** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الدين وهم الشعوب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نابغة
فريق العمـــــل *****
نابغة


التوقيع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة

عدد الرسائل : 1497

الموقع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة
تعاليق : نبئتَ زرعة َ ، والسفاهة ُ كاسمها = ، يُهْدي إليّ غَرائِبَ الأشْعارِ
فحلفتُ ، يا زرعَ بن عمروٍ ، أنني = مِمَا يَشُقّ، على العدوّ، ضِرارِي

تاريخ التسجيل : 05/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

الدين وهم الشعوب Empty
03032016
مُساهمةالدين وهم الشعوب

نقول من منتدي شبكة الملحدين العرب، بواسطة الزميل ملحد سعودي.. مقالة رائعة..
http://www.il7ad.com/topic/131987-الدين-وحم-الشعوب/


قبل أن أخوض في العبارة الشهيرة "الدين أفيون الشعوب" سأتناول تطور و أسباب نشوء الدين.


هل تساءلت مرة لماذا الشعوب البعيدة عن الشرق الأوسط لا تسمي معبودها "الله"؟

هل الله أرسل الرسل إلى شعوب العالم ليخبروا كل شعب قصة مختلفة عن خالقهم و يقدموه لهم تحت اسم آخر و هوية مختلفة تماما؟ فلا يوجد لا الآن و لا في الآثار القديمة للشعوب البعيدة عن الشرق الأوسط أي تشابه مع الإسلام.

إذن لا بد للمسلم أن يعتقد أن كل الأديان خارج الشرق الأوسط هي خرافات بشرية.

و لكن - يتساءل البعض - "إذا كان الدين خرافة فمن صنعه؟" و نحن في الحقيقة يجب أن نعكس السؤال و نقول "أين كان الدين عندما ظهر الإنسان إلى الوجود؟" دعنا نفعل ما لا يحب الجامدون - بسبب خوفهم من الحقيقة - أن يفعلوه، دعنا نتأمل قليلا في تاريخ الإنسان:

- قبل أكثر من 220000 سنة بدأ إنسان النياندرتال و إنسان هايدلبيرجنسس بدفن موتاهم بطريقة منظمة في القبور. هذا علامة واضحة على أننا لا نتحدث عن القردة بل عن البشر، و لو أنهم ليسوا نفس السلالة الموجودة حاليا. و السلالة الحالية من البشر ظهرت أيضا قبل 200000 سنة.

- قبل 40000 سنة صنع الإنسان الدمى بطريقة متقدمة مازجا بين ملامح الإنسان و الحيوان.

- قبل أكثر من 5100 سنة بقليل ظهرت الأديان غير التوحيدية، من ضمنها بدايات المعتقدات الهندوسية.

- قبل 4000 سنة تبلورت الهندوسية.

- قبل أكثر من 3300 سنة بقليل ظهرت أول ديانة توحيدية (عبادة الشمس) على يد الفرعون أخناتون.

- قبل أقل من 3000 سنة بدأ اليهود يكتبون التوراة و أستمروا يكتبونها لمدة 1000 سنة. فبدأت اليهودية كوثنية متعددة الآلهة و انتهت كثاني ديانة توحيدية. و خلال فترة كتابة التوراة ظهرت أديان عديدة مثل: البراهمية، البوذية، الكونفوشيوسية، الزرادشتية.

- قبل 2400 سنة أتى فلاسفة اليونان (خصوصا سقراط) بفكرة أن الله مطلق القوة (أي يستطيع فعل أي شيء و لا يتعب) و مطلق الوجود (أي موجود في كل مكان). و هاتان الصفتان غير موجودتين في اليهودية. اليهودية أخذت عن سقراط فكرة أن الله مطلق العلم.

- قبل 2000 سنة ظهرت المسيحية على يد أتباع عيسي، و ليس على يد عيسى. عيسى لم يتحدث في حياته عن الإنجيل و لم يزعم أن كتابا نزل عليه من السماء و لم يتحدث عن دين جديد و لم يقل أي شيء عن المسيحية أو النصرانية. الإنجيل كتبه أتباع عيسى بعد موته و صنعوا به دينا جديدا.

- قبل 1400 سنة يظهر الإسلام و يعلن محمد أن الله مطلق القوة و العلم، و لكنه ليس مطلق الوجود فهو موجود في السماء و حجمه كبير و يُرى بالعين و يتحرك و ينزل إلى الأرض و ما إلى ذلك من الصفات التجسيمية. ثم يأتي علي بن إبي طالب و يدس فكرة "مطلق الوجود" في الإسلام. و هذا يحدث ارتباكا بين المسلمين فينقسم السنة بين التجسيم و التنزيه لكنهم يميلون إلى رأي محمد القائل بالتجسيم، بينما يستقر الشيعة على رأي علي القائل بالتنزيه. فالسنة يمثلون محمد خير تمثيل، أما الشيعة فيمثلون توجهات علي الفكرية و لكن بصبغة فارسية بدلا من الصبغة الوهابية الأصلية.




أين كان الدين خلال 215000 سنة بعد ظهور الإنسان؟

أين كان التوحيد خلال مدة 1800 سنة بعد ظهور الأديان؟

أين كان الله إله المسلمين خلال مدة 1600 سنة بعد ظهور اليهودية، حيث أنه بهذا الإسم غير مذكور لا في التوراة و لا في الإنجيل؟ و كان اليهود يقولون "الله" باللغة الآرامية فقط، و هي لغة كانوا يحكون بها و لا يكتبونها، بينما كانوا يكتبون بالعبرية. و هذا يفسر وصول الإسم للعرب لأنهم في ذلك الوقت كانوا أهل حكي و ليسوا أهل كتابة.

و لماذا يبدو الدين و كأنه تطور بالتدريج؟ الإجابة: لأنه بالفعل تطور بالتدريج على يد البشر.
نعود إلى سؤال قريب من ذلك السؤال و هو: كيف نشأ الدين؟ و ما هي الآليات التي خلقته؟
ستقول كيف ظهر الدين متزامنا في مناطق جغرافية مختلفة، و أقول لك و كيف ظهرت الحضارة برمتها متزامنة في نفس المناطق الجغرافية؟ و لماذا لم يظهر الدين سوى متلازما مع الحضارة؟ لماذا لم يظهر الدين قبل الحضارة؟ الإجابة بسيطة و هو أن الدين منتوج ثقافي من منتوجات الحضارة. لو كان الدين هو سبب ظهور الحضارة لظهرت الحضارة منذ ٢٠٠ ألف سنة (تذكر أن الإنسان كان في ذلك الوقت يدفن موتاه و أن القرآن يخبرنا أن أول من دفن الموتى هو أحد أولاد آدم). و لكن الإستنتاج الصحيح هو أن تلازم الدين مع الحضارة هو بسبب أن الحضارة أنتجت الدين لعدة أسباب.

لنذكر أولا الأسباب التي تحكمها نظرية التطور. تقول نظرية التطور أن البقاء للأصلح، و المقصود بالأصلح هو الأقدر على البقاء. ففي المناطق الباردة يكون الحيوان الأصلح هو الحيوان الأقدر على تحمل البرد و الجوع. و في المناطق الحارة يكون الأصلح هو الأقدر على تحمل الحر و العطش. فكلمة الأصلح عندما نصف بها الثقافة من منظور تطوري فهي لا تخضع لمعاييرنا الأخلاقية بل لمعايير القدرة على البقاء. فالثقافة الأصلح وفق هذا المنظور هي الثقافة التي توفر للشعب الذي تنتشر فيه أفضل فرصة للبقاء. و هنا نتساءل ما الذي جعل من الدين ثقافة أصلح؟ أي ما الذي جعل الدين ثقافة تزيد من قدرة الشعب على البقاء؟ هناك ثلاثة أسباب رئيسية:

1- يدعم الدين مركزية السلطة و هذا كان ضروريا في الحضارات القديمة من أجل الوصول إلى تنظيم أفضل و التغلب على الشعوب الأخرى.

2- يشكل الدين هوية تذوب فيها العرقيات و القبائل و ربما اللغات فيستبدلون بالتناحر التآزر.

3- يمكن من خلال الدين نسج نظام أخلاقي يشجع على التعاون و التكافل مما يزيد من قدرة معتنقيه على البقاء. و هذا يفسر تراجع الأديان التي لم تنسج نظاما أخلاقيا لصالح الأديان التي فعلت ذلك.



بالإضافة إلى ذلك يوجد على الأقل المصادر التالية للدين:

1- التساؤل: تجد الأطفال دائما يتساءلون: من اللي سوى السما؟ من اللي سوى القمر؟ تماما مثلما يتساءل الفلاسفة عن أصل الكون و نهايته. كما يتساءل جميع البشر عن المصير بعد الموت. و في الماضي قبل بزوغ شمس العلم كان البشر يتساءلون عن الظواهر الطبيعية ثم اختفى هذا النوع من التساؤل قبل 30 سنة تقريبا، على الأقل في المنطقة التي أعيش فيها في السعودية. و هكذا هو الحال دائما فالبشر يعزون الظواهر التي يعجزون عن تفسيرها إلى قوى غيبية إلى حين قيام العلم بفك ألغازها.

2- السيطرة: سعى الإنسان في بدايات الحضارة إلى السيطرة على قوى الطبيعة و كوارثها و خصائصها كالرياح و الأمطار و الخصب و النار و الفيضانات و الأوبئة. و في ظل غياب الأدوات الفعالة، فضلا عن غياب فهم الميكانزمات الحاكمة، اخترع الإنسان آلهة مسئولة عن قوى الطبيعة، و من خلال هذه الآلهة لم ينل الإنسان سوى شيئا من الإطمئنان النفسي ظنا منه أنه من خلال هذه الآلهة صار قادرا على لجم شرور الطبيعة و استثمار خيراتها.

3- التبجيل: كل الأطفال تقريبا يبجلون آباءهم و أحيانا أمهاتهم، و في الأزمنة القديمة كلما ازدادت تركيبة المجتمع تطورا زاد عدد الشخصيات التي يبجلها الإنسان فهناك العم و شيخ القبلية و رجل الدين و الحاكم و النبي. و عندما يموت الشخص الذي يحظى بالتبجيل فهناك احتمال أن يرفض مبجلوه فكرة موته عن جهل أو عمد، فينسجون حوله الخرافات زاعمين أنه ما زال حيا. و ربما كانت هذه الفكرة أكثر فعالية قبل بدايات الحضارة حيث من السهل أن تزعم أن شيخ القبيلة لم يمت و تصدر الأوامر باسمه و تمر عشرات السنين يتحول فيها إلى ما يشبه الإله المقدس و تقام الطقوس لأجله و تتلى النصوص حوله في احتفالات خاصة. و عندما مات محمد كان الصحابة يمثلون عن وعي حالة إنكار موته انتظارا لإشارة من أكابرهم إن كان عليهم أن يقروا بموته أو يستمروا في الإنكار و يزعمون انه رفع إلى السماء ليصبح نصف إله أو حتى إلها كاملا. و هم استوحوا الفكرة من المسيحيين الذين أنكروا موت عيسى و جعلوا منه إلها. و في رواية "أولاد حارتنا" يموت الأب فيزعم أبناؤه أنه ما زال حيا و يصدرون الأوامر باسمه و تمر أجيال و الكل يدعي أنه ما زال حيا و أنه يصدر الأوامر حتى يأتي رجل اسمه "عرفة" (رمز للمعرفة و العلم) فيخلص الناس من هذه الأسطورة البائخة.

4- الجنون: تحصل الهلوسات و الضلالات الفكرية بسبب خلل في كيمياء الدماغ ينتج عن استعمال مواد مخدرة أو لأسباب غير معروفة. و في الماضي كان ينظر إلى المجانين على أنهم متصلين بالغيب. و كثير من المجانين يزعم ذلك بالفعل بسبب الأصوات التي يسمعها و الأفكار الغريبة التي تعشعش في رأسه. و في غياب العلم يعزو العقلاء حالات الجنون إلى اتصال بين المجنون و كائنات غيبية مما يدفع العقلاء إلى اختلاق فكرة الكائنات الغيبية و ربما اختلاق الدين معها.

5- العجز و اليأس: يذكر القرآن أن بعض البشر غير المقتنعين بالدين يخضعون له في لحظات العجز و اليأس (مثلا التعرض لعاصفة في سفينة في عرض البحر). يقول المصريون "الغريق يتعلق بالقشة" و بالتالي تكون القشة في المثال القرآني هي الدين. في اللحظات التي يكون فيها الإنسان قادرا على التفكير الهادئ المتزن يوقن تماما أن القشة لا تنقذ غريقا، و لكن في لحظات العجز و اليأس يفقد رزانة عقله و يتعلق بأمل غير منطقي فيلجأ للقشة، ذلك أنه ليس لديه شيء آخر يلجأ إليه. و هكذا بالضبط يلجأ اليائسون إلى الدين، لا لأنهم فعلوا ذلك في لحظة تفكير متزن، بل بسبب اليأس الذي ضرب قدرتهم على التعقل.

6- الأحلام: كلما زادت الطبيعة البدائية للشعوب زاد ربطهم بين الأحلام و الواقع. فالشعوب البسيطة تعجز عن فهم فكرة أن الأحلام عبارة عن نشاط عصبي في الدماغ يولد خيالات مستمدة من الواقع و لكن لا تخضع تماما لقوانينه. فعندما يشاهد الإنسان البدائي في الحلم شخصا توفي منذ مدة طويلة يعتقد أنه قد تواصل مع هذا الشخص بالفعل. هذا يؤدي إلى تشكل قاعدة لنظام معتقدات غيبية سرعان ما تتبرعم إلى معتقدات أكثر تعقيدا لترسم صورة دين متكامل.

7- اللحن: حتى لو لم يكن الدين موجودا فإن الألحان الدينية في حد ذاتها لها مفعول لا يتغير. القاسم المشترك في الألحان الدينية بين الشعوب هو أنها تستحث نوعا من الشجن يدفع الإنسان إلى إنكار ذاته و الرغبة في الإنصياع لسلطة فوقية. و يحتاج الإنسان إلى "حدوته" كلخفية حكائية للحن، فينسج الخرافات التي تجعل ترديد اللحن أمرا مبررا.

8- التجربة الروحية: الشعور بالإنتعاش المصاحب للتجربة الروحية هو أيضا أمر يمكن للإنسان أن يصل إليه بدون معتقد ديني. و لكن لكي يخوض الإنسان تلك التجربة الممتعة بشكل متكرر يحتاج منه إلى تبرير يكون على شكل اختلاق كائن غيبي يتم التواصل معه خلال تلك التجربة الروحية.

9- الكبت و المُنى: تَطلب النُظم الإجتماعية من الفرد أن يتخلى عن إشباع رغباته الذاتية. فلكي تكون عضوا مقبولا في مجتمعك عليك ألا تسرق و لا تغتصب ملكا أو عرضا. هنا يصبح من الصعب على معظم الناس تحقيق أمانيهم، فيجدون عزاءهم في الوعود الدينية بالثروات الأخروية و بالحور العين.

10- التمادي في التخيل: عندما يشاهد الطفل رجلا قويا أو امرأة جميلة تعلق تلك الصفات في ذاكرته. و مع مرور الوقت فإن هناك فرصة كبيرة لأن يشاهد رجلا أقوى و امرأة أجمل. فيقوم خياله بمد الصورة على محور الصفة: ربما يوجد رجل قوي جدا بحيث أنه يستطيع أن يرفع جبلا، أو امرأة جميلة بحيث أن من يراها يفقد وعيه. و قد يقوم الخيال أيضا بالدمج بين بين صفات الرجل و المرأة لتنتج صورة كائن يجمع بين القوة العظيمة و الجمال العظيم. و في كل الحالات فإنه إذا خرج هذا الكائن من رأس الطفل فإنه يصبح حكاية تجري عن الألسن و تعجز عن ملاقاته العيون، فيتم إضفاء الطابع الغيبي عليه لتبرير عدم ظهوره أمام الناس.

11- التعويض و التبرير: "أنا أفعل الصواب و أحسب الأمور حسابا صحيحا" هكذا يخاطب المتدين نفسه. الأشخاص الذين يحبون ترديد هذه العبارة لا يكفيهم الإنتظام أمام قانون وضعي، بل يجدون سلواهم - لأسباب نفسيه - في الشعور بأن قوة غيبية أملت عليهم الدور الذي يلعبونه. كما أن لجوءهم للقوة الغيبية يعوضهم عن النقائص التي يعانون منها بحيث يكون الحصول على رضا القوة الغيبية أكثر إشباعا من إرضاء الحاجات الشخصية.

12- التجارة: بالنسبة لمؤسسي الأديان، فالدين بضاعة تباع و يقبضون ثمنها على شكل ضرائب مالية أو نساء مستعبدات. هنا يتحول الدين إلى سلعة يقوم المؤسس بترويجها لمصلحة شخصية، تماما مثلما يفعل مقدموا البرامج التلفزيونية عندما يحولون برامجهم إلى سلعة تدر عليهم الأرباح التي يدفعها المشاهد بطريقة أو بأخرى. بالنسبة للمشاهد فهناك أمران: أولا هو يختار السلعة من بين مجموعة من السلع المتاحة، فالمشاهد لا يخترع سلعة جديدة تناسبه، و ثانيا فإن المشاهد إذا شعر أنه ليس لديه شيء آخر يسليه فإنه غالبا ما يجد نفسه مضطرا لاختيار سلعة حتى لو لم يجد سلعة تعجبه (يشاهد التلفزيون بشكل قهري)، مثلما عندما يذهب الجائع إلى المطعم و ينظر إلى قائمة الطعام فإنه غالبا سيختار شيئا من القائمة حتى لو لم يجد ما يناسب ذوقه. وحده مقدم البرامج (في حالة البرامج التلفزيونة) أو الطباخ (في حالة المطعم) أو النبي (في حالة الأديان) من يحدد صفات المنتج النهائية وفق خططه الموجهة نحو تحقيق مصالحه الذاتية.

13- الخرافات التربوية: يعرف الكثيرون أن أسطورة طوفان نوح موجودة لدى الشعوب القديمة، و لكنهم لا يعلمون عن الفرق بين النسخ القديمة و النسخ الجديدة من الطوفان. فأول النسخ الي ظهرت في حضارتي سومر و بابل كانت تقول أن سبب الطوفان هو انزعاج الآلهة من ضوضاء البشر عندما تزايد عددهم، لذلك قرر كبير الآلهة إبادة الجنس البشري بالكامل. و عندما علم أحد الآلهة بتلك النوايا قام بإفشاء السر لرجل اسمه أوتنابشتيم و نصحه أن يبني سفينة. و عملا بنصيحة هذا الإله قام أوتنابشتيم ببناء سفينته بسرية تامة لكي لا ينكشف السر. فالأمر لم يكن له علاقة بخطايا البشر و لا بانحراف عقيدتهم و لم يكن أوتنابشتيم يدعو أحدا للإيمان برسالته، بل على العكس كان يعمل بسرية لكي ينجو هو و عائلته و حيواناته فقط. أما أول نسخة من حكاية الطوفان زعمت أن الأمر يتعلق بالدين كانت هي النسخة التوراتية المتأخرة كثيرا عن النسخ الأولى. فاليهود الذين عاشوا في العراق مهد أسطورة الطوفان غيروا اسم أوتنابشتيم إلى نوح كما غيروا السبب الكامن خلف الطوفان كما ذكرنا أعلاه، ليصبح سببا عقائديا يدعم التصور اليهودي عن الكون. و من السهل أن نخمن أن الأسطورة كانت تستعمل في البداية لتربية الأطفال بحيث يتم تحذيرهم من إصدار الضوضاء مخافة إزعاج الآلهة و بالتالي إثارة غضبها و استجلاب طوفان جديد، بينما يكون الغرض الحقيقي للأهل هو الحفاظ على الهدوء في المنزل أثناء قيلولة رب الأسرة. و لكل مجتمع بدائي خرافاته التربوية، فشعب المايا كان لديه خرافة شبيهة تسمى الصبيان التوأم. و تقول هذه الحكاية أن صبيين برعا في لعب الكرة (و هي اللعبة المفضلة لدى شعب المايا) كما لم يبرع أحد آخر. و كانا يلعبان طوال الوقت و ينتج عن لعبهما ضوضاء أزعجت ملائكة العالم السفلي، الذين قاموا باستدراج الصبيين و قطع رقبتيهما، لا لشيء إلا لكي يتخلصوا من الضوضاء، و هو نفس هدف كبير الآلهة في النسخ الأولى من أسطورة الطوفان.

14- الهستيريا: لهذه الكلمة استعمالين شائعين، يشير الأول إلى نوع من الهيجان الجسدي تحت وطأة انفعالات نفسية شديدة و حادة، بينما المعنى الذي يهمنا هو المستعمل لدى المختصين النفسيين و هو حالة من التهيؤات يخلقها العقل الباطن و يصدقها المريض المصاب. و من أمثلة هذه الحالات ما يسمى التلبس بالجن حيث ينسج العقل الباطن أوهاما معقدة حول روح شريرة تسيطر على جسد المريض و تتحكم به و تتكلم بصوته. و يستجيب العقل الباطن للإيحاءات النفسية حيث مثلا عند قراءة الآيات على المريض تتجاوب معها تلك الشخصية المفتعلة - التي يفترض أن تكون جنا أو روحا شريرة - عبر الصراخ و الزعيق. و بمجرد أن يكتفي العقل الباطن من الإنتباه و الحنان الذين حصل عليهما يقوم بتوجيه السيناريو نحو مشهد خروج الجن من جسد المريض. لكنه عندما يحتاج إلى الحنان مرة أخرى يكرر حكاية التلبس. و في المجتمعات الجاهلة يميل الناس إلى تصديق وجود جن حقيقي يتلبس المريض، و تصديق فكرة تفاعله مع الآيات التي تتلى عليه. و لئن كان هذا الإعتقاد هو جزء صغير من المنظومة الكبرى، فإنه لا يلبث أن يستحث بقية أجزاء المنظومة لتأخذ موقعها في الصورة الكلية. فتتضرع أم المريض إلى الرب الذي أنزل تلك الآيات ذات المفعول السحري و تعاهده على الإنصياع لتعاليم نبيه مقابل شفاء ولدها أو ابنها من حالة التلبس.

كما أن هذه الهستيريا لها تمظهر آخر، هو الأكثر شيوعا في الواقع، يتمثل في فقدان وظيفة أحد أعضاء الجسم. فهناك مريض يفقد السمع و آخر يفقد البصر و غيره يصاب بالشلل، و كل ذلك يحدث على مستوى العقل الباطن سعيا للحنان و الإنتباه من قبل الآخرين، كما لأهداف ثانوية. و يحدث كثيرا أن يأخذ الأهل مريضهم إلى مسجد أو قبر ولي أو رجل دين فيقع العقل الباطن تحت تأثير الإيحاء و يتجه السيناريو نحو حصول الشفاء على شكل معجزة لذيذة يستمتع البدائيون بتناقلها و يضعونها في موقع بارز من منظومتهم العقائدية لتعزز الشعور بالثقة لديهم أن دينهم يتصل فعلا بقوى الغيب.

15- إضفاء المعنى: في كل يوم هناك في العالم أشخاص يفوزون باليانصيب، أحيانا - لمن لا يعلم - بمبالغ تزيد عن ٣٠٠ مليون دولار. و من الفائزين من لا يحب فكرة أنه فاز لمجرد الصدفة، فذلك تفسير لا يزيد من سعادته. لذا يلجأ البعض إلى الإعتقاد أن قوى غيبية قد اختارته كمكافأة على عمل قام به أو صفة فيه تستحق كل ذلك المال. و حتى في الأزمان البدائية كانت الصدف تلعب أدوارا في حياة الإنسان لتنقذه من كوارث الطبيعة أو الحيوانات المفترسة، فيبتهل لقوى الغيب عرفانا بجميلها و كأنه يريد أن يقول أن نجاته أمر مقصود و ليس شيئا عبثيا. و الأمر لا يقتصر على الحوادث التي تخضع تماما لتأثير الصدف و لكنها تزداد كلما ازداد دور الصدفة في تحقيق السعادة. فتجد لاعبي الكرة كلما انخفض أداؤهم (أي كلما زاد دور الصدفة في تحقيقهم للنتائج الجيدة) كلما زاد ابتهالهم بعد كل هدف و فوز. بينما تقل الظاهرة عند اللاعبين الجيدين و التجار حيث تلعب الصدفة دورا أصغر في تحديد كمية أرباحهم. 




نحن لا نستطيع أن نجد بسهولة أي شيء نتفق عليه مع المسلم. و لكن إذا كان المسلم يعتقد أن الخالق اسمه "الله" فعليه أن يفكر بجدية في أسباب نشوء الأديان الأخرى التي لا تسمي معبودها "الله". ففي الماضي كان من السهل الإدعاء أن جميع الأديان نشأت متطابقة ثم تم تحريفها مع مرور الوقت. و لكن في عصر العلم و المعرفة و البحوث الأكاديمية تأكدنا من بطلان هذا الزعم. ربما تكون هذه النقطة منطلقا لفرش أرضية مشتركة تجمعنا مع المسلمين لنتفق على فهم مشترك لآليات نشوء الدين، حتى عندما يصر المسلمون على أن هذه الآليات لا تنطبق على الإسلام بل فقط على الأديان غير المرتبطة معه.

و لم يبق سوى التنويه إلى أهم نقطة في الموضوع. قد يظن البعض أن سرد ١٨ سببا لنشوء الأديان يؤيد مقولة "الدين أفيون الشعوب" التي معناها الشائع هو أن الدين مثل المخدرات ينعش الدماغ بلذته و لكنه يجعل الإنسان كائنا معطلا غير منتج و لا هم له سوى الحصول على جرعة جديدة. أنا بطبعي إنسان منفتح لدرجة أنني عندما كنت طفلا مسلما قبلت بنظرية التطور خلال خمس دقائق من قراءتي عنها و لكني لم أستسغ يوما فكرة أن الدين أفيون الشعوب.

لو كان الدين فعلا يشبه المخدرات لقلنا "حشر مع الناس عيد" أي لشاركناهم في التعاطي و انغمسنا في هذه اللذة طالما أنها لا تقصر من عمر الإنسان كما تفعل المخدرات المادية. فتخيل أن تلتذ بالأفيون طوال عمرك عدة مرات في اليوم و تعيش رغم ذلك ثمانين سنة و أكثر. و لكن ليس هذا هو الوصف الصحيح لإدمان الدين. ذات مرة خرجت مع صديقي من المسجد، فصادفتنا مباشرة شاحنة ماء تملأ خزانات أحد المنازل و كان يصدر عنها صوت عال و مزعج جدا. التفت إلى صديقي و قلت له: سوف يأتي يوم يدفع فيه الناس نقودا لا لكي تقوم هذه الشاحنة بملئ خزاناتهم بالماء بل فقط لكي تأتي و تقف بجوار المنزل و تصدر ضجيجها الرهيب. ظهرت علامات الإستغراب على وجه صديقي فقلت له: لِمَ الإستغراب؟ قبل لحظات فقط كنا في المسجد، و كان إمام المسجد يصدر ضوضاء عجيبة من فمه حتى أصابني الصداع، و هو يحصل على النقود ليفعل ذلك!

وجود أسباب لنشوء الدين لا يعني أنها أسباب مقبولة. المحصلة النهائية هي كأنك تقول "اسمع، سوف يرضى عنك أبوك عندما تقف بجوار تلك الشاحنة و تصم أذنيك بضجيج محركها" بينما هذا الأب المشار إليه لا وجود له البتة سوى في خيالاتنا.

إن الأسباب المذكورة أعلاه لنشوء الدين لا تعني مطلقا أن التوليفة النهائية هي وجبة مستساغة، بل تعني على الأرجح أن البشر أدمنوا الدين لأسباب مفهومة رغم بشاعة الدين. فما نشاهده هو تماما مثل الوحم الذي يصيب بعض النساء الحوامل. و لمن لا يعرف الوحم فهو في أغلب الحالات شهوة شاذة تصيب المرأة الحامل و تجعلها تأكل أشياء غريبة مثل الرمل.

نعم، الدين ليس أفيونا بل رملا. و من يتعاطى الدين ليس مثل من يتعاطى المخدرات، بل هو كالمرأة الحامل التي جعلها الوحم تأكل رملا. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الدين وهم الشعوب :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الدين وهم الشعوب

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  حول الدين والمستقبل 13 يناير 2014 بقلم عبد الجواد ياسين قسم: الدراسات الدينية تحميل الملف حجم الخط -18+ للنشر: حول الدين والمستقبل[1] محاور الدراسة: - حول الدين والمستقبل: ماذا يعني السؤال، الآن، عن مستقبل الدين؟ - السياق الأول: أو الدين في موقع الدف
» الدين الأخلاقي في مقابل الدين التاريخي (دراسة في فلسفة الدين عند كانط)
» الدين والسينما، الدين في السينما ! (2/1) الأربعاء 13 حزيران (يونيو) 2012 بقلم: الصحبي العلاني
» كيف يخاطب الدين اللاأدري: هابرماس وقيمة الدين الباقية
»  جدل الدين والسياسة بين دوغما الأصولية ودوغما العلمانية: قراءة في الحراك السياسي المصري بعد ثورة يناير 2011م 10 ديسمبر 2014 بقلم محمود كيشانه قسم: الدين وقضايا المجتمع الراهنة تحميل الملف حجم الخط -18+ للنشر: جدل الدين والسياسة بين دوغما الأصولية ودوغما

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: