** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
إرباك نظام العالم محمد وقيدي I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 إرباك نظام العالم محمد وقيدي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
amooon
مرحبا بك
مرحبا بك
avatar


عدد الرسائل : 34

تاريخ التسجيل : 10/07/2015
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 6

إرباك نظام العالم محمد وقيدي Empty
18072015
مُساهمةإرباك نظام العالم محمد وقيدي

إرباك نظام العالم
إرباك نظام العالم محمد وقيدي Waw08c


1
نرى من الملائم لفهم ماندعوه إرباك العالم أن نتعرف أولا على تشكل النظام العالمي المعاصر.ونبدأ بالقول إن بداية تشكل النظام المعاصر للعالم كانت مع ظهور الحضارة الأوربية الحديثة منذ مايزيد على أربعة قرون. فعبر التغيرات التي عرفتها أورباعلى أصعدة عديدة، ولكن أيضا عبر الصراعات والحروب التي خاضتها في داخلها وفي أجزاء أخرى من العالم تشكلت أسس النظام الذي سنتحدث عن أسس اختلاله وإرباكه في وقت لاحق.
لقد بدا أن الحضارة التي انطلقت من أوربا، أولا، ثم كانت لها امتدادات بعد ذلك في أمريكا، بدأت حاملة لقيم جديدة بالنسبة للإنسان، وهي قيم جعلت منه مركز تفكيرها والغاية القصوى لتطوراتها.ومنذ عصر النهضة الأوربية تتالت تطورات إيجابية أصبحت تفرض ذاتها بوصفها نموذجا صالحا للاقتداء به في جهات أخرى من العالم.
- تم تطوير العلوم بما يجعل الإنسان قادرا على استيعاب الطبيعة المحيطة به، ثم السعي إلى تحقيق السيادة عليها لصالح الإنسان.
- بدأت حركة إصلاح ديني كان القصد منها جعل العلاقة بالله بدون وسائط، وذلك تجاوزا لما كان للكنيسة من هيمنة.
- تطورت الفنون والآداب في الاتجاه الذي حررها من كل شرط آخر غير أن تكون مظهرا للإبداع الإنساني.
- توالت الثورات ضد أشكال الحكم المطلق والانتقال منها إلى أشكال الحكم التعاقدية التي يكون المجتمع هو مصدر الشرعية فيها، والتي يصبح الإنسان فيها متمثلا في كل المواطنين هو القيمة التي تصدر عنها كل القيم الأخرى.وقد حملت هذه الثورات، التي نموذجها الثورة الفرنسية في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، قيما عبرت عنها شعاراتها: الحرية، والعدالة، والمساواة في القيمة الإنسانية، والإخاء على الصعيد الإنساني.
- صار العقل الإنساني كما وصفه الفيلسوف الألماني كنط في القرن الثامن عشر سيد نفسه غير خاضع لأية سلطة، وهو الذي يؤسس للإنسان مبادئ فكره وفعله ونظامه السياسي والتربوي.
- تحولت تلك المكتسبات العلمية النظرية، بفضل الاكتشافات التقنية، إلى معرفة مفيدة للإنسان. وبفضل هذا اكتسبت الحضارة الأوربية قوة لم تتحقق لحضارة قبلها في التاريخ.

أشرنا إلى هذه الملامح من التحولات التي شهدتها أوربا منذ القرن الرابع عشر، والتي كانت موضوعا لدراسات يصعب إحصاؤها.وقد انصب الاهتمام على إبراز خصائص هذه الحضارة السائدة الجديدة التي اجتمعت في تكوينها عناصر لم تجتمع مكتملة لحضارة أخرى سابقة.وقد صارت بذلك أوربا نموذجا لغيرها من جهات العالم.ويكفي، بالنسبة لنا، أن نعيد التذكير بأن دعاة الإصلاح في العالم الإسلامي، ومع كل التحفظ الذي يكونون قد أبدوه إزاء الحضارة الراهنة لم يترددوا في الدعوة إلى الأخذ بمظاهر التقدم فيها. وكذلك كان الشأن بالنسبة لدعاة من جهات أخرى.
نريد، مع ماسلف ذكره، أن نشير إلى لحظة أخرى من تطور الحضارة الأوربية، ثم الغربية بصفة عامة حين ندمج فيها شمال القارة الأمريكية بصفة خاصة، ونعني بذلك لحظة التحولات التي جاءت نتاجا للتناقضات الداخلية بين البلدان الأوربية ولطموحاتها خارج هذه القارة.فلم يكن قد اكتمل على الثورة الفرنسية قرن واحد، وهي الثورة التي بدا أنه من مصلحة الإنسانية جمعاء تعميم مبادئها، حتى كانت متناقضات التقدم الصناعي وإرادة التوسع فيه بالحصول على مزيد من المواد الخام،قد قادت البلدان الأوربية نحوحركة استعمارية تم فيها احتلال أراضي بلدان أخرى بقوة السلاح، كما تم فيها استغلال ثروات تلك البلدان لصالح ماكان التقدم الصناعي الأوربي في حاجة إليه، وارتبط بذلك أيضا إحداث وتطوير بنيات اقتصادية وإدارية، قد يكون فيها حقا تطور لما كان قائما، ولكن الغاية الأساسية منها كانت هي خدمة الهيمنة واستغلال الثروات والطاقات البشرية. كل هذا مضاد للمبادئ التي انطلقت منها أوربا في زمن نهضتها وثورتها على أحوالها القديمة.
نتج عن التناقضات بين طموحات البلدان الأوربية تسابق وصراعات حول الاستيلاء على أراضي بلدان أخرى والحصول على مزيد من الثروات الطبيعية وخدمات الطاقات البشرية.وكانت هذه الصراعات من الأسباب العميقة لقيام حربين عالميتين مدمرتين عانت منهما القارة الأوربية نفسها حيث قضى فيهما الملايين من البشر، وكانت لهما الآثار النفسية والمجتمعية التي جعلت الأوربيين أنفسهم يضعون حضارتهم ومبادئها موضع سؤال.وقد عكست كثير من الأعمال الأدبية والفلسفية هذا الوعي بالموقف الحرج لدى الوعي الأوربي من نتائج حضارته.
حرصنا على بيان التناقض داخل الحضارة الأوربية، والغربية بصفة عامة،مع علمنا باختلاف الوعي بها داخل التيارات الفكرية و المجتمعية التي تبلورت في تلك الحضارة نفسها، وذلك للانتقال إلى إبراز المظاهر التي تظهر بها تلك التناقضات لدى الأطراف الأخرى، وما يؤدي إليه من مواقف لايمكن فهمها بمعزل عن التطورات التي أشرنا إليها.
يعيش العالم اليوم بأثر مما سلف ذكره من تناقضات صيغة علاقة مقلوبة بين العقل والقوة. و نقصد بذلك أنه بينما كان العقل في بداية النهضة الأوربية هو الذي ينشئ معالم القوة في الميادين المختلفة للحياة الإنسانية، فإن التطورات التي عرفتها الحضارة الناشئة منذ ذلك الوقت والسائدة إلى الآن، والتي أصبحت القوة مظهرا من مظاهر سيادتها في العالم، قلبت العلاقة السابقة لتجعل مكتسبات القوة هي أساس المعقولية في العالم. والعالم المعاصر الذي يعيش في ظل معايير القوة يعرف اختلالا في توازنه، ولكنه اختلال من نوع خاص لأن معايير القوة تجعل الاختلال يظهر في صورة التوازن ويأخذ مكانه في التفكير وفي الواقع معا.
المتناقضات التي اشرنا هي المظهر الأساسي للحرج بالنسبة للحضارة الإنسانية المعاصرة وعنها تنبثق بالنسبة للفكر وللفعل مظاهر حرج أخرى تنجم عنها عدة ترددات وتأرجحات بين السير في هذا الطريق أو ذاك باعتباره الطريق الحق.
ليس في وسعنا في هذه المحاولة وحدها أن نحيط بجميع مظاهر الحرج في العالم المعاصر، وهي التي تجعل الفكر متوترا بين حقيقة المبدإ ومظاهر وجوده الفعلي. فكل واحدة من تلك المتناقضات تحتاج وحدها إلى دراسة خاصة بها نظرا لتشابك العوامل المساهمة في تكوينها والعواقب الناجمة عنها.

-2-
يشهد العالم اليوم ارتباكا يبدو أنه يقود نحو ماهو أعظم منه. والإنسانية التي كان يبدو منذ فترة من الزمن أنها بلغت درجة من اكتمال الوعي بقيمتها، تبدو اليوم وكأنها تبطل هذا الظن لصالح القضاء على ذاتها، ولصالح الظهور بمظهر الإخلال بالقيم الأساسية التي وضعتها لتوجيه الحياة وفق ما يجعل الإنسان أعلى قيمة في الوجود. يبدو العالم اليوم وكأن هدر الحياة فيه غاية مقصودة.تتواتر على السمع اليوم أخبار متلاحقة تجعل القضاء على الحياة واقعا مقبولا وطبعيا، وتظهر أمام أعين الناس في وسائل الإعلام البصرية الصور التي تدفع الإنسان نحو التساؤل عن قيمة الإنسانية فيه، من جهة، وعما إذا كان الحفاظ عليها مطلبا كونيا من جهة أخرى.
هناك تناقض واضح: يتكرر الحديث، من جهة أولى عن نظام العالم، وهي فكرة تظهر بوصفها طبيعية من زاوية النظر التي تأخذ العالم من حيث الوحدة التي تحققت فيه استنادا إلى نتائج التقدم العلمي والتقني وتطور وسائل الاتصال والتواصل بين الأمم والثقافات التي تتواجد به. لكن العالم يشهد اليوم في نفس الوقت حركة مستمرة لإرباك ذلك النظام، وتلعب القوى المنادية بإصرار بالحفاظ على نظام العالم دورا بارزا في عملية الإرباك نفسها.
بدأت إرهاصات ظاهرة إرباك العالم مع الحركة الاستعمارية في القرن التاسع عشر، ولن نفصل في العواقب التي نتجت عن ذلك بالنسبة للعالم في مجموعه والتي لم تمس البلدان التي خضعت للظاهرة فحسب، بل امتد أثرها حتى إلى البلدان التي مارستها.ولعل من أهم تلك العواقب قيام حربين عالميتين في القرن العشرين، وهما حربان خلفتا للعالم تركة وضع إنساني لم يقع تجاوز مظاهره الظاهرة إلا بعد فترة طويلة من الزمن.
سيقتصر حديثنا على مظاهر الارتباك في الوضع العالمي بعد نهاية ماكان يعرف بالحرب الباردة، حيث كانت السيادة في العالم متقاسمة بين معسكرين هما الرأسمالي والشيوعي.انهار قطب من قطبي العالم،فأصبحت السيادة للقطب الواحد الذي ظل قويا، والذي لن نقول إنه الغرب الرأسمالي فحسب، بل إنه الولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة.
بدأ الحديث منذ زمن عما دعاه المفكر الأمريكي فوكوياما نهاية التاريخ.غيرأنه كانت لنا مناسبة سابقة لإبداء بعض الملاحظات على هذه الفكرة حيث أبرزنا أنها فكرة إيديولوجية وليست تحليلا علميا. كما أوضحنا أن المقصود هو نهاية تاريخ معين هو تاريخ الصراع بين تصورين للمجتمع.لكن التاريخ الإنساني المرتبط بديمومة الإنسان في الزمن لم ينته أبدا، علما بأن هناك تاريخا آخر لم يبدأ بعد هو تاريخ تخلص الإنسانية من عواقب الانشطار الذي خلفته الحروب والصراعات السابقة، وخاصة منها تلك التي وقعت في القرن العشرين.
نلاحظ، بالإضافة إلى ماسلفت ملاحظته، أن الأمر لايتعلق بنهاية التاريخ، بل بمحاولة لإنهاء التاريخ.ونقصد بهذه العبارة أن ماسنتحدث عنه ليس نهاية للتاريخ بصفة طبيعية، أي من حيث هو التطور الواقع في الزمن بدون وعي الإنسان به، بل نهاية التاريخ بفضل تدخل الإرادة الإنسانية الواعية. يتعلق الأمر،إذن، بعملية إنهاء للتاريخ حيث يكون المقصود هو توجيه مسار التاريخ وفقا لمصالح واستراتيجيات القوى الأعظم في العالم.
بدأت العملية التي تحدثنا عنها قبل نهاية الحرب الباردة، إذ كانت الغاية عنذئذ هي القضاء على النظام المجتمعي والسياسي المناقض الذي كان يتمثل في النظام الاشتراكي. وقد قامت البلدان الغربية عامة، والولايات المتحدة بصفة خاصة، بسن كل الخطط الممكنة للقضاء على الاختيار المعارض لنظامها السياسي والاقتصادي.
ينبغي، مع ذلك، أن نعطي نظرة موسعة عن سياسة القوة العظمى في العالم في شكلها الواسع حيث كانت المصالح الحيوية للوليات المتحدة الأمريكية هي المعيار الأساسي لتوجيه سياساتها وتكييف مواقفها.
نتابع بعد الحرب العالمية الثانية أن ماتسميه الولايات المتحدة الأمريكية المصالح الحيوية التي تخصها كدولة أصبحت معيارا أساسيا اجتهدت هذه الدولة في فرضه على المنظمات الدولية وحاولت أن تجعله مأخوذا بعين الاعتبار عند إعداد القرارات التي تصدر عن تلك المنظمات.
من جهة أخرى، عملت الولايات المتحدة الأمريكية حتى خارج قرارات المنظمات الدولية على القيام بتحركات سياسية وعسكرية تلائم ماتسميه مصالحها الحيوية دون أن يكون قرار القيام بتلك التحركات قرارا دوليابالمعنى التام للعبارة.ويتضح من متابعة سياسة الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الآن أن تدخلات هذه القوة العظمى كانت متناقضة ، وهي كذلك الآن، مع المبادئ التي يتم التصريح علنا بأنها المبادئ التي تهتدي بها.
نعود إلى فترة السبعينات من القرن الماضي، وإلى سنة 1973 بالذات، حيث نجد الولايات المتحدة مناصرة بكل وسائلها للانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الشيلي في ذلك الوقت سلفادور ألليندي، ليحل محله الجنرال الذي قاد الانقلاب وهو بينوتشي.ماذا فعلت الولايات المتحدة في ذلك الزمن عندما ساعدت على الإطاحة برئيس منتحب ليحل محله رئيس يستلم الحكم اعتمادا على قوة مسلحة. وليس في هذا التدخل أي نوع من نصرة سيادة الديمقراطية في العالم، كما أنه ليس فيه أي مظهر من مظاهر تحرير شعب من حكم مستبد. ولم بكن في موقف الولايات المتحدة الأمريكية، إذن، أي مظهر من مظاهر الحفاظ على نظام العالم، بل ما كان على العكس من ذلم هو إرباك ذلك النظام.
علينا،إذن، لكي نفهم معنى تدخل الولايات المتحدة في الشيلي أن نعود إلى المعيار الأساسي بالنسبة لهذه القوة العظمي، وهو ماتدعوه المصالح الحيوية لها.وقد كانت هذه المصالح تتعارض مع وجود رئيس منتخب ديمقراطيا في بلده، لأن له سياسات كانت تهدف إلى استعادة الثروات الوطنية وتؤدي إلى الاستقلال السياسي في القرار. وماكان يتفق مع المصالح الحيوية للولايات المتحدة هو هيمنة رئيس سلب الحكم بالقوة، وتصرف ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان وضد المواثيق الدولية.
لم يكن هذا الموقف معزولا في القارة الأمريكية، بل كان له أكثر من مثيل في بلدان أخرى. ونذكر من تدخلات الولايات المتحدة ذلك الذي وقع في نيكاراغوا.عندما ذكر المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي الهجوم على هذا البلد في كتابه عن الإرهاب أبرز أن الأمر كان يتعلق لابهجوم عسكري ذهب ضحيته آلاف الناس فحسب، بل بحرب اقتصادية كلن الهدف منها عزل هذا البلد وإضعاف إمكانياته إلى أقصى حد ممكن.
حين تخالف سياسة بلد ما، وهو يحافظ على استقلاله وحق التصرف في ثرواته المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، فإن الهجوم على هذا البلد ودفعه إلى معاناة صعوبات اقتصادية ناجمة عن عزله يصبح أمرا مشروعا. وهكذا تصبح المشروعية الدولية مرتبطة بالمصالح الحيوية لقوة عظمى.أدانت الأمم المتحدة هجوم الولايات المتحدة على دولة نيكاراغوا، ولكن هذه القوة العظمى استخدمت الامتياز الذي لها في مجلس الأمن، أي حق الاعتراض على أي قرار مهما كانت الأغلبية التي صوتت لصالحه،لكي تلغي تلك الإدانة نفسها.
لم يكن التدخل العنيف في نيكاراغوا فريدا من نوعه، فقد كانت هناك تدخلات أخرى في أمريكا اللاتينية لايسعنا في هذا المقام ذكرها جميعا. لكننا نقول إن سياسة الولايات المتحدة التي معيارها المصالح الحيوية لهذه الدولة مستمرة إلى اليوم. ومن أمثلة ذلك مضايقة نظم كانت نتيجة لسيرورة ديمقراطية داخل بلدانها، مثلما هو الحال في مضايقة السلطة المنتخبة في فنزويلا.
لم يقتصر مسلك استخدام القوة على بلدان أمريكا اللاتينية، بل تجاوز ذلك إلى مناطق أخرى، ونذكر منها بصفة خاصة بلدان المنطقة العربية والإسلامية، والقارة الأسيوية.
توجد قوات الولايات المتحدة الأمريكية اليوم في أكثر من دولة في هذه المنطقة الواسعة التي أشرنا إليها، وأهمها أفغانستان والعراق.ومبررات هذا الوجود متعددة، ولكنها تتمحور حول ما تسميه الولايات المتحدة مصالحها الحيوية: حماية أمن البلاد ، محاربة الإرهاب في مواقع نشاته وتطوره،محاربة الأنظمة الديكتاتورية نظرا لما تمثله من خطر على الأمن في مناطقها وفي العالم، ولكن أيضا لما تمثله من خطر على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية.
لكن، علينا لكي نفهم بصورة شاملة تدخلات الولايات المتحدة خارج ترابها الوطني أن نذكر أيضا بعض الوقائع.لقد أصبح من المعروف المساعدات المختلفة التي كانت تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لبعض الأنظمة السياسية غير الديمقراطية في العالمين العربي والإسلامي، وهذا قبل التدخل الأمريكي الأخير في العراق وفي الشرق الأوسط بصفة عامة.أيدت الولايات المتحدة النظام السابق في إيران، وأيدت العراق وقد كان على رأسه نظام صدام حسين وذلك من أجل الدخول في حرب مع الجمهورية الإيرانية، وكانت تؤيد كذلك المجاهدين الأفغان حيث تم في ذلك الوقت تقوية الحركات الدينية المتطرفة، وكان من حلفائها أنظمة أخرى لايمكن أن تعدأبدا في خانة النظم الديمقراطية.
لم تكن الديمقراطية حاضرة في زمن تأييد الولايات المتحدة ورعايتها لعدد من الأنظمة السياسية، ولم تكن الديمقراطية مقصودة عندما كانت الولايات المتحدة تقدم الدعم العلني والسري لحركات معارضة لم تكن ديمقراطية بالضرورة من أجل القيام بتحركات تستخدمها الولايات المتحدة للضغط على حكومات البلدان التي توجد بها تلك الحركات السياسية.
لم تكن الديمقراطية هي المقصودة في كل تدخلات الولايات المتحدة، بما في ذلك تدخلها الأخير في العراق. فالمعيار الذي كان أوضح هو ماتسميه هذه القوة العظمى مصالحها الحيوية المتمثلة في الهيمنة على ثروات البلدان الأخرى، وتوجيه سياستها إزاء هذه الثروات بما يخدم المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة. وهذا في الواقع ترتيب للعالم تبعا للمصالح الحيوية لقوة كبرى، وليس أبدا نظاما للعالم. ذلك أنه لوافترضنا أن جميع البلدان عملت على فرض مصالحها الحيوية على العالم بمثل هذه الصفة التي تقوم بها الولايات المتحدة بحماية ماتدعوه مصالحها، مع أن هذه المصالح تشمل التصرف في بلدان أخرى، لانعدم النظام في العالم وأصبحت الفوضى سمته الرئيسية.
لذلك نواصل نظرتنا إلى العالم المعاصر بوصفه عالما يسوده اختلال في توازنه، ونرى أن المظهر الأساسي لذلك الاختلال هو قلب العلاقة بين المعقولية والقوة، وجعل المعيار هو القوة بدلا من المعقولية. وهذا ما جعلنا نرى أن تحركات القوى الكبرى بزعامة الولايات المتحدة لاتتجه نحو نظام للعالم، بل نحو إرباك نظامه ومعقوليته. وسياسة إرباك نظام العالم مستمرة، مادام النظام المقصود فيه لايقوم على المعقولية والعدالة بين الشعوب. نظام العالم مطلب لم يصل بعد إلى أن يكون معيارا.
يتجه العالم المعاصر ضد ماتدعيه القوى الكبرى فيه، والتي لها الهيمنة عليه، في طريق هدم النظام العالمي وإرباكه، بديلا عن المطلوب فيه من نظام. وما نشاهده اليوم من نزاعات وحروب في كل الجهات علامة على هدم نظام، ولايمكن أن تقبل أبدا على أنها بداية لبناء نظام جديد إلا إذا بدت من ذلك علامات أخرى إيجابية عن نظام جديد للعالم. لانعلم من سياسات القوى الكبرى في الوضع العالمي الحالي، إن كان الاتجاه نحو باء نظام لأن استمرار الهيمنة اللامعقولة لاتدل على إرباك النظام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

إرباك نظام العالم محمد وقيدي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

إرباك نظام العالم محمد وقيدي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» أولوية الديمقراطية محمد وقيدي
» السؤال الديمقراطي محمد وقيدي
» الاختيار الديمقراطي محمد وقيدي
» الانسان والعنف محمد وقيدي
» المغامرة الفكرية للفيلسوف محمد وقيدي

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: