[size=60]
جورج باتاي Georges Bataille[/size]
السبت، 30 مايو، 2015
ترجمة: سعيد بوخليط
تخلد، الذكرى المئوية لولادة رولان بارت (1915-1980)، وفق أفضل ما يمكن التكهن به، مع السيرة الذاتية، المؤثرة والدافئة،
التي أنجزتها الباحثة: تيفايين سامويول.رولان بارت الذي عانى المرض منذ فترة مبكرة، فاستشرف بأن أيامه قد صارت معدودة، بالتالي، بدأ يحذر تلك الكتب السميكة: «لماذا لا أتوخى إرادياً، إنتاج أدب موجز؟»، متسائلاً عبر رسالة تعود إلى شهر1951، وكان على وشك، أن يصدر في سن السابعة والثلاثين، عمله الأول: الدرجة الصفر في الكتابة (1953).
راكم بارت، دراساته ومساره الأكاديمي، على الهامش بحيث لم يكن يثمن قط الجامعة، ولا إطاراتها التقليدية ولا مناهجها المكرسة: «كان بالتأكيد، من ألهمنا جانباً من زعزعة، صيغة معينة للمعرفة الجامعية، التي لم تكن سوى لا- معرفة»، يلخص الفيلسوف ميشيل فوكو، عبر أثير الراديو، في حوار مع جاك شانسيل سنة 1975.
أخيراً، لم يتمسك بارت قط بالمسار البيوغرافي، مفضلاً رسماً ذاتياً في صيغة شذرات، متوخياً أن يأخذ بعين الاعتبار، كل سرد متسلسل تاريخياً ويواصل، مثل ''حكي بذيء''.
ما إن نطرح هذا الارتياب الثلاثي، نحو الكتب الضخمة والمعارف الجامعية، وكذا المشروع البيوغرافي، حتى تتجلى الخلاصات التالية: كل الذين تعلموا القراءة مع رولان بارت، من خلال مثلاً "ميثولوجياته" أو "شذرات خطاب عاشق"، ثم جميع الذين لسبب كهذا، يحبونه بشعور صادق وغيور، كيف باستطاعتهم التراجع أمام سيرة ذاتية ضخمة، كتبت تحت فوهات مدافع الجامعة، وكذا شعائر الاحتفال بالذكرى؟ كيف يمكنهم المعاندة، أمام 700 صفحة، مخلدة لمئوية بارت؟.
بيد أن المفاجأة مدهشة: لقد هيأت تيفايين سامويول، عملاً جذاباً ومضيافاً، نلج إليه والسعادة تغمرنا، قبل أن يطوينا نهائياً. فضاء رحب، يخلق لديك الرغبة كي تأخذ وقتاً كافياً، وأنت تداعب هذه الفكرة أو تتذوق ذاك الإحساس، ثم تستمتع باللحظة المعاشة. جميل،أن يكون العمل مهيباً، فلا شيء ثقيلاً أو مرعباً، يشعرك على الفور بالارتياح، كما لو حلقت مسافراً نحو الكوخ الصغير، الذي استحضره بارت أواخر حياته، كوخ الشباب وقد سماه مازجاً بين اللاتينية والباسكية بـ ''غوكوكيسيم''، حتى يصف عذوبة المكان، يقول: «وأنا طفل، انسحبت من نفسي، إلى كوخ في سطح، عند طبقة عليا لدرج، منفتح على حديقة: هناك أقرأ وأكتب، ألصق إعلانات صغيرة، وأمارس أشياء عدة».
ينغمس الكوخ، وسط ضياء جنوب-غرب فرنسا، حيث قضى بارت طفولته، ضياء بقي مرتبطاً به خلال كل مراحل حياته، لأنه أشعره في مأمن ضد الامتثال والفظاظة، ولكون بارت عاش متعلقاً بأمه المحورية جداً في حياته، التي ألهمته كثيراً، واستمرت حاضرة معه حتى بعد اختفائها.
دافع الوضوح، هيكل كلية حياته في جانبيها الحسي والعقلي، إنها واحدة. يضيء الأدب، ويستضيء منه، في ذات الوقت، مخضعاً النصوص الكبرى وكذا الوجود المألوف، إلى نفس الفعل التفسيري. ذلك هو هاجس، من كان عنوانه الأخير: الغرفة المضاءة (1980). كتاب، جاء فترة قليلة بعد وفاة الأم.