٌّ غيورٌ على دينه في يومٍ ما، ربما إرضاءً لرواد ديوانيته، لكنه يعامَل إلى اليوم معاملة القانون، ولا يجرؤ أحدٌ على تحّديه أو الطعن في دستوريته، والسبب طبعاً هو كون الإسلام طرفًا في الموضوع. فلا يجوز للمرأة السفر دون محرم وهذا يسري على وثيقة السفر كذلك. تخيل لو أن مسؤولًا آخر في نفس الوزارة قرر منع الترخيص للسيارات ذات اللون الأحمر لمن في رأسه شيب. هل تعتقد أن الناس سوف تسكت؟ كلا بالطبع، سوف يحتج الشياب بصوتٍ عالٍ، والسبب أن الإسلام لم يتطرق للسيارات الحمر إذن لا بأس من الاحتجاج. الفيل الأبيض لا يمانع.
[size=36]التفكك الأسري[/size]
لا يشجع الإسلام على الزواج في سنٍ مبكرةٍ فحسب، بل يحث متّبعيه من الذكور على الزواج بأكثر من امرأةٍ والإنجاب منهن بدون حساب حتى وإن كان رب الأسرة عاطلًا عن العمل، وكل ذلك لزيادة عدد المسلمين ليتباهون أمام العالم أنّ الإسلام هو بالتأكيد دين الحق فيستحيل أن مليار مسلم على خطأ! إني أراه الآن، أرى من منكم يحاول إطلاق ردٍّ من ردود التقية الإسلامية التقليدية: “لكن الإسلام قال من استطاع الباءة – يعني المقتدر ماديًا – على النكاح هو فقط من يحق له مثنى وثلاث ورباع، يا صديقي العزيز كن منصفًا ولا تتبلى على الإسلام كعادتك! سؤالي: هل يمنع الإسلام الفقير من الاقتران بأربع؟ بمعنى هل هو ممنوعٌ شرعًا؟ إذا كان الجواب لا، وهو كذلك، فحديث الباءة هو تحصيل حاصل وكلامٌ مأخوذٌ خيره على غيره. يعني لا يقدم ولا يؤخر.
لذلك نجد أن متوسط عدد الأطفال في الأسرة المسلمة الفقيرة يصل إلى 11 فردًا أو أكثر ومعظم هؤلاء سوف يقضون حياتهم في التسول والإجرام وبيع الهوى، ومؤخرًا الإرهاب الإسلامي، للخلاص من حياتهم التعيسة التي تسبب بها والدهم المسلم الذي لم يسمع بشيءٍ اسمه واقٍ ذكري أو حبوب منع الحمل.
[size=36]حوادث السير[/size]
سيقول قائلٌ هنا: “رفقًا بنا يا رجل! أنت تبالغ. ما علاقة الإسلام بحوادث المرور؟ لم يبق سوى الاحتباس الحراري لم تلم الإسلام عليه!” أقول لهؤلاء: اذهب إلى أيّ مسجدٍ قريبٍ من مدخل شارعٍ رئيسيٍّ وتفرج على وضع السيارات هناك أثناء صلاة المغرب التي لا تحتمل الانتظار لأن كونت دراكيولا سوف يفيق من نومه مع مغيب الشمس. نعم، فهمت ما أقصد، أليس كذلك؟ إنها السيارات التي يوقفها المسلمون في منتصف الطريق غير عابئين بحركة المرور والخطورة التي يشكلها هذا الوقوف غير القانوني على حياة البشر. كما لا أحتاج أن أذكّرك بحركة السير والسرعة الجنونية قبيل آذان المغرب في شهر رمضان. المسلم يقود سيارته بسرعة معرضًا حياته وحياة الآخرين للخطر لأنه جائع. طيب، وما الذي أجبره على الجوع؟ إنه الفيل الأبيض. عزيزي، الإسلام له علاقةٌ بحوادث المرور، وأنت تعلم ذلك جيدًا. اعترف، أنت واحدٌ من هؤلاء المسرعين، كفاية تقية.
[size=36]الحريات المدنية والمساواة وحرية التعبير[/size]
الإسلام يكره شيئًا اسمه حرية، لأنه ومن وجهة نظره الحرية تلغيه، حتى ولو كانت حرية شرب الماء. أسوء نظم العالم وأكثرها تخلفًا وهمجيةً لا تمنع الإنسان من شرب الماء، لكن الدول الإسلامية مهما بلغ تحضرها الشكلي تسلب حق الإنسان في شرب الماء،والذي يحتاجه للحياة وبقوة القانون الوضعي لا لشيءٍ سوى إرضاء مزاج الفيل الأبيض الذي يمنع ذلك في أوقاتٍ معينةٍ تحددها حركة القمر. طيب، ما علاقة حركة القمر بحاجتي لشرب الماء وقت الظهيرة وأنا في سيارتي؟ إنني أموت عطشًا ودرجة الحرارة فوق الخمسين مئوية، لماذا أُمنع من شرب الماء وإلا دخلت السجن!؟ لا أحد يجرؤ على مثل هذا التساؤل على الرغم من أنه بديهيّ، والسبب أنّ عين الفيل الأبيض تراقب الدولة وهو مستعدٌ أن يخسف بهم الأرض في أيّة لحظة، أو هكذا يعتقدون. فلتمت الناس عطشًا طالما أن الفيل الأبيض راضٍ عنا. لا شيء يعلو على رضا الفيل الأبيض.
أما بالنسبة للمساواة فحدّث ولا حرج، فلا مساواةٌ بين الرجل والمرأة ولا المسلم وغير المسلم ولا بين المتزوج والأعزب، فالأول يحظى بمزايا لا يحلم بها الثاني لأن الفيل الأبيض يحب التكاثر، كون التكاثر يغذيه ليستمر لأبد الآبدين وليتفاخر أمام بقية الفيلة، الأزرق منهم والأصفر والأحمر، وهو يقول: مليار إنسان يؤمنون بأنني الحق، لذلك أنا الحق رغمًا عن أنوفكم جميعًا يا أيتها الفيلة الكافرة !
ختامًا، هناك شيءٌ مهمُّ يمقته الإسلام ألا وهو حرية التعبير. الإسلام يكره حرية التعبير لدرجة أن وأدها عبادة! لذلك جاءت القوانين الوضعية في الدول الإسلامية لتقنن هذه العبادة فيما يسمى قوانين المطبوعات وجرائم النشر التي تجرّم أيّة فكرةٍ تحتوي ولو على قطرةٍ واحدةٍ من السلبية تجاه الفيل الأبيض، هو ورسله وزوجاتهم وأبنائهم وخدمهم وعفاريتهم. نعم، تخيل أننا في القرن الحادي والعشرين ولدينا قانونٌ يعاقب بالسجن من يسخر من الملائكة! يعني تخيل رجلًا يُفصل من عمله ويسجن وتدمّر أسرته ويشرّد أبناؤه، وما هي جريمته النكراء؟ جريمته هي السخرية من عفريت! نعم عفريت! تفضل، اقرص نفسك، أنت لست نائمًا! هذا ليس بمنام، إنها الحقيقة التي ترتعدون خوفًا من مواجهتها. إنها بَرَكات الفيل الأبيض الذي سيبقيكم في الحضيض للأبد يا مسلمين، طالما أنه جاثمٌ على صدوركم برغبتكم، وأنتم تصدقون أنه مقدسٌ وتسجدون له وتُسخّرون حياتكم وحياة أبنائكم له.